5-عرفتكِ ، منذ البداية

Start from the beginning
                                    

-ولماذا حمراء؟ إنه لون يعمي النظر قليلاً في الحر كما اظن.
سألته بهدوء لأنها كانت تسيطر على نفسها بصعوبة . وجودها وحدها معه كان له تأثير كارثي على حواسها.
-انا تقيلدي فالسيارة الفيراري لا بد ان تكون حمراء في نظري.
لم تعلق على كلامه بل التفتت تنظر خارج السيارة ، فقد اثبت لها ما كانت تعرفه من قبل. لقد عرفت ذلك عندما كانت في التاسعة عشرة بطريقة صعبة . فقد اخبرها سبستيان أنه تقليدي . أما لماذا شعرت بالكآبة لهذه الفكرة فهذا ما لم تعرفه .
ثم لم تلبث المناظر حولها ان اسرت انتباهها . كانت الطرق ضيقة متعرجة . وعرض عليها خافيار ان ياخذها في جولة سريعة في المدينة ، فوافقت روز على ذلك . وسرعان ما ادركت انه وافر الإطلاع على تاريخ المدينة مسقط رأسه هذه.
نظرت الى خافيار بأنفه الذي يشبه أنف الصقر وعينيه السوداوين الملتهبتين وشعره الفاحم ، وبدا لها بشكل قاطع الآن ، أنه عائد الى ارض أجداده . ارتجفت قليلا واخذت تنظر الى الخارج عبر النافذة.
-لم أعرف قط ان هناك نهراً يجري وسط مدينة سيفيل.
هتفت بذلك مدهوشة عندما أدركت ان الطريق الذي كانا يسلكانه يسير بجانب نهر واسع.
-(الوادي الكبير) نهر مشهور ولكن ما تنظرين إليه بالضبط هو (قنال ألفونسو الثالث عشر) لقد حوّل مجرى النهر في بداية القرن العشرين لمنع طوفانه على المدينة ولتتمكن المدينة من الاستمرار بكونها مرفأ.
تركت السيارة الطريق ودخلت من تحت قنطرة حجرية الى فناء داخلي مبلط. شهقت روز بحيرة فهي لم ترّ مثل هذا المنزل من قبل على الأطلاق.
كان يحيط به جدار ضخم مع كاراجات واصطبلات أنشئت في داخله وأحاطت بالفناء من ثلاث جهات والمنزل في الجهة الرابعة . رأت عدداً من الدرجات على شكل نصف دائرة تؤدي الى باب ضخم من خشب السنديان المطوق بالحديد. كان الباب مفتوحاً على اتساعه . وشاهدت رجلاً اسمر صغير الحجم واقفاً بصرامة وقفة انتباه وهو ينتظر وصولهما كما يبدو. نزل خافيار من السيارة ثم دار حولها وفتح لها الباب :" مرحباً بكِ في بيتي ، روزالين ".
ونزلت هي بسرعة اكثر مما يستلزمه الذوق.
-إنه يبدو جميلاً.
قالت هذا برقة . ثم تصلب جسمها عندما امسك بذراعها يساعدها على صعود الدرجات الحجرية. قال عدة كلمات بالإسبانية للخادم ثم قدمها إليه.
يبدو ان ماكس يعمل رئيس خدم وسائقاً في آن معاً وزوجته مارتا هي الطاهية.
بعد الحرارة في الخارج ، بدا جو المنزل الداخلي منعشاً بارداً ورائع التأثير، فقد كان مزيجاً من الطابعين الإسباني والعربي. ارض الردهة البالغة الاتساع مرصوفة بالموزاييك المتألق . اما القبة فكانت شاهداً على مهارة الحرفيين الذين بنوها ومثابرتهم. كذلك بدت الأعمدة الرشيقة المحيطة بالممر . وخلف ذلك الممر انتصب باب المدخل المظلل المؤدي الى غرف الاستقبال أما في الوسط فهناك سلم رائع إسباني الطراز.
-أبي يرتاح الآن ، وستقابلينه أثناء العشاء . أما الآن فسآخذك الى غرفتك.
وبدون ان يترك ذراعها قادها الى السلم. وفجأة بدا جيمي وآن عند قمة السلم :" نحن ذاهبان لاكتشاف المدينة ، سنراكما في السابعة ".
قال جيمي هذا ببشاشة وهو يهبط السلم وعندما مرا بهما صاحت آن بروز :" ألا يبدو هذا المكان خلاباً".
استدارت روز وصرخت :" انتظري! ألم أحضر الى هنا كمرافقة لكِ؟".
لكنها قالت كلامها سدى، فقد توارى الشابان عن الأنظار . شد خافيار بأصابعه على ذراعها :" آه، أنا واثق ان بأمكاني ان أشغل وقتك بشيء مفيد ".
تمتم بذلك وهو يستعجلها الى قمة السلم . ثم قادها عبر ممر آخر ، مرّ أمامها بابين ثم وقف أمام الثالث: "مارتا منحتك جناح الزاوية ، وأرجو أن يعجبك".
ثم فتح الباب ودعاها الى الدخول .
هتفت روز بإعجاب . لم ترّ قط من قبل مثل هذا فهناك سرير ذهبي ضخم ذو مظلة يتوسط الغرفة . وقد علقت ستائر حريرية فاخرة مربوطة بشرائط زرقاء فوق جوانبه . وكان في الغرفة أربع نوافذ مقوسة أنيقة قائمة في جدارين. شهقت ذاهلة لهذا المشهد . من ناحية، كان يطل على سطوح المنازل ، ويطل من الناخية الأخرى على مشهد رائع للنهر . أما الأثاث فكان من اللونين الأزرق والذهبي.
استدارت ببطئ . كان خافيار قد دخل معها ووقف بجانب السرير :" هذا السرير هدية من احد شيوخ العرب، هل أعجبكِ؟".
سألها ببساطة تامة، لكن بدت في عينيه نظرة غريبة فهتفت وعيناها المفتونتان تدوران في كل ناحية: "أعجبني؟ وما الذي لم يعجبني؟ لقد رأيت أسراً كاملة تعيش الواحدة منها في خيمة باتساع هذا السرير".
ضحك بصوت خافت :" ترين هنا باباً يؤدي الى الحمام وغرفة الملابس وغرفة جلوس لها ايضاً باب على الردهة".
وسار الى باب آخر وهي في أثره ، وفتحه فشهقت بصوت مرتفع . كانت الجدران مغطاة بطبقة رقيقة من الرخام الابيض الموخرف ، اما الباب ذو الإطار المذهب فيؤدي الى الحمام . كل ما في الحمام من قطع كان ذهبي اللون . اما حوض الاستحمام فكان ضخماً مستديراً ومصنوعاً من الرخام الابيض.
-هذا الانحلال . انها الكلمة الاولى التي تقفز الى الذهن .
قالت هذا بجفاء وهي تعود الى غرفة النوم لتجد خافيار خلفها مباشرة . وضع يديه القويتين على كتفيها فحاولت ان تنفضهما . لم تكن تريده ان يلمسها ، لكنه أدراها نحوه ببطئ :" إنها تناسبك . غرفة منحلة لاجل سيدة منحلة ... يا ... مايلين".

حب .. وخط أحمر!  " جاكلين بيرد " ..(روايات احلام)Where stories live. Discover now