١١- في حضرة الغياب

5.5K 502 86
                                    

١١- في حضرة الغياب! 
استطاع أيوب السيطرة على غضبه، والتمسك بأقصى درجات ضبط النفس، سائلا الرجل في توجس: قلت جوزها!
هز الرجل رأسه مؤكدا، متسائلا في تعجب: هي مش موجودة ولا إيه! ده اتقالي إنها موجودة بتشتغل هنا!
أكد أيوب، وهو يزدرد ريقه في صعوبة: موجودة، هروح ابعتها لحضرتك حالا، اتفضل خد ضيافتك على الرحب.
اندفع أيوب ما أن غاب عن نظر الرجل، ليصل إلى المكتب، دافعا بابه في قوة اجفلتها، ليعاود إغلاقه بنفس القوة، هاتفا في نبرة تقطر غضبا، متطلعا نحوها، متسائلا بصوت منخفض، جازا على أسنانه في محاولة لكبت ثورته: ايه بقى الموضوع المهم اللي كنتي عاوزاني فيه! يا مداااام سلمى!
نهضت سلمى من موضعها، تتطلع نحوه في ذعر حقيقي، فهذه الحالة الخارجة عن السيطرة، التي تراه عليها اللحظة، أبدا ما كانت من طبعه، ولا رأته على هذه الحال المخيفة، منذ وطأت أقدامها هذه الفيلا، حاولت أن تنطق حرفا، لكن شيء ما كبل لسانها عن النطق، كما أنه لم يمهلها لتنطق من الأساس، وقد بدأ يصرخ في ثورة: كدابة ومخادعة، زيك زي غيرك، أنا من اللحظة الأولى اللي شفتك فيها، سألتك أنتِ متجوزة قولتي لأ.
واندفع في اتجاه أوراقها الخاصة، مخرجها من أحد الإدراج حيث وضعها، دافعا بها في الهواء في قسوة، مؤكدا في قهر: أوراقك كلها مفيش فيها إشارة واحدة تأكد إنك متجوزة، أنتِ دخلتي البيت ده وبقيتي من ناسه، وقربتي من الكل، من الكل..
كرر كلمته الأخيرة في قهر، وهو يستطرد: ومفكرتيش لحظة، إنك تقولي الحقيقة، مجاش على بالك مرة، إنك ممكن تمشي وتسيبيهم، إزاي مفكرتيش فساجد، بعد ما اتحسنت حالته على إيدك، ممكن إنك في لحظة تمشي وحالته تنتكس، إزاي ما فكرتيش ف... ف..
توقف لبرهة يلتقط أنفاسه متطلعا صوبها، كانت قد بدأت تبكي في قهر، لا قدرة لها على مواجهة طوفان غضبه، الذي فاض اللحظة ووصل ذروته حين هتف زاعقا: اتفضلي شوفي رسول الحبايب عايزك ف إيه! يا ترى جه كام مرة قبل كده وأنا مش موجود! وكنتي بتقولي ايه للي فالفيلا، ده مين! ولا مجاش قبل كده وكنتوا مكتفيين أنت و.. وهو .. بالمكالمات والرسايل، خدي حاجتك كلها.. كلها.. ومع السلامة من هنا، هو أولى بكِ.
هم بالخروج من الغرفة، لكنه توقف وعاد فاتحا أحد الأدراج، جاذبا حفنة من المال، دافعا بها فوق المكتب في عشوائية، هاتفا في قرف: اعتقد المبلغ ده كافي وزيادة عن مرتبك، اعتبري الزيادة إكرامية ما تستحقيهاش، بس للأسف بتتعاملي مع واحد كريم، عرفتي تختاري اللي تستغفلوه صح.
اندفع من الباب، مغلقه خلفه بقوة هزت الجدران، لتتطلع سلمى نحو موضع رحيله، مدركة تماما أن هذه هي لحظة النهاية، وأن سلسلة الأخطاء التي ارتكبتها بدافع من الخوف، تدفع ثمنها بالفوائد مجمعة بقسوة شديدة.
مسحت دموعها، وتماسكت قدر استطاعتها، فهي لا تعلم ما ينتظرها من ذاك الرجل الذي يجلس بالخارج، دخلت للصالون، هاتفة بالرجل: أنا سلمى! خير!
أكد الرجل باسما: أهلا يا بنتي، الباشمهندس مجدي باعتني لحضرتك، و..
هتفت مذهولة: باشمهندس مين اللي باعتك! باعتك منين بالظبط!
أكد الرجل، الذي ما تخل عن ابتسامته: مجدي جوزك، ما هو راقد فالمستشفى من بعد الحادثة، والحمد لله اللي خد بيده، واهو طالب يشوفك.
تطلعت نحو الرجل كالبلهاء، هاتفة: يشوف مين! هو مجدي عايش!
هتف الرجل متعاطفا: لكِ حق متصدقيش! بس نقول ايه بقى أمر الله، انكتب له عمر جديد، ياللاه عشان عايزك.
لم تحر جوابا، تحاول استيعاب ما يحدث، ألم تخبر أخته، أخاها صبحي، أنه مات في حادثة أثناء عودته من المطار، وتركها وحيدة هناك! أي رغبة له في وجودها الآن بعد تطليقها، حتى بعد أن ظهر أنه على قيد الحياة، ولم يمت من الأساس!..
على أي حال، لم يكن بإمكانها الرفض، فإلى أين يمكنها الذهاب بعد أن طُردت تقريبا من هنا!.. هزت رأسها موافقة، وصعدت تحمل حقيبتها التي كانت معدة بالفعل، جهزتها بعد ما قررت مصارحة أيوب بالحقيقة، قبل حادثة الطائرة، لكن سفره وما حدث بعده من تداعيات، لم تمهلها، همت بالخروج من الغرفة، التي كانت طوال الشهور الماضية غرفتها، لكنها تذكرت الهاتف الذي تحمل، والذي أخبرها يوم أن منحها إياه، أنه هاتف خاص بالعمل، فتركته جانبا، تنبهت أن أخاها صبحي لم يعرف بعد بكل هذه المستجدات، فدقت على هاتفه، ليجيب سريعا: أيوه يا سلمى! عاملة إيه يا حبيبتي!
هتفت سلمى، وقد شعرت أن مشاعرها قد تحجرت: مش عارفة أنا عاملة إيه يا صبحي! ومش عارفة أنا بيحصل معايا كده ليه!
انتفض صبحي هاتفا في ذعر: أنتِ كويسة يا سلمى! حصل إيه! أنتِ مش قولتي جاية بعد ما تخلص الظروف اللي عند الناس اللي بتشتغلي عندهم! حصل حاجة تاني!
أكدت في جمود: مجدي ممتش يا صبحي، مجدي فاق من غيبوبته، وطلب يشوفني.
شهق صبحي في صدمة: عايش إزاي! اومال ايه الكلام اللي قالته أخته ده!
أكدت سلمى بنفس الجمود: أنا مبقتش عارفة أي حاجة يا صبحي، اديني هروح اشوفه، وأعرف اللي حصل وأبلغك، بس متقلقش لو اتأخرت عليك، لحد ما أعرف اجيب تليفون، عشان التليفون ده بتاع الشغل وهسيبه لصحابه، ماشي!
هتف صبحي في تردد: ماشي، بس طمنيني فأقرب وقت يا سلمى، متسبنيش كده قلقان!
أكدت في هدوء: حاضر.. سلام.
أنهت المكالمة، تاركة الهاتف على الطاولة قرب الفراش.
نزلت الدرج، وحمدت الله أن الوقت كان بعد تناول الجميع العشاء، وقد خلد الكل للنوم، و أن حجرة الشيخ في ذاك الجانب المتطرف، جعلها بعيدة كفاية، حتى لا يصل زعيق أيوب لمسامعه، وكذلك الجناح الخاص بسعدون ونفيسة، كان ملحقا بالجانب الآخر من الفيلا، فلم يسمعا ما دار داخلها بالتأكيد، فلا قبل لها على مواجهة الجميع، وقص الحكاية، يكفيها رد فعل أيوب، وحكايته الخاصة، التي نسج أحداثها من بنات خياله، وما قاله فيها، والذي سيظل ندبة بالروح لن تندمل، تحركت صوب حجرة المكتب، متطلعة نحو أركانها في وجع، تتمنى لو تحمل هواء هذه الغرفة، دون غيرها، تحتفظ به في قنينات للذكرى، حين يقهرها الوجع، تتنسم بعضها، دواء لعلة الحنين، تقدمت للداخل وانحنت تجمع كل أوراقها الشخصية، المبعثرة من هنا وهناك، وما أن انتهت، حتى وقعت عيناها على المال الموجود على المكتب، وضعت أوراقها في مظروفها، وتركت المال جانبا، قبل أن تخرج من الغرفة، التي لن تطأ عتباتها مرة آخرى، متوجهة للصالون حيث توقفت أمام الرجل هاتفة: أنا جاهزة، ياللاه بينا.
                  ***************
اندفع أيوب كالمجنون بسيارته لخارج الفيلا، حتى أن مالو شعر بالذعر، حين أصدرت مكابح السيارة صوتا قويا، وهو يندفع بها على الطريق، ما كان عليه قيادة السيارة وقدمه ما زالت على حالها، تحتاج لبعض الوقت حتى تتحسن بشكل أفضل، يسمح له بالقيادة في سلام، لكن من كان وقتها قادرا على ردعه، ومنعه من الخروج بها، وهو في حالته الثائرة تلك، بعد مقابلة الرجل الذي تركه خلفه بالفيلا، وتكشف كل هذه الحقائق عنها!
زاد من سرعته، كأنه يفرغ غضبه كله بالضغط على دواسة البنزين، لتنطلق العربة بشكل جنوني، مطابق لوضع قائدها، الذي ضغط مشغل الأغاني لعله يلهيه عما يكابده قلبه، فما كان إلا أن وضع  الحطب فوق ناره المتأججة من الأساس، وعبدالحليم يصدح في وجع متسائلا:
    شوف بقينا فين يا قلبي، وهي راحت فين!
   ‏شوف خدتنا لفين يا قلبي! وشوف سابتنا فين!
        في سكة زمان راجعين في سكة زمان..
      في نفس المكان، ضايعين في نفس المكان..
ضرب أيوب المقود بكفه عدة مرات بقوة كادت أن تدميه، مغلقا مشغل الأغاني، الذي تواطأ عليه مع كل الأحداث التي مرت به، ليزيده وجعا على وجع، ليجد نفسه فجأة أمام بيت اللؤلؤ، ترك العربة، وسار في اتجاه الشاطيء، وما أن توقف أمام البحر، متطلعا لتلك الظلمة التي تغشاه، والأشبه بظلمة نفسه في تلك اللحظة، حتى صرخ في قوة متأوها، صرخة جبارة مدوية، خرجت من أعماق الوجع الكامن لسنوات طويلة بين ضلوعه، مخلوط بحشاه، صابرا عليه، لا يشكوه مخلوق، حتى كلّ الصبر وفاض الوجع، مع اكتشافه خيانتها وخداعها له.
تقدم صوب البحر أكثر، مستشعرا أنه قطعة من جمر متقد، بدأت تهدأ قليلا، كلما دخل إلى عمق الماء البارد، حتى غمر كليته، غاب للحظة أسفل سطحه، ثم عاد للظهور، يسير للشاطيء في هوادة، وجسده يقطر مثقلا حركته، حتى وصل للرمال، فألقى نفسه عليها، يتطلع للسماء في تيه، وشرود.
لا يعلم كم ظل على حاله، لدقائق، ربما لساعات، لكنه أدرك أن الفجر قد أقترب أوانه.. نهض في تثاقل، سائرا صوب البيت، متحاشيا النظر إلى ذاك الموضع الذي جمعهما منذ عدة أيام، حيث كان قد قرر الاعتراف بحبها، وطلبها للزواج، حاد ببصره بعيدا، حتى لا يستشعر كم كان مغفلا، حين فكر في تسليم قلبه لامرأة، ليعيد نفس الكرة مجددا، ويدخل نفس دائرة الألم الذي لا ينتهي..
دفع عنه ملابسه المشربة بماء البحر والرمال، ودخل تحت ماء المغطس البارد، وتوضأ.. أنهى ارتداءه لملابس نظيفة، وفرد مصلاه أرضا، وكبر في محاولة لخشوع، يخضع له جوارحه، لكن ما لامس جبينه الأرض ساجدا، حتى بكى.. سالت دموعه حارة على جانبي وجهه.. وبكى من فرط ما فيه، ذاك الذي لا شيء يبكيه.. ولم يهمس إلا بكلمة واحدة.. يا رب ..
                 ****************
خرج الرجل معها من الفيلا، لتقابل في طريقها هزاع، الذي نهض مرحبا بها في سعادة، دمعت عيناها لمرآه، متوجهة صوب موضعه، ربتت على رأسه الضخم في حنو، عدة مرات، وما أن همت بالمغادرة، حتى أصدر أنينا معترضا، آثار أشجانها، كان هزاع هو الوحيد الذي ودعته، من سكان الفيلا، ومن رحمة الله عليها، أنها راحلة في وقت الجميع فيه نيام، اندفعت مبتعدة عن هزاع، الذي خفت أنينه حين ابتعدت، معتقدا أنها لا ترغب في اللعب معه، خطت خارج أعتاب بوابة الفيلا، التي ما أن أغلق مالو بابها خلفهما، وهما بانتظار سيارة أجرة تقلهما للمشفى، حتى شعرت أن شيء ثمين ينزع من بين ضلوعها، وأن قلبها موجوع بشكل لا يمكن أن يستوعبه إدراك، لو كان ذهابها لزوجها قد حدث منذ ثلاثة أشهر ماضية، لكانت في قمة الفرحة وسعادة الدنيا تظللها، لكن ما حدث خلال هذه الفترة، حول القلب والفكر لوجهة آخرى، لم يكن لها خيارا فيها، كانت غارقة في خواطرها، حتى أنها ما وعت وصولها المشفى، فترجلت ما أن نبها الرجل المصاحب لها، الذي سارت خلفه في عدة ممرات، حتى وصلت لغرفة مجدي، دفع الرجل بابها، وتركها تمر داخلها مبتسما لها، مغلقها خلفها، تاركا الزوجين معا لأول مرة، ليهتف مجدي مبتسما في فرحة واهنة: سلمى! أخيرا شوفتك!
هتفت في هدوء: أولا، حمدا لله على السلامة يا مجدي! ثانيا، أنت باعت لي ليه!
تعجب مجدي: يعني ايه باعت لك ليه! باعت اشوف مراتي!
هتفت سلمى في برود: مراتك منين! أنت مش طلقتني لما شفتني فالمطار ومعجبتكش، راجع عايز مني ايه!
قهقه مجدي متعجبا: ايه الحكاية العجيبة دي! مين اللي قالك الكلام المنيل ده!
أكدت في اضطراب: أختك!
هتف مجدي مندهشا: أختي مين! أنا معنديش أخوات!
هتفت سلمى متعجبة: إزاي! والله صبحي لما رن على تليفونك عشان يعرف أنت مرحتش المطار ليه عشان تاخدني، أختك دي ردت عليه وقالت له إنك.. يعني.. انك اتوفيت! .. وإنك طلقتني لما شفتني فالمطار  ومعجبتكش، وأنت راجع من المطار حصل لك حادثة.
هتف مجدي في حنق: إيه الفيلم ده! مين دي! وايه التخاريف دي كلها!
هتفت سلمى متسائلة: يعني أنت مطلقتنيش!
ابتسم مجدي مشاكسا في نبرة تحمل لمحة ماجنة: هو أنا لسه اتجوزتك عشان اطلقك يا سوسو!
هتفت سلمى مذعورة: سوسو مين!
اتسعت ابتسامة مجدي العابثة: هو في حد غيرك هنا!. ما تيجي تقعدي جنبي شوية، بدل ما أنتِ واقفة بعيد كده!
رفضت سلمى في اضطراب: لا، أنا مرتاحة كده، أنت المفروض تخرج امتى من هنا!
أكد مجدي متنهدا: يعني المفروض بكرة أو بعده بكتيره! أنا الصراحة زهقت من القعدة فالمستشفى، بقالي فترة فايق من الغيبوبة، ومحدش معايا، إلا عم حسن الراجل الطيب اللي جالك، قلت تبقي جنبي بقى، عشان نرجع بيتنا سوا.
هتفت سلمى متعجبة: بقالك فترة ومحدش بلغني ليه! متهيء لي عندك علم بمكاني أهو!
أكد مجدي: لا مكنتش أعرف أنتِ فين! كل اللي جه فبالي إنك رجعتي مصر زي ما جيتي، بس أهو اللي يسأل ما يتوهش، وعرفت اوصل إنك هنا.
هتفت سلمى في حنق: بس أختك كانت عارفة إني هنا، ومستنية ظهورك!
هتف مجدي في حنق مماثل: هتقولي أختك تاني! مين دي! أنا معرفش أنتِ بتتكلمي عن مين! ولا بقي معايا أي حاجة، ولا أي حد من بعد الحادثة، لا تليفون ولا أي حاجة خالص! العربية اتبهدلت معدتش تنفع، وأنا طلعت منها بمعجزة، يبقى هيفضل معايا التليفون!.. أكيد وقع في ايد حد، منه، ولا منها لله.
كان مبرر منطقي، جعل سلمي تبتلع لسانها في محاولة لمداراة ما بداخلها من غضب، وقد انقلبت حياتها جراء هذه الحمقاء التي حادثت أخيها، وكانت تمدهما بالمعلومات الخاطئة عنه وعن حالته.
هتف مجدي محاولا ترطيب الأجواء: تعالي عدليلي المخدرة اللي ورا ضهري بقى. 
ترددت سلمى، وما أن همت بالاقتراب، لتنفيذ مطلبه، إلا ودفع أحدهم الباب بعد طرقة واحدة سريعة، كان الطبيب المعالج، الذي بدأ في فحصه، فخرجت سلمى من الغرفة مسرعة، تنتظر بالخارج، انتهاء الطبيب، حتى تسمع منه مجريات الحالة بنفسها.
توقفت في الردهة أمام باب الحجرة كتمثال شمعي بلا روح، تتطلع إلى جانبي الردهة الباردة، يمينا ويسارا، لا مخلوق هناك، كأن العالم خلا من قاطنيه، إلاها، تقف على قارعة الأيام، وحيدة على مفترق طريق، لا تعلم إلى أين يُفضي! ولا تدرك أين يمكن أن يكون منتهاه! صدمات متتالية عاشتها، وما زالت تعيشها، افقدتها لبعض الوقت بوصلة توجهاتها الصحيحة، واغرقتها في اختبار، لا تدرك إن كانت قادرة على مجابهته هذه المرة.
اندفعت مهرولة بلا وعي، صوب أحد جانبي الردهة، حتى وصلت للحمام، دخلت على عجل، وما أن وجدت نفسها بمفردها، حتى انفجرت في بكاء دامِ، لا تعلم لما تبكي! وعلما تبكي! ففي حضرة الغياب، كل الأعذار مقبولة، وكل المبررات شافعة، وكل الدموع سخية، تحمل رائحة الشوق، وطعم الوجيعة.. وسطوة القهر..
                 ******************
شاع خبر رحيل سلمى عن الفيلا، لم تصدق نفيسة وسعدون ما سمعاه من أيوب بشكل مقتضب، أن أهلها استدعوها على وجه السرعة، وهو عمل على مغادرتها، وحجز ما يلزم، لأن على ما يبدو، الأمر طارىء، ولا علم له هل ستعود مرة آخرى أم لا! لكنهما تقبلا الوضع بآخر الأمر، وما كان لهما أن يستفسرا عن أي أسباب، فرضخا لحقيقة غيابها.
كان هذا الإعلان الجاف عن رحيلها المفاجىء، هو كل ما تلقاه الجميع بالفيلا، وعلى رأسهم الشيخ، الذي تعجب من غرابة الحدث، وتنفيذه بهذه السرعة، ما بين عشية وضحاها، لم يقتنع بالطبع، لكنه لم يعقب كذلك، يخبره حدسه، أن الأمر أكبر مما يظهره أيوب، وأن حدث جلل قد وقع ها هنا في غفلة منه، ولا يدرك ماهيته..
                 ****************
جلست قبالة الطبيب مستفسرة: حالته كده استقرت يا دكتور!
هتف الطبيب: آه، الحمد لله، إحنا كان لازم نتأكد إن كل حاجة تمام، بعد الغيبوبة اللي صحي منها..
سألت سلمى: يعني نقدر نخرج امتى!
سأل الطبيب مترددا: هو حضرتك تقربي له إيه!
أكدت سلمى في تردد، لا رغبة لها في إقرار هذه الحقيقة: أنا.. أنا مراته..
اضطرب الطبيب، وهتف بابتسامة شاحبة: أهلا بحضرتك، أصل أنا أول مرة اتشرف بكِ معاه، كان..
وصمت الطبيب ولم يكمل، بل هتف بدلا عن ذلك، مؤكدا: تقدروا تخرجوا النهاردة لو حبيتوا..
تنبهت سلمى لتردد الطبيب، فتساءلت: هو فيه حد كان معاه وأنا مش موجودة!
وبدأت تبرر غيابها عن اللحاق بزوجها في هذه الحالة: أصل أنا لسه واصلة من السفر، لما وصلني الخبر، كانوا مخبيين عليا.
أكد الطبيب مسرعا: لا كان رجل واحد، هو اللي بيزوره على فترات، عن إذنك عندي مرور ع المرضى.
هم الطبيب بالمغادرة، تاركا إياها في حيرتها، ينبئها حدسها أنه يخفي شيئا ما، لا يرغب في الإفصاح عنه، لكنها تنبهت لحديثه من جديد، دافعة خواطرها جانبا، حين توقف مؤكدا: على فكرة يا مدام، الأستاذ مجدي هايبقى محتاج لجلسات علاج طبيعي لفترة، عشان طبعا يستعيد لياقة عضلاته بعد الرقاد الطويل، فلازم متابعة ده فالبيت مع طبيب متخصص.
هزت رأسها متفهمة، لتعود لحجرة مجدي، الذي بادرها بالسؤال في نفاذ صبر: ها، هانخرج النهاردة!
هزت رأسها في تأكيد، شاردة تشعر أنها تساق لواقع لا رغبة لها فيه، مفروض عليها بفعل التقاليد والأعراف، لكن لا دافع لها للبقاء تحت وطأته، ولا قبل لها على تبديله.
              ******************
قررت نفيسة عدم ترك الأمر دون استيعاب لما حدث، فتناولت هاتفها تحاول الاتصال بسلمى، لمعرفة ما جرى بالضبط، لكن الهاتف كان يرن دون إجابة، ثلاثة أيام مرت، والفيلا يغلفها جو من الكآبة والجمود، خيم على الجميع صمت حزين، وكأنها برحيلها أخذت معها روح المكان، فأضحى جامدا لا حياة فيه.
لم تكل نفيسة عن المحاولة، تدرك من معرفتها بسلمى، أنها لا يمكن أن تغادر حتى ولو لأمر طارىء كما أدعى أيوب، إلا بعد وداعهم، لكن ما حدث يخالف طبيعتها تماما، وهذا أكثر ما يثير الشكوك ويبعث الريبة.
كانت قد أنهت ترتيبها لغرفة أيوب، ومرت على غرفة ساجد، الذي يغيب ويسأل عنها، معتقدا أنها هي، ما أن يدخل أحدهم عليه غرفته، يؤنسه ويلاعبه، حتى يجد أيوب من يحل محل سلمى في علاجه، فقررت الدق على هاتف سلمى من جديد، لتنتفض ما أن جاءها رنينه صادرا من غرفتها..
اندفعت صوب غرفة سلمى، ودفعت الباب، ليطالعها الهاتف وقد علا رنينه، وعباءة أيوب المعلقة على المشجب، تنهدت نفيسة في إحباط، فما عاد لها القدرة على تبين مكانها، بعد أن فقدت وسيلة الاتصال الوحيدة بها، حملت الهاتف، والعباءة لخارج الغرفة، وشعور الخيبة يكلل مسعاها.
                  ***************
سارا بالعربة الأجرة صوب منزلهما، كان قلبها يدق في اضطراب، لا تعلم ما الذي ينتظرها من مجهول، تتطلع لمجدي الجالس بالمقعد الأمامي بجوار السائق، لا تصدق أن هذا الرجل زوجها، فهي تتعرف عليه للمرة الأولى، فأحاديث الإنترنت التي أجرتها معه، لا تمت بصلة لهذه الحقيقة الماثلة أمامها، فالعين كاشفة لحقيقة تخبئها الشاشات خلفها، لا تتحدث عن الجانب الشكلي إطلاقا، فهو في حقيقة الأمر، يعد رجلا وسيما، تخطى الأربعين بسنتين تقريبا، لكنه يبدو أقل عمرا من هذا، إذا ما استثنينا طبعا أنه كان مريضا ساقطا في غيبوبة لشهور، وأن ذلك أثر على قوة جسده وملاحة ملامحه قليلا، فسنعده بالطبع رجل جذاب في نظر الكثير من النساء، لكن الأمر تخطى المظهر الخارجي، لشيء آخر لا تدرك كنهه.. شيء غائب، واحساس مفقود، يقف حائلا للقبول بينهما..
دخلت العربة لشارع جانبي، تلاه شارع آخر أكثر ضيقا، لتجد نفسها في حي عشوائي، تكتظ فيه البيوت، بشكل لا آدمي، تطلعت نحوها في قلق، ما أن توقفت العربة أمام أحد البنايات المنخفضة، لا تصدق أن هذه المدينة الراقية، التي ما رأت بها منذ وصلتها، إلا القصور والفيلات والأبراج الشاهقة، يمكن أن يكون جانبها الآخر بهذا الشكل المزري!
ساعد رجلين مجدي على النزول من العربة، والصعود به حتى شقته، وهي خلفهم تصعد السلالم المتهالكة في هوادة، متذكرة درجات بيت أخيها المتهالكة كذلك، تحدث نفسها في حسرة، انتهينا من حيث بدأنا..
دخلت الشقة في حذر، بعد أن غادر الرجال، مغلقين بابها خلفها، لتنتفض في ذعر، ما أن أدركت أنها أصبحت وحيدة مع مجدي، ورغم أن جسده  احتل ذاك الكرسي المدولب، لكنها شعرت بتهديد في حضرته، جعلها ترتجف داخليا، خاصة وهو يتطلع صوبها بنظرات ما كانت تحمل إلا دلالة واحدة، الشهوة الخالصة..
حاولت التستر من نظراته التي كانت تربكها، مندفعة صوب الداخل، تدعي أنها تلقي نظرة على غرف الشقة، تستطلع موضع إقامتها الجديد، لكن هذه العيون التي تتابعها أينما حلت، كيف يمكنها الخلاص من حصارها المقيت!
                   ****************
كان أيوب قد قرر النزول لشركة والده لمتابعة أعمال التجارة، حتى يتلهى عن أحزان قلبه، فمكان كان باستطاعته العودة لعمله، وحال قدمه لم تتحسن بالشكل الكافي، كذلك، تلك الارتجافة بذراعه التي تحسن حالها لحد كبير، لكنها لم تبرأ كليا بعد، وذاك كان أكثر ما يثير حنقه، هو عدم قدرته على الطيران بعيدا عن جو الفيلا، الذي كان مشبعا بها، ما من مكان أو موضع إلا ولها ذكرى فيه تؤرقه، حتى ذاك الهواء الذي يحيطه، يحمل بعضا من عبق أنفاسها.. إنه يكاد أن يختنق قهرا.. ووجعا.. وشوقا..
دخل حجرة المكتب، لتقع عيناه على هاتفها موضع هناك، تقدم ممسكا إياه، يقلبه بين كفيه، يتعجب أنها تركته خلفها، كما تركت راتبها ملق موضعه كما تركه، لم تمسه حتى، نادى سعدون في إلحاح، والذي جاء مهرولا، يحاول كيسا يغلف شيء ما، ليسأله عن الهاتف وسبب وجوده هنا، أكد سعدون: نفيسة لقيته في أوضة الآنسة سلمى، وهي بتنضفها، ومعاها العباية أهي، لسه مستلمها حالا من التنضيف.
هتف أيوب متعجبا: عباية إيه!
أمره أيوب بتركها، ليغادر سعدون، تاركا أيوب وحيدا مع هاتفها، وعباءته، التي ما أن أزاح غطائها البلاستيكي عنها، حتى تذكر أنها العباءة التي سترها بها يوم أن أنقذت ساجد من الغرق بالمسبح،   مد كفه يتحسس العباءة التي لامستها يوما، لكنه انتفض مبعدا كفه، ما أن وعى عقله، أن هذه المرأة هي زوج رجل آخر، وأن ما يفعله اللحظة لا يجوز بأي شكل من الأشكال، فاستعاذ مصرفا ذهنه عن التفكير فيها، لكن هل يقدر، وكل حدث يذكره بها، بل يجبره على تعاطي ذكرياتها وكأنها دواء شاف لسقم بعادها، والشوق إلى لقياها!
اندفع مغادرا حجرة المكتب، يضع هاتفها داخل جيب بنطاله، تاركا العباءة موضعها، يهرب من ذكراها، ولكن أين يمكن للمرء أن يفر، من قدر قلبه!
                    ****************
يومان لم يذق جفناها طعما للنوم، واليوم ليس استثناء، كانت الشقة فالإساس غرفة واحدة، وردهة متوسطة الاتساع، مطبخ بالكاد يحتمل شخصا واحدا للوقوف فيه، وحمام ضيق، من يفكر أن يبقى فيه أكثر من دقيقتين، لأي سبب من الأسباب، عليه الخروج منه مهرولا، حتى لا يموت اختناقا.. فما كان لها من مكان للنوم، إلا تلك الأريكة المترنحة بالردهة، تاركة السرير لمجدي، حتى ينعم فيه بنوم مريح، لكن على ما يبدو، هذا الأمر لم يلاقِ استحسانه، فقد انتفضت ما أن غافلها النعاس، على كفه التي كانت تملس على شعرها الذي كانت تحرص على إحكام غطائه، منحدرا لذراعها.. لتنهض تلتقط أنفاسها في ذعر، متسائلة وهي تجمع أشتات نفسها المضطربة: في حاجة يا مجدي!
هتف بنبرة صوت أبح: ليه مش نايمة معايا جوه! بقالك يومين سيباني ونايمة هنا!
اعتدلت، تجذب نحوها غطائها الخفيف، الذي تتعمد التستر تحته، رغم حرارة الجو، تبرر: أصل الدكتور، هي أوامر الدكتور، قاللي..
قاطعها ساخرا: قالك إيه! سيبي جوزك ومتناميش جنبه!
هزت رأسها نفيا، لا تعلم كيف تبرر أفعالها: لا، مش بالظبط، هو .. يعني قال.. مينفعش إنك.. القصد إنك تركز على صحتك قبل أي حاجة تانية..
تطلع نحوها في حنق، فحاولت ترطيب الأجواء مقترحة: أعمل لك حاجة تاكلها أو تشربها!
هتف في حنق، وهو يندفع مبتعدا بكرسيه: لا، وامسكي إيدك، الحاجات اللي جوه دي آخر حاجة فالبيت، ومفيش فلوس، أنا عاجز، وأنتِ مبتشتغليش، أظن مفهوم!
همست مؤكدة: مفهوم.
ونهضت في هدوء، صوب حوض صغير الحجم، كان موضوعا خارج الحمام في ركن ضيق، كان يقطر ماء من قاعدته، مثيرا حنقها، وكأنه أداة للتعذيب، توضأت وقد وصلها صوت آذان الفجر من موضع قريب، بلسان غير فصيح، فذاك الحي يحمل العديد من الجنسيات، كانوا في أغلبهم غير عرب، رأت أحدهم يصل أمام الدار المقابلة لبنايتهم، فعرفت عن طريق ذلك قبلتها، فولت صوبها، ترجو من الله العفو والسلامة.
                ****************
وكأن هذا ما كان ينقصه، عاد من الشركة، في وقت مبكر على غير العادة، ليجد هيفاء قد قدمت من جديد، تجلس بأريحية على الأريكة المفضلة لديه، والتي وللعجب يشبه غطائها، ذاك المئزر الذي كان قد رآه على سلمى، يوما ما..
شعر بالحنق، وهي تقفز إلى مخيلته هكذا بلا استئذان، فقطع تواصل أفكاره، هاتفا في سخرية، وهو يظهر في مجال رؤية هيفاء: هبوط اضطراري جديد!
انتفضت هيفاء، مندفعة نحوه، وكأنها لا تتعلم أبدا، فكرت أن تدفع ذراعيها حول جيده معانقة، لكنه صدها كما يفعل كل مرة، هاتفا في حزم: قلنا هذا لا يجوز، ميتا بتفهمي!
هتفت في دلال: أيوب، بتخاف من قربي! ها دي أنا هيفا!
هتف ساخرا: تشرفنا.
تركها واندفع في اتجاه الدرج، ليوقفه سعدون متسائلا: أيوب بيه! أحضر لك عشا قبل ما أروح!
أكد أيوب: لا سعدون شكرا، تقدر تروح. 
وأكمل صعوده إلى حجرته، مندفعا صوب الحمام ليغتسل، وما أن خرج، حتى وجد هيفاء، تجلس على طرف فراشه، تضع قدم فوق آخرى في إغراء، ترتدي ثوبا من الشيفون، يكشف الكثير بسخاء فاضح، تطلع نحوها في جمود لبرهة، قبل أن يهتف في حنق: بعتقد وضعنا النقط على الحروف، المرة الماضية، فيما يخص علاقتنا يا هيفا، ايش جابك حد غرفتي!
نهضت تقترب منه في خطوات مغوية مدروسة، قبل أن تصل لموضعه، لا يفصل بينهما إلا سنتيمترات قليلة، هامسة بصوت يقطر دلالا: أنت تقول ما تقول، وأنا أسوي ما أريد، وبعرف إنك تريده مثلي.
والتصقت به، هامسة: جيت أذوب ما بينا من جليد، وأنا بدري، إنك تبغاني وما أنكرت حبي، إلا بوجود هادي البنت، .. وايش كان اسمها العجيب هاد.. ما يهم، سألت عنها، عرفت إنها رجعت لأهلها، روحة بلا رجعة إن شاء الله، حتى ما حدا يشغلك عني، يا بعد قلبي.
كانت تمارس فنون غوايتها، وشيطان هواها، يصور لها أنها قادرة على إيقاعه في حبائلها من جديد، لكنها تراجعت بعد برهة، وما هزت فيه محاولاتها شعرة، متطلعة نحوه في صدمة، ليبتسم أيوب في وجع، هامسا: هاد الأحمق، اللي كان يموت عليك، مات هيفا، مات من زمن بعيد، اللي قدامك رجل من صخر، ما عاد أيوب اللي كان عجينة طايعة بيدك، انسي أيوب يا هيفا، كافي محاولات ما لها نتيجة، نار أيوب الجديد، قادرة تحرقك، خليك بعيد أفضل لك، ما اعتقد إنك راجعة بعد كل هاد الغياب، تتعشمين في معاشرة جثة!
شهقت هيفاء، متقهقرة للخلف خطوة، تتطلع نحوه في صدمة حقيقية، وقد أدركت بحق، أن ذاك الرجل الذي يقف أمامها اللحظة، لا يمت لأيوب الذي كان يوما زوجا لها، ولا حتى أيوب الذي رأت اختلافه عندما جاءت المرة الماضية، وقررت أن تتذوق طعم هذا الاختلاف، لعله يكون هناك أمل في عودة ما كان بينهما، لكن بنكهة جديدة، لكن هذا الذي تبصره الآن، لا يمكن أن يكون بينها وبينه، أي فرصة من أي نوع.
انسحبت هيفاء في هدوء لخارج الغرفة، وقد أدركت، أنها خسرت آخر معاركها، على أرض قلبه، فجمعت ما لها، وتناهى لمسامعه، صوت إحدى السيارت قرب بوابة الفيلا، التي طالعها من نافذة حجرته وقد انفرجت اللحظة، ليرى هيفاء وهي تجر حقيبتها خلفها، راحلة عن الفيلا، موقنا أنها لن تعاود الكرة، وأن هذه هي زيارتها الأخيرة.
أكمل ارتداء ملابسه، وهبط الدرج صوب حجرة الشيخ، فتح الباب في هدوء، عندما لم يأتيه صوت أم كلثوم كالعادة، معتقدا أن الشيخ قد خلد لنوم مبكر، لكن الشيخ بادره أمرا: تعال يا أيوب، أنا فايق، تعال يا ولدي، استأنس بك.
دخل أيوب، ينحني مقبلا ظاهر كف الشيخ كما اعتاد، والشيخ يستطرد: من بعد سلامات، ما عاد في حدا بيأنس الشيخ.
ارتجفت كف أيوب لذكرها، واضطربت جوارحه، وهو يجلس في هدوء، لا ينطق حرفا، ما دفع الشيخ ليسأله: وينها سلامات يا أيوب!
هتف أيوب، محاولا إدعاء الهدوء: كيف وينها! ما قولنا يا شيخ، راحت لأهلها، عادت لمصر!
همس الشيخ، متحسرا: ما عهدتك كاذب يا أيوب، كيف بترحل دون إذني! هاد والله ما يصير.
همس أيوب متوجسا: كيف ما يصير!
أكد الشيخ في ثقة: سلامات في كفالتي، ما لها تسافر إلا بإذن مني.
هتف أيوب في صدمة: متى وضعتها تحت كفالتك يا شيخ!
أكد الشيخ مبتسما: وأنت بين ايدين ربك، ساعة الحادث، كان باقي لها أيام وتروح، اتصرفت، وعملت الوكالة باتصالاتي، وانتظرت تجي تقول لأبوك الحقيقة، لكن ما صار، ايش اللي جرى يا ولدي!  ايش صار يا أيوب!
وفتح الشيخ ذراعيه، داعيا أيوب لدفئهما، ورحابة الكون في حنوهما، ليندفع أيوب، دافنا نفسه بصدر والده، ليحكي ويحكي.. وقد انهار سد الصبر، .. صبر أيوب! ..
                                         يتبع...
#احذر_من_يطرق_باب_القلب
#بنت_جاويش
#نداهة_أرض_الحكايات

احذر من يطرق باب القلب! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن