الفصـــل الثالث والعشرون

Start from the beginning
                                    

................

إستيقظ كريم بالصباح وإرتدي ثيابه الأنيقة ليقف أمام المرآة يمشط شعره الأسمر.. توجهت فاطمة إلي داخل الغرفة وملامحها غاضبة بشدة، ثم وضعت ما تحمله علي الكومود بضيق قائلة بصرامة: النسكافيه أهو..
نظر لها بطرف عينه ومط شفتيه مستغربا من غضبها هذا، إتجه ببطئ إلي الفراش وجلس ثم تناول المشروب وإرتشف منه وهو يرمقها بنظرات متساءلة دون أن يتحدث، عاد يضع الكوب علي الكومود وفضّل الصمت منتظرا ثرثارتها الصباحية، بالفعل هتفت وهي ترمقه بإغتياظ:
كريم، إنت مش فاكر حاجة؟.. 
أجابها هادئا بلا مبالاه: لا مش فاكر يا فاطمة، ماتجيبي من الاخر وتقولي فيه ايييه؟؟
ضغطت علي أسنانـها غيظـا، ثم تابعت بخيبة أمل: كنت فاكرة إنك هتفتكر لوحدك لكن زي كل سنة لازم أنا اللي أفكرك يا كريم..! 
قطب حاجباها وهو يسألها بجدية:
إيه ده، هو النهاردة السنوية بتاعت أبوكي الله يرحمه؟ 
فتحت عينيها علي إتساعهما بصدمة، وتمنت أن تلكمه الآن في وجهه من شدة غيظها، كورت قبضتيها وقالت بهدوء حزين: الله يرحمه يا كريم النهاردة مش السنوية بتاعته...
عاد يرتشف من مشروب النسكافيه الخاص به مرة أخرى وهو يسألها دون إكتراث: إومال؟ 
قالت بملامح متجهمة للغاية: النهاردة عيد ميلادي يا كريم يا زوجي العزيز.. 
رفع حاجباه بدهشة قائلًا بإبتسامة: أوووه، حبيبي كل سنة وأنتي طيبة يا بطتي أنا..
تجهمت ملامحها أكثر: والله؟؟ إنت عمرك ما تفتكر لوحدك يعني..
نهض واقفا بعد أن أنهي مشروبه ليقول متعجلا:
خلاص بقي يا بطتي، انا مطحون في الشغل ومش فاكر كلت إيه إمبارح.. يلا سلام بقي
ركضت خلفه لتلحق به:
كريم هو ده اللي ربنا قدرك عليه؟؟ إيه اللي واخد عقلك يا كريم؟ 
إلتفت لها ضاحكا: بلاش جنان.. وبعدين إنتي عارفه ان اعياد الميلاد دي تفاهات وانا مبهتمش بالتفاهات دي يا بطوطة قلبي، قولنا كل سنة وانتي طيبة وخلصنا بقي.. متعكريش دماغي علي صباحة ربنا..
عضت شفتها السفلي بغيظ شديد، ثم قالت متذمرة: هو إنتوا كده يا صنف الرجالة كاسرين بخاطرنا ديما.. 
رفع حاجب ليضيف بصوت جادي: بطتي، إتفلقي وخلاص هسحب الكلمة، مش كل سنة وأنتي طيبة، اقولك كل سنة وانتي مجنونة ومزهقاني في عيشتي، مكدبتش لما قولت عليكي نكدية.. سلام..
خرج سريعا وأغلق الباب خلفه هابطا درجات السلم تاركا إياها تحترق غيظـا وغيرةً عليه..
.....................

وبعد مرور ساعة بالشركة..

ذهب والده "إبراهيم" إلي مكتبه وولج إلي الداخل، ثم راح يجلس أمامه قائلا بنبرة حازمة تحمل من المرح أيضًا:
مزعل مراتك ليه ياأبو الكرم؟ 
رفع كريم احد حاجبيه متابعا بإستغراب:
إنت عرفت منين يا بابا؟ 
إبراهيم وقد ضحك بمرح: لسه قافلة معايا دلوقتي وإشتكتلي منك.. إزاي ياض إنت تنسي عيد ميلادها؟! 
كظم غيظه منها، وتابع متوعدا إياها: يا مجنونة.. ماشي يا فاطمة.. 
تحدث إبراهيم بجدية: إيه وهي إشتكت لحد غريب، فيها إيه يعني! وبعدين فيها إيه لما تراضيها يا كريم مش هتخس ولا هتخسر حاجة..! 
كريم بذهول: أراضيها!! هو أنا كنت زعلتها أصلا يا أبو خليل.. يا بابا متشغلش دماغك إنت بس، فاطمة دي مجنونة وأنا بعرف أتعامل معاها... 
إبراهيم بنبرة حادة:
إيه يا كريم، ده أنا بقول عليك عاقل، مش قصدي انك نسيت عيد ميلادها قصدي إنك كسرت بخاطرها وكسر الخاطر مش كويس، كان ممكن تقولها انك نسيت بطريقـة حلوة وتقولها هجبلك هدية وكلمتين حلوين هتعدي الليلة يا كريم.. 
مط كريم شفتيه بعدم إقتناع، ثم تابع بتنهيدة عميقة:
ما أنا فعلا قولتلها كلمتين حلوين بس هي اللي قلبت نكد، هي قالتلك إيه بالظبط؟ 
تابع إبراهيم بهدوء:
قالت إنك زعقتلها وقولتلها إنها نكدية ومزهقاك في عيشتك ده كلام برضو؟؟ 
ضحك كريم علي زوجته التي تتعامل بروح الطفلة دائمًا، لم ولن تكبر فاطمة أبدًا ستظل هي مهما مر من الدهر..
كريم ضاحكا:
هي اللي بتستفزني والله وبعدين دول كلمتين وخلاص وبصالحها علي طول النصابة دي.. 
إستكمل إبراهيم:
الست دايما تحب الاهتمام حتي ولو بكلمة صغيرة حلوة.. خليك فاهم كده.. ممكن تكون مجنونة وطايشة زي ما بتقول بس تقدر تحتويها.. هات ليها حتي وردة وشوكولاتة هتفرح إسألني أنا.. ايييه الله يرحم أمك كنت بعمل معاها كده والله يابني.. بكرة العمر يعدي ماتخلهوش يعدي في المشاكل ووجع القلب عيشوا حياتكم وحسوها واستغلوا الايام في الفرح مش الحزن فاهمني؟ 
أومأ كريم مبتسما ومعجبا بوالده ليقول بصوت هادئ: فاهمك يا بابا، إنت مافيش منك إتنين ربنا يباركلنا في عمرك.. 
قال ضاحكا بخفوت:
المهم انك تعمل بالكلام ماااشي؟ 
رد كريم موافقًا: ماشي يا بابا إنت تؤمر!!
...............

أحببت فاطمه (الجزء الثاني) بقلمي / فاطمة حمدي Where stories live. Discover now