Part -: 1 :-

638 20 5
                                    

-جوليا-

العالم دائما في فساد لأجل المال.. المال هو كل شيء في هذه الحياة! بالمال تستطيع شراء كل ما تحب.. تستطيع فعل كل ما تريده.. حتى أنك تستطيع سلب حقوق البشر ! سلب حياتهم، سلب عائلاتهم وحتى سعادتهم ، كل شيء ممكن في هذا الزمن، لكن المال فقط لا يكفى ، هذا ما أدركوه لاحقا ، يحتاجون للقوة .. للسيطرة والأهم من ذلك الحرب ! أجل الحرب .
سياستهم الفاسدة هى ' البقاء للأقوى' , ومن هنا بدأت الحروب .
الآن سآخذكم إلى قرية صغيرة ، مليئة بالدمار والخراب ، بقايا المنازل والبيوت تعيش فيها العائلات الناجيه من جحيم الحرب ، قد تجدون بيوتا بلا سقوف أو حتى نصفها منهار ، لكن من النادر أن تجد فيها بيتاً بقيّ على حاله ، هنا ستدرك أن 'المال' لن ينفع فالأقوى منك سيسلبه منك فى غمضة عين ، شظايا الحرب منتشرة في الشوارع ، قبور في كل مكان ، لأطفال وشيوخ ونساء وشباب عاشوا يومًا بأمان قبل أن تدمر الحرب التافهة فرحتهم وبرائتهم ، قبل أن تسلب منهم الحرب أرواحهم ، كانوا يسيرون ببتسامات تزين وجوههم ويلقون التحية على بعضهم ، أشخاص لطفاء سُلبت أرواحهم بلا ذنب.. هذه هي قريتي.

أسير في طرقات قريتي، أسمع صوت الحصوات تسحق تحت قدماي مع كل خطوة أخطوها أنا وتلك الفتاة الصغيرة التي أمسك بيدها برفق وأسير معها ، أصوات سيرنا الهادئة هي من تكسر حاجز الصمت المُحيط بنا، القرية تبدو وكأنها مهجورة فالجميع مختبئ في منازلهم الشبه المنهارة ، صحيح أن الحرب إنتهت لكن بقاياها تبقى في نفوس اللذين عاشوها ، مثلي أنا وسورا ، فلقد فقدتُ عائلتي في الحرب ، أمي وأبي وحتى أختي الصغرة ذات الإثني عشرة عاما ، فقدت منزلي اللذي كان ممتلئ بالضحكات ذات يوم ، لقد كنا أكثر عائلة صاخبة في الحي .
ابتسامةٌ رُسمت على شفتاي لهذه الذكرى.. لكم أفتقدهم حقاً.

Flash back :

كنت عائدة من السوق بسرعة فالقنابل كانت تهبط فجأة في كل مكان ، وجدت منزلي تلتهمه النيران! كنت في حالة صدمة حقيقيه لكن لم أفكر بأي شيء وجريت إلى الداخل لعلي أنقذهم، عائلتي ! إنها هناك ! بين لهيب النيران الحارقة التي تلتهم كل شيء أمامها, هذه عائلتي ..
رميت بنفسي إلى التهلكه وسط النيران، أرت فقط إنقاذهم .. فقط إنقاذ عائلتي .. لكن لا .. لا فائدة ، وجدتهم في غرفة والداي متفحمين بأحضان بعضهم ..أستطيع إستنتاج ما حدث ، على ما يبدو.. عندما شبت النيران هرعت أختي الصغرى إلى غرفة أمي وأبي .. علقوا هناك بلا حيلة ، خاف والدايّ على أختي واحتضناها لعلهما ينقذاها لكن فى النهاية إبتلعتهم ألسنة النيران بلا رحمة ، ويبدو أنني الأخرى كنت سألقى حتفي لولا ذلك الشاب ، كان يحملني بين يديه وسط تلك النيران ويحاول إنقاذي ، لم أستطع رؤية وجه منقذي فلقد كانت الرؤية ضبابية مشوشه والدخان كثيف وكنت بحالة إعياء جراء الحرارة وضيق التنفس بسبب الدخان، شعرت بالدفئ فأغمضت عياني مستسلمة فى دفئ يديه، ناسيةً كل شيء في لحظة، شعرت بالأمان وأنه حتما سينقذني .

سورا كذلك، بعدما إستيقظت وجدت نفسي في غرفة بيضاء ، أدرت رأسي فوجدت الكثيرين غيري ممن هم مصابين وغيرهم ، نعم كنت في مشفى القرية ، قالت لي الممرضة أن شاباً من النبلاء الأثرياء يبدوا عليه أنه قادم من المدينة وكنت أنا بين يديه يحملني إلى هنا، وها قد إستيقظت بعد ثلاثة أيام من الحادث ، خرجت من المشفى عائدة إلى طريق منزلي اللذي يقع قرب السوق ، وجدت الحي كله مدمرا ، رماد في كل مكان وبقايا المنازل الأخرى ، أما منزلي .. إقتربت منه .. كان مجرد رماد ، لا شيء قد تبقى به ، تذكرت عائلتي ومنزلي ، تذكرتهم جميعهم مع ضحكاتهم .. التي صارت الآن من الماضي ، لا أستطيع البكاء .. جفت الدموع قبل نزولها حتى ، أريد البكاء والصراخ فقلبي يتمزق ألما .. لكن لا أستطيع .. أشعر بالعجز، أشعر بغصة عالقة في حنجرتي.
عندما كنت أسير في أرجاء الحي بلا حول أو قوة وجدت فتاة صغيرة تحتضنُ ركبتيها إلى صدرها وتبدو عاجزة مثلي، نظرتُ لها، جلست أمام بيتها بلا حيلة.
أذكر أني رأيت هذه الطفلة من قبل، كانت تجري وتلعب وتغني مع أطفال الحي والإبتسامات لا تفارق وجوههم الصغيرة المليئة بالبراءة، لكن الآن تبدو كمن فقد الأمل في الحياة.. إنها صغيرة !
لكم هذا قاسي..
تقدمت نحوها وأمسكتها من يدها، كانت تنظر إلي بنظرات فارغة ، شعرت بالألم، لماذا ؟ ماذنبها ؟ ماذنبنا ؟ ماذا فعلنا ليفعلوا ذلك بنا ؟ أنا لا أفهم ..
سحبتها إلى حضني وضممتها إلي بقوة ، كنت أمسح على شعرها بعفوية بينما أشددُ العناق وكأني أريد حمايتها من كل شيء لأقول لها ألا تقلق فأنا سأبقى إلى جانبها وسأحميها دائماً، لكنها لم تبدي اي ردة فعل ، فتاة فى السابعة من عمرها تفقد طعم الحياة .
هذه الطفلة ..
قمت بمسكها بسرعة من كتفيها الصغيرتين ونظرت فى عينيها الزجاجيتين اللتان فقدتا بريق الحياة بجديه وقلت لها : أقسم لك أنا جوليا روبرت سأدعمك وسأبقى إلى جانبك وسأكون كأختك الكبرى بالمقابل عليك ألا تستسلمي! لا تدعي نفسك للظلام ، ثقي بي كما أثق أنا بك ..
إبتسمت لها فنظرت لي ، هذه المرة كانت تنظر لي بصدق وهنالك بريقٌ ضئيل في عينيها، رأيتها على وشك البكاء فحتضنتها إلى نفسي بقوة مجدداً وأنا أمسح على شعرها : هيا .. يمكنك البكاء الآن ، أخرجي كل ما يحزنك أنا سأبقى أحضنك بين يديّ إلى أن تشعرى بالراحه ، أعلم أن هذا مؤلم.. أجل أعلم .

< الراوي >

كانت الفتاة تبكي بصمتٍ وحرقة في أحضان جوليا، وجوليا لا تفلتها كمن تقول لها "لا تقلقي أنا سوف أبقى إلى جانبك وأحميكي وسأفتح ذراعي لأجلك"، كانت هي الأخرى تحترقُ بالكامل، هذا مؤلم .

End Of Flash Back :

أمسكتها جوليا من يدها وبدأت تسير بها ، لقد قررت أنها سوف تذهب إلى المدينة لتعمل وتكسب قوت يومها ورزقها لأجلها وسورا ، كما أنها تود وبطريقة ما العثور على منقذها لترد جميله وتشكره ، إنها حقا ممتنة له فلولاه لما كانت موجودة والأهم من ذلك لما كانت دعما لسورا..

---

مرحبا جميعا، أرجوا أن تنال روايتي إعجابكم، كتبتها وأنا نفسي أتألم لهما وأشعر كأني سأبكي 😹💔
شكرا لكم لمتابعتي وأرجوا الدعم منكم ♥

#Mirana_Rocco

 Romeyo and Joleya Where stories live. Discover now