الفصل الأول

68.1K 673 27
                                    

  فى الصعيد




ولأن دوام الحال من الحال حدثت تطورات عدة فى ليلة عرس أخي وزوجته، حينما تزينت المندرة الصعيدية بشوارعها إستعداداً لإستقبال العرسان الجُدد،بعد أن إطمئننا على هند وأولصلنها مع عريسها ، تطل أشجار الفاكهة من الجنينة لتنشر عبقها فى أرجاء المنطقة ، يعطي شجر مسك الليل رائحة عطرة ومميزة، يطلق بعض الرجال من الأرقاب والأحباب بعممهم الصعيدية النار فى الهواء وهما يرقصون بالعصيان الخشبية ،بينما السيدات يتغنين ببعض الأغاني الشعبية ويرقصون بغطاء يحاو خصر إحداهن فى دلال والجميع يصفقون بفرح أمام باب المندرة:_

_ أفرحي يا دي المندرة جياكي عروسة سكرة ...أيوة يا حارة ضلمة احنا ال نورنا

بينما تتعالى أصوات الطبول والبوق فى زفة تعيد الروح للحياة ،تغنى الحاجة فوقية والدتي بعزمها هي وخالاتي "سم الله الرحمن الرحيم وهنبدأ الليلة.. آه.. آه ..
ده عريسنا الزين كحيل العين وعروستة حلوة وجميلة حنقول يا ليل، ونقول ياعين.. حصوة في عينك ياللى ياللى ما تصلى ، ماتصلى على النبى"،فى منافسة حامية بين أهل العروسة وأهل العريس ،يراقصني وليد بفرح ، ألقت الخالة بعصا خشبية عليه ،لتقطع صفو الاجواء الرومانسية ،إلتقطها كل من وليد وحمدان ، يتمايلون بعصيانهم فى حركات إستعراضية مٌثيرة، يتوسط الموكب رضوى بإبتسامتها الخلابة العذبة ،وروحها الجميلة ،وهي تمسك بيديها اليسرى باقة من الورود بينما اليمنى مشبوكة فى يد عمر بحلته السوداء الأنيقة ،يسيران وسط فرحة الأهل والأحباب ،ما هى إلا لحظات حتى لمحت إمرأة بنقاب أسود وسط الجموع ،ظننتها للوهلة الأولى نوارة ،فلم أعط للأمر بالاً، إلا إنها غابت عن الاعين تماماً فى أقل من ثانية ،لأنتبه على صراخ رضوى بهستيريا وهلع أوقف الزمن:_
_ أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأه.!!

توقفت الطبول والمازمير ،وعمر لا يراها فى أي مكان على الأرض ،إلى أن أتى لها صوته من بلاعة صرف صحي،تم فتحها بشكل مفاجأ ،تفوح منه رائحة سيئة لا تطاق ،أغلق أنفه بيديه،والخالة يامنة تشهق بغضب،وهي تسير صوب رضوى بضيق ووجوم على ما ألم بها ،تكز على أسنانها بعصبية وهي تقول:_
_ ووواه....مين ولد المركوب ال فتح البالوعة دي عاد...؟ ...والله ما هيفلت من يدي..أأأه يا ناري لو يطولهولي ..والله ما هتعجه ..
مدت يدها لابنتها ،دفعها عمر بلين وهو ينخفض علىالأرض مٌرتكزاً على ركبتيه ،ووليد إلى جواره يخلع عنه سترته السوداء ليمنحها لي :_
_ إسراء خشي جوه....انتي حامل ومحتاجة لراحة..متقفيش هنا

قال جملته بحذر وهو يلتفت من حوله ،وكأنه قد لمح من فعل ذلك ،ليقول بعد ثوان:_
_ لا ....متتحركيش من هنا ...لو الدنيا أتشالت وأتحطت أوعي تخشي جوه من غيري

هممت للإستفهام عن سر ذعره ،لكن بكاء رضوى وإنهيارها باغتنا والخالة ترتكز هى الاخرى ،أشار لها عمر:_
_ خليكي يا ماما بعيد...متبهدليش نفسك...أنا ووليد هنطلعها ..متنحنيش قدام الناس كده غلط

صعيدية غيرت حياتى بقلم أميرة السمدونىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن