مع سيف الدين أخي العروس ومرة أخرى تجمع العقلاء من أهل البلد ، بما فيهم أبو العريس ، وقالوا إن سيف الدين ليس منهم ، وأن
حضوره العرس شر لا يستطيعون رده . ثالثاً : في الأسبوع الأخير في حفل الزواج امر على الدار عشرات من الناس الغرباء الذين لم
يرهم أحد من قبل . نساء ماجنات ورجال زائغو النظرات وصعاليك ، وسفهاء جاؤوا من حيث لا يدري أحد . كلهم أصدقاء سيف
الدين دعاهم لحفل زواج أخته . وهنا لم يجد أهل البلد بداً من القيام بعمل . قبل أن يستقر هؤلاء الضيوف في جلسام إذا بصف من
رجال البلد يتقدمهم أحمد إسماعيل . ثم محجوب ، ثم عبد الحفيظ فالطاهر الرواسي ، فحمد ود الريس ، وأعمام سيف الدين وأخواله ،
نحو من ثلاثين رجلا في أيديهم عصي غليظة وفؤوس ، أغلقوا الأبواب عليهم وأشبعوهم ضربا . وأكثر من ضربوا منهم سيف الدين .
ثم ألقوا م في الطريق . وبينما البلد بأسرها تضج من ذلك البلاء الذي اسمه سيف الدين ، إذا به فجأة بعد ( حادث الحنين ) يتغير
كأنه ولد من جديد .
لم يصدق الناس عيوم بادئ الأمر ، ولكن سيف الدين أخذ كل يوم يأتي بجديد . سمعوا أولا أنه ذهب من صباحه إلى أمه وقبل رأسها
وبكى طويلا بين يديها . وما كادوا يستجمعون أنفاسهم حتى سمعوا أنه جمع أعمامه وأخواله وأنه تاب واستغفر أمامهم . وأنه تأكيدا
لتوبته أخرج ما تبقى من ثروة أبيه من ذمته ، وجعل عمه الأكبر وصيا عليها حتى يصير هو صالحا تماما لمباشرة مسؤوليته . كاد أهلالبلد يعودون آذام على ذلك ، حتى رأوا لعجبهم سيف الدين يدخل المسجد لصلاة الجمعة ، كان حليق اللحية ، مهذب الشارب ،
ونظيف الثياب ، ويقول الذين حضروا الصلاة أنه لما سمع خطبة الإمام ، وكان موضوعها البر بالوالدين ، أجهش طويلا بالبكاء حتى
أغمي عليه ، وتجمهر حوله الناس يطيبون خاطره ، ولما خرج من المسجد ، ذهب من فوره إلى موسى الأعرج وقال له أنه أخطأ في
حقه وطلب صفحة وقال له أنه سيبره كما بره أبوه . وعاشت البلد شهرا أو قرابة شهر وهي تلهث كل يوم من عمل جديد قام به
سيف الدين عزوفه عن الخمر ، ابتعاده عن أصدقاء السوء ، مواظبته على الصلاة انصرافه إلى إصلاح ما فسد من تجارة أبيه بره بأمه .
خطوبته لبنت عمه . وأخيرا عزمه على تأدية فريضة الحج ذلك العام ، وكان عبد الحفيظ ، وكان من أكثر الناس إيمانا بمعجزة الحنين ،
كما تجلت في سيف الدين ، كلما سمع نبأ جديدا يسرع به إلى محجوب . وكان معروفا بجفائه لأهل الدين والنساك منهم بوجه خالص
YOU ARE READING
عرس الزين
Romanceقالت حليمة بائعة اللبن لآمنة - وقد جاءت كعادا قبل شروق الشمس - وهي تكيل لها لبنا بقرش : "سمعت الخبر ؟ الزين مو داير يعرس " . وكاد الوعاء يسقط من يدي آمنة . واستغلت حليمة انشغالها بالنبأ فغشتها اللبن . كان فناء المدرسة " الوسطى " ساكنا خاويا وقت...