الفصل الثلاثون : عُصفورً جريح.

Começar do início
                                    

بعد مرور دقيقتان كان كِلاهُما يقِفان أمام الباب الحديدي للورشة ، وكُل ما يفعلانِه هو إنتقال نظاراتهُما بين الورشة وبعضِهما البعض ، تأفف نوح وقال مُتضايقً.

"هنِفضل مبحلقين في الباب كتير؟ ما تِفتح ياعم خلينا نشوفُه مات ولا حصلُه إيه؟".

جز بدر فوق أسنانِه وهو ينظُر حوله مُجيبً.

"ولا بطل غبائك ده! أفتح إزاي والحارة مليانة ناس؟ ، إفرِض حد شافنا وراح بلغ عنِنا؟ ، الحل الوحيد إنِنا نستنى لحد ما الشمس تروح ، ساعِتها كُلُه هيطلع يتغدى في بيتُه ونِقدر نِفتحها براحِتنا".

قضم نوح شفاهه بغِل وهتف بصوتٍ عالي.

"طب مادام هنستنى لبليل نزلتِني ليه يا بارِد؟".

تحدث بدر بغيظ مِن علوا صوتِه.

"علّي صوتك كمان يا حبيبي ، لِسة فاضِل عم أيوب اللي في الدور التالت مسمِعش إنِنا خاطفين واحِد جوا ، أنا نزِلتك عشان المغرِب قرب يأذِن وكُل واحِد في الحارة هيروح يتغدى ، كلِم إنت رحيم يجيلنا ، عُقبال ما يوصل نكون فتحنا ودخلنا".

بالفِعل نجح الأمر وقد تفرق سُكان الحارة إلى بيوتهُم ، وذلك لتناول وجبة الغداء كما خطط بدر ، قام بدر بفتح ورشتِه وأخيراً ، وقد تفاجأ كِلاهُما بوجود أنور على حالِه كما تركوه ، حتى أنهُ لازال نائِمً ، مال نوح على صديقه مُردِف بإرتياب.

"تفتكِر مات؟".

زفر بدر بصبر ورد.

"أه مات وبيتنفس؟ نوح أبوس إيدك بطّل تتغابى عشان بتعصبني".

أتى رحيم بعد قليل ليقوم بدر بإغلاق الورشة عليهم مِن الداخِل ، قام نوح بإفاقة أنور مِن نومِه ، ساكِبً في وجهه دلّو ماء مُثلج ، إستيقظ الأخر شاهِقً بفزع ، وبدأ يرتعِش مِن البرد ، قام بدر بإنزالِه وحل وِثاقِه ، ثُم أحضر له مِقعد كي يجلِس أمام ثلاثتهُم كـ اللِص ، ظل الثلاثة ينظرون إليه في صمت مُريب ، حتى خرج صوتِه وأخيراً قائِلاً.

"إوعوا تكونوا فاكرين اللي عملتوه ده هيعدي بالساهِل؟ ، ده أنا أنور سميح يا شوية بلطجية ، سيبوني أخرُج بس وهتشوفوا هعمِل إيه فيكوا".

فك رحيم أحد أزراز قميصه كاشِفً عن رقبتِه ، ثُم تحدث قاصِداً تذكيره بفعلتِه.

"بلطجية؟ واللَّه البلطجي ده اللي جِه إتعدّى على ولاّيا لوحدُهُم معهُمش راجِل! ، ومعملش حِساب صِلة الدم بينُه وبين بِنت خالتُه حتى؟".

بارانويا | «جُنون الإرتياب» (قيد الكتابة)Onde histórias criam vida. Descubra agora