~ الفصل السابع عشر ~

13.6K 404 65
                                    

- عاد شهاب إلى داخل المستشفى ليعطي سيرين هاتفها الذي نسيته في السيارة فرآها واقفة برفقة ابنة خالتها مايا في احدى الزوايا وكانتا تتحدثان بشكلٍ جديّ حول موضوع يبدو مهم للغاية ؛ انتابه الفضول حيال ذلك خصوصاً لانه يعرف ان مايا لا تحب سيرين ولا تطيق رؤيتها لذا توجه نحوهما ليفهم ما الذي تحيكانه وعندما اصبح على مقربة منهما سمع زوجته تقول : كلا لم اخبره ولن افعل لذا اطمئني.

ثم نظر إلى مايا التي رفعت حاجبها بتعجب وسألتها : ولما لن تفعلي ؛ هل تحبيني لهذه الدرجة ام انكِ تحاولين خداع الرجل ؟

ردت سيرين عليها بعصبية : هل تعرفين لما تزوجني شهاب... لقد فعل ذلك ليعذبني وينتقم مني حيث انه يعتقد انني السبب في موت شقيقه الأكبر كما تعلمين بينما الحقيقة هي انكِ انتِ من تسبب بوقوع ذلك الحادث المشؤوم وانني تسترت عليكِ وتحملت المسؤولية بالنيابة عنكِ حتى هذه اللحظة وسافعل ذلك حتى النهاية ليس لأنني احبكِ ، بل لأنني احب زوجي كثيراً ولا اريده ان يشعر بعذاب الضمير أن علم بالحقيقة افهمتِ الان ؟!

- بعد سماع ذلك شحب وجه شهاب بشدة وشعر بأنه قد طعن بسكين باردة وفقد كل حواس الشعور لديه ، ارتسم الذهول في عيناه و كاد قلبه يتوقف عن الخفقان من هول الصدمة التي تعرض لها للتو و للحظات شعر بوهن يسري في دمه كأنه سم قاتل وجراء ذلك فقد توازنه وكاد ان يقع أرضاً إذ ان عقله لم يستوعب ما سمعه ؛ أوقع الهاتف المحمول من يده دون أن يشعر وهو يحدق بزوجته وابنة خالتها اللتان كانتا تخدعانه على مدار سنة كاملة وبسبب هذه اللعبة القذرة قام هو بظلم سيرين ومعاملتها بأبشع الطرق واسمعها احقر الكلمات لدرجة أنه كان يشمئز من نفسه عندما يجرح مشاعرها .

- عندما وقع الهاتف على الأرض اصدر صوتاً استرعى انتباه الفتاتان فنظرن للوراء حيث كان الرجل واقفاً يحدق بهما بصدمة شديدة ومن الواضح أنه سمع كل كلمة قيلت بينهما ؛ في تلك اللحظة شحب وجه مايا بشدة وكأن روحها قد فارقت جسدها بينما سيطر التوتر الشديد على سيرين ورفعت يدها لتغطي فمها ولكن بعد فوات الآوان ، لقد عرف زوجها الحقيقة الغائبة ومنها هي الامر الذي جعلها تشعر بالضيق الشديد فهمست قائلة برجاء : شهاب انا...

لكنه قاطعها بسؤاله المرتجف : م.. ما هذا الذي سمعته للتو ؟!

اسرعت مايا لترد عليه إذ قالت بتوتر شديد : دعنا نشرح لك الامر رجاءً وبعدها...

فقاطعها حين صرخ عليها بصوت هادر : اصمتي عليكِ اللعنة !

وبسبب صراخه الذي زعزع اركان المشفى ارتعدت الفتاة خوفاً بينما اخذ بعض الاشخاص المتواجدين بالقرب منهم ينظرون إليهم والتعجب يعلو وجوههم حيث لم يتوقع اي شخص ان يصرخ هذا الرجل بأعلى صوته في حين يجب عليه ان يلتزم الهدوء لانه متواجد بالمستشفى ولا يسمح لأي أحد بالصراخ في هذا المكان ؛ اما هو فلم يهتم لأي شيء بل تحرك نحو سيرين بخطى متثاقلة وكأنه يحمل الكوكب بأكمله على ظهره وعندما اصبح واقفاً أمامها لم يستطع أن يسيطر على دموعه التي ملأت عيناه حيث افلتت منه دمعتين حارقتيّن الهبتا وجنتيه وسألها بعدم تصديق : هذا ليس صحيحاً اليس كذلك ؟

~ رواية  نار و جليد / للكاتبة نونا مصري ~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن