الفصل التاسع عشر: لمن يخفق القلب

17.3K 465 3
                                    


طوال طريق العودة من المطار, ظلت كريستينا صامتة, تحدق من النافذة الى المناظر الطبيعية دون أي بهجة ,احترمت جابرييل صمتها ولم تحاول ان تسالها في الحال, تعرف ان مجيئ كريستنيا اليها طلبا للمساعدة ينذر بوجود مشاكل وسط العائلة المجنونة
- اتينا انا ونفار الى الهامبتنز مرات عديدة, لكنني لم انتبه يوما الى كل هذا الجمال الطبيعي
ابتسمت جابرييل وهي تقول:
بالفعل افضل شيء هنا هو الابتعاد عن ضجيج نيويورك, يحتاج الانسان الى بعض الهدوء من وقت لاخر
كان هذا هو الحديث الوحيد الذي تبادلته جابي وكريستينا منذ لقائهما وحتى دخولهما المنزل.

***
وسط ضباب ينذر بعاصفة وشيكة, اقلعت طائرة كريس متجهة الى توسكاني, زفر كريس بضيق وهو يفتح ازرار قميصه يحس بانه يعجز عن التنفس , اصبح وجهه اشد نحولا بسبب السهروكثرة التفكير ملامحه اصبحت اقسى, وظهرت هالات التعب داكنة تحت جفونه فبذا اكبر سنا ممما هو عليه, كانت لحيته نامية, تركها دون اهتمام, بدل ملابسه الرسمية بقميص ابيض وسروال جينز, الا انه كان لا يزال وسيما بشكل لا يصدق , اخد كاس الشراب من الطاولة امامه وافرغ محتواه في حلقة جرعة واحدة ,كلمات جوشوا ترن في اذنيه دون توقف: " استمتع بانتقامك , فحلاوة الانتقام تتلاشى بسرعة ولا يبقى بعدها الا المرارة". والان هو يتجرع مرارة ما اقترفت يداه في السابق, نفذت جابيرييل ومن دون ان تشعر وعدها له وانتقمت منه بقسوة , ضرب على الطاولة بعنف وهو يلعن اليوم الذي قرر فيه الانتقام.
لم يكن لديه حق الاختيار يوما, في الماضي اجبر على كرههم الى الابد, وعد والدته بان ينتقم لها دون رحمة , والان اجبر مرة اخرى ان يفي بوعد قطعه لجابرييل في لحظة ضعف ويعطيها حريتها, كان اتفاقهما واضحا , يمنحان زواجهما بضع شهور لكي ينجح قبل يقررا الانفصال وهاهي جابي اتت لتطالبه بالوفاء بوعد قطعه على نفسه, لكم هو مؤلم ان نكون اوفياء لوعودنا لكم يتمنى ان يحنث بكل وعد قطعه في الماضي وحتى اليوم
يحبها يعشقها لا يتصور حياته من دونها, لكنه لن يجبرها على حبه, يكفي ما سببه لها من الم فلتنعم بالسعادة ولو حتى على حساب المه وجرحه.

***

في قصر عائلة ماسيني, كانت انابيل تطير من السعادة, كريس سيعود اليها مجددا... ولوحده, كان هذا يعني شيئا واحدا لانابيل هو ان خطتها قد نجحت وان جوليا تمكنت اخيرا مما عجزت هي عن فعله, اتجهت نحو غرفة جوليا لكي تزف لها الخبر السعيد وليستعدا معا لاستقبال كريس الذي سيصل في المساء.

***
وصلت جابرييل اخيرا الى المنزل, فتحت الباب لكريستينا التي كانت ما تزال تعاني من الدوار, تعابيرها مبهمة كانها لازالت تعاني صدمة طرد نفار لها, لم تعد جابي تستطيع الصبر, امسكت كريستينا الذاهلة من يدها وادخلتها الى الصالة
هل يمكننك الان ان تخبريني ما سبب كل هذا, ما الذي يحدث لك كريستينا اخبريني
نظرت كريستينا الى جابرييل بياس وهي تقول:
اردت ان اقوم بالاجهاض, فطردني نافار من القصر
ماذا؟ انت ... حامل سالت جابي وستقومين بالاجهاض ...يا الهي كريستينا ؟, ادارت راسها غير مصدقة قبل ان تنتبه لردة فعلها :
حسنا ... لماذا لم تخبريني من قبل؟
نظرت اليها كريستينا نظرة مليئة بالاسى :
- كنت مشغولة للغاية, كانت تتكلم عن وفاة جونثان دون ان تفتح جروح جابي التي لم تندمل بعد .
طيب قالت جابرييل وهي تدفع كريستينا نحو الدرج. تعالي معي, سنذهب للاطمئنان على كريس الصغير, وبعدها ستخبرينني كل شيء
لا .. لا يمكنني ردت كريستينا بصوت خافت , احتاج فقط الى حمام و الى التمدد, احس بالتعب الشديد
اووه ... بالتاكيد, اسفة نسيت انك مرهقة الان. اذا سارافقك الى غرفتك, اظن ان اماندا قد انتهت من تجهيزها.
امسكت جابرييل بكتف كريستينا تساعدها , كانت تحس بالمها لفقدان نافار فكريس ومن دون وداع, كان قد طردها من حياته والى الابد.

***
بعد مرور شهرين على مغادرة كريس..

كان نافار غارقا في الاعمال يعوض الفراغ الذي تركه كريس برحيله , يشعر بانه عاجز امام كل المسؤولية التي القيت على عاتقه , فهو لم يقترب من الاعمال الى هذه الدرجة يوما كان كريس هو الرئيس الفعلي لمجموعة ماسيني ولطالما كان قادرا على تطويع المستحيل. مشاكل العمل اضافة الى الالم والحسرة اللذان ينهشان قلبه اظهر طبعه الناري الذي جاهد دائما لاخفائه وراء مزاج مرح . في هذا اليوم فقط كان عليه ان يتراس اجتماعين, ان يعطي قراره بتفكيك شركة جديده وان يباشر بنفسه مفاوضات حول عقد جديد لوزارة الدفاع . مما ورطه في دعوة لحفل عشاء لم يستطع التملص منها
اللعنة , كريس اين انت, صرخ نافار بغيض
امسك الهاتف واتصل بكريس, لكن ككل مرة كان الخط خارج نطاق الخدمة وصل الغضب بنافار الى اللاعودة , رمى بالهاتف الى الحائط ليتكسر ويتناثر قطع صغيرة فوق الاثات الفاخر .

عاد ينظر الى الملفات امامه, ينفس فيها عن غضبه واحباطه, علا الطرق على الباب, كان قد فصل مجيبه الالي. تعليماته كانت واضحة لا ازعاج لاي سبب كان.
فتحت السكرتيرة الباب بتردد, وقد ظهر الرعب على ملامحها
قالت بصوت خافت : سيد نافار هل لديك دقيقة
رفع نافار راسه بتمهل كنمر متحفز يستعد للانقضاض على ضحيته ورمقها بنظرة قاسية :
وهل يبدو لك ان لدي دقيقة
ترددت السكرتيرة وهي تقول: الامر مهم سيدي, السيدة كريستينا تريد مقابلتك

رفع حاجبه مستفسرا وبصوت جليدي اثار الرعب في نفسها: وهل اخبرتها انني موجود
تلعثمت من الخوف وهو تحرك راسها ايجابا

القى نافار الملف الذي كان يتصفحه في وجهها قبل ان يصرخ ,غادري مكتبي على الفور قبل ان ارتكب شيئا قد اندم عليه, اخبريها انني مشغول, هيا ارحلي من امامي
كانت تعتقد طوال سنوات عملها مع كريس, ان لااحد يشبهه في قسوته وطبعه الناري, لكن بعد يوم واحد مع نافار وطبعه الكريه اصبحت تفكر جديا في الاستقالة
عادت الى مكانها تنفست بعمق لتزيل اظطرابها قبل ان تنظر الى كريستينا المتوثرة في جلستها والتي لم تكف عن العبث بحقيبة يدها منذ ذخولها المكتب طلبا لرؤية نافار
احست بالشفقة على هذه المسكينة التي يرفض زوجها مقابلتها, حاولت ان تجعل صوتها محايدا قدر الامكان وهي تقول
سيدتي اخشى ان السيد نافار لن يستطيع مقابلتك اليوم , ربما اذا اخدت ....
لم تتركها تكمل قفزت نحو الباب الفاصل وفتحته بقوة

من تظن نفسك ايها السافل لترفض مقابلتي
كان يجلس وراء مكتبه , يسيطر على رغبته في خنقها باستماته
نظر اليها ثم الى مديرة مكتبه, اشار الى هذه الاخيرة بالانصراف, ما ان اقفل الباب حتى قفز من كرسيه واقترب منها بسرعة اثارت الخوف الشديد في نفسها
ما الذي تفعلينه هنا كريستينا الا يكفي ما فعلته. ما الذي تريدين فعله بعد, كفي عن ملاحقتي انا لم اعد ارغب في رؤيتك.
شلت كلمات نافار القاسية قدرة كريستينا على الرد: نظرت الى وجهه واخافتها نظراته .
حاولت ان تتملص من بين يديه اللتان غرسهما عميقا في كتفيها ,
صرخت فيه بقوة:
ليس لديك ادنى فكرة عما يحصل هنا, اليس كذلك؟
لدي فكرة جيدة جدا رد نافار وهو ينفضها عنه باشمئزاز
تركتني في الشارع دون ان تهتم لمصيري او لكوني حاملا,كان عليك ان تعتذر الان بدل هذا التصرف الوقح, هل تفهمني؟ يجب ان تعتذر الى اخر يوم في حياتك.
نظر نافار اليها غير مصدق لما تقوله:
تعلمين انه كان وضعا مستحيلا, كان عليك الرحيل لم اكن لاسيطر على نفسي, كنت لاقتلك بيدي العاريتين لو بقيتي قربي.
احقا ؟ قالت كريستينا, اذا كان قرارك نافار انت من قررت طردي, اردت ان تكون الرجل القوي اذا تحمل العواقب
ضحك باستخفاف, لا تحدثيني عن العواقب كريستينا, لا يمكنك حتى تقبل عقاب بسيط على ما فعلته

ليس لديك الحق في ان تعاقبني صرخت كريستينا, انه ليس خطئي. لا تحاول ان تخرج احساسك بالذنب علي

ذنب؟ سال نافاربدهشة ... انا ليس لدي أي شيئا لاشعر بالذنب اتجاهه. الذنب كله ذنبك انت
هذا كله عنك, انه دائما عنك, عما تريدينه, هذا هو موقفك الدائم ,نعيش كما تريدين وبالطريقة التي تناسبك, تحصلين على كل ما تريدين في الوقت الذي تتجاهلين فيه اي شيء اريده. سكت للحظة ليستعيد انفاسه قبل ان يضيف بمرارة كانني غير موجود , تفعلين فقط ما يتماشى مع اهوائك ولا تهتمين بمن تسحقين في طريقك.
ادهشتها طريقة تحليله للوضع . كانها كانت المذنبة الوحيدة في ما حصل, اقتربت منه وهي تقول:
لقد كان خطئا, اقترفت خطئا واحدا فقط الا نستطيع ان ننسى ما حصل
لم يكن خطئا صرخ نافار بجنون,لم يكن خطئا اتسمعينني, كان كل خيار اتخدناه خلال علاقتنا, كانت .. كانت حياة تصورتها لنفسي
نظرت اليه غير مصدقة, هل كل هذا كل ما تفكر فيه. كل ما يهمك هو الطفل ماذا عني ؟ سالت كريستينا بصدمة

اجل , انه جنون اليس كذلك وسوف اذكر هذا كل مرة.

يا الهي الن تنتسى يوما , مع انك حقير لكنني ...
لم يتركها تكمل جملتها, صرخ فيها حتى ارتعدت فرائصها
لقد قتلت طفلنا ,اياكي ان تحاولي نسيان هذا ابدا
احست كريستينا فجاة بان صوت نفار اصبح بعيدا, كان هناك ضباب يلفها. ثم لم يعد هناك شيء سوى الظلام ,سقطت بين يدي نافارمغمى عليها,

زوجة دون امتيازاتWhere stories live. Discover now