نسيان.كوم للكتابه/أحلام مستغانمي

ابدأ من البداية
                                    

أنت لا تملكين القوّة بعد و لا تدرين كم ستدوم مدّة تجويعك.. و إعلان الحصار الغذائي عليك. لكي تأخذي قرار أن تكوني من يسحب المصل الهاتفي الذي عشت معلّقة إليه أشهرًا، و تمّ إغلاقه بنيّة قتلك.

لكن مع الوقت ستستيقظين، و تأخذين قرار اقتلاع ذلك المصل الموصول بقلبك. و تعودين إلى الحياة.. ببعض الضمادات حيث كان موقع الجرح. و ترفضين الحياة تحت رحمة دقّة هاتفيّة.

برافو يا شاطرة. لم يخلق الرجل الذي يهديك " دقّة الرحمة " كنوع من الموت الرحيم.

ليذهب إلى الجحيم!

***

"النساء كالقطط يقعن دائما على قوائمهن"

تلك الآلة التي تهيننا

"في القرن العشرين الحبّ هو هاتف لا يدقّ"

قول لكاتب فرنسي

و ماذا لو أن المشكل بدأ يوم نسي الناس في هذا الزمن المسرع المجنون لغة العيون. التي كانت لغة الإنسان الأولى لنقل أحاسيسه للآخر. حتى في الأفلام ما عاد الناس ينظرون إلى بعضهم البعض مطوّلًا تلك النظرات المؤثرة.. الآسرة.

أذكر الصديق الكبير نور الشريف الذي قال لي مرة " الممثّل الحقيقي هو الذي تقول عيناه الجملة قبل أن يلفظها..حتى أنّه أحيانًا لا يحتاج إلى قولها ". لكأنّه كان يتحدّث عن العاشق.

اليوم بالذات قرأت مقابلة للمخرج الأمريكي الكبير ستيفن سبيلبرغ يقول فيها:

" يوم نتوقّف عن الكلام بالعيون. ستكون نهاية المجتمع ". أنكون انتهينا لأنّنا بدأنا نتكلّم لغة التلفون.. و لغة التلفزيون و لغة الانترنت و نتبادل الأشواق عبر الرسائل الهاتفيّة و التلفزيونيّة.. و من خلال " الشات ". دون أن نرى عيون من نتحدّث إليه. و لا هو يرى عيوننا. جميعنا عيوننا على الشاشة. و قلوبنا جميعها معلّقة بجهاز يتحكّم في مزاجنا و أحاسيسنا .

. ما عاد تعريف الحبّ اليوم "إثنان ينظران في الاتجاه نفسه" بل اثنان ينظران إلى الجهاز نفسه. و لا صارت فرحتنا في أن نلتقي بمن نحبّ. بل في تلقّي رسالة هاتفيّة منه.

ماتت الأحاسيس العاطفيّة الكبيرة. بسبب تلك "الأفراح التكنولوجيّة" الصغيرة التي تأتي و تختفي بزرّ منذ سلّمنا مصيرنا العاطفي للآلات.

انتهى زمن الانتظار الجميل لساعي البريد.

صندوق البريد الذي نحتفظ بمفتاحه سرا , ونسابق الأهل لفتحه .

الرسائل التي نحفظها عن ظهر قلب و نخفيها لسنوات . الأعذار التي نجدها لحبيب تأخرت رسالته أو لم يكتب الينا .

اليوم ندري أن رسالته لم تته .. ولا هي تأخرت .

بامكاننا أن نحسب بالدقائق وقت الصمت المهين بين رسالة .. والرد عليها !

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 27, 2010 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

نسيان.كوم للكتابه/أحلام مستغانميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن