الفصل الاول

27.5K 722 40
                                    

لا يعرف من أين خرجت له ....مجرد فتاة ترتدي عباءة كالحايك المغربي  بيضاء
مع عجار أبيض يغطي وجهها و لا يظهر سوى تلك العيون اللوزية البنية المكحلة التي لو رآها كافر لأسلم...

توقف من السيارة و ترجل ناويا على معاتبتها و الشجار معها إذ لو لا رحمة الله و لطفه لدعسها و لكن كل شيء اختفى بمجرد ما أن رفعت عينيها تناظره بخوف و رهبة تجلت في تلك الدموع المتلألئة و ارتعاشة كفيها كصوص مبلول ...
-اخي أرجوك ساعدني ...ساعدني أخي رجاءا ...
حمحم و قال ببرود كقلبه بعد أن فكر أنها ربما تكون لعبة من اولئك السارقين يتظاهرون بالحاجة إلى توصيلة ليقوموا بعدها بسرقتك  : ماذا تفعلين هنا في هذا الوقت ! و ممن اساعدك !
كانت سترد إلا أنها سمعت خطوات راكضة قادمة صوبهم ليزداد ارتعاشها و قد لاحظه قائلاً بلامبالاة إذ لا بد أنها هاربة من زوجها أو ربما حبيبها أو ربما مجرد تمثيل فقط كما ظن سابقاً : هيي أنت ....ابتعدي عن الطريق فقط ...
تمسكت بيده كرد فعل تلقائي تحتمي به : لا أرجوك لا تتركني لهم ...فقط اوصلني الى أي مكان و ساتدبر أمري .. أرجوك ساعدني أرجوك
نظراتها لا تساعده ، رأى الخوف بعينيها ،تنهد و قال بغصب : حسنا تفضلي ...و كأنها كانت بانتظارها لتسرع راكبة السيارة حاضنة حقيبتها تستمد القوة منها ليتمتم حانقا : هذا الناقص و الله ، تأفف و صعد هو ايضا ليتحرك من هناك و بعد رحيلهم بدقائق قليلة توقف مجموعة من الشباب يلبسون ثيابا غريبة عن ثيابنا العصرية عبارة عن سروال مدور أو كما يسمى بسروال علي بابا أو علاء الدين مع قميص بسيط يلف خصرهم حزام عريض من الجلد الأسود أين يضعون اسلحتهم الصغيرة كالسكاكين و المسدسات و حاملين خلف ظهورهم بندقيات تدل على القدم
ليتكلم أحدهم بلهجتهم : هربت ... إبنة** هربت و لطخت شرفنا ..وصمتنا بالعار ..
تكلم آخر مجيبا بنفس اللهجة و الغضب : أقسم أني سأمسح عارها بيدي ..لن يهنىء لي بال حتى تسقى الأرض بدمائها ..
الثالث : فلنتقدم قليلاً ربما نجدها !
الثاني : اغبي أم ماذا ؟ ألا ترى الغابة هناك و سترجعها للقبيلة ها هو الطريق أكيد ركبت مع شخص ما تلك ال** حتى دمها لن يشفي غليلي ..
الأول : لا تغضب جلال ...سنجدها و وقتها لكل حادث حديث ..
جلال بغضب شديد: أي حديث عبد الله ...لا يوجد حديث إلا الدم ...
عبد الرحمن (أخ عبد الله ) : هيا أخي ..جلال ..يجب أن نعود إلى جدي لنخبره آخر المستجدات ..و هو سيتصرف ..
و بالفعل بعد الكثير من التوعد عاد الثلاثة إلى قبيلتهم

بينما عندها ، دموعها لم تكف عن الانهمار تتساءل في نفسها هل ما فعلته صحيح؟ و لكن لم يتركوا لها خيار آخر إما الهرب أو ..قطع سير أفكارها هذا جبل الجليد أمامها قائلاً ببرود و لا مبالاة : لم تقولي أين ستذهبين ؟
ادارت وجهها له تناظره بضياع و خوف إذ أنها لم تنتبه له وسط زحم أفكارها ، أجابت : ها ؟
زفر نفسه بملل واردف بنبرة حادة بعض الشيء : أين اضعك لن تبقي معي إلى الأبد أو تريدين أن آخذك إلى منزلي مثلا ! ثم تمتم قروية جاهلة ..
اتسعت حدقتاها من الصدمة ايعقل وجود إنسان مثله .. أقل الخير أم ماذا ؟؟ لتردف بحدة : تادب و التزم حدودك يا هذا ..بالفعل إنسان وقح .. ألا تساعد الناس لوجه الله ...تخيل لو كانت اختك في مكاني ماذا كنت ستفعل إنسان عديم المشاعر و الرحمة ..اوقف السيارة حالا لا أريد مساعدتك أيها البغيض المغرور البارد ...
اوقف السيارة فجأة أدت إلى إصدار صوت مزعج ليقول بغضب :ألا تعرفين من أنا ؟ أصلا من انتي لتتكلمي معي هكذا أيتها ** .. اغربي عن وجهي أيتها القروية الجاهلة ...
هزت رأسها بكبرياء و عينيها المتلألئة البنية أصبحت لهيب من الشرار و الغضب ، لو كانت النظرات تقتل لكان مضرج بدماءه لتقول بغضب : أيها الوقح الحقير ...لا أعرف من أنت و لا يهمني و لكني عرفت فقط أنك إنسان عديم الرحمة و عديم القلب ..متكبر و مغرور و امثالك حشرة لا تستحق حتى النظر لها .....و سيأتي يوم و تدان فيه على قسوتك و افعالك هذه... و نزلت صافعة باب السيارة بعنف تاركة إياه يشتعل غيظا منها..
تحركت تمشي جانب السيارة تلعنه و تلعن حظها و عائلتها ... لدرجة لم تنتبه أن السيارة لم تتحرك ..
أما عنده فمن شدة غضبه اراد أن يدعسها حقا بالسيارة و لكنه أبعد هذه الفكرة من عقله ليجد هاتفه يرن بإسم معين ما إن رآه حتى زفر نفسه لاعنا ، ثم أجاب ببرود لياتيه صوتها الأنثوي المغري : أهلا حبيبي كيف حالك ؟
أجابها ببرود : بخير ..ماذا تريدين ميا ؟
ميا بدلع : سلامتك حبيبي ، فقط اشتقت اليك ... آه نسيت أن أخبرك أن الطبيب كان عند جنى اليوم ..
بمجرد ما ذكرتها زال بروده و تحول إلى قلق : ماذا حدث لها ؟ ثم أردف بحدة : و لماذا لم تقولي من الأول بدل هذه التفاهة ! اغلق الخط في وجهها ليتصل بالطبيب تامر صديقه و المسؤول عن حالة جنى ..اخته : تامر ..ما الذي حدث ؟ و كيف حالها ؟ لماذا لم تخبرني و اللعنة عليك ؟
تامر بهدوء : اهدء رائد...لا تقلق ..فقط نوبة أخرى كسابقاتها و هي الحمد لله الآن ...
رفع رائد بصره إلى تلك الفتاة التي بدأت تبتعد عن رؤياه قليلاً و كلامها يدور في رأسه إلى أن انتبه إلى تامر : آلو ... رائد اتسمعني ..آلو ..
حمحم و أجابه : نعم اسمعك ... أنا قادم ..ثم اغلق الخط دون أن يسمع رد الآخر ليشغل محرك السيارة و سار حتى وصل أمامها ،انزل نافذة السيارة و قال بينما يقود ببطىء شديد يوازي خطواتها : اصعدي
تجاهلته كليا ليعيد طلبه بغضب قليلاً : اصعدي و لا تعاندي هيا ..
توقفت قليلا لترمقه باسوء نظرة لديها رافعة حاجبها بحركة طفولية أثرت قليلاً جداً جداً في بطلنا لتقول بحنق : شكراً لك و لكن لا شكراً.. أنا متأكدة من أن جلالتك و سيارتك هذه لا تريدون فتاة جاهلة قروية ..ثم استدارت مكملة سيرها ليتنهد هو بيأس ثم قال لها بحدة اجفلتها : لقد قلت لكي اصعدي و اللعنة و إلا لا تلومي إلا نفسك .
حسنا هنا و كفى ، اردفت وسط ألمها: من تظن نفسك يا هذا ؟ طلبت مساعدتك و لكنك قبلت غصبا ! و فوقها جرحت كبريائي بقولك ذاك ، لا و تتواقح معي أيضاً ..اعتبرني رحلت يا أخي و انتهى الأمر ثم أكملت طريقها و لكنه نزل لها بقوة و شرار يتطاير من عينه ، لا يكذب أنه استغرب من تصرفه معها ، أجل هو بارد برود الثلج و لكن ليس هكذا و في مثل هذه المواقف ، اتجه ناحيتها ليقول : اسمعي أمامك ثلاث خيارات لا أكثر الأول أن تركبي معي لاوصلك أينما تريدين و الثاني أن تركبي معي لاوصلك أينما تريدين و الثالث أن تبقي هنا و في هذه الساعة ، متأكد أن الطريق سيعجبك ، قطاع طرق و حيوانات برية تفضلي تفضلي و ربما من تهربين منه يلحقك ..
همست بخوف : قطاع ... حيوانات ..هم
إبتسم بخبث ليكمل : أجل ..قطاع طرق و لن أكذب مغتصبين و قتلة و سارقين ..و لكن بالنسبة لك سيكونون الثلاثة فانت امرأة كما ترين ! و كذلك لا تنسي الحيوانات البرية المفترسة و ربما حتى من تهربين منهم وصلوا الى إلى هنا ...
قلّبت كلامه في عقلها و لم تنتبه إلى أنه مسكها من ذراعها و جرها الى السيارة ، لتصرخ بألم اجفله فنزع يده ليجدها غارقة بالدماء مجهولة المصدر و لكن كيف و هو بخير و لم يمسك إلا ذراعها ، ثواني و استوعب الأمر ليسألها بقلق غريب عليه : ما بها ذراعك ؟ هل انتي بخير !!
جلست على كرسي السيارة لترجع رأسها إلى الوراء لاهثة من موجة ألم ذراعها لتقول و كأنها عادت لشخصيتها الحقيقة بنبرة رقيقة أنثوية ذات لكنة غريبة و لكنها محببة : أجل اجل بخير ..لا تقلق ..مجرد .. و لم تكمل لأنه اغلق الباب في وجهها و اتجه لجهته من السيارة أين أصبح يقود بصمت مريب و هي لم تسأل و لم توبخه التعب نال منها جسميا و الأكثر نفسيا و مازاد الطين بلة تفتق جرح ذراعها ..بعد دقائق من الصمت كانت تغط في النوم ، الذي كان سلسلة من الكوابيس و هلوسة
أما هو فاحتار حقا ،من هذه المرأة ؟ و ما الذي دفعها لتهرب في مثل هذه المنطقة و هذا الوقت ؟ ثم أنزل بصره لدماءها التي غطت كفه ليزفر نفَسَه ، و عندما ألقى نظرة عليها وجدها نائمة بهدوء في سيارته ...

لهيب الفراشة ( قيد التعديل )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن