الفصل الأول | معزوفة واحدة..

923 50 52
                                    

أين أنا؟
هو السؤال الوحيد الذي كان يتردد في خاطره،

أخذ يدور يحدق بالمكان كالأحمق،

بينما هو لا يعرف
أداخل غيوم كثيفة هو قابع؟
أم مجرد غبار أزرق متلاطم يحيط به بريبة وهدوء؟

صوت ما اخترق مسامعه لتضيفا طمأنينة بسيطة لذاته الصاخبة.

أدار وجهه آملاً بأن يجد شيئا لكن كل ما قد
وجده كان فراغاً مجرداً من الواقع الأصم،

أعاد ناظريه بخيبه امتزجت لاحقاً بدهشة حينما
وجد طيفاً لبيانو يبعد عنه امتارا قليلة،

فتاة تحرك أناملها اللطيفة بحرية لتصدر
انغاماً خافته كانت أجدر بأن توصف كدواء.

بشعرها الأسود الحالك كسماء الليل،
ملابسها البيضاء رقيقة المظهر،
وعيناها الزرقاوتان المنغمستين في زوبعة غامضة.

اقترب منها قليلاً قائلاً بهدوء مضيفاً إليه بعض الشك

"من... أنت؟"

توجهت أنظارها الناعمة إليه بعدما أوقفت أنغامها المتلاطفة،

وقفت وأسدلت أجفانها ناظرة لأداتها الجميلة،

أجابت بعدما زينت ابتسامة ملائكية ثغرها

"ألا يجب أن تُعَرِّف بنفسك اوﻻً؟"

وجهه قد فضح ارتباكه، جوارحه ارتجفت للحظة جراء
جهله بكل ما يجري،

بينما اكتفت هي بتوجيه أنظارها إليه مبتسمة،
ثم عادت تأوي إلى كرسيها الناعم،

وضعت أصابعها الصغيرة فوق البيانو
وابتسمت قائلة بهدوء غامض

"لا داعي لذلك، ستكتشف كل شيء لاحقاً"

فعادت أناملها تداعب القطع البيضاء والسوداء،
عازفة لحناً مختلفا عن سابقه كثيراً،

وسرعان ما تحولت هذه الصورة أمامه..
من فتاة ملائكية إلى
جثة حمراء تحيطها الدماء.

كاد يطلق صرخة مكتومة
لكنه خطا خطوتين للخلف،
ليرى سكينا غرست في بطنه عوضاً عن غمدها.

أراد أن يستدير ليفهم كل شيء..

لكن عيناه قد خانتاه فامتلئتا بقطيرات الدمع سالبين بصره،

فما رأى إلا وهما لشخص ليس بمألوف له..

"من أنت؟ أين أنا؟ ماذا يجري؟"

معزوفة بين قطرات المطرWhere stories live. Discover now