6

2K 40 2
                                    

 المشمئزة ليست بالضرورة أجمل عروس في لباسها الأبيض فكيف أذا كانت تحمل في صدرها مرارة آلانا؟

لحق رولت بسيارته السوداء سيارة آلانا كظل أسود مشؤوم , لم تحاول أن تفكر بما فعلت تاركة الوقت الكافي في المستقبل لتندم وتؤنب نفسها.
كانت شاردة الذهن , تقوم بحركات ميكانيكية وهي تقود السيارة بأتجاه منزل أهلها ورولت لا يبعد عنها سوى بضعة أمتار.
أمام مدخل المنزل , وقفت آلانا بجانب سيارتها تنتظر وصوله ليدخلا معا , أقترب منها بلا أي جهد وبخطى واسعة وقد تحولت الرصانة في ملامح وجهه الى ليونة وأشراق فرجع الى الصبية أحساس جسمه القاسي الملتصق بها وتذكرت أنفعالاتها وأحاسيسها الخائنة , فهزت رأسها محاولة أن تطرد تلك الأحاسيس المزعجة , وأدركت أن عليها محاربة الأنجراف الحسي الى رولت مهما كان الثمن!
وسألته:
" هل ندخل؟".
ودون أنتظار جواب سبقته متوجهة الى الداخل.
قال :
" أنتظري لحظة".
وأمسك بكتفيها لكنها أفلتت منه فذكرها ساخرا:
" هنالك أمر عاجل , لا يمكن أن تفعليه بعد أن ندخل يا آلانا! فنحن حبيبان أحمقان , أليس هذا ما يجب أن نقوله لأهلك؟".
فأجابت بقسوة:" لسنا في الداخل بعد!".
وسارت فلم يحاول أيقافها هذه المرة بل سار وراءها على بعد خطوات معدودة.
وعندما وصلا أمام الباب توقفت آلانا وأنتظرته لكي يفتح , وبدل أن يفعل ذلك , ضمها اليه , فوجدت نفسها محبوسة بينه وبين الباب , فرفعت رأسها لتذكره بأنهما لم يدخلا بعد , لكن الكلمات لم تخرج من شفتيها .
فقد أنقض عليها كالنسر برشاقة وشوق فتجمدت من الدهشة , عندما أرادت أن تتخلص منه كان قد تركها وشأنها , فعاتبت نفسها لأنها لا تنتبه لغدره , وحنقت عليه لأنه يتغلب عليها دائما ولا يفسح لها مجالا للأعتراض.
بعد أن أنتهى من عناقه , فتح الباب وقال:
" يمكننا أن ندخل الآن".
وأبتسم بكبرياء وأضاف:
" الآن وقد برقت نظراتك وأحمرت وجنتاك يمكنا مقابلة والديك , فمنظر وجهك يدل بوضوح أنك قد وافقت على الزواج من صياد ماهر ".
فأجابت:
" أسوأ ما في الأمر هو أنني سأتزوج منك أنت!".
ضحك بنعومة فثارت أعصابها وأزدادت وجنتاها أحمرار , كانت تعلم أن الحق الى جانبه لكنها بقيت غاضبة , كان عليها أن تتقن تمثيل الدور أمام أهلها لكي تبدد الشك الذي قد يساورهم بشأن حبها له .
حين دخلا غرفة الجلوس , طوى والدها الجريدة ونهض لأستقبالها بعد أن وضع نظاراته في جيبه وقال بأبتسامة عريضة ترحب برولت:
" أهلا يا رولت , لقد ظنت أليونور أنها سيارتك التي تلحق سيارة آلانا ... هل تزورنا بشأن عمل أو أنك هنا من أجل الزيارة فقط؟".
أجاب:
" أنها زيارة ذات هدف سار".
ثم وضع يده على كتف آلانا , فأحست أن عليها البدء بالكلام .
تطلعت ال وجهه المتأجج فرحا وتمنت لو تقول له أنها ستتحمل ملامساته لها حتى ولو كانت تكرهها , ثم نظرت الى عينيه الدافئتين اللتين ترمقانها بحنان وأشتياق دون أن تستطيع أن تقصي نظرها عنهما.
لكن صوتا من داخلها أنبها صارخا:
" أنتبهي! لا تؤخذي بجماله! تذكري ما هو هدفك من هذا الزواج! عندما ستحطمين رولت , كوني أكيدة ألا تحطمي نفسك أيضا".
أبعدت نظرها عنه بجهد واضح وتطلعت الى وجه والدها الغارق بالحنان والتساؤل , ثم ألتفتت بسرعة صوب أمها الجالسة على المقعد والتي كانت تحدق بها وتتوقع خبرا ما!
ووسط دهشة الجميع أعلن رولت بهدوء:
" هذه الليلة وافقت أبنتكم على أن تكون زوجتي".
ثم أدار وجهه عن آلانا ونظر الى والدها قائلا:
" بموافقتك طبعا".
بدت هذه العبارة الأخيرة بادرة أحترام لكن آلانا عرفت أن رولت لا يهتم كثيرا ما أذا وافق أهلها أو لم يوافقوا , وأن عليها أن تتزوجه بأرادتهم أو بدونها.
هذا الخبر أذهل دوريان باول لكنه لم يدهش زوجته أبدا , فوقفت باسمة :
ط أنا سعيدة من أجلك يا حبيبتي ".
ثم تلألأت دموع الفرح من عينيها وهي تتابع:
" لم تخدعيني أبدا , كنت أعلم منذ زمن طويل بهذا الأمر , أليس كذلك؟".
فوافقت آلانا وهي تنظر بطرف عينها لترى نظرات رولت المتسائلة والذي فوجىء بهذ التصريح , فأبتسم قائلا:
" هل عرفت بذلك منذ البداية , يا مدام باول؟".
ثم أحنى رأسه بفضول ولامس يدي آلانا التي كانت تبتسم بفرح في تلك اللحظة , بينما أمها تقول لرولت:
" يمكنك أن تسمي ذلك حدس نساء , كنت عارفة منذ البداية أن آلانا واقعة في غرامك".
أما دوريان باول , فقد ضحك مندهشا لما آلت اليه الأمور وقال لزوجته:
" كان عليك أن تخبريني بالأمر , فأنا والدها ,أليس كذلك؟".
أجابت :
"لو أخبرتك , لكنت أتهمتني بأنني عاطفية وحمقاء , لقد ذكرتني آلانا بحالتي عندما كنت صبية , أتذكر كم كنت عصبية يا دوريان عندما بدأت القصة بيننا , لكن ذلك لم يدم طويلا ".
أزداد البريق في عيني رولت وثارت أعصاب آلانا , لكنها كانت مجبرة على أن تلزم الصمت بينما خطيبها يستمتع بلحظات النصر , فنظرت اليه بعتب كبير وتركته يفهم كم هي تستخف موقفه تلك اللحظة... والى الأبد.

روايات عبير / الفخ - جانيت ديلي _حيث تعيش القصص. اكتشف الآن