الفصل الأول

Start from the beginning
                                    

واقتربت شهد لشقيقتها وتبدل ضيقها لابتسامة وقالت :

_ اصلك بتكمليني يا توأمي .. أنا شرسة وعصبية ، بس أنتي طيبة وهادية، هادية أوي لدرجة تغيظ، أنا مقدرش اضحي براحتي عشان مخلوق، بس أنتي ممكن تضحي بحياتك عشاني عادي !

ساعات ببقى نفسي أقولك كفاية اللي أنتي فيه وفكري في نفسك شوية .. ده أنتي مكملتيش تعليمك وأشتغلتي عشان أنا اتعلم!!

ابتسمت رقة وقالت بحنان:

_ أنا مبسوطة كده، المهم أني عملالك الأكلة اللي بتحبيها.

ضيقت شهد عينيها وقالت بتساؤل :

_ محشي صح ؟ .. أنا شامة ريحته، قولي صح ؟

هزت رقة رأسها بابتسامة واسعة، فهتفت شهد بسعادة :

_ أيوة كده دلعيني يا توأمي.

ذهبت رقة تعد مائدة الطعام المتواضعة و ركضت شهد بحماس لتبدل ملابسها، وبعد قليل كانتا الشقيقتان جالستين يتناولان طعامهما في شهية، وتفاجئت رقة بشقيقتها شهد وهي تضع يدها على كتفها وتقول باعتذار :

_ ما تزعليش مني يا حبيبتي، أنا عارفة أنك بتتوتري من الصوت العالي ومع ذلك دخلت أزعق فيكي بغبائي ونسيت.

ابتسمت لها رقة وقالت بمشاكسة:

_ يا بت كملي اكلك قبل ما يبرد، ما أنا قدامك أهو زي الفل واحسن.

نظرت لها شهد بألم وقالت :

_ نفسي تبقي زيي يا رقة، ساعات بسأل نفسي أنتي بتتعاملي أزاي في شغلك في المصنع، ما بقدرش حتى أتخيل أن ممكن حد يزعقلك وتباني قدامه بالضعف ده، بس والله لما اخلص جامعة وأشتغل هنروح لأكبر دكتور نفسي وهتبقي كويسة والله ..

وتابعت شهد بألم :

_انتي بس اللي مش عارفة تنسي اليوم اللي ..

وسكتت شهد ولم تتابع حديثها الذي أثار عليها أبشع ذكرى حدثت منذ سنوات وستظل تتذكرها حتى آخر الأنفاس.

ابتلعت رقة ريقها بمرارة وهي تتذكر عدد المرات التي لا تحصى من السخرية من زملائها عند كل مشاجرة، ومظهرها الذي يثير الشفقة وهي ترتجف وتنزوي بعيدًا، وتبك بمجرد أن يصيح أحدهم بوجهها، عوضا عن الذكرى المريرة التي هي سبب تلك العقدة النفسية من الأصوات العالية والصراخ.

ابتلعت تلك المرارة بحلقها وابتسمت بالكاد لتخفي هذا الحزن وقالت كاذبة :

_ زمايلي كلهم بيحبوني ومش بنتخانق أبدًا ما تقلقيش، وبعدين الحكاية مش محتاجة دكتور نفسي ولا حاجة، أنا بس ما بحبش الصوت العالي وبتوتر منه.

بدلت شهد مجرى الحديث وقالت بمزاح :

_ عارفة يا بت يا رقة ، أنا نفسي يجي اليوم اللي يتقالي فيه أنتي الفلوس غيرتك يا شهد ، نفسي أبقى حرم الباشا، نفسي أهدد الناس وأقولهم انتوا ما تعرفوش أنا مين؟!.، واعمل مكالمة من تليفوني يوديهم في ستين داهية بجد.

كسرة و ضمة و سكون ... للكاتبة رحاب إبراهيم حسنWhere stories live. Discover now