٥) بصيـص أمـل.

Start from the beginning
                                    

صمتنا لبرهة من الزمن قبل أن يتفوه عماد بما لم أتوقعه..

"لمَ لا تتزوج؟"

نظرتُ إليه مستغربًا فأجاب تساؤلي:
"أنت وحيد، وهذا سبب تخبطك في الماضي، تزوج وكون أسرة وعش كما ينبغي لك أن تعيش، واترك الماضي إلى حيث هو، لا تجره معك إلى أن تلفظ أنفاسك".

"قد يباغتني الموت اليوم أو بعد غد، فما الفائدة من تكوين أسرة قد تُترك على الهامش وحيدة".

"وقد تعيش حتى بعد مئة عام، فتتلفت حولك وتجد نفسك وحيدًا، حينها سيزيد ندمك أضعافًا ولن يفيدك ندب الماضي في شيء".

لم أقل شيئًا،. فلستُ في مزاج للمناقشة، أطرقت بصمت، فاستأنف عماد:

"سأطلب من زوجتي أن تجد لك فتاةً عانسًا مثلك".

قالها وقهقه على دعابته، لم أعقب، اكتفيت برسم ابتسامة باهتة، قال وهو يودعني عند الباب:

"سآتي لزيارتك مرة أخرى، ولكن أرجوك، انسَ كل ما يمت للماضي بِصِلة وعش يومك، أنت وليد اليوم وليس للأمس معنى في قاموسك، إلى اللقاء".

سأكون كاذبًا إن قلت بأن زيارته لم تعنِ لي شيئًا، يملك رزماً هائلة من هذه الكلمات، أعترف أنني أحرز تقدمًا في الشفاء، ولكنه تقدم بطيء، بطيء جدًا،. ومنذ الأمس،. ستلاحقني تلك الذكريات حتى تنتهي تلك القصة التعسة..
.....

كنتُ تائهًا، باحثًا عن المفر.، أتلفت في كل اتجاهٍ والعرق يتصبب مني كالمطر.، و السواد يحيط بي من كل الجهات، أنار ضوء خافت، كاشفًا عن دهليز ضيق و معتم، في آخره سرير بفراش حال لونه، يستلقي عليه صبي صغير واضعًا كمادة فوق جبينه،. يتنفس بإجهاد تكاد روحه تخرج مع كل نفس يلتقطه، فتح إحدى عينيه ببطء، ووجه لي نظرة عاتبة. ..مـ ـ ـرـــواــن...
نطق باسمي فأرعيته سمعي، كرره مرة أخرى، وددتُ لو أصرخ مُلبياً نداءه، لكن قوة غامضة منعتني..

... مــ ـرــ وـا ــ ن...

فتحتُ عيني فجأة و العرق يتصبب مني، توقف عن تحريك كتفي و كف عن مناداتي، كان ذاك مازن، صبي يكبرني بعام، نظرتُ إليه متعجبًا فقال بصوتٍ خافت:

"هيا، أخرج".

اعتدلتُ في جلستي و أنا أسأله:

"من أرسلك إليّ".

لم يجب، كان يحدق بي بنظرات غريبة.

"لم تمضِ ثلاثة أيام على احتجازي، فهل خفضت العقوبة أم ماذا".

هز رأسه نافيًا، و قال موضحًا:

أشِقّاءWhere stories live. Discover now