7-Hatıralar ذكريات

1K 34 18
                                    

- انتبها كي لا تقعا...!!
انطلق الطفلين الصغيرين ركضاً على الزرع الأخضر بأقصى سرعة لديهما يتسابقان للوصول للبقعة المختارة و بالطبع مع إصدار صوت القهقهات السعيدة بسبب المجيء إلى هنا.
بينما تنهدت ذات الشعر البني نيهان باستسلام لأنهما لم يسمعا ما قالته و حتى إن سمعاه لن يأبها لفعله فإنهما يعانيا متلازمة التمرد الباكرة و هذا رأي نيهان بالطبع!
- أتمنى أن لا ينتهي هذا اليوم بمصيبة!
حركت عينيها إلى دفنة التي كانت تساعد في إخراج مستلزمات التنزه مع أخيها و جدتها أختها الصغرى فرفعت رأسها لتنظر لنيهان و ابتسمت.
- إذا تفكرين في ربطهما كي لا يحدث لهما شيء، فأنا لا أرى تلك فكرة سليمة.
- هل تعرفين أني لم أفكر في ذلك من قبل؟ و لكنها فكرة رائعة... ربما أفعلها ذلك في يوم ما!
حملقت دفنة بها قارنة لحاجبيها حيث شعرت برغبة غريبة في ضرب نيهان عوضاً عن الضحك لأنها تعدت حدود الفكر و حدود الخيال حقيقةً!
- نيهان ليقف لسانك و تتحرك يديك قليلاً!
و عوضاً عن ضربها رفعت الكرسي الحديدي الذي كانت تحمله إلى جهتها لتعطيه لبنية الشعر كي تحمله و اتجهت هي تساعد جدتها فيما تفعله.
- جدتي لأساعدك في نقل هذه الأشياء.
مدت دفنة ذراعيها ناحية جدتها و هي تخرج علب الطعام من داخل السيارة فرفعت المرأة العجوز رأسها إليها و تكلمت.
- أنت امرأة عاملة تتعبين طوال الأسبوع في الشركة و لكن في النهاية تجدين نفسك تعملين معنا أيضاً!
- ماذا في ذلك يا روحي؟ إنه واجبي في النهاية!
سارت دفنة بعيداً عن جدتها متجهة إلى بقعة الجلوس و لكن لم تتوقف جدتها عن الكلام.
- و لكنك تتعبين، تتعبين للغاية... أفضل حل هو الزواج!
عندما سمعت ما قالته قلبت عينيها للوراء ليست مرحبة ابداً لسماع شيءٍ كهذا في هذا اليوم الجميل و تتمنى أيضاً أن تكون ابنتها منشغلة في اللعب لدرجة ألا تسمع هذا كي لا يشوش عقلها.
عادت دفنة أدراجها لا تبدي أي رد فعل على وجهها بل كانت تبين أنها تستمع إلى توركان بصدرٍ رحب دون إبداء رأيها بالطبع.
- حين تتزوجين لن تحملي كل شيء على عاتقك كما يحدث الآن و ستجدين أن الأمور أصبحت غاية في السهولة.
لم ترد دفنة عليها مجدداً و تابعت مساعدتها في نقل الأشياء فأمسكتها نيهان من ذراعها قبل أن تغادر للمرة الثانية.
- ربما ستتكلم فيما لا ترضين سماعه للأبد، عليك فعل شيء لتوقفيها!
نظرت دفنة إلى وجهها تفكر في كلامها لتجد أنه صحيح و لكن في نفس الوقت لا تملك الحل لإيقاف جدتها عن التحدث.
- لا أملك أية أفكار و عقلي في عطلة اليوم!
و بعدها رحلت عائدة إلى تلك البقعة مجدداً تحاول اعتبار كلمات جدتها التي تسمعها كموسيقى تعمل في خلفيةمشهدٍ ما.
- أمي، متى سنأكل؟
و عندما وصلت دفنة لتضع العلبة الأخرى التي كانت تحملها فوق قطعة القماش الموضوعة على الأرض توقفت إيليف عن الركض و سألتها.
- حبيبتي تناولنا الفطور منذ قليل، هل جعت بهذه السرعة؟
- لا لم أجع و لكن عندما قال خالي أنه سيشوي لنا تحمست للغاية!
ابتسمت دفنة و راحت ترتب ملزمات الشواء من حولها و تكلمت و هي مشغولة مشغولة.
- سيبدأ خالك الشوي بعد قليل و لكن أريدك ألا تكثرِ من تناول اللحم كي لا تؤلمك بطنك في الليل.
- حسناً...
ثم ركضت بعدها بعيداً عن والدتها مجدداً بينما راقبتها دفنة و هي تبتعد عنها بابتسامة طفيفة على وجهها الأبيض المشرق.
ما أجمل أن يتجسد الحب على هيئة إنسان؟
لطالما ظنت دفنة ذلك. فكانت إيليف دليل قوي على حبها لعمر الذي كان يرفرف بقوته و بعظمته و دليل أكبر هو عدم تخليها عن طفلتها في أشد المواقف التي كانت تحتاج فيها لفعل ذلك.
و لكن ذلك الحب لم يكن بريء ...
لم يكن صافي نقي نظيف بل كان مليئاً بالشوائب!
و هذا ما اقتنعت به دفنة بعد فترة مستسلمة للواقع المؤلم.
اما إيليف فكانت دليل البراءة، نقية و بيضاء لدرجة يقول الجميع عنها أنها ملاك يسير على الأرض و ليس من باقي البشر.
بريئة تدهش الجميع لمجيئها في عالم كهذا!
فاحتارت دفنة، لا تعرف حقيقة رزقها بابنة كهذه ...
هل هي جائزة أم هي عقاب؟
فإن كانت جائزة هل كانت بسبب أنها عانت و تعذبت كثيراً في حياتها و ليس بسببه فقط؟
أو عقاب لأنها أخفت حقيقة مهمة في الماضي كان قولها سيغير الكثير من الأشياء التي ربما لن تبدأ في الأساس؟!
فراقبتها لفترة ترغب بالبكاء لشدة تألمها و حسرتها، لا تريد لصغيرتها أن تتعذب في هذه الدنيا و تتلوث في الواقع المرير الأسود المسمى بالحياة كما الحال معها.
من شدة حبها لها لا تريدها أن تتعب كما تعبت هي، لا تريدها أن تتالم كما تألمت.
فهل ستستطيع منع كل الأخطار و الأشياء السيئة عن ابنتها؟
- لقد دعوت إيسو...
وضع سردار الكرسي الحديدي بجانب دفنة و هو يتكلم و حين لم يتلقى أي رد منها رفع عينيه لينظر لها و إذ به يرى الحزن المرسوم رسماً دقيقاً يغزو عينيها مجدداً.
فتوقف ينظر لها كأنها لوحة لفنان مشهور و قد عرضت في معرضه.
فتألم قلبه لرؤيتها بهذا الشكل حتى أراد احتضانها و التربيت على رأسها لإزالة الحزن و الدمع من عينيها.
و لكنه يعرف أن هذا لن يفيدها و لو فعل الجميع هذا.
لن يفيدها كثرة العدد، فما كان في القلب سيبقى مزروعاً في القلب!
استوعبت دفنة صوت أخيها بعد فترة من الزمن فحركت وجهها لتنظر له و بكل أسف لم تلحق إخفاء وجه الحزن الذي اعترته.
- ماذا؟
نظر لها مطولاً لا يجد الكلام يخرج من جوفه لا يهم كم استغرق من الزمن و هو يحدق بها بهذا الشكل فاستغربت الفتاة و عاودت سؤاله مرة أخرى و لم تشك للحظة أنه قد كشف الحزن الذي ارتسم في عينيها.
- ماذا كنت تقول؟
سمعته يأخذ شهيقاً عميقاً قبل أن يهرب بعينيه للبعيد.
- كنت أقول أني دعوت إيسو...
عاد سردار لإحضار المزيد من الأشياء مهموماً في كيفية إزالة الهم عن أخته بينما كانت دفنة تنظر للفراغ و تتذكر أحداث تلك الليلة التي صرخت بها على إيسو و من حينها و هما لا يتحادثان.
فحملت هماً آخر على همها و هي كيفية مواجهته عندما يأتي إلى هنا.
حياتها تزداد صعوبة و هي أصبحت هشة لدرجة أنها لا تستطيع أن تحارب تلك الصعوبات بعد الآن!
..............................................
أمسك الرجل بكوب قهوته يرشف منها رشفة صغيرة و حين أحس بسخونتها أنزل يده و قرر ألا يشربها إلا حين تبرد قليلاً و بعدها تحرك من مكانه ليتجه إلى غرفة الجلوس و هو بنفس الهدوء و الصمت الذي هو عليه ليس عنده الفضول ليتصفح بيته الجديد ذو غرفة الجلوس الكبيرة أبداً.
نعم، هو يسكن الآن في بيتٍ قد اشتراه له شكري و نقل أغراضه له البارحة بينما كان هو منشغل في باسيونيس يبدي عروضه المتكررة و الرائعة.
و الآن هو يسكن وحده في هذا البيت الكبير، يسكن بين أربعة جدران و يعذب نفسه بالذكريات الموجعة الذي ابتلعته.
جلس عمر فوق الأريكة يقرأ ما أمامه من كتاب قد اختاره بعشوائية و لم يلبث أن أنهى صفحة منه حتى سمع باب المنزل يُطرَق فتنهد بتعب و نهض ليرى من هو أول زائريه الذي يشك للحظة أنه قد صدق في العنوان.
و لكنه كان مخطئ لأن بعض الناس لديهم قدرة خارقة في معرفة ذهاب و عودة و الأماكن الذي يسكنها البعض.
و ذلك كان الشخص ... جده.
حين فتح عمر الباب ليجده أمامه حدق به مطولاً متفاجئ من وجود ذاك الشخص أمامه.
- عمر... بني... كيف حالك؟
نظر لعيون الرجل العجوز و توقف للحظات و بدون رغبة منه تذكر والدته و تذكر كم عانت بسبب ذلك الرجل كثيراً.
مر وقت قليل و وجد عمر نفسه يدخل الرجل العجوز إلى المنزل ليقدم له القهوة ليشربها بينما جلس هو ينظر على الأرض يحاول ألا ينظر لعينيه كي لا يعود له الغضب القديم الذي عاشه لسنواتٍ عدة.
و لكن الرجل العجوز لم يحب صمت الشاب و بغضه بشدة فرفع رأسه لينظر للشاب و حين رأى تلك الغيمة السوداء التي حاوطت رأسه فتردد للحظة من الحديث الذي انتواه.
- أرى أنك عدت... جيد ما فعلت.
رفع عمر عينيه بعد سماعه ما قاله الرجل و حين نظر إليه وجد نظرة الاشتياق تعتري عيونه فتدفقت ذكريات مقابلته له بعد سنوات طويلة من الغياب إلى رأسه.
*************************
- عمر... عمر أرجوك افتح الباب!
ضربت البرتقالية يدها بقوة على الباب الأحمر حتى آلمتها يدها من قوة الضرب و رغم كل شيء لم تحصل على أي جواب من ذاك الضخم القابع بالداخل.
فأدمعت عينيها حتى شعرت بأنه قد أصابه مكروه في الداخل فهلعت و ذعرت من ذلك حتى أصبحت تدور حول نفسها لا تعرف ما تفعله و لا كيف تتصرف.
- عمر... أرجوك افتح!
و رغم ذلك لم تيأس من ضرب الباب بنفس القوة و من الممكن أقوى من ذي قبل و لكن في تلك اللحظة سمعت صوت تكسر زجاج قوي جداً فتوققت للحظة تحاول إيقاف تلك القصص الذي يصورها لها خيالها و هي أنه قد جرح نفسه بالزجاج و ربما اطمئنت قليلاً حين سمعت المزيد من تحطم الزجاج و إن دل ذلك سيدل على أنه بخير و يتحرك.
و لكن ذلك لم يهدئ من روعها فأسرعت دفنة إلى الباب الزجاجي الجانبي و لحسن حظها أن الباب لم يكن مغلقاً بقفله ففتحته و دخلت إلى الداخل و رأت هول منظر عمر الغاضب الذي يكسر و يحطم كل ما هو أمامه لشدة غضبه فراحت تتنفس بسرعة و تعرقت حتى دق قلبها بشدة و شعرت بأنه سيخرج من مكانه و خافت لدرجة ودت فيها أن تركض من هنا هاربة.
لم يكن ذلك الرجل الذي يكسر و يحطم الزجاج هو نفسه عمر الذي عشقته بل كان شخصاً غريباً عنها حتى أنه أشعرها بالخوف منه.
و لكن هل توقفت دفنة و هي تنظر له من بعيد؟
تقدمت دفنة نحوه و الدموع تنساب على وجنتيها، و لكن في النهاية كان خوفها عليه أكبر بكثير من خوفها منه.
- عمر... حبيبي... عمر!
حاولت مناداته ليتوقف و لكن بدا كما لو كان لا يرى و لا يسمع أحداً من شدة غضبه فحاولت معه مرة أخرى و لكن هذه المرة تجرأت و أمسكت بذراعه لتوقفه.
- عمر، أرجوك توقف عن هذا، ستؤذي نفسك!
و لكنه لم يكن في وعيه و بكل بساطة رمى ذراعه ليتخلص منها و من إمساكها له فوقعت دفنة أرضاً بجانبه فأغلقت عينيها بقوة ترفض أن تطلق صرخة الألم.
و في اللحظة التالية خارت قواه و سقط على الأرض و هو يسند ظهره على الحائط قلبه يحترق و عقله لا يستوعب ذاك الألم الذي أصابه.
عندما سمعت الهدوء الذي أحاط المكان نهضت من مكانها تتجاهل ذاك الألم الذي أحرقها فاتجهت دفنة إليه و احتضنته بقوة بينما كانت عبراتها تنساب من على وجنتيها.
- لا بأس... لقد مضى، لقد مضى!
حاولت تهدئته و طمأنته أنها هنا بجواره فمضت بضع دقائق و هما بهذا الحال فاستراح عمر لدفئها و استراح للقرب منها ليشعر بعد ذلك أنه قد هدأ و راح يتنفس بأريحية.
فرغم غضبه الشديد منها و لكن قربها منه أراحه و جعله هادئاً فلم يفكر في محاسبتها أبداً في هذه اللحظة.
حين استشعرت ذات الشعر الأحمر هدوئه ابتعدت عنه تنظر لعينيه لتجدهما تائهتين تنظران على الأرض و لكنها تعرف أنه لا يرى بهما شيئاً فارتاح قلبها و رفعت يدها اليسرى لتلامس وجهه بلطف و قالت من بين دموع مذروفة و مازالت تذرف.
- أنت... أنت بخيرٍ الآن... كل شيء سيكون بخير.
وضعت قبلة رقيقة على وجنته ثم ابتعدت لتضع جبهتها في جبهته.
- أنت بخير... سأحضر لك شيئاً ساخناً ليريحك.
مسحت دفنة على شعره و نظرت بعمق لعينيه السوداء ثم نهضت ببطء من على الأرض لتنطلق بعدها إلى المطبخ تخفي يدها اليمنى أمام جسدها.
تحديقه بالأرض جعله ينتبه للونٍ غير لون الأرض و كان ذلك اللون هو ... اللون الأحمر!
ابتلع الرجل لعابه و هو يتبع تلك النقاط المتتالية من تللون الأحمر و التي سارت بخطٍ مستقيم حتى وصلت... لها.
تعرق و ازداد نبض قلبه و ضاعت الكلمات من بين شفتيه و لم يجد أي حروف لينطقها غير حروف اسمها الذي خرجت من فمه همساً.
- دفنة....
كان همسه لاسمها آخر ما سمعته قبل أن تقع و تصطدم بالسطح الأملس للأرض.
*************************
لامست البرتقالية ذاك الخط الأعوج فوق كف يدها لا تعرف لما تدفقت ذكريات ذاك اليوم إلى عقلها فجأة بهذه الصورة الكبيرة خاصةً أنها لم تعاني بسببها غير الألم الجسدي الذي سببه الزجاج المتكسر ليس إلا.
فبعكس ما يشعر به عمر من طنبٍ و ندم إلى الآن بفعل شيء كهذا، هي لم تلومه يوماً و لن تلومه لأنها بالفعل ترى أنه لم يخطئ بشيء فكان ذلك القدر الذي لعب تلك اللعبة في وقت كان عمر غير واعي به.
و لكن لشهورٍ عدة، بعد الخطبة و الزواج و ربما لسنوات هي لا تعلمها حمل الذنب و الندم بداخل قلبه و لم يختفِ أو يقل يوماً عن ذي قبل بل ربما كان يتفاقم و يزيد أضعافاً مضاعفة.
و ذاك الجرح القابع في قلبه إثر ما حدث كان ينفتح و يؤلمه كل فترة و أخرى فكان كالذي لم يطب يوماً.
في الماضي كان كلما نظر إلى كفها تذكر و تألم و لام نفسه أضعاف ما كان يلوم نفسه حتى اضطرها إلى تغطية يدها في بعض الأحيان كي لا تعذبه بتذكر ذلك.
شعرت الفتاة بضيقٍ في التنفس عندما تذكرته و لم يكن ذلك الشيء الوحسد الذس تذكرته فتذكرت أيضاً أن معاناتها أو ألمها لم يتوقف عن التزايد و التفاقم و لم تهدأ و لم ترتح بل هي في شيء ما هو إلا عبارة عن هدنة مع نفسها حتى ترى ما سيحدث في حياتها و ماذا سيفعل عقلها و كيف سيخطط للمستقبل؟
- أنبدأ العمل؟ ستساعداني أم ستشاهداني و أنا أعمل؟
- لما لا تعمل وحيداً؟ ألست رجلاً و من المفترض أن تقوم بالعمل وحدك؟
- إيسو سيأتي بعد قليل و يساعدني في الأساس، اجلسا هكذا مثل... لا لن أقولها فالأطفال موجودين!
شاهدت مناقرات أخيها و زوجته بينما كان عقلها يسرد عليها الأحداث يذكرها بما حدث بعد جراحة الخياطة الخاصة بيدها حين أفاقت لتجد نفسها نائمة على فراش المشفى و حبيبها... عمر كان جالساً يمسك يدها بكل قوته يتألم قلبه بقوة تضاهي ألم يدها.
*************************
أمسك عمر بيدها المعافاة و قبلها برفق و هو ينظر لعينيها المغلقتين بعينين دامعتين و قلب محترق و عقلٍ يصرخ ألماً و عدم استيعاب لما حدث.
كادت أن تموت بسببه!
كادت أن تموت!!
كيف استطاع أن يفعل ذلك بها؟
كيف استطاع أن يؤذي حبيبته و روحه؟!
يلوم نفسه نعم، يشعر بالذنب الشديد.
ألم قلبه يتفاقم مع كل ثانية تمر و هو يراها بهذا الحال!
يشعر بأنه لا يستطيع العيش بعد هذا اليوم. يشعر بأنه لا يستحقها بعدما فعل هذا بها!
لا يستحقها... لا يستحق حبها فهو من آذاها و جرحها بتلك الطريقة!
- حبي...
فرط قلبه من السعادة لسماع صوتها فرفع رأسه ينظر لها و هي تفتح عينيها المغلقتين رويداً رويداً.
فمسح تلك الدمعة التي أفلتت من عينه ثم اقترب منها و هو يرفع يدها التي كان يمسك بها و يتشبث بها ليضع عليها قبلة أخرى.
- أنا هنا حبيبتي...
رغم أنها لم تفق إفاقة كلية و لكنها كانت تعي وجوده و حين نظرت إلى عينيه لاحظت دمعة انسابت على وجنته فتركت يدها و رفعت خاصتها إلى وجنته لتمسحها.
- و أنا هنا أيضاً، لم تبكِ؟
كان صوتها كالموسيقى المريحة بالنسبة لقلبه فرغم ألمه و شعوره بالذنب الذي يتفاقم مع كل ثانية تمر إلا أن سماعها تتحدث معه أراحه و أراح قلبه العاشق المتألم.
- لا أبكي، هناك شيء قد دخل لعيني...
صمت قليلاً يحاول إبعاد ناظريه عن يدها الملفوفة بضمادات و يركز في عينيها المنهكتين و لكن رغماً عنه نظر عليها و علم أن ذاك الجرح سيترك أثراً دائماً في كف يدها و سيترك أثراً دائماً بداخل قلبه المحترق الذي يتلوى ألماً و ندماً.
لاحظت دفنة تلك العيون الحزينة الذي اعتراها ناظريه فعلمت سببها فرفعت يدها السليمة إلى وجنته الملتحية و راحت تلامسها بنعومة لتهمس باسمه:
- عمر...
رفع ناظريه إليها، ينظر لها بعمق يندم على كل لحظة تسرع قد أوصلته لهذه النقطة و يتمنى العودة للماضي حتى لا يرى حبيبته ملقاة على الفراش بهذا الشكل.
- لا ذنب لك فيما حدث، أقسم لك...
كانت تريده أن يصدقها و كانت تريده أن يزيل تلك الأفكار من رأسه و لكنها تعلم أنه لن يفعل و لو فعلت أي شيء لتثبت له عكس ما برأسه.
- أنا من سقطت وحدي... لا ذنب لك!
- من المنطق أنه سيفكر في تركها لتعيش بسعادة من دونه و لكن هو يحبها و لن يستطيع فعل ذلك و يعرف أنها من ستتألم أكثر منه إذا حدث ذلك بالفعل.
لا يستطيع تركها لأنه يحبها.
لا يستطيع العيش بدونها و هو يعلم أنها ذلك.
فمن الآن و صاعداً سيفعل المستحيل كي يجعلها أسعد إنسانة في هذا الكون.
لن يصدقها فيما قالت و لكن سيعمل على عدم إيذائها، سيعمل ألا يجرحها و يؤلمها مطلقاً.
هذا ليس صعباً عليه فهو ذلك الإنسان العادل الذي وصفته دائماً، أليس كذلك؟
*************************
كان عمر غاضب جداً إثر ما فعلت حين أخفت حقيقة قدوم جده خوفاً من زوجة عمه و ربما لولا حدوث ما حدث ذلك اليوم حين جرحت يدها بسببه لتركها و انفصل عنها للأبد و لم لتكن لتراه يوماً.
كان ليوفر عليها كل ذلك الألم الذي عانته لأربع سنوات على مضض....
ما حدث ذلك اليوم أشعره بالخوف الشديد عليها و جعله يخاف فقدانها أكثر من الأول. لأن ما عاشه لم يكن مجرد فقدان بمعرفة أن كلا الشخصين حيان و لكن كانت لتموت بالفعل.
و حينما أفاقت و تأكد بأنه لا يستطيع أن يعيش بدونها، قرر ترك كل شيء للماضي و القيام بكل ما كانا سيفعلاه و يخططان له سوياً.
فبحثا عن سعادتيهما و ربما أكثر من ذلك... إلى أن جاء ذاك اليوم المشؤوم و الذي بسببه انقلبت حياتهما رأساً على عقب.
و تغير كل منهما و اختفت تلك السعادة المزعومة و تبدلت بعيونٍ تملؤها الدموع و العبرات و أفواهٍ لا تعرف إلا الآهات.
أين ذهب الحب؟
الحب موجود... و لكن الزمن تغير!
..................................................
- كيف حالك يا بني؟ عدت أخيراً.
- نعم، عدت....
- كيف هي الحياة معك؟ يعني ماذا تفعل؟
-... عدت إلى شركتي.
- هذا خبر رائع!
كانت تلك الكلمات التي تداولت في الحديث، لا يزيد عنها أي جملة أو كلمة خارجية، مختلطة مع عيون عمر الهاربة و عيون جده المشتاقة التي تتحرك من عليه.
و رغم معرفة الجد بحساسية ذاك الموضوع تطرق إليه.
- هل... هل مازلت لا تتحدث معها؟
رفع عينيه لينظر له فجأة يحاول إيقاظ استدراكه ليستدرك عن من تعود هاء الغائب و لم يرى أمامه غير دفنة فحدق بالعجوز لثواني عدة بداخله بركان قد ينفجر في أية لحظة و لكنه صمت و لم ينفجر.
-... من هي؟
و رغم معرفته بهويتها سأل.
-.... دفنة.
أعاد رأسه لينظر إلى الأرض مجدداً فبرغم معرفته بالإجابة أصيب بخيبة الأمل حين تلقاها فكان يفضل ألا يسمع عنها أو يسمع اسمها حتى من الجميع، يكفيه تلك البراكين الحارقة بداخله.
فأجابه بكل بساطة و خفوت:
- نعم...
فنظر هولوصي لعمر يشعر بقلبه يحترق من أجل حفيده خاصةً و هو يشعر بالذنب تجاهه في عدة أشياء فحاول أن يلين الأمر فربما استطاع أن يلين قلبه أيضاً.
- لقد انفصلتما من أربع سنوات، ألا يكفيكما جرحاً لأنفسكما؟
لم يرفع الرجل عينيه عن الأرض و تابع التحديق بها لا يستوعب لما لا يقتنع جده أن التطرق لتلك المواضيع لن يجدي نفعاً خاصةً مع شخصٍ عنيدٍ مثله.
- دفنة... هذه الفتاة، إنها إنسانة طيبة للغاية.
كان يريد أن يمدحها أمامه فربما كان هو السهص الوحيد في إنجاح و استمرار تلك العلاقة المستحيلة.
- قد تشعر بأنك قد تعرضت للخيانة و لكن... لا يكون الأمر كظاهره.
حاول التبرير لدفنة رغم أنه لم يعرفها عن قرب كثيراً و لكن ما رآه و ما سمعه لم يجعله يلومها يوماً.
- يعني... الذنب ذنب ناريمان من البداية.
لم يحصل على أي ردود من عمر و كان الرد الوحيد على ما يقوله كانت تلك النظرات المتألمة الغاضبة و الحارقة التي تعتري وجهه.
و رغم أن العجوز كان يمتلك العديد من الكلمات الأخرى ليخبرها لحفيده و لكن تراجع حين رأى تلك النظرات ففضل الصمت عوضاً عن التحدث.
كان معه حق في الغضب و لكن لما يستمر غضبه لأربع سنوات و لا يقل و لو ذرة واحدة بل بالعكس يبدو أنه تفاقم كثيراً.
فتلك الفترة التي كان من المفترض أن يهدأ و يعود إلى سابق عهده لم تزد الأمر إلا سوءً.
- سأرحل الآن...
نهض هولوصي من مكانه يستند على عكازه حين لم يجد المزيد من الحديث ليتحدث عنه فالتقط تركيز الشاب فرفع رأسه ليتبعه بعينيه في البداية و من ثم نهض هو الآخر.
ابتسم الرجل و احتضن حفيده حين شعر بذلك من داخله و تكلم بخفوت.
- برأيي تحدث إليها... ربما تحتاج لأن تعرف شيئاً عنها.
ابتعد عمر و هو قارن حاجبيه و أخذ ينظر له بغرابة لا يفهم ما عاناه بما قاله.
- أحياناً تكون أيادينا مربوطة و هذا يجعلنا غير قادرين على الوصول لما نريده رغم قربه منا.
نظر عمر له بعمق و للحظة رآى والدته المتوفاة من سنوات كثيرة و شعر بألم في صدره و لكن لم تغب صورة دفنة عن رأسه.
- برأيي تحدث معها قبل أن تُربَط يديك و لا تستطيع حينها أن تفعل شيئاً.
ثم رحل هولوصي تاركاً عمر في حيرة من أمره.
يتحدث معه؟ ما خطبه؟ لما يريد منه ذلك؟
يعني بماذا قد تخبره دفنة بعد كل تلك السنوات؟
بماذا ستخبره؟ ربما ستخبره بموت طفلهما؟ هل ستفعل ذلك حقاً؟ هل ستحرق قلبه أكثر؟
هل حقاً قد تفعل هذا؟
أو قد تلومه على رحيله عندما كانت حامل و قد مات الطفل بسببه؟!
أسئلة كثيرة دارت بداخل رأسه جوابها عند دفنة فقط فكيف ستأتيه الفرصة للتحدث معها؟
............................................
جلست ذات الشعر الأحمر على كرسيها متنهدة بتعب تنظر على الأرض بنظراتٍ يملؤها الضجر بدون أن تبدي أي رد فعل آخر و لكن نظرتها هذه لم تدم كثيراً حين سمعت صوت تحرك الكرسي الذي يجاورها فرفعت رأسها لتنظر لزائر بقعتها و تفاجأت أنه كان صديقها المقرب إسماعيل فحدقت به بينما كان هو يحدق على المنظر البحر الرائع الذي أمامه و حين لم تجده يتحدث حركت رأسها تنظر إلى ما أمامها متجاهلة لوجوده تماماً.
مرت دقيقة على هذا الحال حتى تكلم إيسو يقطع الصمت و يضع له حداً.
- أنا أسمعك ...
عقدت الفتاة حاجبيها و حركت رأسها لتنظر له و إذ بها تهمهم بتعجب و استغراب لما قاله فأعاد الرجل ما قاله و هو ينظر لها مع إعطاء نبرة تأكيدية على كلامه هذه المرة.
- أنا أسمعك!
نظر لها و هو يعتري وجهاً جاداً للغاية فبدأت تشك في أمره.
- هيا... اعتذري.
- هل أنا من سأعتذر؟!!
اندفعت دفنة إليه قائلة و قارنة لحاجبيها بشدة تشعر بأن الغضب قد بدأ يتفاقم لديها فأبدى الرجل نظرة غاية في البراءة و البرود و قال:
- نعم! هل أنا من عليه أن يعتذر إذاً؟
ضيقت دفنة عينيها و هي تنظر لصديقها الذي لا تفهم كيف يفكر و كيف يقول تلك الأشياء بدون مبالاة لمشاعرها و قالت بعدم تصديق:
- أنا حقاً لا أصدق، حقاً!!
و لكي تكظم غيظها و لا تنفجر فيه نهضت مندفعة من مكانها حتى كاد الكرسي يقع للخلف و ما إن تجاوزته حتى نهض من مكانه ليمسكها من ساعدها ليوقفها عن الحراك.
بقت الفتاة بهذا الوضع لبضع ثوانٍ أخرى و لكنه في النهاية أدارها بيديه لينظر لوجهها.
- لا يستطيع البشر أن يمزحوا معك أبداً ...!
ثم رفعت عينيها ببطء ناحيته و وجه الغضب مازال يعتريها لتسمع اعتذاره في النهاية و يزول الغضب عنها فوراً.
-... أعتذر!
لم تكن تريد أن تمرر الأمر على خير فإيسو قد أغاظها كثيراً و أغضبها و أحزنها و لكن حين حاولت الثبات على موقفها رفع الرجل كلا يديه ليضعها على رأسها و بدأ بالعبث في شعرها و أخذ يشعثه لها و هو يضحك.
- أيتها البرتقالة سامحيني!
- تمام، يكفي لقد سامحتك!!
ثم أخذت خطوة قوية للوراء حتى تبتعد عن يديه العابثتين.
- ما بالك و ما بال شعري؟!
أطلق إسماعيل ضحكة عالية و هو ينظر إليها و هي تحاول ضبط شعرها.
- بغيظ!
بينما كان الاثنين يتناقران كان صاحب الشعر الأسود سردار يراقبهما و الابتسامة تعلو وجهه.
شعر بارتياح عندما رآهما بهذا الشكل فسعد كثيراً لمصالحتهما رغم أنه لا يعرف ما كان سبب خصومتهما من البداية و الحقيقة أنه لم يصبه الفضول بتاتاً لمعرفة ما حدث.
فأعاد رأسه إلى المشواة و راح يحرك يده بالريشة حتى يبعد الدخان و يزيد النار.
بينما كان سردار يشوي اللحم زارته العديد من الأفكار التي بهدف إسعاد أخته و فكرة واحدة فقط هي من دخلت رأسه و استقرت فيها.
ألا و هي شراء بيتهما القديم!
كان سردار متحمس للغاية لإسعاد أخته و جدته اللتان تعلقتا بالبيت القديم.
فقرر بعد فترة من التفكير بأن يشتري ذلك البيت و لكن ما عليه فعله في البداية أن يجد مالكه المجهول بالنسبة له.
ترك هذا العمل في الحقيقة للمحامي الخاص بالشركة مع عدة تنبيهات بألا يخبر دفنة بذلك فهو يحاول أن يفاجئها بذلك في النهاية.
لم يعلم ما تخفيه أخته و لم يتوقع أنها تخفي أي شيء في الأساس.
فانتظر على نار لا يتوقع أي مفاجآت بتاتاً!
انتهت دفنة من ضبط شعرها و تهدئة هيجانه لتستنشق بعدها شهيقاً عميقاً من الهواء النقي لتخرجه براحة و بطء بعدها.
- هل ارتحتِ؟
انتبهت دفنة لما قاله فحركت رأسها لتنظر له و إذ به ينظر لها بنظرات باردة مخلوطة بقليل من القلق.
فأجابت بنبرة باردة هادئة و خافتة.
- نعم... أفضل حالاً.
- ماذا حدث إذاً؟
كان يعرف أن هناك شيء يحدث معها و لكن طالما هي لا تتكلم لا يستطيع تخمين ما بداخل ذاك القلب الموصد بالأقفال.
فنظرت إليه لا تعرف ما تقوله، هو أكثر من يفهمها فهل تتابع كذبها أم تخبره بالحقيقة المرعبة و التي إلى الآن لا يستطيع عقلها أن يستوعبها.
- كن معي... كن معي في الفترات القادمة.
- هل هو شيء يقلق؟
تحدث و قد زادت نبرته ارتجافاً و زادت نظراته قلقاً حتى أنه تحرك قليلاً من على كرسيه إلى اتجاهها.
- هل علي أن أقلق؟
- لا أعرف، ربما...
بدأت دفنة حديثها و هي تحدق بالبحر الأزرق الصافي تشعر بارتفاع نبض قلبها رويداً رويداً.
- ... ربما سيكوت شيئاً في غاية الجمال... و ربما العكس.
- أقلقتيني يا فتاة، ماذا حل بك؟!
- أنا بخير، حتى الآن...
نظر إسماعيل لها و هو محتار لا يعرف ما يفعله و لا حتى ما يفكر فيه.
هل يقلق عليها و على ما تفعله و ما ستفعله؟ أم يسلم للأمر المكتوب و يصبح الكتف التي تبكي عليه عندما يصيبها ما سيحدث و الذي لا يعرفه.
على الأقل هذه المرة أخبرته بأن يكون معها و لكن لما لم يسعد لذلك؟
هل ربما لأنها هذه المرة الأولى من سنوات تطلب منه شيئاً كهذا؟ و إن كانت تلك المرة الأولى التي تطلب منه هذا برغم كل ما حل بها فلابد أن ما سيحدث لن تستطيع تحمله أو استيعابه حتى.
- إلى ماذا تخططين؟
همس الرجل بصوت غير مسموع يصعب عليها سمعه حتى و حتى لو كان صوتاً عالياً لما فعلت لأنها ببساطة كانت منشغلة بمسح المكان بعينيها للبحث عن صغيرتها الجميلة.
- نيهان، أين إيليف و إيسو؟
و حين لم تجدهما في البقعة التي هي فيها سألت نيهان التي تبعدها ببضع أمتار فربما رأتهما في حين أنها لم تفعل.
- لقد كانا يركضان هنا و هناك. لابد أنهما خلف شجرة ما.
لم يطمئن قلبها كما الحال مع ذات الشعر البني فبخلافها هي لا تشعر بالراحة بعيداً عن صغيرتها حتى لو كانت تعلم مكانها و برغم أن الحديقة مفتوحة للجميع ليروا الزائرين و الراحلين قلقت على الطفلين، فنهضت من مكانها لتبحث عنهما حتى يطمئن قلبها.
- لأذهب و أراهما إذاً.
و في مكانٍ آخر كانت الصغيرة تجلس أرضاً تجمع الأزهار في حضنها و على وجهها ابتسامة عريضة من أذنها اليمنى حتى اليسرى.
- ألم تنتهي بعد؟ لقد مللت!
و سمعت الصغيرة تذمر الطفل الآخر فرفعت رأسها لتنظر له ببراءة و قالت:
- أنتهي... سأنتهي في الحال!
بررت و هي تحاول جمع الأزهار بسرعة هذه المرة ليتنهد الفتى بملل و هو ينظر إلى إيليف.
- لماذا تجمعينها على أي حال؟ عندنا الكثير منها في حديقة المنزل!
- لا، هذا اللون غير موجود عندنا... أنا أحفظ زهور منزلنا و لا أنسى أي زهرة و لا أساميها أيضاً.
أصاب الفضول الفتى الصغير فنظر لها بنظرة متسائلة.
- أساميها؟ هل تعرفين أسامي الزهور؟
- نعم، لقد وضعنا أنا و أمي الكثير من الأسامي للزهور... حتى أني وضعت اسمك لزهرة بنفسجية اللون.
عقد إيسو حاجبيه عندما سمع ذلك فرغم أن جزءً من قلبه كان سعيداً لسماع ذلك إلا أنه لم يحب فكرة أن يكون اسم زهرة على اسمه، فبالطبع هو صبي و سيفضل ما هو رجولي أكثر.
- أنا لا أقبل بذلك، لا يجوز أن تأخذي اسمي دون أن تخبريني!
حدقت الفتاة به و كأنها ارتكبت جريمة لتوها أشعرتها بالذنب الضئيل فأكمل بغير دراية لمل حدث معها.
- و غير ذلك... سمعت أمي تقول أن للزهور أسامي أخرى يعرفها الجميع و ليس تلك الأسامي التي وضعتها.
و في الجهة الأخرى من تلك البقعة كان عمر يسير على الممشى الطويل يديه مدفونتين في جيبيه يحدق على السماء الزرقاء الصافية.
كان يشعر بالحيرة و عقله تشوش من كثرة التفكير فقرر أن يلجأ للخروج من المنزل حتى يصفى ذهنه قليلاً.
و لكي يفعل هذا قرر الذهاب إلى الممشى الذي في الحديقة التي التجأت لها دفنة و عائلتها.
فأي قدر ينتظره؟

Aşk acısıWhere stories live. Discover now