" الفصل الأول "

9.6K 231 39
                                    

( وخـــزات العاشقين ) ..

" الفصل الأول "
_ عَبق الأريجِ _

أبلغ عزيزًا في ثنايــا القلب منزلهُ ، أني وإن كُنتُ لا ألقاهُ .. ألقـــاهُ ،
وإن طرفي موصول برؤيتهِ .. وإن تباعد عن سُكناي .. سُكناهُ ،
يا ليتــهُ يعلم أني لستُ أذكرهُ .. وكيف أذكرهُ إذ لستُ أنســــاهُ ،
يا مَنْ توهم أني لستُ أذكرهُ ، والله يعلم أني لستُ أنســـاهُ ،
إن غاب عني فـ الروح مسكنهُ ، مَنْ يسكنُ الروح كيف القلب ينســـاهُ .....

تراقصت نسمـات الهواء العليلة تتسلل بين أروقة هذا البيت العتيق الذي خط الزمان علاماته على طلائه الباهــت .. داعب الهـواء جفني هذا الشيخ الكبير ليُحركهما في ثُقلِ ونعاس .. فتح عينيه نصف إستفاقة ليجـدها تزيح الستــار جانبًا في همّة ونشـــاط وقد صدح صوت المذياع بهذه الأُغنية التي يعشقهــا .. مولعًا هو بقصائد القُـدامى والتاريخ العتيق في سالــف الزمان .

إلتفتت بكامل جسدها ترمقهُ بنظرة عاشقة وقد عقدت ذراعيها أمــام صدرها تُردد بدلال منها :
_ جدو ؟ .. مش كفايه نوم بقى !! ، الساعة داخله على 8  وإنت لسه نايم .. وانا اللي بقول زمان جدو حبيبي مستنيني علشان نفطر سوا قبل ما أروح مُحاضرتي !!

إعتدل في فراشهِ جالسـًا .. ليردف بنبرة يُخالطها الإعتذار قائلًا :
_ أســف يا أريجتي .. نمت متأخر إمبارح .. كان في كتاب تاريخ شيق جدًا ، ماقدرت أسيبه غير وهو خالــص .

بادلتهُ نظرة حنونة .. فكم تعشقه ؟ ، يبيض شعر رأسه من يوم لآخر ولا تزال وسامته باقية .. ذأبت في خُطواتهـا إلى فراشهِ لتبعد الغطاء عنه فيمـا تدلى عن الفـراش يتحامل على ساعدهـا مردفًا :
_ في ضيف هيفطر معانـا النهاردا .

رفعت أريچ أحد حاجبيها ترمقه بنظرات تساؤليه ليفتر ثغرهُ عن إبتسامة عابثة فيقول :
_ إنتِ لسه بتفكري ؟ .. يالا بسرعه جهزي الفطــار زمان الضيف على وصول .
أفلت كفه منهـا يتوجه صوب المرحاض وقد تثنى ظهرهُ من أثر الشيخوخة ، نبشت مُقدمة رأسها لوهلة ومن ثم ســارت حيث المطبخ لإحضار الطعام ...

رنّ صوت الجرس عاليـًا في جنبات المنزل بعد عدة دقائق حيث إنتهت لتوهـا من توضيب مائدة الطعام ، استدارت بوجهها إلى جدها الذي تمدد على أريكتهِ ليقرأ الجريدة مُسترخيًا لتجدهُ يختلس النظرات إليها وكأنه يُدبر لأمـر مـــا ...
تنهــدت بهدوء شديد ومن ثم والته ظهرها تتجه صوب الباب فتفتحـه بثبات .. إنفرجت أسارير وجهها فجأه .. تجدهُ يقف أمامها بكامل أناقته فقد إشتاقت نفسها لهُ ..ولكنها عاندت دون تحكماته بهـا .. إلتفتت إلى جدها لتجدهُ يرمقها بحُب وهنـا تأكدت بأنهمـا كونا اِئتلافًا فيما بينهما ...

أنس هو ذاك الشاب الذي ظلف على الثلاثين من العُمــرِ فيما لم تتجاوز (أريچ) حاجز الثالث والعشرين بعد يتسم بأريحية الأفعال وسعة الخُلقِ وروح المسؤلية يحمل على عاتقهِ الأعمال الإدارية لـ شـركة والده حيث تجارة وبيع المنسوجات كاملة ، كما أنه خريج كُلية التجارة قسم إدارة أعمــال .. التقى بها يوم جاء إلى بيتهم بدعوة من والدهـا .. فـ أنس ابن صديق والدهـا .. وما أن رأهـا حتى تأججت نيران الحُب بينهمــا مُنذ عــام واحد ...

"وخزات العاشقين" .. بقلمي /علياء شعبان .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن