الفصل الرابع

9.4K 186 5
                                    

الفصل الرابع

بدا سبانس وكأنه قد أحس بوجودها فقد أفاق فجأة وتحرك بسرعة كبيرة دافعا الملاءة بعيدا عنه لهيب على رجليه مما جعل شرلي تتراجع خطوتين الى الوراء في ذهول تام استرعت الحركة انتباهه فاستدار ليواجهها .

وقفا ثواني يحدقان ببساطة الى بعضهما البعض .
لو ان شرلي كانت تدرك ان دلك غير معقول لكانت أقسمت ان قوة كبيرة قد اخفت سبانس غرينفيلد الأنيق اللبق الذي عرفته ووضعت بديلا مكانه .
بدا منهكا فقميصه وسرواله الجينز كانا متجعدين وكان هناك خط احمر طويل على أحدى وجنتيه حيث ألقى وجهه على حافة الأريكة واستلقى لقد بدا وكأنه ندبة من خلال شعر ذقنه .
كان على شرلي الاعتراف أنها هي أيضا لا تبدو وكأنها هي نفسها فلم تزعج نفسها بتسريح شعرها الذي كان على الأرجح أشعت حينها حتى رداؤها الدافئ والعملي كان يختلف جدا عن الرداء الساتاني المزين بالشرائط الذي كانت قد قررت ان تحمله معها في رحلة شهر العسل كما انه لم يرها من قبل من دون احمر الشفاه وظلال العيون على عينيها تماما كما لم تره هي وقد بدأت شعيرات لحيته المهملة بالظهور .
فغر سبانس فاه وكأنه سيغلق على مظهرها وعطس بدلا من ذلك .
أعاد الصوت شرلي الى الواقع ثانية فأدخلت يديها في أعماق جيبي ردائها وقالت بحدة
– ماذا تفعل هنا ؟
انقبض فم سبانس وقال
– حسن بالتأكيد لم آت حتى أراك ان كان ذلك ما تلمحين اليه .
- أوه ؟
قال
– اللعنة لا فكل المدينة تعرف انك ذاهبة الى الباهامس . لو كنت أريد ان ارتمي بين ذراعيك فهذا أخر مكان كنت قد ذهبت اليه وجلس على الأريكة ثانية واضعا رأسه بين يديه ليتلفظ بكلمات بذيئة قد تجعل شارلوت هدسون تتوعده بغسل فمه بالصابون لو عرفت بها .
قالت شرلي باقتضاب
– ذلك يعبر عن أحاسيسي تماما .
استدارت حول الأريكة لتصبح في مواجهته وأضافت
– وبما أننا متفقان في شكل واضح على أننا لا نريد ان نكون كلانا هنا فعلى احدنا المغادرة بما أنني كنت هنا قبلك فعليك ان تغادر أنت .
هز سبانس رأسه دون ان تحمل حركته هذه اي استخفاف بالمعارضة ولا تحد غاضب ثم قال
– ليس في هذه الحال .
سألته
– ماذا تعني ؟
- هل نظرت الى الخارج ؟
نظرت شرلي الى النافذة ولم تستطع الرؤية من خلالها للوهلة ألاولى تساءلت فعلا ان كان مارتن قد استبدل بألواح الزجاج زجاجا واقيا ذلك الشكل المزين بالنقوش الذي يسمح بدخول النور ويمنع اختلاس النظر عبره ولاحظت في ما بعد ان ليس هناك من خطب في الزجاج ما عدا طبقة قاسية من الجليد تغلفه من الخارج فقطرات المطر التي تساقطت على الزجاج قد تجمدت وهي تنزلق عليه محدثة طبقة من الجليد بتصميم معقد .
فتحت الباب الأمامي غير راغبة في تصديق عينيها فالتفت الريح من حولها لافحة صدرها وبدا البرد وكأنه يقضم برؤوس أصابعها وقد تهددت القدم التي وضعتها عند المصطبة بالانزلاق من تحتها .
كانت أرضها مغطاة بنحو بوصة من الجليد برغم السقف الواقي فرقها .
أمسكت مقبض الباب واندفعت الى داخل الكوخ .
قال سبانس
– لقد نجحت في الوصول حتى بعد نحو ميل من هنا قبل ان تسقط السيارة في حفرة عميقة اعتقدت على الأقل أني كنت ابعد من هنا نحو ميل وهكذا ...
كانت شرلي قد اتكأت على الباب وهي ترتجف.
فقاطعته قائلة
– وهكذا مشيت ؟ ذلك جنون يا سبانس ألا تعرف انه يفترض بك البقاء داخل سيارتك في أثناء العاصفة ؟
أجابها بغضب
– بالطبع أني اعرف ذلك اعرف أيضا ان ما من احد قد يبدأ البحث عني في اي وقت قريب لذا لم ارغب في البقاء في تلك السيارة متجمدا من البرد طيلة الأسبوع المقبل كان على ان اخرج من هذه الحالة .
أدركت حكمة التصرف في ذلك وبرغم ذلك جعلت فكرة السير في الظلام وفي العاصفة جسمها يرتعش .

أضاف
– في الوقت الذي وصلت فيه الى هنا كنت قد تجمدت من البرد . فجلست الى جانب المدفأة طالبا الدفء واعتقد أني غفوت بعدها .
سالت شرلي
– الم تتساءل لم هي دافئة ؟ وابتعدت عن الباب وسارت لتقف الى جانب المدفأة مضيفة . أم ان عقلك كان متجمدا جدا حيال هذا النوع من المنطق ؟
قال
– بالطبع لم أتساءل فقد اتصل مارتن بالرجل المسئول عن الكوخ وطلب منه ان يفتحه لي .
بلعت شرلي ريقها بصعوبة اذا لهذا السبب كان الكوخ دافئا عندما وصلت وأدركت أخيرا ان السيدة هاربر لم تقم بالعجائب لا يجاد جو باكستر .
عطس سبانس ثانية .
قالت شرلي بفتور
– لقد أصبت بالزكام .
تنشق بعمق واخرج منديلا من جيبه ثم قال
– تهانينا يا شار لوك هولمز .
قالت
– لا حاجة بك الى ان تكون متهكما انك تستحق ما أصابك لقد بللك المطر ولم تزعج
خاطرك وتجفف جسمك .
وتراجعت قليلا لتقترب أكثر من المدفأة وجالت بعينيها في إرجاء الغرفة فرات على الأرض عند طرف الأريكة حقيبة من القماش لم ترها من قبل وكانت تلك الشاهد الوحيد على وجوده اي الحقيبة و سبانس نفسه بالطبع .
بدت عطسته الثالثة وكان رأسه كاد ينفجر وقد بدا ذلك من الطريقة التي تأوه بها وارتمى على الأريكة .
تنهدت وقالت
– ساعد لك الشاي .
قال بصوت غليظ
– لم يسألك احد ان تقومي بدور الممرضة . لكنها لم تزعج نفسها حتى بالرد عليه .
كان النور في الطبخ معطلا . ولم تكن لتفاجأ بذلك فقد كانت الأسلاك مغطاة بالثلوج بما لا يقل عن بوصة تقريبا فما من شيء سيعمل لكن على الأقل كان هناك الفرن الذي يعمل بالمازوت وفي غضون دقائق قليلة كان الإبريق يصدر صفيرا بهيجا .
فكرت شرلي ان ذلك قد ينفع لان الأمر الذي تعوزه الحيوية فقط يمكنه ان يعبر عن روح الدعاية في هذه الحالة كانت عينا سبانس مغمضتين عندما عادت الى الغرفة الرئيسية لكن عندما أزاحت طاولة صغيرة الى جنابة استوي في جلسته ونظر الى الصينية التي وضعتها على الطاولة كان عليها فنجانان كبيران من الشاي وقد تصاعد البخار منهما إضافة الى كوب كويل من عصير البرتقال لكنه ركز نظرته على قرص الدواء الموجود على حافة الصينية .
قالت شرلي باقتضاب وهي تجلس على كرسي قريب
- مضاد للالتهاب لقد وضعت قرصين في حقيبتي اليدوية الشهر الماضي عندما أصيبت شار لوت بزكام ونسيت ان أعيدهما الى خزانة الأدوية .
تناول سبانس قرص الدواء وكوب العصير وقال
– اكرر قولي انت لست ممرضة بل انت ساحرة .
جعلتها نبرة الامتنان في صوته غير قادرة على الكلام مما اضطرها الى التنحنح قبل ان تستطيع القول
– لا تتحمس كثيرا . معي قرصان فقط وكل واحد منهما يستمر مفعوله اثنتي عشرة ساعة فقط .
ابتلع سبانس القرص وقال
– أشكرك على ذلك ولن اقلق في شان الغد .
بدا وكان حنجرته تؤلمه أيضا هذا ما فكرت فيه شرلي بالإضافة الى تصرفه العابث فقد جعلها تشعر بالغضب قليلا فقالت ببرودة
– ومن ناحية أخرى فليكن في علمك ان قرص الدواء ذاك قد يكون فعلا سما قاتلا .
ابتسم قليلا وقال
– في تلك الحال كان عليك ان تعطيني القرصين ثم استلقى على الأريكة وهو يضم فنجان الشاي بين يديه ثم أغمض عينيه قائلا
– لماذا لم أر سيارتك الليلة الماضية .؟
- أنها في الجهة الخلفية .
اوما برأسه وقال
– لم أتعثر سوى بالباب الأمامي هل يمكن أخراج سيارتك ؟
هزت شرلي كتفيها من دون مبالاة وقالت
– ان قدت سيارتك الى الحفرة فلم تظن
ان سيارتي لن يحدث لها ذلك ؟
- لقد طلع ضوء النهار على الأقل .
- ماذا يعني ذلك ؟ فسيكون أمامنا منظر رائع ونحن ننحرف عن الطريق . هل تضررت سيارتك كثيرا ؟
من دون ان يفتح سبانس عينيه أجابها
– لم ابق لا تحقق من جوانبها لكني لا اعتقد ان مجرد طلاء خفيف سيكفيها .
ذكر ذلك الأمر شرلي بالأشياء الأخرى التي كان يشتريها من مخزن الخردوات فقالت:
– ألهذا جلبت تلك الشموع معك ؟
- نعم لا تقولي لي ان التيار الكهربائي مقطوع أيضا .

روايات عبير / وحدها في شهر العسل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن