البارت الثامن

222 12 2
                                    

*في قلعة صياد الوحوش.
التفتت (كيتي) تتراجع عن الباب ولأول مرة تخدمها الصدفة؛ فما إن استدارت توالي ظهرها للباب بعد أن سقطت حاوية الإسعافات أرضاً وتناثرت محتوياتها، حتى وجدت من استفاق من غفوته التي كانت هي ضيفة شرفها يقتحم عليها المرحاض كما توقعت فلو لم تتنحَ لكان جسدها يفترش الأرض.

أخذت (كيتي) تدور حول نفسها بشتات، وما بداخل الخزانة ملقى أرضاً، حتى تمتم هذا النازق، يقول بتهكمٍ:

-هل فتشت واطلعت على ما يكفي أم تحتاجين إلى جولة مع مَن يدلك عن أماكن بحث مجدية؟

انتفخت أوداجها بكيد، فما يقوله هذا القميء غير منطقي على الإطلاق؛ فحتى لو كانت تنقب عن شيء، ستبحث عنه في خزانة المرحاض؟!

إلى هنا وقد اكتفت من إساءته لها وسخريته منها، فالتفتت إليه بتشنج، ولكنها ندمت على ما فعلت؛ فقد أحست وكأن الأرض تتمايل بها وتغشلقت الرؤية.

استندت إلى الجدار المصنوع من الطوب الحراري العتيق الذي يزين الحوائط، تتحرك بتعثرٍ بشكل جانبي إلى أن وقع نظرها على انعكاس صورتها في المرآة المعلقة أعلى حوض الاغتسال.

جحظت عيناها باستدارة وهي ترى الزرقة المائلة إلى اللون الوردي التي تحتل جبهتها، وتلك الهيئة أعادت إلى ذهنها ذكرى الهلع الذي أحسته عندما سحبها من أعلى الجرف بحدة وعنف لتستقر بين أحضانه على قمة التلة إلى بر أمانها.

ومن ثم واجهته، تقول بلا مبالاة:

-علام سأفتش هنا؟! لقد وقعت الخزانة بخطأ غير متعمد.

لوى (أرون) ثغره يقول بعدم تصديق، بنبرة صوت ساخرة:

-أصدقكِ بالطبع.

اقترب يمسك بذراعها ليقودها إلى الخارج، فنفضته من بين يده، تقول باعتراض:

-دعني أنا لست قع.......

بترت عبارتها وهي تشهق بفزع إثر اختلال توازنها، فها هي تكابر ولكن حالتها الصحية السيئة لا تحتمل مجازفات ولا مهاترات هي بالفعل تحتاج للمساعدة.

كان يتوجب عليها أن تحتفظ بأقل قدر من الطاقة لديها كي تصل إلى أقرب مكان يصلح للجلوس بدلاً من أن يؤل بها الحال محمولة بين ذراعيه للمرة الثانية، إذ التقطها بلمح البصر قبل أن يرتطم رأسها بحافة المغطس ينقذ إياها تارة أخرى وبنفس اليوم.

خطى (أرون) يحملها إلى خارج المرحاض ولم يعطها أي حقٍ في الاعتراض، وبرغم ما يراودها من انتفاضة غاشمة لأحاسيس مخزية تحركت نحوه إلا أنه بدا عكسها تماماً، يسير بثبات، وظهر مشدود وأعين لم تلتفت إليها ولو بالخطأ.

بينما هي تحاول التحكم في قرع نابضها وما إن فشلت أخذت تنظم وتيرة تنفسها ولكن كلما استرقت النظر إليه تتبعثر بداخلها أي إرادة، فحبست أنفاسها حتى لا يفتضح أمرها.

رواية عقول غيبها العشق بقلم الأسطورة أسماء حميدة Where stories live. Discover now