الفصـــل السادس عشر

19.4K 396 18
                                    

هل يغفر الحب؟ 
    أحببتُ فَاطَمَة 2

الفصـــل السادس عشر..

إستيقظت في الصباح الباكر بعد نوم قلق ومرهق طوال الليل.. يا له من عقابٍ قاس.. كيف ينام موليها ظهره ويتركها تتقلب وحيـدة رغم إنها إلتصقت به رغمًا عنه!.. 
فركت عينيها بتكاسل وراحت تنظر إلي وجهه الحبيب بتمعن، ثم إقتربت بحذر تطبع قبلة طويلة فوق جبينه.. ثم همست بجانب آذنه متوسلة إليه:
كيمو سامحني بقي عشان خاطري، كفاية كده عليا! 
شعر بهمسها الدافئ وأنفاسها التي لفحت بشرة وجهه ، فرمش بعينيه وتشنجت ملامحه مطصنعا الإنزعاج ، فكشرت عن جبينها بضيق .. هل لهذا الحد يزعجه قربها منه؟ 
فتح عينيه ببطئ ليصطدم بوجهها مباشرة من فوقه، فتأملها قليلًا.. ثم تأفف قائلا بجدية: مقربة مني ليه كده؟ إتفضلي إبعدي عني لو سمحتي! 
رمقتـه بنظـرات مغتاظة وإعترضت، فصاح بها بصوتٍ أرعبها:
إبعدددددي عني بقااااا! 
إبتعدت عنه بسرعة شديدة، وقد لألأت عينيها بالعبرات وهي تنظر له بعدم تصديق.. هل هذا زوجها الحنون حقا؟! 
نهض جالسا علي الفراش زافرا أنفاسه بضيق،  ثم تابع بصوته الأجش:
إنتي إيه لازقه!! بقول مش عاوز أكلمك يعني مش هكلمك .. أنا زهقت.. زهقت.. 
إنفجرت باكية وقد تعالت شهقاتهـا كطفلة صغيرة.. فشعر أنه قد أزادها وعنفها أكثر من اللازم ولكن هذا ما أراده.. سيجعلها تكف عن أفعالها عنوه..
إنتصب واقفا بعد ذلك وصاح مجددًا وهو يتجه نحو خزانة الملابس لينتقي منها ثيابه:
عيطي.. ما هو أنتي مش فالحة غير في العياط والمشاكل فقط لا غير أي حاجة تانية لا.. 
نهضت هي الأخري عن الفراش بغضب وقد إقتربت منه هاتفه بإنزعاج :
إنت بقيت تكرهني كده ليه؟ كل ده عشان آآ.. 
قاطعها وهو يقول متهكما: ايوووة الاسطوانة بقي بتاعة كل يوم.. كل ده عشان بدافع عن الحق.. عشان بحبك.. بس إنتي أصلا مش بتحبيني عشان اللي بيحب حد بيسمع كلامه وإنتي ما شاء الله أقولك الكلمة تخرجيها من الناحية التانية! 
صاحت به وهي تضرب الأرض بقدمها: ما هما اللي بيستفزوني أعمل إيه يعني، أووووف ده إنت حاجة صعبة يا شيخ! 
رفع أحد حاجباه وهو يقترب منها قائلًا بتجهم: يلا علي صوتك أكتر عشان أجيب الحزام.. 
إزدردت ريقها بخوف، ثم تابعت بصوت خافت:
ماشي.. سكت.. بس إنت هتفضل مخاصمني علي طول؟ 
أومأ لها في صمت، فتابعت هي بتوسل: طيب أنا آسفة وهسمع كلامك بعد كده علي طول.. ممكن تسامحني؟ 
لانت ملامحه وراح يقترب منها أكثر، فتنهدت بإرتياح.. أخيرًا سيرضي عنها ويسامحها .. وحين شعرت به يقترب من آذنها..إبتسمت ببراءة.. وما لبثت أن إتسعتا حدقتا عينيها بصدمة حين همس لها بحزم هادئ: آسفك مش مقبول يا فاطومة..
ثم إبتعد متجها إلي الحمام تاركـا إياها تعض علي شفتها السفلي بغيظ شديد... 
................

صباحًا متغيرًا بكل ما تحمله الكلمة من معني عن صباح تلك الأيام الماضية، تشعر براحة نفسية إفتقدتها منذ فترة طويلة.. وها هي تشعر وكأنهـا حمامه صغيرة ترفرف بحرية بعد ليلتها الحالمة.. ليلة أمس.. لا تعرف لمَ شعرت بسعاده غامرة لم تشعر بها في أي ليلة مضت منذ زواجهما ربما لأنها ذاقت قسوته.. وتليها عشقه وحنانه من جديد فأدركت الفرق!
أحضرت فطارًا جميلًا وكل ما يحبه هو، تنقلت بين المطبخ وطاولة الطعام.. ورصت الصحون بشكلٍ منظم..جذاب.. ثم توجهت إلي الغرفة وراحت تقترب منه بإبتسامة واسعة تهزه برفق هامسة:
- حسام.. حس.. قوم يا حبيبي الفطار جاهز. 
تمطع متكاسلا، ثم فتح عينيه ببطئ وعاد يغلقها قائلًا بصوت ناعس:
عاوز أنام يا سو.. خلي الفطار بعدين.. 
تحولت ملامح وجهها للإنزعاج قبل أن تهتف بضيق:
تنام إيه، يلا عشان تفطر وبعدين تروح الشغل ولا هتأنتخ بقي! 
نهض جالسا علي الفراش وهو يتنهد بعمق،  ثم فرك عينيه وهو يهمس لها: لا وهو أنا وش أنتخه يا سو.. أمري لله إتكتب علينا الشقي.. 
ضحكت بصوت رنان، فهتف بمزاح: صل علي النبي، أنا كده هلزقلك ومش هشتغل! 
كتمت ضحكاتها وأومأت له برأسها فنهض بحركة خفيفة، وجذبها يطبع قبلة ناعمة فوق جبينها غامزًا برومانسيه: صباح الخير بقا..
منحته إبتسامة رقيقة صافية وقد توردت وجنتاها قليلًا، ليتابع متغزلا ؛:
- أحبك وأنت هادي ورقيق كده.. 
بادلته قبلته بقبلة أخري حانية وهي تهمس بحب: وأنا بحبك علي طول.. ثم صمتت لتستكمل بنبرة جادة: حسام.. متزعلش مني علي أي حاجة عدت ربنا يقدرني وأقدر أعوضك.. 
إتسعت إبتسامته وظل صامتا يتمعنها بعينيه مستمتعا لشعورها بالتقصير نحوه، وسعيدا بتغيرها ذاك حتي أنه لا يصدق هل هذا بفضل كلام صديقه كريم أم إنها شعرت به أخيرًا وقررت إعطاءه ما يريد؟؟ 
إستكملت حديثها بعفويه: حسام أنا مش خاينة ولا وحشة زي ما وصفتني.. أنا بس بحس إني تايهه مش عارفه أنا عاوزة إيه.. بتيجي عليا أوقات بحس إن مافيش حب بجد.. 
عقد حاجباه مستفسرا: إزاي يعني مافيش حب بجد؟ 
تنهدت طويلًا قبل أن تخبره بمرارة: يعني الحب ده أنا محستهوش غير في إخواتي فقط... أي حد تاني محستهوش.. وغيرك إنت طبعا بس من اللي أنا شوفته قولت الرجالة كلهم زي بعض.. زي بابا.. وزي.. 
صمتت وقد إنتبهت لما تقول.. فتابع حسام متفهما بجدية: وزي مين تاني؟ .. تقصدي الحوار بتاع زمان ده صح؟ 
أومأت وقد أطرقت رأسها للأسفل،  في حين تابع حسام في كياسه:
كلها تجارب.. الحياه تجارب ومراحل يا سارة.. بس التجارب دي لازم تعلمك ولازم تعرفي ان الجميع مختلف عن بعضه مافيش حاجة إسمها الرجالة كلهم زي بعض ولا الستات كلهم زي بعض.. في حلو وفي وحش واحنا لازم نفرق.. لازم نعيش.. لازم نكافح.. بإختصار ياتكوني قد الحياة.. يا هتعيشي في معاناه.. فهمتي حاجة! 
أومأت مبتسمه وتابعت بأمل: وأنا نفسي أعيش.. وبحاول.. و..
قاطعها وهو ينهض جاذبا إياها من يدها: هتعيشي طالما هتفضلي هادية ورقيقه كده خالص هتعيشي.. 
ضحكت عاليا وإتجهت معه إلي طاولة الطعام ليتشاركا الضحكات معا ويسرقان من الزمن بضع لحظات سعيدة..
................................

أحببت فاطمه (الجزء الثاني) بقلمي / فاطمة حمدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن