الرمادية . جلست في مقعدها ورمت السترة وحقيبة اليد في المقعد المجاور ... وادارت المحرك . فكرت انها ستكون سالمة اذا ما اقلعت وغادرت المكان قبل ان يخرج الشابان 0
وما ان تحركت باتجاه الطريق حتى شاهدت باب المقهى يفتح , ورات الشابين يقفان للحظة على العتبة فاعطيا ظلا اسود انعكس على ضوء المقهى الساطع . ما زالا يضحكان . وبحركة غريزية اغلقت ابواب سيارتها من الداخل ثم ضغطت بكامل قوتها على دواسة البنزين ... فاستجابت الكورتينا على الفور0
نزلت الطريق المنحدر باسرع ما يمكنها . ربما كانت السرعة غير كافية فالدراجات النارية قوية وسريعة جدا بالرغم من مظهرها المضحك . انطلقت الدراجتان الناريتان خلفها . واصابها شعور غريب بان ما يحدث قد يكون عقابا لها على الخطة المقصودة التي جاءت لاجلها 0
لكن الان ليس وقت محاسبة الذات , المهم ان تبقى في المقدمة , متقدمة على الشابين . وكل شئ سيكون على ما يرام . الطريق الاسفلتي يمتد كشريط ضيق متعرج ، وفانيسا تتابعه بترقب وسرعة , ويداها الرطبتان متمسكتان بعجلة القيادة . لم تكن انسانة عصبية , وهي تعرف كيف تسيطر على نفسها . لكن شيئا ما كان في نظرات الشابين ، اللذين لم يتجاوزا العشرين من العمر , جعلها تشعر بالخوف 0 فكرة خاطفة الحت على ذهنها عن الرجل الاخر الذي كان في المقهى . لقد كان جذابا بشكل قاس وغامض و ... وفجاة سمعت هدير صوت محركى الدراجتين خلفها تماما ، كان المنعطف قد حجبهما عنها . الان اصبحا مرئيين ... ويقتربان , شابان يبحثان عن المشاكل , يرتديان سترتين جلديتين سوداوين على سروالين من الجينز . اصبحا اقرب . يا الله اين السيارة الاخرى , او اية سيارة اخرى؟
مر الاول مسرعا فاهتزت السيارة بعنف . كان اسلوبهما فعالا . تمهل الاول حتى وصلت السيارة الى منعطف ضيق فخفف سرعته بحيث اضطرت فانيسا بدورها الى تخفيف السرعة . في حين كان الثاني خلفها يمنعها من محاولة الرجوع . احست فانيسا برغبة جامحة في ان تطلق لسيارتها العنان , لكنها ادركت ان ذلك لن يفيد . كانت الدراجة النارية ضخمة بحيث لا تؤثر بها السيارة , والطريق لا يسمح بالتجاوز , وسرعان ما حل الصمت عندما سكتت المحركات0
تلفتت حولها في محاولة يائسة للبحث عن سلاح . عبثت اصابعها المحمومة في حقيبة يدها , فا صطدمت بجسم دائري بارد ... انه عطر بخاخ , القارورة صغيرة , لكنها افضل من لا شئ . كم من الوقت سيمر قبل ان يحطما الابواب ؟
اقترب الشاب الاول من النافذة ومسح الزجاج وهو يبتسم . كانت اسنانه متاكلة ووجهه مصابا بحب الشباب ... وفي عينيه رغبات تتجاوز سنوات عمره0
- ارجوكما , اتركاني لحالي 0
كلمات لا معنى لها في هذا الموقف , اطلقتها كانها ابتهال 0
عندها , ومن حيث لم تتوقع , سمعت صوت منبه سيارة طويلا وعاليا ياتي من الوراء . التفتت , قفز قلبها من شدة الارتياح . في الوقت المناسب تماما . كانت سيارة الجاكوار التي تخص الرجل الغامض في المقهى الصغير , والسائق يطلق المنبه لان دراجة الشاب الاول تغلق الطريق امامه . وفي اللحظة التي توجه فيها الشاب لازاحة دراجته . فتحت فانيسا الباب بسرعة . لم يكن الشاب يريد اى تدخل , بل يريد ان يفسح الطريق للجاكوار . وكان امام فانيسا ثوان معدودة . وبينما كانت تحاول الركض متجاهلة الشاب الثانى وذراعيه الممدودتين , ترجل سائق الجاكوار من سيارته واغلق الباب خلفه , وحاولت فانيسا ان تهدئ قدميها المرتجفتين عندما شاهدته متقدما نحو سيارتها0
![](https://img.wattpad.com/cover/2813792-288-ka1dfd0.jpg)
روايات عبير - السر الدفين
Start from the beginning