الخاتمة الاخيرة

ابدأ من البداية
                                    

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أنصار سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذُرّيّة سيدنا محمد وسلم تسليمًا كثيرًا».

الأجواء مبهجة للغاية، وصوت التلفاز يعلو داخل قصر الجارحي،الشباب يهبطون للأسفل بالجلباب الأبيض وكلا منهم يحملون سجادة الصلاة الخاصة بهم، حتى الفتيات جذبن السجادات ذات اللون الوردي وارتدين الاسدال وهبطوا خلفهم، فاجتمعت العائلة بأكملها وذهبوا برفقة الأطفال لاداء صلاة العيد، وما أن انتهت الصلاة وقفت رحمة ونور ومليكة وباقي الفتيات توزع على الأطفال الألعاب والشوكولا كمعتادهم كل عام، وكلما نفذ الكرتون أسرع إليهم الحارس بكرتون أخر، فنجحوا بزرع البسمة والسرور على أوجه عددًا كبيرًا من الأطفال.
وبالرغم ما فعلوه وقفت الفتيات جوار أزواجهم تنتظرن بحماس انشقاق القماش الضخم الذي يحوي عددًا ضخمًا من البلالين أعلى المسجد، فما أن حرر الرجال الخيط عنه حتى صرخن بحماس لازواجهن ليحصلوا على البلالين، وكأنهم في سباق طاحن، سرت الوجوه وخاصة الاطفال بهذا اليوم المميز، الجميع يتبادل السلام وجملة لا تترك الألسنة
«كل سنة وأنت طيب، عيد مبارك»
عاد الجميع للقصر، فصعد الشباب للاعلى ليبدلن ملابسهم، فتسابقت الفتيات بتنفيذ مخططاتهم لحين هبوطهم للاسفل.
                          ******
كان رائد أول الشباب هبوطًا للأسفل، فتفاجئ بالكمين المنصوب بحرافية على مدخل الدرج، فابتلع ريقه بتوتر مصطنع وهو يتساءل:
_في أيه؟
صدمته تشكلت بسؤاله المطروح حينما وجد الدرج مقفول بعدد من الألواح، بنهايته فتحة صغيرة بالكد تسمح بمروح شخصًا واحدًا، توجه رائد للمرور، فتفاجئ بالفتيات يتجمهرن خلف الالواح، ومن أمامه مكتب ضخم يسد طريقه، على ما يتذكر بأنه مكتب ياسين الجارحي نفسه الخاص بغرفة المكتب الرئيسي، يترأس الآن المكتب من أمامه نور والفتيات، ابتلع ريقه بتوتر من تجمعهم الغفير، وردد بخفوتٍ:
_خير يا نور؟!
نهضت عن مقعدها، ومرت من حول الطاولة بعصاها الغليظة، ومن ثم هوت على الطاولةٍ وهي تصيح:
_فين البقشيش؟
رفع أحد حاجبيه متسائلًا بدهشة:
_بقشيش أيه؟
مالت بالعصا جوار رقبتها وهي تشير لشروق التي تحمل دفتر وقلمًا:
_اكتبي عندك معدوم الملاحظة.
وعادت لتصرخ به:
_العيدية يا حضرت مش النهاردة العيد؟
جحظت عينيه صدمة، فدس يده بجيب جاكيته وهو يهمس بذعرٍ:
_كل ده عشان العيدية، ما كنتي تقولي من الأول بدل الرعب ده؟!
أشارت له بحدة:
_وباقي البنات؟
أومأ برأسه وهو يوزع لكلا منهن مبلغ من المال، فأشارت لرانيا بغمزة ماكرة:
_عديه يا رانيا.
واتجهت نظراتها للدرج مشيرة اليهن:
_اللي بعده... استعدوا عايزين نعمل ثروة النهاردة.
بعد قليل هبط أحمد بصحبة ياسين، فصعق مما رأه، استدار تجاهه الاخير مرددًا:
_ده كمين وأنا مش مطمن!
تقوس حاجبي أحمد بمللٍ، وهبط أولًا ليتبعه الآخر فما أن اقترب من الفتحة حتى تلقفته العصا لتصرخ به:
_على فين يا حضرت مش في لوحة قدامك مكتوب عليها ممنوع المرور؟
عبث بحدقتيه بدهشة:
_مرور أيه هو أنا داخل أطلع بطاقة!
تعالت ضحكات ياسين فلحق به متسائلًا بفضول:
_خير يا نور، النهاردة مزاجك جايب أيه؟
وتابع بمكر:
_ده احنا حتى أول يوم العيد وكل سنة وانتي طيبة.
اجابته مليكة تلك المرة بسخرية:
_متنفعش حاف يا حبيبي، طلع العيدية بما يرضى الله.
كبت أحمد ضحكة كادت بالانفلات منه، وقال هازئًا:
_وهو شغل البلطجة ده يرضي الله بردو!
اشارت له آسيل بملل:
_أحمد لسه ورانا غيرك شخلل وعدي يا حبيبي متقرفناش!
تعالت ضحكاته  الرجولية، فدس يده بجيب سرواله القماشي ثم وضع لكلا منهن المال، واتبعه ياسين مردفًا باستهزاء:
_عنيفات انتم!
صاح أحمد بسخرية:
_نعدي ولا لسه في تفتيش.
صاحت رحمة بضحك:
_عدوهم يا بنات.
فتحت نسرين مشيرة اليهما:
_جنب اخوكم هناك متعطلوناش عن شغلنا الله يكرمكم.
انفجروا ضاحكين ولحقوا برائد الجالس على الاريكة المقابلة للدرج يتابع ما يحدث بصدمة، فقال مستهزئًا:
_اتقلبتوا ولا لسه؟
اشار ياسين بحدة:
_واحنا نقدر نقول لا..
راقبت الفتيات الدرج، فاستمعن لصوت اقدام تدنو منهم فقالت نور:
_استعدوا في واحد نازل اهو.
ليتسلل اليهن صوت صارم من خلف الالواح:
_هتدفعوني أنا كمان!
ارتعبت نظرات الشباب، وخاصة حينما همس رائد بشماتة:
_ياسين الجارحي هيدكم أحلى عيدية!
ارتعبت نظرات الفتيات، وخاصة حينما انفجر يحيى ضاحكًا، فأشار لياسين قائلًا:
_أخرتها كمين وبمكتبك يا باشا.
وهبط للاسفل يضع المال وهو يشير اليه:
_عديها وكل سنة وانت طيب.
هبط ياسين للأسفل، فتراجعت نور وهي تشير لهن بحزم لم يكن مصيري منذ قليل:
_طريق للباشا وهو معدي يا بنات.
زوى حاجبه بنظرة جعلتها ترفع يدها كتحية تعبيرية:
_هنرجع المكتب بعد ما نخلص لم العيديات يا باشا، ولو تحب هشيله حالا وأرجعه بس والله اتزنقنا ومالقناش حاجة تسد فجوة السلم العريق ده غيره.
وتابعت بمزحٍ:
_مهو الفخم ميقعدش غير على الفخم اللي زيه.
ابتسم ياسين وهو يراقبها تعود لطبيعتها، كان منزعجًا طوال الأيام الماضية حينما لزمت الصمت، والحزن ينبع داخل حدقتيها، أمرها يعنيه والفتيات بأكملهن يعنيه، ابتسامته جعلت الفتيات مسرورة، أخرج ياسين من جيب جاكيته ظرف مغلف سكبه على المكتب فتحرر منه عدد من الفيز البنكية وأخبرهما بثبات:
_أنا مش هديكم عيدية أنا هديكم حق تعبكم في شغل المقر، الفلوس اتحولت بحساب بنكي في حساب كل واحدة فيكم، بتمنى بعد العيد نرجع للشغل من تاني.
وتركهم وغادر، فسحبت كل فتاة الفيزا المدونه باسمها، فرددت داليا بمزحٍ:
_دي فرجت أوي.
صاحت شروق اليهن:
_في صوت.. حد نازل!
دفعوا المكتب مجددًا فوجدوا حازم يهبط للأسفل وهو يتناول الشوكولا وبعض التسالي، فضحك فور رؤيتهن، وصاح بسخرية:
_ناقصكم فرع الشجرة اللي بيبقى مرمي قدام العربية قبل ما ينقض البلطجية على المارة.
اقتربت نسرين منه ورددت بغضب:
_هتدفع ولا ترجع.
زم شفتيه بسخطٍ، ومد يده بجيبه في محاولات عسيرة للحصول على المال، فوضع عن يده الشوكولا على المكتب وأخرج التسالي على المكتب، ومن ثم أفرغ جيبه الأخر بحبات(الترمس)  ، والفول وغيره من المكسرات فصاحت مروج باستهزاء:
_أنتي معبي البونبنيرة كلها وإنت نازل!
لطمت نسرين صدرها مرددة بقهر:
_شقى عمري كله ضاع على جيوبك، أنا مزينة الجناح قبل ما أنزل عشان نقضي انا والبنات السهرة فوق.
رد عليها وهو يلقي قشور الفول أرضًا:
_وهما البنات أحسن مني في أيه، ده أنا لسه امبارح شايلك ومطلعك السلم ده كله بطولي!
_ليه وإنت كنت محتاج حد يساعدك!
قالتها رحمة بسخرية، فتعالت ضحكات الفتيات، بينما صاحت نسرين بتذمر:_ما تنجز في يومك الله.
قال بنفور:
_ما أنتي شايفاني أهو بحاول!
ضحكت مليكة قائلة:
_ملقيش معاك كحك وبسكوت يا حازم.
أجابها بجدية تامة:
_كان معايا وكلته والله.
ونطق بحماس:
_بس لقيتها.
وأخرج الفيزا ثم ألقاها إليهم مرددًا:
_55522
أجابته نور:
_ده أيه يا خفيف؟!
أجابها وهو يعيد التسالي لجيبه مجددًا:
_الرقم السري، واسرقوا بضمير ورايا اقساط لسه!
جذبت رانيا الفيزا مرددة:
_وماله مش بطال، عدي يا حازم.
جذبت مروج المكتب مشيرة له بالمرور، فوجد الشباب يتابعون ما يحدث على الاريكة، جلس برفقتهم وهو يتناول التسالي قائلًا بشماتة:
_الجيش كله هنا ومتعلم عليه، شاطرين تفردوا عضلاتكم علينا بس!
اجابه رائد بسخط:
_اذا كان باشا القصر بنفسه دفع، تفتكر احنا هنعترض.
بصق القشور التي بفمه وهو يجيبه بثقة:
_الوحش مش هين، هيعلم عليهم الوقتي.
دقائق مبسطة وهبط عدي للأسفل، فتفاجئ بما يحدث ومع ذلك استكمل طريقه بكل ثقة، وحينما وصل للأسفل ردد بثبات تام:
_خير على الصبح؟
اجابته نور ببسمة عريضة:
_زي ما حضرتك شايف يا وحش ضرايب وفلوس ومديوع وحوار طويل.
واسترسلت بمكر:
_ولو مدفعتش شكلنا هيبقى وحش وهيتقال اننا بنميز ناس على ناس يرضيك.
زوى حاجبيه وأجبرها ببرود:
_مهو أنا مش بدفع شيء غصب عني وانتوا عارفين الكلام ده.
حكت خديها بتمعن، فهبطت للاسفل ودفعت رحمة قائلة:
_ادخلي انتي اتفوضي معاه.
ارتبكت رحمة حينما باتت قبالته، ففتحت يدها وهي تدعي القوة:
_خليك متعاون.
ضحك بصوته كله، وحرر جاكيته ثم وضع لها ظرف من الجلد الثمين مكتوب عليه «عيد سعيد زوجتي الحبيبة»  ، التفت الفتيات من حولها يتأملن الظرف باعجاب، وخاصة حينما منح عدي كلا منهن ظرف مطوي مدون باسم الاخت.
                        
في ذلك اليوم المبارك صمم ياسين ويحيى بالذبح واطعام الفقراء والمساكين، واتاحة جزء مخصص لعمال المصانع التابعة إليهما، كان يومًا لا ينسى برفقة الأبناء والاصدقاء والعائلة بأكملها، اجتمعوا جميعًا بساحة القصر الخارجي، وقد انتهت آية ودينا، شذا، يارا، ملك، تالين من صنع الطعام لاعتيادهم تناول الغداء باكرًا.

جلسوا على طاولة ضخمة شملت العائلة بأكملها ومن حولهم الاطفال يمزقون اللعب الجديدة التي قدمها إليهم رعد وعز، رافضين للطعام المقدم (الفتة، الكفتة)، فقدمت لهم رحمة البيتزا وبعض الواجبات السريعة، ليتمكنوا من تناول الطعام والمرح بالالعاب.
ومن بينهم نهض حازم ليلتقط صورة مفاجئة  للعائلة دون أن ينتبه إليه أحدٌ، فوجوده يهرع إليهم وهو يشير لمكان الكاميرا، فصعقوا جميعًا ولم يتمكن احدٌ من أخذ وضعية تناسب التصوير، فمنهم من برز ضاحكًا ومن يحاول ابتلاع الطعام، ومن يتوعد لحازم بالهلاك ومن حولهم الاطفال تزين صورتهم المحفلة بجوٍ مميز لا يخلوه الحب والتسامح..
............ يتبع للمشهد الختامي.....................
اوشكت الرحلة على الاكتمال...
#سلسلة_الجارحي...
#آية_محمد_رفعت...
****_____******

أحفاد الجارحي ..ج5.. ترويض الشرس  ..آية محمد رفعتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن