الفصل الخامس

16.4K 390 32
                                    

كان يتميّز غضباً وهو يقود سيارته باتجاه منزل ممرضة جدته التي ستسبب له أزمة قلبية ، فبعد خروج الأخيرة خلف عمها وابنه ، راحت الجدة ترجوه أن يذهب خلفها ... شعر بغضبه يتصاعد من جديد وهو يتذكر ماقالته عن عقد قرانه عليها .. يا الله ! طلبها مستحيل بجميع أبعاده في نظره .
كيف يعقد قرانه على فتاة مستخدمة لديه تعيش في قاع العالم ؟ من هي هذه اليارا لتصبح فجأة حرم الشريف هاشم؟ ماذا ستفعل والدته إن عرفت .. بغض النظر عن اتصال والده به ليطلب منه بأمر صارم أن ينفذ مطالب جدته
، لأول مرة يحدثه والده بهذا الجفاء .. قال له بالحرف الواحد :

- شوف يا هاشم ، تراك من يوم إلي وعيت على هالدنيا وإنت شورك من راسك ولا حد فينا بقولك شو تعمل وشو تسوي ، بتعرف ليش ؟ لإني معتبرك رجال ابن رجال عارف مصلحتك و بتتحمل مسؤولية العيلة كاملة لو بدك .. كل قراراتك التعسفية إلي أخذتها بحياتك بعمري ما تدخلت فيها ولا عارضتك رغم تحفظي على معظمها .. لكن اليوم يا هاشم بقولك إعمل إلي طلبته جدتك منك .. لا عاش ولا كان إلي بده يكسر كلام الجدة وأنا بعدني عايش ... على شو مستكثر حالك على البنيّة .. وخشمك هاذا إلي رافعه للسما متى بدك تعرف إنو آخرته بالتراب ؟ الشرع حللك أربعة وقلنالك الشغلة كتب كتاب بس .. لاتعتبر حالك تزوجت .. خود البنيّة عالمأذون وأكتبوا الكتاب وبعديها لاتطلع بوجهها ماحد طالب منك حسنة .. خلص جدتك تعلقت بهالصبية ونحنا ولا حد فينا فاضي يقعد معها ! بدي أستكثر عليها روحها تألف إنسانة تانية وتتعلق فيها؟؟ .. مو بكفي إنو كلنا مقصرين معها ؟؟ واليوم هالطلب الوحيد إلي بتطلبه منا بكل هالترجاية كمان نرفضلها إياه .. شو إنت ما عندك دم ولا إحساس ؟؟

عند هذه الكلمات أغلق والده الخط قبل أن ينبث هاشم ببنت شفة ، لم يكن قد مضى على مغادرة يارا سوى ساعة واحدة متى وجدت جدته الوقت كي تخابر والده؟

المصيبة الأعظم كانت عندما صعد إلى غرفة جدته ليجدها تبكي بصمت ، مجرد دموع تسيل بهدوء على وجنتيها دون أي صوت مصاحب لها ، شعر بدوار فعلاً .. خاصة وهي تحيد بوجهها عنه .. اشتعل فتيل غضبه على يارا .. هذه هي المرة الأولى في حياته التي تحيد جدته بوجهها عنه ، لقد اعتاد أن يرى وجهها يتهلل فرحاً وسعادة لرؤيته ويداها تمتد بدعوة من القلب لاحتضانه .. لكنها اليوم تبعد عيناها عن صورته وكأنها لا تطيق النظر إليه، كل هذا من أجل يارا .. يا الله ربما يجب أن يعقد قرانه عليها فقط كي يستلذ بصفعها وقتما شاء !

رنين هاتفه أخرجه من سبات عقله ودواماته الهائلة ، رفع الخط كي يقول :

- عملت إلي قلت لك عليه ؟ كل الأوراق معك .؟؟ إذا لاقيني محل ما اتفقنا ..

لقد وعد جدته بأن يجد حلاً لموضوع ( يارا ) إن كانت تريدها أن تعود إليها فسيعيدها لكن ذلك لا يعني أنه سيعقد قرانه عليها .. مجرد مرور الفكرة في خاطره يغضبه لحد الجنون ، لكن السؤال الذي أرهقه منذ ساعتين لماذا كلما أراد أن يتذكرها لا يراها إلا بشعر كستنائي متطاير كثيف وحريري ويصل إلى الخصر .. رغم أنه لم يرها على هذه الصورة سوى لحظات بسيطة مقارنة مع المرات التي رآها فيها بالحجاب ! شد بقبضته على المقود كما لو كان عنق المسكينة ، ثم ضربه وهو يشتم في سره .. من أين جاءته هذه المصيبة التي اسمها ( يارا ) ؟

سلسلة النشامى /الجزء الأول /  جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة /معدلة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن