الفصل الثالث

Start from the beginning
                                    

فتحت الثلاجة، وأمسكت بزجاجة المياه لتشرب القليل، قبل أن تخرج من الرف العلوي قالب الحلوى الذي صنعته لها زوجة عمها في وقتٍ سابق. التقطت شوكة معدنية من أحد الأدراج المخصصة للاحتفاظ بأدوات الطهي، وقضمت جزءًا من طرف القالب الشهي، لتدسه في فمها وهي تخاطب نفسها:

-مش متفائلة خير.

بلا استعجالٍ فرغت من تناول القالب بأكمله، وتركت الصحن المتسخ في حوض الغسيل مع الشوكة، ثم سارت نحو الخارج لتعود إلى غرفة نومها وهي تأمل ألا تستأنف باقي هذا الحلم العجيب حينما تستكمل ساعات نومها المتبقية.

...........................................

في كثير من الأحيان يحتاج الاعتياد على الاستيقاظ مبكرًا إلى بعض الوقت حتى يتأقلم الجسد والعقل معًا على التغييرات التي تطرأ على كليهما دفعة واحدة، لهذا أجبرت "بهاء" نفسها على تغيير نمط نومها قبل عدة أيامٍ، لتتمكن من الاستفاقة في موعدها دون أن يصيب رأسها ذلك الصداع المزعج، فتُبقي على حالتها النشطة حتى انقضاء يومها الدراسي الأول في المعهد.

كما تعودت، ارتدت ثيابًا رسمية، تناسب من وجهة نظرها تواجدها في مكانٍ كهذا يعج بأفضل الشخصيات ذكاءً وتفكيرًا، لهذا فضلت ارتداء بدلة كحلية اللون من أسفلها وضعت قميصًا من اللون الأبيض، مع حذاءٍ جلدي يحمل نفس درجة لون حلتها، وذي كعب قصير، أما تسريحتها فلم تختلف كثيرًا عن المعتاد، كانت خصلاتها منضبطة، مجموعة في كعكة محكمة في منتصف رأسها، إلا من خصلتين انسابتا على صدغيها.

ألقت نظرة أخيرة على هيئتها في المرآة، لدهشتها تنشطت ذاكرتها بهذا الحلم العجيب، فطرحته عن عقلها مرددة مع نفسها:

-أل يعملني عجة أل!

هزت رأسها في إنكار، وراحت تراجع أشيائها في تعجلٍ، قبل أن تفتح الباب وتخرج من منزلها.

...........................................

كانت "بسنت" في انتظارها أسفل بنايتها لتذهبا معًا إلى هناك، على عكس رفيقتها المفعمة بالنشاط والحيوية، كانت تتثاءب وتشعر بثقلٍ في رأسها، فقد ظلت مستيقظة حتى مطلع الفجر تقريبًا، تكافح لاستدعاء سلطان النوم؛ لكنه عاندها، وتركها في أوج يقظتها، مما انعكست آثار قلة حصولها على قسطٍ وافر من النوم على تركيزها في وقت النهار. ألقت "بهاء" التحية عليها وهي تستقر جالسة بجوارها، نظرت إليها بإمعانٍ وسألتها:

-مالك؟

وضعت يدها على فمها لتخفي تثاؤبها الواضح، ثم أجابتها في صوتٍ شبه ناعس:

-محتاجة شوب كبير قهوة علشان أفوق.

ابتسمت ساخرة منها، لتخبرها:

-ما أنا قولتلك حاولي تظبطي نومك، بس إنتي ماسمعتيش كلامي.

زمت شفتيها قائلة بتذمرٍ عابس:

ضبط وإحضار - قيد الكتابةWhere stories live. Discover now