الورقة التاسعة عشر

Start from the beginning
                                    

،
،
،

خلاص حبيبتي أرحمي نفسك..وراكي قومه من بدري ..

رفعت ظهرها من فوق مكينة الخياطة وهي حاسه فيه مقسوم نصين ،شافت أمها اللي سانده نفسها عالجدار بتعب،وقفت بسرعة وساعدتها تجلس وبعتاب/أمي ليه طلعتي من غرفتك..ليه مازهمتيني واجيكي ياقلبي 
مسحت شعرها بحنان/هلكتي نفسك ياخوله بالخياطة دي ..شوفي الساعة كم صارت.
شافت الساعة المعلقة في الجدار المتأكل بصدمة وهي تشوفها عدت1بعد نص الليل "معقولة من 9 لدحين وأنا أخيط..ومستغربه ليه مو حاسه بضهري" طالعت في أمها بإبتسامة/مو تعبانه ياأمي،بعدين لازم أخلص الليلة علشان أسلمها بكره وأستلم الفلوس.
أم خوله/الله يرزقك برزقنا يا بنتي..بس أنتي هلكانه من الفجر،عالأقل نامي لك ساعتين علشان تعرفي تصحي أخوانك ..
غطت فمها واتثأبت بتعب/يلا دحين بنام، ماتبغي تأكلي شيئ حبيبتي.
هزت رأسها بلا ووقفت معاها ووصلتها لغرفتها اللي باين إنها أتجددت من فترة.. جدرانها باللون الأبيض والأزرق البحري.. وفيها سريرين بتصميم أمريكي بسيط بالخشب البني الفاتح ودولاب وتسريحة صغيرة بنفس اللون..نيمت أمها على سريرها وغطتها باللحاف الأزرق الثقيل/نامي وأرتاحي ولاتشغلي بالك..كل شيئ هيكون كويس.
غمضت أمها عيونها بتعب وهي تدعي لها بهمس،باست رأسها وطفت النور وطلعت بهدوء..رجعت لمكينتها ولمت أغراضها ورتبتها وحطت الفساتين اللي خلصت خياطتها في علاقات وغطتها بأكياس نايلون من الغبار ،طفت النور وراحت تتطمن على أخوانها ولحفتهم وشيكت عالباب واتأكدت إنه مقفول،ورجعت لغرفة أمها ضبطت المنبة على صلاة الفجر ورمت نفسها عالسرير الثاني ونامت في ثواني من التعب.

،
،
،

رتبت ملابسها وعلقتها،مدت يدها بتردد للعلبة المستطيلة في دولابها ،نزلتها بهدوء وقفلت باب غرفتها بالمفتاح،جلست عالأرض جنب السرير وحطت العلبة قدامها وفتحتها وبدأت تطلع منها رسائل مرتبة على شكل مجموعات مربوطة بشرايط.. فكت أول مجموعة وأخذت منها رسالة وكان الخط فيها سيئ والحروف ناقصة بشكل واضح و تدل على عمر كاتبها،إبتسمت وبدأت تقرأ المكتوب ( بسم الله.. حبيبه أميره يقوت ،كف حالك.. أنا اميره زهره الجبل ..وين انتي..يوم ويوم اجي بيت جدو وادور عليك.. مالقاك.. ماما قالت روحي بعيد..اميره الجبل زعلناه من اميره يقوت... محد يلعب معي..بيان تضربن..صلوحي ميلعب بس يكبي..اميره الجبل سوسو..)حطت الرسالة وأتذكرت سوسن بنت وداد ،هذي كانت أول رساله تكتبها لها بعد ماسافرت.. واتذكرت لما كانت تتصل عليها وداد وتكلمها سوسن وهيا زعلانه لإنها ماكانت تلقاها لما تروح بيت جدها..قالتها تجي لإنها لقيت مكان جديد تتخبئ فيه لما يلعبوا الغميضة.. وإنها أشترتلها سيف جديد علشان سيف الأميرة ياقوت أنكسر..وإنها طفشانه بيان بنت علياء تضربها وصالح ولد معاذ على طول يبكي و ما يعرف يلعب..
أخذت رسالة ثانية(خالتي الحبيبة.. وحشتيني،أنا نجحت للصف الرابع..وماما سوت لي حفلة بس أنا كنت زعلانه لإنك ماجيتي..شجرة الجوري بسقيها كل مارحت بيت جدو بجلس في الحوش وأتذكر أيامنا الجميلة..أميرة ياقوت تعالي وبس سفر .. سوسو،أميرة الجبل) مسحت دموعها وضحكت على لقب الأميرة ياقوت اللي سمتها بيه سوسن زي فيلم الكرتون اللي كانوا يتابعوه..أخذت رسالة من مجموعة ثانية كانت من نادية(السلام عليكم..حبيبتي جوري.. وحشتيييني ووحشتي البيت اللي فضي علينا من يوم سفرك..حتى الحوش فقد جريك فيه..وشجرة التين صارت وحيدة.. كلنا فقدناكي..عمي فقد قهوتك وجلستك معاه،وعمتي على طول بتتكلم عنك..حتى صلوحي أوقات كثيرة يبكي ويروح غرفتك يدور عليكي..معاذ على طول يتذكر نقاركم وصياحكم،وأنا حاسه بملل ووحشة بدونك.. وعبدالرحمن مدري كيف عامل في غربته كل شيئ أتغير في غيابك، لكن اللي مطمنا إنك مرتاحة ومبسوطة مع خالد ،وإنك هناك وسط أهلك..مدام أنتي بخير يكفينا نشوفك في الأجازة ونسمع صوتك من فترة الثانية-----
ماقدرت تكمل الرسالة وضمتها لصدرها وهي تشهق ببكاء مكتوم "آآآه،بخير ..أنا بخير ..بخير مادام أنتوا مرتاحين ومو شاغلين بالكم عليا..رح أكون بخير ومارح أخوفكم عليا أبداً..كفاية الغالي اللي أتعذب ومرض بسببي" أتذكرت مكالمتها لهم لما خبرتهم بزواج خالد،أتذكرت زعل أبوها.. صدمة أمها..غضب معاذ..كره عبدالرحمن.. بكاء أخواتها.. رد فعلهم الأول هيج مشاعر الحنين والشوق لهم وحسسها ببعد المسافة بينهم، حسسها بضعفها وحاجتها لهم،كانت محتاجة حضنهم ، محتاجة تفضفض لهم وتحكي لهم سنين عاشتها وهي حية ميتة.. أهتمامهم،خوفهم ،لهفتهم،قهرهم عليها، أسئلتهم ربطت لسانها وماعرفت ترد عليهم..أنتي بخير؟..لاتزعلي..طز فيه.. هنجي نأخذك وخليه يتزوج 10حريم.. أما رد فعلهم الثاني فحطم باقي حصون القوة اللي فيها..ليه أتزوج.. وكيف..أيش نقصتي عليه.. ليش ماقال لهم..والأهم ليش ماكلمتينا من البداية.. وليش جالسة معاه للأن.. أسئلة كثيرة مالقت لها جواب مقنع يريحهم على الأقل من وجهة نظرهم..ولما أستوعبوا الخبر بعد يومين من الإتصالات قرر أبوها إنه بيجي وبيأخذها لحد مايتفاهموا مع خالد ويعرفوا أيش الحكاية..لكنها صدمتهم ببرودها وحزمها..قالتها بكل وضوح..أنا كنت موافقة ورحت خطبتها ليه وحضرت زواجه،وأشترطت عليه سكنها معايا..كل شيئ تم برضايا وعلمي..وإنها ماهتسافر معاهم علشان كذا لا يجوا ويتعبوا نفسهم.. وإنها بخير ومرتاحه ورح تزورهم في أقرب فرصة..كلامها كان حاسم وغير قابل للنقاش، قفلت عليهم أي طريق للنقاش معاها خاصة بعد ماوضحت لهم أقتناعها التام بزواجه وإنه حقه والشرع حلل له أربع،و ما دام إنه قايم بواجباته ومو مقصر عليها بشيئ فمالها حق تزعل أوتطلب الطلاق..وماكان قدامهم أمام أصرارها غير إنهم يرضخوا للأمر الواقع رغم إنهم زعلوا منها وعليها،أبوها كان حاقد على خالد وحاس بالذنب والندم لإن خالد كان أختياره اللي عمره ما شك في صحته. كلمها معاذ وعلي بحميه وصارحوها إنه بيكون لهم كلام مع خالد وهي أعطتهم الضوء الأخضر ،قالت لهم أنتوا أهلي ولكم الحق تدافعوا عني وتبينوا له إني لي عزوه وسند،بس بدون ماتقطعوا معاه طريق الود والرحم..
وفعلا أخذ خالد نصيبه وزيادة من اللوم والعتاب وكلام عن إنه ماصان الأمانه ولا عمل بأقل واجباتها اللي تتمثل في إنه كان المفروض يعطيهم خبر علشان ماتكون جوري لوحدها في ذا الموقف،خاصة إنها معاه في غربة ،وإنه بحركته ذي لغى وجودهم وما أحترمهم وأفتكر إنها مالها أهل يسألوا عليها..وكلام كثير في الصميم .. وفي الأخير وصلوا له معلومة مهمة وهي إنها لو جات في أي وقت تشكي منه فلا يحلم إنه يشوف ظفرها أو طرف شعرها..
أستمرت في قراءة مقتطفات من رسايلها ..وأتذكرت سفرها بعد زواج خالد وكيف أستقبلوها بالدموع والأحضان ومشاعر الحزن والشفقة على حالها..وكيف أستقبلتهم هي بالإبتسامات وصوت ضحكتها الرنان اللي مافارقتها طول الشهرين اللي قضتها معاهم.. اتذكرت حماسها ولعبها ومزحها وجنونها مع كل واحد فيهم وكيف بينت للكل راحتها وعدم أهتمامها ،كيف وصلت للكل فكرة أنا بخير ومبسوطة وسعيدة في حياتي ومافي أي شيئ أتغير فيا بزواج خالد..أنا باقية نفسي المجنونة..المرحة.. القوية.. الخجولة..وأهم شيئ أنا الأم اللي هتحافظ على بيتها وأولادها من التشتت والضياع..واجهت نظرات الإتهام والشفقة في عيون الناس ..وكلامهم الصريح والمبطن بألف تلميح وتلميح بوجهه مبتسم وقلب بارد ، ومازادوها غير قوة وقناعة باللي عملته، وكان ردها الدائم..حقه الشرعي، ولا أنا أول وحدة زوجها يتزوج عليها ولا تكون أخر وحده.. ورغم إنهاكانت جوري المرحة إلا إن الكل لاحظ تغيرها.. صارت أقوى من قبل وتفكيرها نضج وصارت تفكر بطريقة ماتعودوا عليها ..ما عادت جوري الطفلة الخجولة واللي تكتفي بالصمت في وجود الأغراب..خجلها غلفه البرود..وصمتها اتغلف بالحدة.. كانت جوري ووحدها تشبها ..
رن جوالها وصحاها من ذكرياتها المفرحة المبكية،شافت جوالها ينور بأسم توأم روحي ، فكت الخط وبحب/السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..هلابقلبي وحياتي وعمري.
عبدالرحمن بحب مماثل/وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..أهلين بشمسي وقمري وكل ورودي. وحشتييييييني ياقردتي.
شهقت جوري/الله أكبر..طيرتني لسابع سماء وخسفتني لسابع أرض في ثواني.. طيب أستنى شوية. 
عبدالرحمن/هههههههههههه علشان رأسك لايكبر ،تعرفي التوازن مطلوب..كيفك حبيبتي..
جوري بضحكة/الحمد لله حبيبي في أحسن حال..توك على بالي حبيبي كنت أفكر فيكم..
عبدالرحمن بجدية/قسم أني في الشركة.. وفجأة وبدون مقدمات حسيت بقلبي يرفس ويخبط وينطنط.. قلت بس ذي أكيد أنتي محتاجتني ...تعرفي توارد الأفكار معاكي مضبوط عالعالي.
جوري بإبتسامة/والله ماكذبت..بس ماصار توارد أفكار ذا اللي كله خبط ورفس ونطنطه..من جد قردة.. ههههههههه..كيف غنى وكيف حبيبة عمتها..وحشوووني. 
عبدالرحمن بهيام/ياقلبي قلبااااه على غناتي بخير وتسلم عليكي..وحبيبتك تجنن وجننتنا معاها..
جوري/ربي يسعدها والله لايحرمكم من بعض..وسلامة قلبك ياعنترة،أيش سوت فيك عبلة؟
عبدالرحمن/زعلانة مني،وخرجت وهي ماده البوز وقالبة صورتها..
جوري بإستغراب/أوووف لذي الدرجة.. أيش عامل،غنى عاقلة ومافي منها و ما تزعل منك لله.. قول وأشجيني أيش عملت؟
عبدالرحمن بجدية/وربي ما عملت شيئ..هيا بس كبرت الموضوع وسوت قصة حزينة.
جوري بقلق/عبادي أخلص عليا وقول،أيش صار..
عبدالرحمن/أنتي هبلا! أقلك مافي شيئ..كل الموضوع إني مسافر 3شهور عندي شغل وهي أول ماسمعت ركبوها الجن وطولتها وهي قصيرة.
جوري بهدوء/وأيش الشغل ذا..تبع الشركة؟
عبدالرحمن/لااا..شغل خاص.
جوري بمرح/وعلى وين العزم إن شاء الله.. عبدالرحمن بلكاعة/حزري فزري أنا وين مسافر؟ 

خريف الحبWhere stories live. Discover now