الفصل الثامن

7.1K 167 11
                                    

الفصل الثامن

نهضت شرلي وكان رأسها يدور من الصدمة والارتباك وضع الممرض الذي كان يهتم بها يده على كتفها وساعدها للاستلقاء على النقالة كان فعله تلقائيا حتى انه لم يدر رأسه في اتجاه اضطراب الحركة وراءه حيث كان الممرضان الآخران يهتمان بــ سبانس .
سال الممرض شرلي
– هل كان في الكوخ أيضا ؟ ؛؛؛
كان صوتها مخنوقا داخل قناع الأوكسجين وكان عليها ان تبذل جهدا كبيرا لتقول
– نعم لقد أخرجني من هناك وحملني الى السيارة .
قال
– حملك ؟ اللعنة وبالطبع ذلك المجنون لم يقل شيئا وأضاف من فوق كتفه قائلا له
– لقد بذلت مجهودا فوق تنشق أول اوكسيد الكربون هناك .
قالت شرلي بصعوبة
– سيكون بخير اليس كذلك ؟
أجابها
– بالطبع سيكون بخير استرخي وركزي على التنفس ببطء وبعمق بقدر ما تستطيعين .
لكنه لم يكن ينطق بالحقيقة .
لم تكن متأكدة ان سبانس سيكون على ما يرام عرفت شرلي ذلك في أعماقها والتأكد من ذلك توضح في رأسها كما لم يفعله اي شيء أخر بقولها
– لقد تسبب بأذية نفسه محاولا انقادي اليس كذلك ؟
تطلع الممرض لحظة مباشرة إليها وقال معترفا
– ذلك لم يجده نفعا مطلقا لكنه اكبر منك سنا وكمية الدم الذي في جسمه اكبر من تلك التي في جسمك لذا فهو يستطيع ان يتحمل أكثر منك .
فكرت شرلي لكن ليس بهذا القدر برغم ان سبانس كان في الخارج لبعض الوقت من بعد ظهر ذلك اليوم فانه كان يتنفس الهواء المسمم ذاته الذي كانت تتنفسه هي لساعات وكما هي حالها بدأت قواه تضعف شيئا فشيئا لا عجب انه قال لا يستطيع حملها .
تذكرت انه بعد ذلك حملها فعلا . على أية حال حين كانت غير قادرة على التفكير حتى لتعرف ما الذي يجري تدبر سبانس أمره ليبقى متماسكا ليتمكن من الوصول معها الى حيث المساعدة وانقاد حياتهما ...
على الأقل أملت انه تدبر انقاد حياتهما .
لا شك ان تناول أقراص الدواء هي التي ساعدته على الاحتمال لذا لم يكن من المدهش كثيرا ان ينهار في اللحظة التي زال فيها مفعول الدواء ان كان الجهد مع تنشق أول اوكسيد الكربون هو الذي تسبب بانهياره اذا فانه سيكون بخير .
تمكنت من ان تدير رأسها بما يكفي لتتمكن من رؤيته من زاوية عينها كان وجهه تحت قناع الأوكسجين متوردا وخاليا من التعابير فيما عيناه مغمضتان راقبتهم وهم يضعونه على النقالة فقد بدا جسمه مترنحا .
؛؛؛
واحد من الممرضين الآخرين قال
– حسن أننا جاهزون للانطلاق فيما ثبت الممرض المنحني فوق شرلي الملاءة بقوة أكثر حولها وتفحص الأحزمة التي تشدها الى النقالة وساعده جو باكستر في حملها الى الخارج .
لم تكن سيارة إسعاف عادية تقف على الطريق بل كانت طائرة مروحية محركها فيما إشارات الإنذار تضيء وتنطفئ بانتظام . وقد كتب على جوانبها اسم مستشفى مركز طبي كبير في العاصمة معروف بخدمات الطواري التي يقوم بها
سالت بوهن
– طائرة مروحية ؟
وضع الممرض النقالة التي تحملها مكانها على الجهة المقابلة لــ سبانس وثبتها بإحكام وقال
– نعم طالما ان الطرق العامة ما زالت مغطاة بالثلوج والركام لقد دعينا لنقوم بنقل عادي كذلك الذي يقوم به طاقم ارضي لذل كنا في المستشفى المحلي عندما طلب منا ان ننقلكم .
فكرت انه يتكلم ليلهيني وليؤكد لي حيث يخبرني سواء أكان ذلك صحيحا او لا ان سبانس في أخر الأمر ليس في حالة خطرة فعلا.
نظرت الى النقالة الأخرى وهمست قائلة
– يسرني انك هنا .
طارت الطائرة المروحية وشعرت شرلي وكأنها تهتز بقوة او لربما يعود ذلك للألم الذي ما زالت تشعر به في رأسها لم يكن الألم بذلك السوء الذي كانت تعانيه قبلا الا انها في شكل عام كانت تشعر بأنها قد استعادت طبيعتها تقريبا الا عندما نظرت الى سبانس.
فكرت أني بمأمن لكن ماذا عنه ؟ لقد خاطر بحياته من اجلي وأنا لا استطيع حتى ان اشكره او أقول له ان الأمور ستكون على خير ما يرام .
أغمضت عينيها وكلمات صلاة الطفولة التي بدأت بتلاوتها في وقت سابق قد عادت الى ذهنها مرة أخرى فتمتمت
– ألان أني مستلقية لأنام ... لقد صرخ سبانس في وجهها عندما قالت تلك الكلمات وكان تفكيرها مشوشا جدا فلم تعرف لماذا ألان عرفت السبب واستمرت بتلاوة الصلاة
– ان مت قبل ان استيقظ ...  ؛؛؛
لا فكرت بحدة لن يدعوا ذلك يحدث ليس سبانس .
في غرفة الطواري في المستشفى تساءلت كم الساعة ألان ؟ على كل الأحوال لم يكن لدي شرلي أدنى فكرة كان الظلام قد حل عندما أيقظها سبانس في الكوخ لكن كم من الوقت تطلب منهما الوصول الى منزل أل باكستر ؟ وكم من الوقت مضى في انتظار الطائرة المروحية ؟
جعلت محاولة تذكر ذلك رأسها يؤلمها أكثر لذا أغمضت عينيها واستلقت بهدوء بينما كانوا يهتمون بها وهي متاكذة تماما ان في غرفة أخرى في جوارها يستلقي سبانس ربما ما زال غير منتبه للصخب الشديد الذي يدور حوله فهو لم يتحرك حتى عندما اخرجوا النقالة من الطائرة المروحية وادخلوها الى المستشفى الا يجب ان يكون تأثير الأوكسجين قد بدا يظهر ألان ؟
فكرت لو انها فقط لم تذهب الى الكوخ لما حدث اي شيء من هذا او على الأقل ما كان سبانس أرهق نفسه وهو يحاول أنقادها وكان بخير ...
لا فالمرجح أكثر انه كان ليلقي حتفه فصعوبة إيقاظها جعلته ينتبه للأمر لو انها لم تكن هناك لكان من الممكن الا يلاحظ ذلك في الوقت المناسب على أية حال ليس هناك ألان من فائدة في تمني عدم حدوث تلك الأمور .
لو انها تمتلك القدرة على العودة بالزمن الى الوراء والقيام بالأشياء في شكل مختلف فإنها لن تبدأ بأحداث الكوخ بل هي ستعود الى الوراء أكثر الى فترة بعد ظهر ذاك اليوم عندما عادت من المدرسة وذهبت مباشرة الى كوخ البستاني فسوف تستدير عند المدخل الأمامي وتتجه الى المنزل الرئيسي بدلا من ذلك وبما انها لم تعرف شيئا عن وندي كانت ستجري حفلة الزفاف كما هو مخطط لها ولكانت هي و سبانس في نهاية هذا الأسبوع في الباهامس يقضيان شهر العسل وليس في المستشفى طلبا للبقاء على قيد الحياة .  ؛؛؛
غرقت لحظة في أحلام اليقظة عن الشمس والرمال التوافق التام الحب والضحك لو انها فقط لم تدخل الكوخ وتره هناك مع وندي ...
عادت شرلي الى الواقع منذهلة من المنحى الذي اتخذه ذلك الحوار وقالت في نفسها
– أية جبانة انت تدعين عدم وجود الخطر لمجرد انك لم تريه أيعقل انها كانت تفضل حقا ان لا تعرف بشان وندي ؟ حتى وان وضع حدا نهائيا لتلك العلاقة الخاصة فذلك لا يعني ان كل شيء سيكون ورديا بعد ذلك الرجل الذي لا يخلص لخطيبته فمن المرجح انه لن يخلص لزوجته أيضا ولا يهم كم هي نواياه طيبة ان وندي لن تكون الأخيرة ...
لقد قال لها
– ان الأمر ليس كما تفكرين .
أيعقل انه كان يقول الحقيقة ؟ وان كان تفسير شرلي لما حدث في الكوخ خطا فماذا كانت الحقيقة ؟
ذكرت شرلي نفسها أما ان تثقي به او لا ليس هناك من موقف وسطي فأما ان تحبه كما هو او عليها الاعتراف بأنها لم تعرفه جيدا .
ماذا عن سبانس ؟ هل يحب شرلي ويقدرها أم انها كانت مجرد وسيلة لغاية ما ؟
لا بد انه أدرك الليلة في الكوخ ان الخطر يحدق به أيضا وان اقل مجهود يبذله يرفع نسبة الخطر لكنه عمل باهتياج شديد من دون ان يفكر في نفسه ليوصلها الى بر الأمان وفي اللحظة التي بدا الآخرون الاعتناء بها انهار هو وكان هذه المهمة قد انتهت وانه لا يأبه لأي شيء أخر بعد ذلك .
جال في فكرها أني اعني شيئا له ما من احد كان ليلومه لأنه سحبني الى الخارج حيث الهواء المنعش وتركني أواجه فرصة نجاتي الى جانبه أنما هو ضحى بنفسه لانقادي ...
قاطع تفكيرها احد الممرضين قائلا
– سنأخذك الى غرفة أخرى ألان لكن شرلي لم تسمعه .
فكرت لو استطيع فقط ان اخبره أني فهمت .
في الردهة الفسيحة توقف العامل الذي يدفع نقالتها ليدع احدهم يمرر مريضا أخر وبينما كانت شرلي تنظر دونما هدف رأت رأسا يغطيه شعر أشعت اسود اللون ...
صاحت
– سبانس وحاولت ان تمد يدها لتوقف العمال الذين كانوا يدفعون نقالته . كانت إيماءة ملكية . وكأنها ملكة نسيت أنهم قد أوثقوها الى النقالة .
لذا كان أفضل ما تستطيع القيام به هو النظر اليه بينما كان العامل يمر الى جانبها أدار رأسه ورأت عينيه مفتوحتين وبرغم أنهما بدتا كالزجاج خاليتين من بريقهما المعتاد الا انها أطلقت تنهيدة صغيرة من الارتياح لقد استعاد وعيه على الأقل وكان ذلك كافيا ليعطيها الامل .
كانت جبهته متغضنة بعض الشيء وقد قال شيئا ما لقد جعل قناع الأوكسجين سماع ما قاله صعبا . لكن شرلي كان في أمكانها ان تقسم انه قال
– لم أكن أنا .  ؛؛؛
ثم مضى لم تستطع لمسه او أخباره بأنها تقدر ما فعله او حتى الهمس بكلمة احبك .
قالت في نفسها
- سيكون هناك وقت لذلك في ما بعد إني متأكدة من ذلك .
قال
– لم أكن أنا ماذا يمكن ان يعني ذلك ؟ وصل مارتن الى المستشفى في ساعات الصباح الأولى وكانت شرلي مستيقظة لفحص نشاطاتها الحيوية وسحب حقنة أخرى من الدم لذا سمحت له الممرضة بالدخول لبضع دقائق وقف بهدوء الى جانب السرير واخذ ينظر أليها فقط .
نظرت اليه في دهشة وقالت
– كيف وصلت الى هنا ؟
قال
– لقد اتصل بي جو باكستر فاتصلت على الفور بالمستشفى هاتفيا فاخبروني ان حالتك في تحسن لكن ... وبرغم النور الخافت استطاعت رؤية الدموع تتلالا في عينيه .
اعتقدت شرلي انها لن تستطيع تحمل رؤية انهيار مارتن فاستطردت قائلة
– عنيت الجليد وكل شيء
قال
– آه الطرق الرئيسية أصبحت في حالة حسنة ألان الطرق الفرعية فقط ما زالت حالتها سيئة .
بلهجة فيها القليل من التوبيخ قالت
– اذا لقد قدت الى هنا في منتصف الليل ؟ وكافاها بابتسامة ضئيلة .
قال
– علي التأكد من ان ابنتي بخير اليس كذلك ؟ شرلي لم اعرف في ما أفكر عندما وصلني اتصال جو بأنك قد نقلت بالمروحية من منزله اعتقدت ان ذلك كان مجرد تقرير ورد خطا بحيث ان سبانس قد أصيب بحادث فيما الأخر مصاب بارتباك ثم عندما اكتشفت انك انت بالفعل برغم انه لم يكن عندي فكرة بأنك ذهبت الى الكوخ أولا ...
قالت
– آسفة على ذلك يا عمي مارتن وضغطت شرلي على الزر الذي يرفع القسم الأعلى من السرير ثم أضافت
– كان علي ان أخبرك باني لست ذاهبة الى المنتجع .
قال
– اعتقد ان ذلك كان ليوفر القليل من المتاعب .
ونظر إليها بطرف عينه نظرة ملية ثم أضاف
– او أنكما انت و سبانس قد سويتما الأمور ؟
قالت
– لم تفقد الامل اليس كذلك يا عمي مارتن ؟ ومدت يدها لتناول كاس المياه المثلجة عن المنضدة التي بجانبها وأضافت
– لا لم نفعل . هل رايته ؟  ؛؛؛
أجابها
– ليس بعد . امسك بالكأس بينما سحبت قناع الأوكسجين عن وجهها لحظة .
طاب لــ شرلي مذاق المياه الباردة فتناولت جرعة كبيرة منها ثم قالت
– هل شارلوت غاضبة مني ؟
قال
– لا اختفائك بتلك الطريقة لا اعرف ان كنت استطيع ان أدعو ما تعانيه غضبا كانت قلقة بالطبع.
قالت
– لم تأت معك اليس كذلك ؟
هز مارتن رأسه وقال
– اعتقدت ان من الأفضل الا تخاطر في الخروج حتى طلوع النهار حيث ترافقها ليبي الى هنا .
قالت
– حسن . وأعادت شرلي القناع واستلقت الى الوراء ثم تابعت ليس هناك اي فائدة من جلوسها هنا ساعات طويلة على أية حال .
قال مارتن
– شرلي أني أسف جدا واخذ يلوي حافة قبعته بين يديه ثم أضاف
– انها غلطتي في كل ما حدث لم اسبب لك شيئا سوى المتاعب يا عزيزتي ... كان صوته متهدجا ولأول مرة كما تذكر شرلي بدت عليه الشيخوخة .
ربتت على ذراعه لإعادة طمأنته وقالت
– كان ذلك حادثا يجب الا تلوم نفسك .
أطلت الممرضة وقالت
– اعتقد ان ذلك كاف يا سيد هدسون الآنسة كولينز بحاجة الى الراحة .
بينهما هما الاثنتان وبين تناول الحساء عرفت شرلي بأنه لن يكون هناك فرصة لها لتتكلم لذا فأنها لم تحاول ذلك .
قالت شارلوت
– لكنك انت على الأقل لن تعاني من أثار دائمة .
تجهمت شرلي هل شددت قليلا على قولها انت ؟ هزت رأسها عند تناولها الملعقة التالية من الحساء وسالت
– ماذا عن سبانس ؟ هل ساءت حالته هذا الصباح ؟
رفعت شارلوت بحذر حاجبيها قليلا ثم قالت
– لا اعرف والأمر لا يهمني لأبذل اي جهد لمعرفة ذلك .
قرع مارتن الباب ودخل ثم قال
– انه أفضل حالا لقد رايته للتو . كانت هناك نبرة ثقة هادئة في صوته مما جعل شرلي ترتاح قليلا .
قالت شارلوت بحدة
– حتى قبل ان تأتي لرؤية شرلي ؟
تجاهل مارتن كلماتها واتجه الى جانب سرير شرلي ووضع يديه على الحاجز ثم سألها
– كيف حالك اليوم ؟
أجابته
– حتى ألان يبدو أني ما زلت بكامل قواي العقلية .
رأت سحابة حزن تظهر في عينيه وندمت على جوابها الذي لا يحمل اي معنى فقالت
– أني بخير يا عمي مارتن ومدت يدها لتمسك بيده وأضافت
– هل سبانس بخير حقا ؟
قال
– لا اعتقد ذلك لان علامة الزيارة ممنوعة معلقة على الباب لكن الممرضة سمحت لي بالدخول لبضع دقائق . نظر مارتن الى أصابعها الهزيلة والتي بدت شاحبة بالنسبة الى لون بشرته البنية ثم أضاف
– لقد تكلمت مع جو باكستر أيضا أول ما قام به هذا الصباح هو الذهاب الى الكوخ لقد كانت فتحة أنبوب المياه الساخنة مسدودة برزمة من الأغصان الصغيرة لقد عملت بعض الطيور بجهد لدفع تلك العيدان في داخل الأنبوب محاولة ان تبني عشا قال جو انه لم يكن في الإمكان قط رؤية الانسداد .
قالت شرلي
– وهكذا عاد الدخان الى الكوخ . التفكير انها و سبانس كانا ممتنين جدا لحصولهما على المياه الساخنة برغم انقطاع التيار الكهربائي وان ذلك كاد ان يقتلهما وأضافت – أني سعيدة بمعرفة ما الذي تسبب بذلك .
مجرد أمر بسيط تسبب بكل هذه المتاعب اليس كذلك ؟
أطلقت شارلوت شهقة غضب متأففة وقالت
– حسن ان تكون هناك متاعب من هذا النوع .
قال مارتن بدهشة
– بالطبع لا لقد نظف جو الأنبوب حتى قبل ان يتصل بي لكن في حال لم تكن تلك وحدها المشكلة فسيكون هناك استطلاع شامل للكوخ قبل ان يمضي اي شخص ولو ساعة واحدة
في ذلك الكوخ ثانية .  ؛؛؛
قالت شارلوت
– كنت أفكر في بيع ذلك المكان .
قالت شرلي
– آه عمتي شارلوت ...
الا ان شارلوت تابعت قائلة
– انه كوخ مريع نتن وذو رائحة كريهة وغير مريح لم افهم قط سبب تعلقك به يا مارتن إضافة الى ذلك لا اعتقد انك ستتمكن من الذهاب الى هناك مطلقا . وأنت تعرف انه كاد ان يودي بحياة شرلي .
اعترضت شرلي قائلة
– انها ليست غلطة عمي مارتن ليس من العدل ان تجعليه يتخلى عن الكوخ .
قالت شارلوت بعناد
– من السخافة الإبقاء عليه .
ضغط مارتن على يد شرلي وقال برقة
– لا تنفعلي فذاك أخر ما يقلقني في الوقت الحاضر واستدار الى شارلوت وأضاف
– انك تزعجين شرلي بهذا الكلام الفارغ .
قالت شارلوت
– كلام فارغ ؟ هل ذاك ما تطلقه على اهتمامي الصادق ؟ واني أسالك من هو المسئول عن وجودها هنا في الدرجة الأولى ؟
قالت شرلي
– كفا .
قالت ذلك بصوت متهدج ثم أضافت
– أرجوكما اذهبا الى المنزل كلاكما أريد ان أنام فقط . بدا ان الصمت الذي ساد نتيجة لذلك قد استمر ساعات قبل ان تقف شارلوت وتقول بحدة
– حسن .
بقى مارتن ممسكا بيد شرلي لحظة بعد ذلك ثم قال
– سأتحدث أليك لاحقا يا عزيزتي .
ابتسمت له
– ممتنة بأنه على الأقل قد بدا متفهما .
ربتت ليبي على كتف شرلي ووعدتها قائلة
– سأفعل ما في وسعي لإبقائهما بعيدين يوما او يومين برغم أني لا اضمن ذلك .
لكن حتى في سكون غرفتها الهادئة لم يكن من السهل ان تنام .
لقد ذكرها الصوت الخفيض جدا لاندفاع الأوكسجين في الأنابيب والأصوات المنخفضة التي تصلها من الردهة أصوات ووقع أقدام وعربات تجهيزات تدفع ذهابا وإيابا بأنه في غرفة ما حول الردهة يخضع سبانس للعلاج ذاته الذي خضعت هي له .
لقد اخبرها مارتن ان سبانس أفضل حالا اليوم لكن كان هناك شيء ما في الطريقة التي قال بها ذلك جعلتها تتساءل قليلا تمنت لو انها تستطيع الذهاب والتأكد بنفسها .
من الخطأ أخفاء حالته عنها لو كانت الأمور مختلفة قليلا لبذل الأطباء مجهودا خاصا لإعطائها كل التفاصيل لن يكونوا قادرين أيضا على إبقائها بعيدة عنه بغض النظر عن قلة الزوار المسموح لهم بذلك فالزوجات لسن في عدادهن مطلقا .  ؛؛؛
كان ذلك ما أرادته .
ذكرت نفسها بان هناك حالات معينة هل يمكنها القبول بها ؟
هل يمكنها بصدق ان تقول لنفسها بأنها مقتنعة ببراءة سبانس ؟ برغم انه لا يبدو وجود اي تفسير مقبول على الأرض هل يمكنها الوثوق بقوله ان ما من شيء قد حدث في كوخ البستاني ؟
مهما كان بينه وبين وندي او فيما لو انها عرفت بذلك هل يمكنها ان تضع كل هذا وراءها ؟ ليس فقط ان تسامح بل ان تنسى ؟
فكرت ان عرفت فقط انه يحبني اعتقد أني استطيع ذلك لكنها لم تعرف ذلك ان ما قام به الليلة الماضية يؤكد صحة ذلك لقد كاد يضحي بنفسه لينقد حياتها وان لم يكن ذلك دليل حب فما هو ؟
قررت انها حالما تجد الفرصة تخبره ان الإيضاحات لا تهمها بعد ألان وان كلمته كافية بالنسبة أليها وستسأله ان كان في استطاعتهما بدء صفحة جديدة .
حالما تستعيد قوتها .
مضى يومان كاملان قبل ان يوافق الطبيب على انه ليس من خطر عليها في الذهاب الى المنزل وقال لها – لكن ممنوع عليك الذهاب الى المدرسة لمدة أسبوع أخر على الأقل قومي ببعض التمارين لكن افعلي ذلك بتأن ونزهات قصيرة بدون جري وأريد ان أراك ثانية قبل ان اسمح لك بالعودة الى مزاولة نشاطاتك كلها .
اومات شرلي برأسها .
قالت شارلوت
– لا تقلق أيها الطبيب سوف نعتني بمريضتنا الصغيرة عن كثب أني اعرف بالتأكيد الخطر الذي ينتج من القيام بالكثير من الأعمال في القريب العاجل ربتت على ذراع شرلي وأضافت ارتدي معطفك ألان يا عزيزتي وسنصحب كانا وليبي الى المنزل .
ارتدت شرلي مطيعة معطفها فوق البذلة الأنيقة التي أحضرتها لها شارلوت وتساءلت في ما فكرت هذه المرأة عندما انتقت هذه البذلة بالذات ؟ فارتداء الجينز كان أكثر راحة لهذه الرحلة الطويلة ثم قالت
– أتمنى لو ان مارتن استطاع ان يأتي معكما .
قالت شارلوت بحزم
– أراد ذلك ولكن عنده أعمالا يجب أتمامها وبغياب سبانس وقعت كل الأعمال على عاتق مارتن .
؛؛؛
قالت
– بالطبع أني افهم ذلك لكن شرلي افتقدته برغم ذلك لقد عادها مارتن مرة واحدة وكانت شارلوت ترافقه فلم تتح لها الفرصة لتسال عن الكوخ وعن سيارتها او عن سبانس .
نظرت شرلي عبر الردهة ناحية غرفة سبانس كان الباب مغلقا ويافطة الزيارة ممنوعة ما زالت معلقة كانت شرلي متأكدة من انها لا تعني ان الزيارة ممنوعة لأسباب طبية لكن لا يسمح بها كليا وأمس سارت في هذه الردهة ذهابا وإيابا نحو ست مرات محاولة ان تجد الشجاعة الكافية لتحدي تلك الأوامر وطرق الباب .
اقتربت أحدى الممرضات منها وقالت
– حسن جدا ان أراك قد تعافيت وارتديت ملابسك وجاهزة لمغادرتنا سوف نفتقدك وكذلك السيد غرينفيلد أيضا .
حاولت شرلي أبقاء نبرة صوتها عادية وهي تسألها
– هل يغادر الى المنزل اليوم أيضا .
إجابتها
– ربما بعد يوم او يومين لم لا تقولي له وداعا ؟ أني متأكدة من انه يرغب في رويتك .
قالت شرلي
– لكن اليافطة ...
قالت
– آه تلك قال انه يمكننا رفعها اليوم .
فكرت شرلي انها تقصد سبانس وليس طبيبه ولقد قصد أبقاء تلك العلامة حتى مغادرة شرلي من دون شك وبدأت تهز رأسها نفيا .
لكن الممرضة كانت قد عبرت الردهة ودقت الباب فتحته وقالت بابتهاج
– هناك شابة تريد رؤيتك ونظرت نحو شرلي .
نظرت الى خالتها بارتباك وقالت
– سأعود بعد دقيقة يا خالتي شارلوت .
كان كل ما استطاعت رؤيته في البداية ظلالا كان سبانس جالسا على مقعد ذي ذراعين مديرا ظهره ناحية النافذة وبعدها اتضحت الرؤية أمام عيني شرلي حدقت اليه بابتهاج فقد حلق ذقنه ثانية وارتدى ملابس نوم خاصة بالمستشفى وروبا زاهيا ذا نقوش مربعة بدا شاحب اللون قليلا وكان فمه مطبقا تماما لكنه كان يبدو رائعا في شكل عام .
تساءلت شرلي ماذا يحدث ان ركضت اليه ؟ ان رميت نفسي بين ذراعيه او ركعت الى جانب كرسيه ...؟
قطع تفكيرها صوت امرأة يقول سأتركك .
فكرت شرلي هل هي الممرضة لكنها عرفت جيدا حتى قبل ان تستدير لا يمكن ان تخطيء ذلك الصوت الرقيق . ماذا كانت وندي تايلور تفعل هنا ألان ؟ ان كان سبانس لن يغادر المستشفى قبل يوم او اثنين فأنها لم تأت لاصطحابه بالعودة الى منطقة هاموند .  ؛؛؛
قالت شرلي في نفسها لا تكوني حمقاء انها تزوره بالطبع كنت محقة في شان تلك اليافطة على الباب انها لا تعني ان الزيارة ممنوعة بتاتا انها فقط لأشخاص معينين .
قالت
لا تذهبي يا وندي ان شارلوت تنتظرني لتأخذني الى المنزل لقد جئت فقط لأقول له وداعا .
وقف سبانس وقال
– ذلك لا يعنيني بالطبع لكن هل تجعلك عاجزة ألان أيضا ؟
قالت وندي معترضة
- سبانس .
فكرت شرلي ان تلك المرأة قد بدت وكأنها تصحح تصرفات طفل مخطي و الذي لم تستطع تصديقه . كانت الطريقة التي تفاعل بها سبانس تجاه ذلك التعنيف فقد اتقد احمرارا ورمق وندي بنظرة جانبية .
كان يتصرف وكأنه قد خولها السلطة عليه وفكرت شرلي في شكوك وقد ماتت بألم أخر همسة أمل لديها بأنه ليس هناك شيء أخر يمكن القيام به غير الخروج بسرعة قدر الإمكان .
رفعت ذقنها بكبرياء ثم نظرت الى سبانس ببرودة وقالت – انك على حق لا شان لك بذلك .
تحركت وندي بتوتر .
كادت شرلي ان تقول
– لا تقلقي لا استطيع الخروج من هنا بسرعة كافية .
لكن كان هناك أمران يجب ان يقالا دونما الاهتمام بأية طريقة بشعة قد تحطم بها أحلامها فقالت
– لم تتح لي الفرصة كي أشكرك يا سبانس ولأخبرك أني اقدر كل شيء فعلته من اجلي أتمنى ان تتعافى في القريب العاجل .
كان ذلك كل شيء اعتقدت انها سمعته ينادي باسمها لكن صفقة الباب وهو ينغلق وراءها أخمده او ربما كانت تلك مجرد تخيلات فقط .
على أية حال لم يعد هناك أية أهمية للأمر .
  ....

انتهى الفصل الثامن ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

روايات عبير / وحدها في شهر العسل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن