البارت الثاني

4K 64 1
                                    

الفصل الثاني
"اه.."
نهضت دافينا وحدقت به باحباط واضح.
رفع كتفيه وبدا كأنه يستمتع بما يراه, قال:
"انها جزيرة صغيرة جدا سيدة هاستنغز, بالكاد يبلغ طولها سبعة اميال وعرضها ميلين, ومعظم اراضيها غابات, اما الاشخاص الذين يسكنون فيها بشكل دائم بالكاد يبلغ عددهم ثلاثمئة شخص ويوجد ستمئة دراجة, وهي الوسيلة الوحيدة المفضلة للتنقل, وكما ذكرت لك من قبل, لا يستطيع المكان ان يستقبل اكثر من اربعمئة سائح. انا بنفسي املك اربعة دراجات."
قالت بضيق: "اذا كنت تفكر ان استعير دراجة, فلا بد انني سارفض..."
"لا تجيدين ركوب الدراجة؟"
"بالطبع اجيد ركوب الدراجة لكنني ببساطة لا استطيع ان افعل ذلك الان في الظلام, مع كل هذه الحقائب."
"لم افكر بذلك مطلقا."
حدقت به وهي تتنفس بانزعاج: "اذاً لماذا تحدثت عنها؟"
ابتسم واجاب: "اعتقد ان ذلك سيزيد جمالا على المكان. من الواضح انك لا تعرفين الكثير عن لوهوود."
اعترفت بانزعاج: "انا لا اعرف عنها شيئا, وفي الواقع تم ارسالي مكان المراة الجديرة والتي تتحلى بصفات الامومة التي كانوا سيرسلونها الى هنا, فقد كسرت رسغها. لذلك لم احظ بالوقت الكافي لاقرا عن لوردهوود, لكنهم اكدوا لي انها جزيرة رائعة الجمال."
وترددت قبل ان تتابع: "ومناسبة للمصورين."
ابتسم الرجل ببرود, لكنه لم يقل شيئا.
نظرت دافينا حولها, ضغطت على اسنانها ثم جلست من جديد, قالت:
"حسنا, اخبرني المزيد عن هذا العمل, هذا لا يعني انني قررت الموافققة على العمل لكن..." مدت يدها وهي تهز راسها مستغربة.
جلس على حافة المقعد واجاب: "قريباتي سيصلن في وقت قريب, وهنن عادة تزرن الجزيرة لتمضية عطلة فيها على الاقل مرتين في السنة كما وانهما تتجنبان بعضهمت كالطاعون, لكنهما ستأتيان معا هذه السنة, واعتقد لانهما راغبتان في تحسين العلاقة العائلية بينهما, وان كان لديك فكرة عن ان وجود امرتين متنافتين امر مرعب لا بد انك ستشعرين بالشفقة علي سيدة هاستنغز."
قالت بسخرية: "انا لا افهم, لكن اعذني فقد فهمت سابقا ان كلمة واحدة منك تتصرفان كانهما دمى بين يديك."
"هذا صحيح, مع انهما في نهاية الامر تفعلان ما اقوله لهما, لكن هناك امور لا استطيع السيطرة عليهما بها ومن بينها مهمة اصدار الاوامر في المنزل."
وجدت دافينا نفسها تبتسم على الرغم منها."
قال من دون ان يظهر في صوته اي اثر للندم: "بالتحديد, لكن ما اقترحه هو ان اظهر لهن ومن دون اي شك من يتولى ادارة المنزل هنا."
فكرت دافينا للحظة وسألت: "ولماذا لا تحبان بعضهما؟"
"اه هذه قصة طويلة." قال ذلك باستياء وتوقف عن الكلام وكأنه في حيرة من امره.
رفعت دافينا حاجبيها وقالت: "من الافضل لي ان كنت اعلم, هذا ان استلمت العمل, وعلي ان ااذكرك انك لم تتصرف بتهذيب معي لذلك لا اجد سببا لاكون مهذبةة معك ايضا."
عض على شفته قبل انن يضحك بنعومة ويقول:
"حسنا بعد وفاة والدتي تزوج ابي من جديد امراة شابة لدرجة انها تصلح لتكون ابنته والتي انجبت له ابنة, وهكذا اصبح لدي شقيقة صغيرة لدرجة انها تصلح كابنة لي, كل هذا ازعج جدتي, فوالدي كان ابنها الوحيد, وهي تؤكد دائما ان لوريتا تزوجت ابي من اجل ماله, والذي انفقت الكثير منه, وقلبت حياته رأسا على عقب وهي من عجلت بوفاته, بالاضافة الى ان جدتي سيدة عنيدة مليئة بالقوة والسيطرة, بكل الاحوال, هل من داع لاقول المزيد؟"
"لا." ثم سالته مفكرة: "ولماذا تحتاج الطفلة الى مدبرة منزل تتحلى بعاطفة الامومة؟"
اجاب بصوت بارد كالزجاج: "لان والدتها ليست بوالدة مثالية."
ظهر العجب عللى وجه دافينا وعلقت: "لكن شهر واحد ليس بالمدة الكافية لاي شخص ليتحلى بعادات جديدة."
"الذي كنت افكر فيه هو ان تكون السيدة تحب الاطفال وترغب في البقاء معهم من ون ان يشعر الطفل ان هناك من يعمل على تربيته."
تمتمت دافينا: "حسنا, هذا كلام بمنتهى الصراحة سيد وارويك."
اجاب: "انت من طلب مني ذلك سيدة هاستنغز."
"هذا صحيح."
وقفت من جديد ونظرت حولها مفكرة.
"ان كنت تتساءلين كيف ستمكنين من العمل في هذا المنزل مع وجود طفلة. فلدي امراة تاتيي عدة مرات في الاسبوع لتنظيف المنزل, وستأتي في الغد, كما وانها توم باالغسل والكي ايضا, وان اردت الصدق فهي قوية جدا وتعمل كالعاصفة عندما يتعلق الامر باواني الكريستال, لذلك يمكنك ان تتركي كل العمل الصعب عليها, لكن عليك توجيهها بكل الاحوال لكن الواجبات وبالطبع الدعوات التي ستتم بدون اي شك, فكل ذلك العمل ملقى عليك. ما هي الاشياء التيي تحبين تصويرها؟ الاشياء الطبيعية فقط؟"
"استدارت دافينا ببطء لتنظر اليه وقالت: "لا, بل الزهور والطيور..."
"اه, هل تدركين اذاً ان معظم ازهار الجزيرة فريدة من نوعها؟ وهناك مئات الاف طيور البحر تضع اعشاشها هنا؟ لن ااخبرك عن انواعها لكن الجزيرة مركز مهم للطيور ذات الذيول الحمراء ومن كل الانواع, اما بالنسبة الى النباتات والزهزر والاشجار فهناك انواع من النخيل واشجار التفاح والارز لا يوجد منها الا في هذه الجزيرة."
"لاا بد انك شخص مثالي في الابتزاز سيد وارويك."
لم يقل اي كلمة للحظات عدة ثم تمتم:
"ترين انني وقح, بالمناسبة, هل اخبرتك ان لوردهوود تملك اجمل حيد بحري في العالم؟"
نظرا الى بعضهما ثم اضاف: "كما وان هناك هرم على بعد عشرات الاميال من جنوب الجزيرة, والان انا اؤكد لك انه منظر يستحق المشاهدة والتصوير."
"وما هو ذلك؟"
"انه هرم قاعدته كرة, وهو عبارة عن اطول صخرة في المحيط وتبدو من بعيد كالقلعة في قصة خرافية."
"وهل يحتاج المرء الى الخيال ليصل اليها."
ابتسم واجاب: "لا على الاطلاق, يحتاج االمرء الى قارب او بامكانك الطيران فوقها."
اضاف بتواضع: طوفي الواقع لدي قاربين."
تمتمت دافينا وهي تجلس فجأة: "قاربنا ودراجات وخطوط طيران, واعتقد ان قريبباتك المثيرات للمشاكل لم تصلن بعد؟"
"لا لديك ثلالثة ايام راحة قبل ذلك."
سألته: "ولماذا احضرتني قبلهن؟"
"حسنا الان, بعد ان رايت بنفسك انني كنت اتوقع امراة متوسطة العمر, فهكذا لا يمكنك اتهامي ان لدي دوافعع خاصة, أليس كذلك؟"
سالته بغضب: "اذاً لماذا؟"
"ببساطة لتحظى بفرصة لاستيعاب الامور قبل ان تبدا بالتعامل معهن"
رفعت كوبها وشربته من دون اي انتباه.
قال بعد قليل: "لديك جناح خاص بك, بالمناسبة هل ترغبين برؤيته قبل ان تتخذي قرارك النهائي؟"
احد المباني الخلفية للمنزل والتي تبين انها جناح صغير فاخر جداا, هناك غرفة نوم بسريرين مفروشة بالوان زرقاء باهتة, وقربها غرفة حمام زرقاء اللون ثم هناك مطبخ صغير وغرفة جلوس, اما ارضها فمن الخشب والستائر ذات لون عاجي والجدران خضراء اللون, كل ما في الجناح من اجمل وافخر الانوواع كما وان هناك هاتف معلق على الجدار.
علق قائلا: "يبدو انك اعجبت بكل ما ترينه؟"
"رائع الجمال, منزل وحديقة خاصة به في الواقع."
سالها باهتمام: "هل هذا مدح ام العكس تماماظ"
رفعت كتفيها وقالت: "مجرد تعجب فقط انه يبدو منزل للضيوف اكثر مما هو مكان للعمال."
"يمكن استعماله للاثنين."
"حسنا..." لكنها لم تتابع.
قال بسخرية بعد عدة ثوان: "انني انتظر قرارك بانفاس مقطوعة سيدة هاستنغز."
نظرا الى بعضهما عبر غرفة الجلوس واكتشفت دافينا امرين, اولا لا شيء ترغب به اكثر من ان تستدير وترحل, والثاني لا يمكنها ان تفعل ذلك.
قالت له بصوت اجش: "قل لي شيئا, ما الذي سيحدث ان تبين انني غير كفؤة؟
ابتسم والتمعت عيناه بالسخرية وقال: "ساعيدك الى بلادك على الفور سيدة هاستنغز لكنك لست كذلك."
شعرت دافينا فجأ ة بشيء من التوتر بينهما فسألته: "كيف لك ان تعلم؟"
اعتمد في ذلك علىى حدسي ولن اتفاجأ ان كنت كفؤة جدا في الواقع."
"هذا تبدل واضح في الموقف."
تابع وكأنها لم تقاطعه: "وذكية ايضا, كما وان من المؤسف ما الذي تفعلينه في حياتك, كما وانني لا اصدق انك باردة, لكن ان اردت الاستمرار في التظاهر بذلك, طالما انت تقومين بعملك هنا فلا باس بذلك."
شهقت دافينا ثم شحب وجهها ما ان ادركت فجاة ان هذا الرجل القوي وال1ي ييستطيع التحول من اهانتها بسخرية مبطنة الى دعمها بطريقة تثير استغرابها تسااءلت بتعجب ولماذا؟ كنت لاكرهه لو انه عمل على التودد الي, وعلي ان اكرهه على كل شيء اخر, ولماذا علي ان ابرهن له انني كفؤة حقا؟
قال سيدد وارويك بفقدان صبر: "اسمعي يا سيدة هاستنغز, ان كنت حقا لا تريدين العمل, فسوف اعيدك غدا, وعلى المكتب ان يرسل الي بديلة عنك, الامر يتعلق بك, ولقد تحدثنا." نظر الى ساعته وتابع: "لمدة تزيد عن الساعة هنا وقد سئمت من ذلك, تريدين العمل أم لا؟"
مسح كلامه كل هذه الافكار في ذهن دافينا وقالت بضيق: "اجل سابقى." وكأنها قالت انها حكمت على نفسها بالموت."
رفع عينيه الى سقف الغرفة وقال: "كان علي ان اعلم ذلك.
سألته باستهزاء: وماذا كان عليك ان تعلم سيد وارويك؟"
"ان كل ذلك لا داعي له, لانه تصرف انثوي بحت, وهي اكبر مخلوقة تلتف حول الامور ولا اعلم االسبب."
حاولت ان تمسك اعصابها وهي تقول: "اه, اعتقد السبب اننا نحتاج لمجاراة الرجال بذلك, اقصد بقولي في غضون ساعتينن فقط تخلصت من ظنك انني فتاة مستهترة ترغب بالتودد لاي شخص"
ضحك وفجاة تخلص من كل التوتر والغضب اللذين ظهرا على ملامح وجهه, قال:
"اخشى القول انني ما زلت ارغب بذلك."
رغبت في ان تضربه وشعرت انها لم تعان يوما من كل هذا الغضب, ولتصبح الامور اسوأ شعرت بان عينيه تعلمان كل ما يجري في اعماقها من افكار, وهذا ما جعل غضبها يتحول فجأة الى خوف لا بد انني مجنونة, فهذا الرجل خطر جدا, انه يستطيع ان يخرج مني الكثير من المشاعر حتى ولو كان الغضب والكره, كان علي ان اقول لا......
تمتم فاتسعت عيناها من الدهشة: "ما زال بامكانك سيدة هاستنغز."
سألت بصوت مرتجف: "ان افعل ماذا؟"
قال بنعومة: "ان تقولي لي اغرب عن وجهي, وفي الواقع اتساءل لمَ لم تفعلي, هل يمكنك ان توضحي لي ذلك؟"
حاولت ان تستجمع شجاعتها وقالت: "اجل, اعتقد انني كنت احاول ان ابرهن شيئا ما لك..."
"حسنا هذا يناسبني, طالما الامر لا يتعلق بالتودد الي."
تمكنت من القول له بحزم: "هل تعلم, تحدثك عن الامر بشكل دائم يجعلني اتساءل, لكن عليم ان تتقبل ضمانتي بهذا الامر." واستمرت في التحديق به دون ان ترمش.
رفع كتفيه وقال: "حسنا اتوقع ان تثقي بي ايضا."
وابتسم فجأة ابتسامة مليئة بالمرح, ادركت دافينا وهي تشعر بمزيد من الخوف ان هذا الرجل يمكن ان يكون انسانا كريها وجذابا عندما يرغب في ذلك.
تابع: "لسوء الحظ علي المغادرة فلدي اجتماع, لكن هذا يعطيك الفرصة للتجول في المكان بنفسك ومعك مطلق الحرية للقيام بما تردينه, وهناك كثير من الطعام في المطبخ, لذا يمكنك ان تعدي لنفسك وجبة, وبالمناسبة لا داعي لتشعري بالقلق فلا يوجد اي جرائم هنا."
قالت بلا ارادة منها: "لاحظت انك لم تقفل الباب الامامي."
"اجل لكن يمكنك اقفال باب جناحك هذا ان رغبت."
لم تجب دافينا لكنها استمرت بالتحديق به بثبات.
تمتم بعد لحظات: "حسنا عمت مساء سيدة هاستنغز."
"عمت مساء سيد وارويك."
سألها قبل ان يغادر: "ما هو اسمك؟"
قالت ببرودة: "دافينا."
"هل يمكنني ان اناديك هكذا؟"
"يمكنك مناداتي بما تشاء."
قال بنعومة: "حسنا افهم من كلامك الا داع للمعاملة بالمثل؟" ورفع حاجبه متسائلا.
"لا افهم ما تقصد؟"
"اقصد ان اصريت عليك ان تناديني ستيف, ستصرين على مناداتي سيد وارويك مع كل هذا الاحساس بالغطرسة لديك."
"انت على حق تماما سيد وارويك."
"هذا ما فكرت به, عمت مساء دافينا." ثم غادر مغلقا الباب وراءه بلطف.
تنفست دافينا بعمق ثم التقطت احدى الوسائد الصغيرة عن المقعد ورمتها على الباب دون اي جدوى.
بعد مرور نصف ساعة انتهت من ترتيب غرفتها كما ترغب وذهبت لترى المنزل الرئيسي. وجدت ان هناك اربع غرف نوم في الطابق العلوي كلها غرف واسعة ذات نوافذ وجدران مائلة, وثلاث غرف منها من دون اغطية والحمامات التي تتضمنهم هذه الغرف الثلاث خالية من المناشف, اما غرفة ستيف وارويك والتي نظرت اليها بلمحة خاطفة وجدت انها مفروشة باللونين الاخضر والكريم.
كتشفت ان المطبخ في الطابق الارضي حلم لاي طاه, مع كل ما يمكن ان يتمناه, وبدا لها كل شيء جاهز للاستعمال وجديد كما وان هناك غرفة لتناول الفطور, وهناك مكتب يحتوي على كل اللتجهيزات الحديثة وغرفة الغسيل, التي وجدت فيها براد كبير, غرفة للاستحمام ومخزن للاغطية والمناشف, وبالقرب منها اربع درجات نظرت اليها مليا ثم عادت الى المطبخ, حيث اعدت لنفسها وجبةمن البيض المخفوق والتوست.
لم تأخذ وقتا طويلا لتذهب الى السرير, وعلى الرغم من الهدوء الغريب في ذلك الليل الصامت ما عدا صوت غريب لطائر يغرد بحزن, نامت بسرعة وبشكل عميق جدا.
****************************************
"اه, دافينا نهضت باكرا وبدأت العمل."
رفعت دافينا نظرها عن الفطور الذي تعده لتجد من وظفها يقف متكئا على حاجب باب المطبخ مرتديا بنطالا قصيرا كاكي اللون وقميصا بيضاء, شعره ما زال رطبا يرتدي حذاء. هي ايضا ترتدي بنطالا كاكي اللون مع قميص زهري وتضع على خصرها حزاما ضيقت من الجلد. عقدت شعرها وراء اذنيها ووضعت قليلا من الزينة على وجها ولمسة من احمرالشفاه, لكنها بدت جميلة جدا بشعرها المشع وبشرتها الناعمة وضفائرها الانيقة, هذا كله جعلها يجعلها تبدو كفؤة جدا بما تفعله.
لاحظ ستيف كل ذلك وهيي بالكاد تهز راسها لتحييه وتقول له انها اعدت له البيضواللحم المجفف كفطور لهذا الصباح.
نظر الى المقلاة التي تحضرها واجاب: "يناسبني هذا الفطور."
دخل الى المطبخ وسحب كرسياليجلس الى الطاولة اتي وضعت عليها ابريقا من عصير الليمون الطازج تابع: "يبدو انك استقريت جيدا في عملك."
تمتمت: "اجلو لكن هناك امرا او اكثر علينا البحث فيه."
وضعت امامه طبقا يحتوي على البيض واللحم والبندورة والموز المشوي. وتابعت: "هل تفضل القهوة او الشاي مع الفطور؟"
اجاب بتهذيب: "القهوة, شكرا لك."
وضعت ابريق القهوة على الفرن ووضعت التوست الطازج على طبق امامه.
سألها: "وماذا عنك؟"
"تناولت الفطور باكرا, شكرا."
لمعت عيناه بالمرح وقال: "هل تشربين القهوة معي اذاً؟ يمكننا التحدث عن اي شيء تريدينه في ذات الوقت."
"حسنا."
لكنها انتظرت حتى انتهى من تناول الفطور بينما كانت اقهوة تغلي حتى ملات رائحتها الشهية ارجاء المطبخ. سكبت فنجانين من القهوة وجلست قبالته, ترددت قليلا ثم قررت ان تتحدث عن الامر:
"وجدت من العادة ان يكون هناك وقت محدد لتناول الطعام, واريد ان اعلم اذا كان هناك اي تغييرات, وهكذا ستعلمني في المساء السابق لذل كي اقوم بالاستعداد اللازم."
ابتسمت قليلا قبل ان تتابع: "لا اريد ان ابدو متلسطة كما وانني لا اثير اية مشاكل ان تأخر احد دقيقة او اكثر على العشاء."
قال وهو يمسح فمه: "لا على الاطلاق, اعتقد ان هذا اقتراح مقبول, تابعي."
"لكن الفطور سيكون مختلفا في ايام العطلة."
"لوريتا وجدتي تتناولان فقط الفاكهة والتوست فقط على الفطور, لذلك يستطيعان فعل ذلك في اي وقت تختاراه, انا وكانديس نتناول الفطور معا في مثل هذا الوقت, ويمكن الغداء عند الساعة الثانيةة عشرة والنصف والعشاء عند السابعة."
تمتمت دافينا: "حسنا, رايت ان غرفة النوم غير جاهزة, هل تنام كانديس مع والدتها...؟
"لا."
"حسنا ساجهز الغرف قبل وصولهن, هل هناكك اي ششيء مفضل عندهن بخصوص الطعام؟ وهل يجب ان اعد ثلاثة اطباق على العشاء؟ وهل كانديس تنضم اليكم اثناء العشاء؟"
رفع كتفيه وقال: "اجل, هذا ما تفعله, الا اذا كان العشاء اثناء القيام بحفلة ما وفي المناسبات تحضير ثلاثة اطباق امرر طبيعي. اما بالنسبة الى الغداء, بامكانك اعداد السلطة واللحم البارد او اي شيء تفضلينه, سأترك هذا الامر لك."
"اذا فقط نوعان من الطعام عندما لا يكون هناك اي ضيوف؟"
"اجل, كما واننا نصطاد ونأكل الكثير من السمك, هل انت ماهرة في اعداد السمك دافينا؟" رفع حاجبه متسائلا.
اجابت بهدوء: "بالطبع كما وانني لاحظت مركزا الشواء في الخارج, هل يستعمل في الليالي الصافية؟ فانا ماهرة في اعداد المشاوي."
"لن يتم شيء قبل اعلامك بالامر, هل هذا كل شيء؟"
قالت ببراءة وكانه لم تلاحظ الجو المتوتر بينهما: "اعتقد ذلك, هل انت مغادر الى مكان ما؟ من فضلك لا تدعني اؤخرك."
اجاب بصوت مماثل لصوتها: "انني قادم لاخذك في جولة في الجزيرة."
وقفت قائلة: "لا داعي لذلك سيد وارويك, وجدت الدراجات ولذلك استطيع التنقل بنفسي كما وان علي ان اتعرف على السيدة التي ستنظف المنزل."
"يمكنك القيام بذلك فيما بعد دافينا. هذا هو الوقت الوحيد الذي لا عمل لدي الان."
"لكن..."
"انا مصمم على اخذك في جولة على الجزيرة, لتتعرفي على المتاجر المحلية حيث يمكنك شراء الطعام او اي شيء تريدينه على حسابي, هناك شاحنة اخرى في المراب بامكانك استعمالها, كما علي ان اخذك الى الاماكن التي ستذهبين اليها انت وكانديس وهكذا لن تتعثرا في الظلام."
قالت: "حسنا انا جاهزة منذ االان."
ضاقت عيناه الرماديتان وقال: "اعطني عشر دقائق فقط وننطلق."
بدت لها الجبال مختلفة تماما وهما يبتعدان عنها, فالشمس تسطع عليها وهناك غيوم بيضاء تطوف حول قممها, فحبست دافينا انفاسها.
رماها ستيف بنظرة وهو يرفع حاجبيه.
قالت: "انها اكثر من رائعة, هل يمكنك تسلقها؟"
"جبل غواير, لكن مع دليل. اما ليدجبرد فانها اكثر صعوبة وكذلك جبل غوتهوس الذي يعلوها بكثير, كماا وان هناك كهوف للمااعز في تلك الجبال."
قالت ما ان ابتعدا عن الجبال: "انها جزيرة رائعة الجمال." وشاهدت الحيدد البحري والمياه الرائعة الجمال وهي ترتطم بشواطئ لوردهوود.
سالته: "هل عاشت عائلتك هنا دائما؟ كما واانني اخشى القول اني لا اعرف شيئا عن هذا المكان."
حسنا, ساخبرك باختصار, تم اكتشاف الجزيرة في عام 1788 من قبل قائد عسكري يدعى ليدجبرد بال عندما ابحر من سدني كوف الى جزيرة نورفلك. لكن حتى عام 1834 لم يعش احد هنا مع انه كان هناك زيارات متكررة الى المكان. لكن السكان الاوائل وجدوا من خلال التجارة مع السفن المارة في اواخر القرن التاسع عشر وتعمد الاوروبيون على اقامة صالة للرسم وتجارة الزهور من خلال بيع البذور وهكذا اصبحت السياحة هي المورد الرئيسي للجزيرة كما هو الان."
تنهدت وهي تبتسم: "هذا رائع بالفعل, اقصد هذه الجزر في جنوب الباسيفيكي انها جزء رومانسي في هذا العالم."
"وهل انت رومانسية دافينا؟"
اجاابت بعد لحظة: "في هذا الامر, اعتقد انني كذلك."
"حسنا, هذا هو المطار, كما تتذكرين بدون اي شك, وعببر هذه الطريق تصلين الى شاطئ بلنكي, اذا كنت ماهرة في القفز على الامواج انه رائع حقا, لكن هناك شواطئ اكثر امانا للاطفال."
بعد مرور ساعة تعرفت دافينا على كل طرق الجزيرة وقد سحرت بها, واعجبت ان لليس هناك اي مبان مرتفعة, وعدد قليل من المتاجر, وعدد من النخيل ومساحات النباتات المزينة بالاقحوان الاصفر والابيض, كما وانها تعرفت على لاغوون رود بين اشجار باسقة ورات طيورا اصيبت بالدهشة عندما علمت انها تضع البيض على الاغصان من دون اعشاش ولا اي شيء اخر, والشيء الاخر الذي اثار انتباهها ان ليس هناك الا دراجات عند كل مدخل او عند ممرات الجبال والاودية.
قالت وهي تضحك عندما مرت من امام عدد من الاشخص الذين يركبون الدراجات ويضعون خوذات على رؤوسهم:
"هذا رائع, فكل واحد يضع خوذة."
"اه, الشرطية المحلية صارمة جدا بهذا الشأن."
سألت بفضول: "كيف يتم الحكم في هذه الجزيرة؟"
"انها جزء من نيوسوث وايلز لكن هناك مجلس محلي وحاكم يعيش هنا, اعتبرت الجزيرة من ضمن التراث العالمي, وهكذا عمل الجميع على بقائه هكذا, اعتبر الحد الاقصى للسواح اربعمئة سائح, ولهذا لا يووجد مبان كبيرة او كازينو او اي شيء اخر, كمما وانه محظور البيع هنا."
"اذاً لا تملك ارضك؟"
"لا ليس بشكل مطلق, فهناك قوانين خاصة بسكان الجزيرة فقط, وهي لحماية الجزيرة ووالسكان المحليين ايضا, فلا احد يستطيع البيع الا لاهل الجزيرة."
"هذا يعنني ان هذه الارض تنتقل من جيل الى اخر."
"اجل, وجدي هو من اوائل العائلان التي استقرت في هذه الجزيرة."
بقيت دافينا صامتة لفترة, فلا بد ان ستيف وارويك شخص محترم جدا في الجزيرة, فكل شخص اظهر ذلك بوضوح, كما وان لديه دور في كثثير من الاعمال. رات قاربين للسواح وذلك من اجل اقامة رحلات حول الجزيرة ورحلات صيد الى هرم بال. كما وانه يملك متجرا ومطعما وفندقا صغيرا, نظرت اليه ووجدت نفسها تتساءل لم لم يتزوج بعد, لانها ولو لم تكن غير ما هي عليه, لاعترفت ان لديه الكثير من المميزات, فهناك ليونة في المعاملة مع قوة سيطرته مع كل هؤلاء الاشخاص الذين تواجد معهم اليوم, كما وانها تعلم كم من الخطر معارضته, وهناك الطريقة المهذبة لديه في التحدث وكذلك منزله الجميل, وايضا وبدون اي شك انجذاب النساء اليه.
"بم تفكرين سيدة هاستنغز؟"
ابعدت دافينا نظرها عنه, وعلمت انها لا تستطيع ان تكذب عليه فهو ذكي جدا ليعرف ذلك, وتمتمت بصراحة:
كنت اتساءل لماذا لم تتزوج بعد سيد وارويك؟"
رفع حاجبيه وقال: "وما الذي دفعك الى هذا التفكير؟"
لوحت دافينا بيدها وقالت: "يبدو ان لديك شبه امبراطورية هنا."
"هل تقولين ان لديك اقتناع انه يجب ان اشارك بها امراة؟"
اجابت بهدوء: "لا املك مثل هذا الاقتناع, لكن لاسباب عادية, اتخيل بقاء هذه الجزيرة في ممتلكات العائلة."
ابتسم وقال: "حسنا, الجواب لسؤالك بمنتهى البساطة, لم اقابل اي امرأة لا استطيع العيش من دونها."
ضحكت وقالت: "يا للهول, هل ما تطلبه مستحيل؟"
رماها بنظرة معبرة وقال: "ربما."
"او ان هناك اوقات تصبح فيها شديد العداوة ولا امراة تستطيع تحمل ذلك؟"
وافقها على الفور: "قد يكون ذلك صحيحا ايضا."
"حسنا لا بد ان لديك مشكلة ما سيد وارويك."
قال بلطف: "دافينا لا تهتمي بهذا الامر, ادرك ان معظم النساء تفكر بهذه الطريقة, وهن بصراحة لا تستطعن ان يغيرن انفسهن, لكن كلما اصبحن اكثر وضوحا في ملاحقتي, كلما فقدت اهتمامي بهن."
حاولت ان تسيطر علىى غضبها واجابت بنعومة:"انا حقا اعتذر منك. تحدثت بشكل عام لكن كما يبدو اعتقدت ان لدي اهتمام شخصي بالامر. ربما لم اوضح نفسي بشكل جيد."
قال: "ربما لا."
بدا غضبها بوضوح الان: "اه, هل تعتقد حقا انني اضع خطة لاحصل على خاتم زواج منك؟"
"انت من تحدثت عن موضوع الزواج في البداية, وحديثك العام يحمل اراء شخصية رغم انكارك, وقد ذكرت عداوتي والاشياء المستحيلة التي اطلبها."
قالت بمرارة: "ما كان علي ان افتح فمي, فهناك رجال لا يمكنهم اخذ اي كلام الا عبر مفهومهم الشخصي, وانت مثال على ذلك."
قال بنعومة: "وانت سيدة هاستنغز شديدة التاثر كما يبدو."
"اه لا, فاخر شيء اريد القييام به في حياتي هو انن اسمح لرجل ان يتدخل فيها, لذلك افهم ذلك جيدا."
واتكت على الباب واضعة يدها على جبينها وعيناها تلمعان بالقلق.
قاد ستيف شاحنته لمدة خمس دقائق قبل ان يقول: "اذاً كان وغدا حقيقيا؟
نظرت دافينا الى خارج النافذة ولم تجب.
"كيف تمكن من الحصول عليك في البداية؟"
"كيف يفعل ذلك كل.." توقفت عن الكلام وضغطت بقوة على اسنانها وتابعت: "من فضلك, لا مزيد من الكلام."
"حسنا هناك امر واحد لم نتحدث عنه, وقت فراغك."
"لا اريد اي وقت فراغ."
وماذا عن هوايتك؟"
"ما افعله في هوايتي ياخذ وقتا في فترات غير محددة."
"فهمت."
"الا يعجبك ذلك."
اجاب باستياء: "ساكون احمق ان لم اوافق."
وانعطف بشاحنته نحو حققل القطيع متجها نحو االمنزل.
قالت دافينا بتوتر: "شكرا لك على هذه الجولة, هل تمانع ان اخبرتني ما هي مشاريعك لما تبقى من النهار؟ بمعنى اخر هل ستأتي الى الغداء؟"
اوقف ستيف الشاحنة امام المنزل واستدار لمواجهتها وعيناه تلمعان بالسخرية والمكر وقال:
"هل تعلمين كيف تبدين؟ وكأنك امراة مصممة على التحدث بتهذيب مع زوجها السيء, علينا ان نراقب انفسنا سيدة هاستنغز, اه, سأعود على العشاء, لذلك يمكنك ان تأخذي النهار كله لنفسك, انت ومايف المراة التي تنظف المنزل. اتمنى لك حظا سعيدا معها."
مال الى الامام ليفتح لها الباب واضاف:
"يمكننك المغادرة دافينا, وانا اعلم انك ترغبين في ضربي, لكن لو كنت تعرفين مايف لعلمت انها تتجسس علينا من مكان ما الان."
نهاية الفصل الثاني
قراءة ممتعة للجميع
تحياتي

المستبد روايات عبير (دار النحاس) منقوله من منتديات رواياتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن