11- | عودة الفَارس |

Beginne am Anfang
                                    

نعق الغراب مجددًا لتجيب بعد أن فهمته:
-" أجل أوافقكَ."

ثم رفعت ساعدها الأيمن ليقفز عليه سريعًا وقالت له:
-" أعرف لي مكانه."

وأنطلق بعدها الغُراب يشق طريقه ناحية قُرص القَمر الكبير، استمعت حينها إلى أصوات أقدام تنبع من الممر الخشبي الذي تقع فيه غرفتها، ثم تسللت بهدوءٍ ناحية الباب الخشبي ووضعت أُذنيها عليه في محاولة لسماع أي شيء مما يحدث بالخارج..

عنده، تحديدًا عند "سلاف" بالغرفة الخاصة به كان يجلس موازيًا لشخصٍ ضخم الهيئة وحاجظ العنين، لديه ملامح ثابتة لا توحي أبدًا لمصدر خير.. وما هذا الخير بمملكة "هاكوب" يا تُرى!

فَأصول "هاكوب" تعود إلى هياكل مَوتىٰ "هاكو- با" وهذه هياكل تكونت من بقعة -المملكة- ذاتها أثر اصطدام نيزك أسود اللون يملئه بعض الفطريات الفضائية أثناء تكون الأرض، كانت في بدايات عصر مملكة الرموز والتي تكون مكانها أيضًا بسقوط بعض آثار النجوم البلورية المتلألأة بعد تحطمها بالقرب من الكوكب، وهذا الفرق بين المملكتين..

"هاكو- با" هي هياكل عظمية متوحشة، سوداء الوجه سيئة المظهر، حيث كانت تشبه المومياء إلى حدٍ كبير، البعض من وجهها عبارة عن عظام متآكله يخرج منها الدود والحشرات، والبعض الآخر من الجلد الرمادي البارد، وأيضًا لم يخلى من التآكل والحِطام، أفواههم واسعة تصل إلى آذانهم الطويلة نسيبًا، وأنيابهم كأنياب الذئاب..

في يومٍ من الأيام، وتحديدًا بعد استجماع قوة البعض منهم بشرب دَم بعض الكائنات التي كانت تحوم بالقرب منهم، وصنعوا من دمائهم الخضراء المتجانسة، وبقايا النيزك المُظلم حجر رُخامي أسود اللون، وكانوا يطلقون عليه (حجر الخلود)..

وكان يسمى بالآڤية القديمة (چُماڤي)، والآڤية كانت لغتهم إلى مدىٰ بعيد، حيث كانوا طوال هذا الوقت يعمرون تلك البقعة ويحرسون فيها ذلك الحجر الثمين، فهم كانوا يظنون أنه حجر الحياة والخلود، والحياة هنا تعود إلى النيزك الذي أُختلقت منه، والخلود يعود إلى اعتقادهم بأنه سيحميهم طوال الوقت، إلى حين أن تغير وضع السماء والكون مرة أخرى بعد أعوام، وهبطت عليهم بعض النجوم منها المؤذي الناري، ومنهم المتلأليء الصافي، قتلت منهم البعض والبعض الآخر ظل أسفل الرمال يحتمي بها، ولكن تلك الظاهرة نفعت بقدر ما ضرت، وهذا يعود إلى النجوم البلورية الصافية التي انعكست قوتها بشكلٍ ما على الرمال التي كانت تحوي حجر "چمافيّ" وتداخلت مع مكوناته مكونة الـ "ألفا"..

ضوىٰ الحجر بعدها سريعًا بألوان طيفية خرجت منه كالأشعة الحارقة، وقامت بحرق الباقيين من هياكل "هاكو-با"، ثم أرتفع الحجر بالسماء وأختفى سريعًا لمكان لا أحد يعلم طريقه إلى الآن!

وفي ذلك الوقت من الناحية الآخرى كان هناك القليل من المستكشفين الجُدد للصحراء من شعب مملكة الرموز ورأوا الإنارة الامعة بالسماء وتوجهوا ناحية البقعة السوداء التي كانت وسط الصحراء تضوي بلمعان فاحم تحت ضوء القمر..

وما إن دَعست أقدامهم الرمال القاتمة تحولوا إلى سحرة الظلام، ومن هنا تكون شعب مملكة "هاكوب"، التي لطالما كانت مصدرًا السحر الأسود هنا...

كان "سلاف" في هذا الوقت يقف معطيًا للرجل الغريب ظهره وهو يصيح بعصبية:
-" حاول يا جُمجُم، ألا يوجد طريقة لعودتهم إلا بچماڤيّ؟"

وقف ذلك المُدعي بِـ "جُمجُم" وقال بنبرة تكاد تستطيع الخروج من حَلقه:
-" أجل لا يوجد غيرها، ولكن لمَ؟، ألا يكفي الجيش؟"

عاد إليه بوجهه الممتعض وألقىٰ:
-" أتقارن هياكل هاكو بِحُثالة السحر هؤلاء؟، أنهم عار.. بالكاد لن نمكث بيد اليافعون ثوانٍ!"

تنهد ذلك الـ "جُمجُم" وظل يُفكر قليلًا، وبمناسبة الأسم فهو أُطلق عليه بسبب رأسه الفارغة من الشعر، وعيناه المحفورتان للداخل، وجفاف وجهه من اللحم، فهو أشبه بجمجمة ميتة تسير على الأرض، وذلك يعود إلى السحر بالطبع..

فقال:
-" أليست لديك أعوان بمملكة الرموز؟"

رد وهو يستشيط غيظًا:
-" أجل هناك بعضُ الأغبياء بالبرج."

رد عليه سريعًا بنبرة خبيثة بعض الشيء:
-" حسنًا، أظن أنني أستطيع أن أدلك على طريق سرية للمملكة!"

-"وما شأني أنا بالمملكة اللعينة، أريد الإستيلاء على القوى لا أكثر!"

رد عليه "سلاف" بنفاذ صبر ولكنه شك بالأمر حين وجده يبتسم له ويقول:
-" المملكة اللعينة تحوي بقلبها حجر چماڤيّ، الشيء الوحيد الذي يمكنه أعاده هياكل هاكو للحياة!"

إرتعشت شفتاه بحماسٍ وسارع في القول بلهفة:
-" أتعرف مكان الحجر يا جُمجُم؟، أين هو بالتحديد؟"

ولكن شبيه الجُمجُمة الشاحبة ذاك تحدث بعلوٍ:
-" نعم أعرف ولكن.. ليس قبل أن نتفق!"

استدار "سلاف" برأسه يستوعب قم ابتسم إبتسامة تحتضن بجوفها غيظًا كبيرًا وقال:
-" يبدو أنك نسيت أنني أستطيع أن أمحيك من أمامي بثانية!"

ولكن "جُمجُم" ابتسم بسخرية وهو يجلس على المقعد بتكبرٍ ورد عليه بكل ثقة:
-" ويبدو أنك نسيت أنني الوحيد الذي أعلم مكان الحجر!"

وهذا صحيح، فَـلِجُمجُم شيء ثمين وَرِثه من اجداده.. وهذا الشيء عبارة عن بلورة صنعت من بقايا رمال النيزك، الذي بدأ منه كل هذا، بلورة تستطيع معرفة كل شيء يدور بكوكبهم دون أن تُخطيء حتى في الهدف..

استنكرت ملامح "سلاف" وبادله النظرات لدقائق وسط الصمت، ثم تنهد واستدار يعلن عن استسلامه لإستغلال "جُمجُم" له..

على بعد متران وقفت "دارلين" بعد أن استمعت لحديثهم، ثم اتجهت ناحية النافذة تطالع السماء القاتمة بقلة حيلة، وغمغمت بخفوت:
-" أين أنت تَيم؟"

__________________

يُتبع..
لِـ مَنار نَجدي.

| چُــمَاڤـــيّ | °الجزء الثاني للعالم المعكوس° ✓Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt