الفصل الرابع

Start from the beginning
                                    

انتقلت الاثنتان بعدئذ للحديث عن مواضيع شتى متنوعة، لم تخلُ بالطبع من التطرق في معظم الأحيان إلى ما قامت به "ميرا" مؤخرًا من تصرفات مزعجة لكليهما ريثما تصلا إلى الأكاديمية.

..................................

طنَّ رأسها بهذا الصداع الفتاك، فبحثت عن شيء ما يسكن ذلك الوجع الذي لا يشعر به غيرها، بالطبع كان الخيار المناسب هو الذهاب إلى الكافيتريا الملحقة بالأكاديمية، فاتجهت مع رفيقتها إلى هناك، وقرأت اللوحة المعلقة على الحائط لتعرف المتاح الذي يمكنها ابتياعه، اشترت "بهاء" كوبًا من القهوة لنفسها، ومشروبًا باردًا لصديقتها، وسارت الاثنتان معًا تتحدثان في أمورٍ عامة، كانت مستغرقة في كلامها، ولم تنتبه لقدم أحدهم الممتدة لعرقلتها عن قصدٍ.

تعثرت "بهاء" في مشيتها، وكردة فعلٍ تلقائية دفعت كوب قهوتها للأعلى، فانفلت من قبضة يدها، وانزلق على ثيابها الكلاسيكية مُلطخًا قميصها الأبيض ببقعٍ بُنية، وكذلك سروالها القماشي قبل أن يسقط أرضًا وتتناثر بقاياه في محيط المكان. انتفضت من سخونة القهوة التي لامست جسدها، ناهيك عن فزعها من سوء مظهرها، وهتفت مستنكرة الأمر برمته:

-مش معقول كده!!

نهض المتسبب في هذه الكارثة من مقعده ناظرًا إليها باستخفافٍ، وعلق:

-هي جت فيكي؟ لا مؤاخذة، مخدتش بالي.

تطلعت إليه متأملة هيئته الممازحة رغم ارتدائه لثيابٍ عسكرية من المفترض أن تضعه في موقف الالتزام والمسئولية؛ لكنه كان على العكس تمامًا، فاحتقن وجهها، ولامته في حدةٍ وهي تبعد القماش الملطخ عن جسدها لئلا يلتصق بجلدها فيلهبه أكثر:

-حضرتك مش لازم تمد رجلك 7 متر قدام علشان ترتاح في أعدتك!

تفاجأت به يهاجمها لفظيًا:

-وليه ما تقوليش إنك ماشية مش باصة قدامك؟

وقفت "بسنت" بينهما كالمشاهد الصامت، تتابع ما يدور بينهما من شد وجذب في ترقبٍ قلق، في حين قطبت "بهاء" جبينها هاتفة بصوتٍ مال للغضب:

-أفندم؟ يعني بدل ما تعتذر؟!

جاء رد ذلك الغريب صادمًا للغاية:

-الرك على اللي بدأ الأول.

شعرت من عبارته الموحية بأنه يشير إلى شيءٍ معين، مشابه لنفس التجربة التي قامت بها قبل سابق مع "عمر" لإهانته، فاستطردت تخاطبه، لتتأكد من هذا الهاجس الذي ناوشها:

-مش فاهمة!

نظر في عينيها وهو يخاطبها بغموضٍ ممزوج بالسخرية:

-وبيقولوا عليكي ناصحة، الظاهر إنك طلعتي أي كلام.

ثم أشار لها بيده لتتحرك جانبًا قبل أن يأمرها:

ضبط وإحضار - قيد الكتابةWhere stories live. Discover now