نسيان.كوم للكتابه/أحلام مستغانمي

ابدأ من البداية
                                    

ضحك ضحكة ماكرة و قال:

- الماضي؟ لا أنا رجل الحاضر.

- و لماذا تدافع عن الماضي إذن ؟

- أنا لا أدافع عن الماضي. أنا أؤمن بالحيوات العدّة لقلب واحد ليس أكثر.

أسقط بيدي. هذا رجل خارج التقويم الزمني العاطفي. لن أعرف أبدًا من يكون. لكنّني أتوقّع أن يكون أحبّها بجنون في زمن ما.

كما حين قال:

- أتظنين العشاق الذين انصرفوا باكرًا مستغرقين في النسيان ؟ عندما يتعذّر عليك أن تحبّ أكثر أحبّ أقل. كلّما ينسحب الحبّ يعود أقوى. إنّه يتغذّى من فقدانه. صمت بعض الشيء ثمّ واصل.. تلك اللبؤة كنت هي كلّ حين و كانت أنا أحيانًا. و هو ما لا يقبل به أسد !

تراه كان يعني صديقتي ؟ كنت أعدّ دفاعي عنها فأنا أعرفها بقدر ما يعرفها و أكثر. أنا صديقتها منذ خمس عشرة سنة و إن كان رجلًا أحبّته يومًا في الماضي فهي حتمًا أخلصت له. لكن الحبّ لا يكتفي و لا يشبع إنّه التهام و افتراس للآخر. كلا العاشقين يرى أنّ ما أعطاه أقلّ مما أعطي. و أنّه لم يفترس حبيبه تمامًا و كليًّا ثمّة شيء منه نجا من بين فكيه، و على هذا القليل يختصمان.. و يفترقان!

قبل أن أبدأ في مرافعتي دقّ هاتفه الجوال و اضطر إلى قطع مكالمتي معتذرًا. ربما كانت كاميليا على الخط. حتمًا هي ما اكتفت بما أرسلت إليه من ميساجات أثناء وجودها تحت السيشوار.. الآن يلزمها صوته !

وفّر عليّ مجيء الهاتف كثيرًا من الجدل و عناء الدفاع دون جدوى عنها. ثمّ أنا لن أعرف أبدًا أيّهما على حقّ. يقول مثل لبناني" قاضي الأولاد شنق حالو " فما بالك إذن بقاضي العشاق !

حين توقّف صوته لعنته في قلبي.

كم شوّش هذا الرجل عقلي. كنت سعيدة قبل سماعه. كنت من حزب النسيان. و أصبحت من أنصار النسور. و لو استمرّ الحديث معه، كنت سأنشقّ عن حزب النساء، و انخرط في حزب الرجال.

أعود و أصحّح نفسي. بل انخرط في حزب العشاق فهذا الرجل أسرني بكلامه، لأنّه يدافع عن الحبّ. كلّنا ضعفاء أمام الحبّ. كيف أعلن الحرب على رجل يقول أنّه يريد أن يحبّ امرأة كلّ دقيقة و مأخذه عليها أنّها احتفظت بدقائق لنفسها.

ماذا نريد غير رجل كهذا ؟ لولا أنّ هذا المخلوق ليس رجلًا. هو نفسه يقول أنّه نسر.. و أسد. فكيف نعيش معه في غاب هو ملك فيه علينا. لماذا ناضلنا إذن نحن النساء على مدى قرون ؟

في الواقع، نحن ناضلنا لنستعيد حقوقنا من هذا الرجل بالذات. ثمّ عدنا و ناضلنا لنستعيده هو بالذات. و ما زلنا لا ندري ماذا نريد منه بالتحديد !

أنا نفسي لا أدري ما أريده منه. أشعر أنّي بقيت على جوع إلى حديثه. ثمّة أشياء كان يمكن أن أسرق بوحه بها و هو في فرحته هذه بعودة الحبّ إنّها اللحظة الأمثل لاقتناص بوحه. بعدها سيأتي زمن تتوقّف فيه ثرثرة الرجال. تحتاجين حينها إلى إجلاسه على كرسي كهربائي.. لتأخذي منه كلمة.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 27, 2010 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

نسيان.كوم للكتابه/أحلام مستغانميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن