«one»

5.8K 366 287
                                    

"أيّتها الغابةُ الملموسة" تحدثُ بصوتي الذي يحاربُ ضدّ قيودِ النَوم "من تكونين؟" اندفعَ صوتي بقوةٍ عندَ نطقي للكلمةِ الأخيرة مُحطماً الصمتَ الذي يُحيط بالأرجاء وليُعلن عن كوني مُستيقظ.

"أنا تايهيونغ" نطقتْ "أنا بيكاسو، أنا توماس أديسون لكنّني لستُ إرنست همنغواي".

استمريتُ في الهَذيان حتى انتهيتُ من اعدادِ وجبةِ الإفطار وأنا واعٍ كفاية لتبريرِ هذهِ الكلمات التي تتدفقُ من ثَغري.

"أنا لستُ إرنست همنغواي" أنطقُ للمرةِ الأخيرة موجهاً حديثي لغرفتي الهادئة، ثُمّ أذهبُ للخارج، اسيرُ لمدةٍ تُقارب الخمسَ دقائقٍ حتى أصلَ إلى الاستديو الصغير الخاصِ بي، أقلبُ اللافتة ليمتلئ بعدها فضائي المُقدس بالمُذنبين.

أخلطُ أفكاري بالطِلاء، ملوثاً أصابعي وأدعي أنّ أفكاري جميلةً، في الواقعِ هي تبدو جميلة فقط داخلَ الاستديو الخاصِ بي.

ثُم أبدأُ في الحصولِ على زبائن، انّهم ينظرونَ إلى اللوحاتِ خاصتي لثانيةٍ واحدة فقط، هُم يحبونَ إلقاءَ اللومِ على عالمهم الصَغير سريعُ الخُطى لكونهم يتمتعونَ بمدى اهتمامٍ قصير، ولكن الحَقيقة هي أنّ لا احد منهم يهتمُ كفايةً.

لا أحدَ منهم يدركُ أنّ الجمال يتواجد عندما تُبطئ، تتوقف وتتنفس فحسب، فقط التحديقُ في شيءٍ ما إلى أن تتمكن من رؤية خطوطهِ وقراءة ما بينها.

هم يشترونَ اللوحاتَ الخاصةَ بي ويجلبونها للمنزلِ حيثُ يتجمعُ الغبارَ فوقها، لوحاتي خلقتْ فقط لأجلِ أن تحملَ قطعَ أفكاري الهاربة لكنْ في تلكَ المنازل هي ستحملُ تحديقاتهم القَصيرة، تحديقاتِ المشترينَ القصيرة ولحظاتهم التي يرغبونَ في اخفاءها.

الفنُ يمتلكُ أعين، وأخطاءُ البشريةِ تتوسلُ ليتمَ رؤيتها. 

أنا أبيعُ الفَن وأبيعُ خَلاص البَشرية، أبيعُ أفكاري حتى أتمكنَ من التَخلصِ منها، عندما تَنتهي لوحاتي تنتهي الأفكار.

زبوني الأول لهذا اليَوم كانَ ذو صوتٍ حاد وأخلاقٍ سيئة، إنّها تتفقد أشخاصي ذوي المَلامح المَجهولة وتلكَ التفاصيل المتراصفة بجانبِ بعضها دونَ أيّ تَعليق.

"هل لديكَ أيّ شيءٍ... سعيد؟" سألتْ بعد أنْ حركت شفتيها لتُصدرَ صوتاً يشبهُ صوتَ الصَفع.

"هذا الأمرُ متروكٌ لتفسيركِ الخاص لللوحات" أجبتُها، هي لم تَتخذ جملتي على مَحمل الجِد، كتَحدي، هل ستكونُ قادرة على استخدامِ عقلها؟ هل ستتمكنْ من رؤيةِ الخطوط وقراءةِ الفراغات بينها؟

Something In The Rain | TKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن