نظر سامر لأثرها وهو يكز على أسنانه يمنع نفسه من سبها محاولا اقناع نفسه أنها سيدة في عمر والدته ولكن طبيعته الوقحة أبت أن تستسلم وظلت تكافح لهزيمة ضميره وقد فاز ضميره بالنهاية.

نهض من مكانه يمسك ذلك الملف يود لو يمزقه ويطعمه لذلك المدير السمج الذي لا يدري لما يصر على الاختلاط بين النساء والرجال.

اقترب من المكتب الذي أشارت إليه سكرتيرة المدير ووجد فتاة ترتدي ثيابا أنيقة ومحتشمة في نفس الوقت قطب جبينه باستغراب فهي الفتاة الوحيدة التي تم قبولها بالرغم من لباسها فقد تقدمت قبلها الكثيرات ولكن تم رفضهن وذلك بسبب لباسهن.

هز سامر كتفيه بلاهتمام ثم تنحنح قائلا:
-احم باشمهندسه فرح مـ...

قطع كلماته نظرتها إليه يا الله إنها جميلة بحق استغفر سامر ربه وما كةد يتحدث حتى سمع صوتها الرقيق الهادئ مرددة:

-أكيد انت بشمهندس سامر مدام عبير بلغتني إنك هتكون شريكي في الشغل.

أومأ سامر بالإيجاب ولم يعلم بماذا يجيب ولكنها أشارت له في كل لباقة ونبرة عملية:

-اتفضل يا بشمهندس.

جلس سامر قبالتها وبدءا في تحديد نقاط العمل دون النظر إلى الآخر أو تجاوز حدوديهما.

-----------

ها هو الفستان العاشر تقريبا تقوم بتبديله وقد قامت باختيار الفستان الحادي عشر هذه الفتاة مقاساتها موجودة ولكن التصاميم مبالغ في زينتها وفي وزنها.

خرجت مرة أخرى من غرفة القياس على وجهها ابتسامة غير راضية بالمرة وقد اتفق معها آسر في الرأي قائلا:

-أوڤر وضيق أوي.
-مش لاقية حاجة مناسبة يا آسر.
-المول كبير خشي انتي غيري بس وهنشوف تاني ما لقيناش هنروح مول تاني.

قامت شهد بتبديل الفستان وقد تعبت حقا من تبديل الفساتين.

تجولا في المعرض عشر دقائق وكادا يذهبان قبل أن تقع عيني آسر على صوب زفاف أعجبه وبشدة نفس المواصفات التي أرادها أمسك بكف شهد يسحبها خلفه تحت استغرابها ولكن ذهب استغرابها حين ردد آسر مشيرا للثوب:

-ايه رأيك يا شهد؟؟

نظرت شهد للثوب فستان ضيق من الصدر وحقا هذا لا يهم فهو سيتم تغطيته بخمارها وأيضا واسع من الأسفل بسيط وبأكمام طويلة واسعة نسبيا حسنا هذا هو المطلوب.

-حلو جدا نفس المواصفات المطلوبة.

طلبت شهد من الموظفة أن تحضر لها الفستان لكي تقوم بقياسه دخلت شهد إلى غرفة القياس وانتظرها آسر بالخارج وعندما خرجت أطلق آسر صفيرا معجبا وهو يردد:

-يا سلام ايه القمر ده ده أنا كدة مش هستنى نعمل فرح أنا هنسى المعازيم وأخدك ونعمل فرحنا في شقتنا عادي.

-بس يا آسر.

رددت بها شهد بخجل لن يظهر بسبب النقاب الذي ترتديه ولكن آسر استشعره وابتسم عليها ثم اخذا الفستان واشتريا حذاءً مناسبا له وغادرا.

----------

بعد صلاة العصر حان وقت تحفيظ الأطفال.

بعد انتهاء آسر من مراجعة ما أخذوه بدأ يتلو عليهم الآيات من سورة الفيل:

-(أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ (1) أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ (2) وَأَرۡسَلَ عَلَيۡهِمۡ طَيۡرًا أَبَابِيلَ (3) تَرۡمِيهِم بِحِجَارَةٖ مِّن سِجِّيلٖ (4) فَجَعَلَهُمۡ كَعَصۡفٖ مَّأۡكُولِۭ (5))

-السورة هنا بتحكي عن قصة رجل إسمه أبرهة الحبشي كان ملك على اليمن وكانت ديانته المسيحية....لاحظ أبرهة الحبشي إن الناس كانوا بيسافروا عشان يحجوا لبيت الله الحرام فأراد انه يبني حاجة الناس تطوفلها وتقدسلها فبنى كنيسة في صنعاء وأمر الناس بالطواف ليها ولما عرف راجل من بنو كنانة دخل الكنيسة بالليل وقضى حاجته فيها وقتها أبرهة الحبشي غضب وجهز جيش كبير من الفيلة واتجه لمكة عشان يهد الكعبة...قريش عرفت وراحوا لعبدالمطلب جد الرسول ﷺ واستشاروه في الموضوع وكان أبرهة أخد كل جمالهم فعبدالمطلب قال "للبيت رب يحميه"  وراح وطالب أبرهة بالجمال بتاعته فأبرهة أعجب بشخصية عبدالمطلب ووافق...أبرهة اتحرك بالجيش وكان راكب على واحد من الفيلة فلما يوجهه ناحية الكعبة ما يرضاش يتحرك ولما يوجهه لناحية تانية يتحرك بكل سرعة فأرسل الله طير أبابيل طيول كتير يعني وكل طير في رجله جمر من جهنم و أباد جيش أبرهة كله.

-أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ (1):
"ألم تر كيف أهلك الله أبرهة وجيشه اللذين أرادو هدم الكعبة"

 -أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ (2) :
"ألم يخيب كيدهم ويبطل سعيهم لهدم الكعبة"
-وَأَرۡسَلَ عَلَيۡهِمۡ طَيۡرًا أَبَابِيلَ (3):
"وأرسل عليهم طيرا من السماء في جماعات متفرقة"
-تَرۡمِيهِم بِحِجَارَةٖ مِّن سِجِّيلٖ (4) :
"ترميهم بجمر مشتعل من النار"
-فَجَعَلَهُمۡ كَعَصۡفٖ مَّأۡكُولِۭ (5):

"فجعلهم كأوراق الزرع اليابسه مبعثرين وممزقين.

ختم آسر حديثه بابتسامته المعهودة التي تريح أي شخص إليه ثم ردد:

-فيه أي سؤال النهاردة؟؟

نفى الجميع ليردد آسر قائلا:

-كدة تمام أوى المرة الجاية هنسمع سورة الفيل وسورة الفلق وهناخد سورة الهمزة أشوفكم بكرة يا أصحاب.

بدأ الجميع بالمغادرة بينما آسر ظل جالسا يقرأ في أحد كتب الفقه.

------------

رمضان مبارك ❤
روان داود

وصية رسول الله ﷺWhere stories live. Discover now