المشمئزة ليست بالضرورة أجمل عروس في لباسها الأبيض فكيف أذا كانت تحمل في صدرها مرارة آلانا؟
لحق رولت بسيارته السوداء سيارة آلانا كظل أسود مشؤوم , لم تحاول أن تفكر بما فعلت تاركة الوقت الكافي في المستقبل لتندم وتؤنب نفسها.
كانت شاردة الذهن , تقوم بحركات ميكانيكية وهي تقود السيارة بأتجاه منزل أهلها ورولت لا يبعد عنها سوى بضعة أمتار.
أمام مدخل المنزل , وقفت آلانا بجانب سيارتها تنتظر وصوله ليدخلا معا , أقترب منها بلا أي جهد وبخطى واسعة وقد تحولت الرصانة في ملامح وجهه الى ليونة وأشراق فرجع الى الصبية أحساس جسمه القاسي الملتصق بها وتذكرت أنفعالاتها وأحاسيسها الخائنة , فهزت رأسها محاولة أن تطرد تلك الأحاسيس المزعجة , وأدركت أن عليها محاربة الأنجراف الحسي الى رولت مهما كان الثمن!
وسألته:
" هل ندخل؟".
ودون أنتظار جواب سبقته متوجهة الى الداخل.
قال :
" أنتظري لحظة".
وأمسك بكتفيها لكنها أفلتت منه فذكرها ساخرا:
" هنالك أمر عاجل , لا يمكن أن تفعليه بعد أن ندخل يا آلانا! فنحن حبيبان أحمقان , أليس هذا ما يجب أن نقوله لأهلك؟".
فأجابت بقسوة:" لسنا في الداخل بعد!".
وسارت فلم يحاول أيقافها هذه المرة بل سار وراءها على بعد خطوات معدودة.
وعندما وصلا أمام الباب توقفت آلانا وأنتظرته لكي يفتح , وبدل أن يفعل ذلك , ضمها اليه , فوجدت نفسها محبوسة بينه وبين الباب , فرفعت رأسها لتذكره بأنهما لم يدخلا بعد , لكن الكلمات لم تخرج من شفتيها .
فقد أنقض عليها كالنسر برشاقة وشوق فتجمدت من الدهشة , عندما أرادت أن تتخلص منه كان قد تركها وشأنها , فعاتبت نفسها لأنها لا تنتبه لغدره , وحنقت عليه لأنه يتغلب عليها دائما ولا يفسح لها مجالا للأعتراض.
بعد أن أنتهى من عناقه , فتح الباب وقال:
" يمكننا أن ندخل الآن".
وأبتسم بكبرياء وأضاف:
" الآن وقد برقت نظراتك وأحمرت وجنتاك يمكنا مقابلة والديك , فمنظر وجهك يدل بوضوح أنك قد وافقت على الزواج من صياد ماهر ".
فأجابت:
" أسوأ ما في الأمر هو أنني سأتزوج منك أنت!".
ضحك بنعومة فثارت أعصابها وأزدادت وجنتاها أحمرار , كانت تعلم أن الحق الى جانبه لكنها بقيت غاضبة , كان عليها أن تتقن تمثيل الدور أمام أهلها لكي تبدد الشك الذي قد يساورهم بشأن حبها له .
حين دخلا غرفة الجلوس , طوى والدها الجريدة ونهض لأستقبالها بعد أن وضع نظاراته في جيبه وقال بأبتسامة عريضة ترحب برولت:
" أهلا يا رولت , لقد ظنت أليونور أنها سيارتك التي تلحق سيارة آلانا ... هل تزورنا بشأن عمل أو أنك هنا من أجل الزيارة فقط؟".
أجاب:
" أنها زيارة ذات هدف سار".
ثم وضع يده على كتف آلانا , فأحست أن عليها البدء بالكلام .
تطلعت ال وجهه المتأجج فرحا وتمنت لو تقول له أنها ستتحمل ملامساته لها حتى ولو كانت تكرهها , ثم نظرت الى عينيه الدافئتين اللتين ترمقانها بحنان وأشتياق دون أن تستطيع أن تقصي نظرها عنهما.
لكن صوتا من داخلها أنبها صارخا:
" أنتبهي! لا تؤخذي بجماله! تذكري ما هو هدفك من هذا الزواج! عندما ستحطمين رولت , كوني أكيدة ألا تحطمي نفسك أيضا".
أبعدت نظرها عنه بجهد واضح وتطلعت الى وجه والدها الغارق بالحنان والتساؤل , ثم ألتفتت بسرعة صوب أمها الجالسة على المقعد والتي كانت تحدق بها وتتوقع خبرا ما!
ووسط دهشة الجميع أعلن رولت بهدوء:
" هذه الليلة وافقت أبنتكم على أن تكون زوجتي".
ثم أدار وجهه عن آلانا ونظر الى والدها قائلا:
" بموافقتك طبعا".
بدت هذه العبارة الأخيرة بادرة أحترام لكن آلانا عرفت أن رولت لا يهتم كثيرا ما أذا وافق أهلها أو لم يوافقوا , وأن عليها أن تتزوجه بأرادتهم أو بدونها.
هذا الخبر أذهل دوريان باول لكنه لم يدهش زوجته أبدا , فوقفت باسمة :
ط أنا سعيدة من أجلك يا حبيبتي ".
ثم تلألأت دموع الفرح من عينيها وهي تتابع:
" لم تخدعيني أبدا , كنت أعلم منذ زمن طويل بهذا الأمر , أليس كذلك؟".
فوافقت آلانا وهي تنظر بطرف عينها لترى نظرات رولت المتسائلة والذي فوجىء بهذ التصريح , فأبتسم قائلا:
" هل عرفت بذلك منذ البداية , يا مدام باول؟".
ثم أحنى رأسه بفضول ولامس يدي آلانا التي كانت تبتسم بفرح في تلك اللحظة , بينما أمها تقول لرولت:
" يمكنك أن تسمي ذلك حدس نساء , كنت عارفة منذ البداية أن آلانا واقعة في غرامك".
أما دوريان باول , فقد ضحك مندهشا لما آلت اليه الأمور وقال لزوجته:
" كان عليك أن تخبريني بالأمر , فأنا والدها ,أليس كذلك؟".
أجابت :
"لو أخبرتك , لكنت أتهمتني بأنني عاطفية وحمقاء , لقد ذكرتني آلانا بحالتي عندما كنت صبية , أتذكر كم كنت عصبية يا دوريان عندما بدأت القصة بيننا , لكن ذلك لم يدم طويلا ".
أزداد البريق في عيني رولت وثارت أعصاب آلانا , لكنها كانت مجبرة على أن تلزم الصمت بينما خطيبها يستمتع بلحظات النصر , فنظرت اليه بعتب كبير وتركته يفهم كم هي تستخف موقفه تلك اللحظة... والى الأبد.
أنت تقرأ
روايات عبير / الفخ - جانيت ديلي _
Romanceالملخص كل همسة حب كانت أكذوبة جارحة,ووجدت آلانا باول نفسها تخطو بكل نعومة في الفخ الكبير الذي كان ينصبه لها رولت بدراية وذكاء منذ البداية, وهو صاحب المناجم الجبار الذي لا ترد له كلمة , ويحصل عادة على ما يريد ,ولكن الوصول الى مراده هذه المرة يعني الم...