في صباح رمادي ناعم، استيقظت يونا قبل المنبّه. لم تكن تشعر بالنعاس، بل بشيء آخر… كأن قلبها يقظ أكثر مما يجب. نهضت ببطء، سحبت الستائر، ولاحظت قطرات المطر تلتصق بالزجاج. المطر كان خفيفًا، لكنه مستمر… مثل أفكارها.
أعدّت قهوتها، وجلست قرب النافذة، تمسك دفترها، تعود إلى سطر كتبته الليلة الماضية:
"في حضن… تشعر فيه إنك وصلت، حتى لو لم تكن تعرف أين كنت ذاهب."
وضعت القلم فوق الورقة، وكتبت تحته بخط أبطأ:
"لكن هل الوصول هو النهاية؟ أم البداية الحقيقية للضياع بشكل أهدى؟"
رن هاتفها. رسالة من تايهيونغ:
تايهيونغ:
"أفكّر… هل القرب ممكن يغيّرنا؟ ام فقط يعرّينا؟"
توقفت. الرسالة بسيطة، لكنها حملت في طيّاتها تساؤل لم تكن جاهزة لسماعه.
كتبت له، بعد لحظة صمت:
"أحيانًا القرب يكشف الذي كنا نهرب منه، لكن عندما نختار نظل… نكون أقوى."
مرت ساعة ولم يصل رد.
شعرت بأن الصمت في بعض الأيام، أثقل من أي كلمة.
في المساء، اتفقا أن يلتقيا، لكن هذه المرة ليس في مكانهما المعتاد.
قال لها:
"اليوم… تعالي لمكان أحبه. لم اذهب له منذ زمن."
وافقت، وذهبت دون أن تسأل عن السبب.
كان المكان حديقة قديمة، تحيط بها أشجار الخريف التي تتعرّى من أوراقها بهدوء، كأنها تقول: "أنا بخير، حتى وأنا أفقد أجزائي."
وصلت قبله، وجلست على مقعد خشبي، وشعرت بالبرد يتسلّل من تحت معطفها، لكن لم تهتم.
تايهيونغ وصل بعد دقائق، يحمل كوبين من الشاي. جلس بجانبها، ناولها الكوب دون كلمة، واكتفى بنظرة طويلة.
قال بصوت خافت:
"هنا كنت آتي وأنا صغير… عندما أشعر إن الدنيا أكبر مني."
نظرت له بدهشة، تايهيونغ نادرًا ما يتحدث عن طفولته.
أكمل:
"كنت أراقب الأشجار وهي تفقد أوراقها، وأفكر… كيف تظل واقفة؟ لماذا لا تنهار؟"
همست:
"يمكن لأنها تؤمن إنها سوف تُزهِر من جديد."
ابتسم، وقال:
"وأنا اليوم… عندما رآيتك في هذا المكان ، شعرت بإني صغير من جديد … لكن لست وحدي."
سألته بهدوء:
"لكن خائف من ماذا؟"
صمت. ثم قال:
"خائف من ان أكون مازلت لا اعرف ان أكون موجود لشخص، من دون ان أضيع نفسي."
هنا، شعرت يونا أن تايهيونغ لا يبحث عن إجابة، بل عن حضن غير ملموس… حضن بالكلام، بالصمت، بالنظر.
أمسكت يده، وقالت:
"أنا لا اريدك ان تكون لي، أريدك ان تكون مع نفسك أولاً… وفيما بعد، نكون لبعض."
ضغط على يدها برفق، وقال:
"أنا أتعلم. وجودك، لا يخنقني… هو يفتح نافذة."
مرّت لحظات من الصمت… لكن هذه المرة، كان صمتًا ممتلئًا.
صمت يعرف أن المشاعر لا تُقال كلها دفعة واحدة، بل تُمنح ببطء، بحذر، بثقة.
وقبل أن يفترقا، قالت يونا وهي تنظر للسماء:
"تاي، لو مرينا بلحظة شك… عدني إننا نحكي، حتى لو كان الكلام مؤلم."
قال وهو ينظر إلى يديها:
"أعدك. لأن الكلام المؤلم، أرحم من الصمت الذي يقتلنا بهدوء."
حين عادت يونا إلى غرفتها، جلست على السرير، وأخرجت دفترها مرة أخرى.
كتبت:
"العلاقات الحقيقية لا تكون مثالية، لكن تكون صادقة. فيها خوف، فيها صمت، فيها تردد… لكن فيها قلبين يحاولوا، بدون استسلام."
يتبع…
بقلم: wodouh♡
YOU ARE READING
احببت مشهوراً
Romanceهل سيتحقق الحلم و اصل إلى السماء لالمس النجم اللامع بيدى ....هل ستكافئنى الحياه بامنيتى الوحيده
