١ | هل لإيطاليا اسمٌ آخر؟

ابدأ من البداية
                                    

غادرتُ المنزل بعدما عانقتُ وقبّلتُ والدتي ووالدي، والذين هما قد كانوا نائمين في الأساسِ.
إنها عادةً بي، أن أودّع عائلتي قبل النوم وقبل الخروج من المنزل؛ فأنا لا أضمنُ رؤيتهما مرة أخرى.

دلفتُ إلى داخل المصعد ضاغطةً على زرِ الطابق الأرضيّ بعدما وضعتُ شفرتي فوق المكان الذي يمسح بإشاعتهِ عليها، وترجلتُ من المسكن بأكمله بعدما وصل المصعد، أتحرك بقدماي النحيلتان إلى داخل شارعي، إلى البحر؛ فأنا من حسن حظي أسكن في منطقةٍ يقعُ خلفها نهرٌ شديد الجمال، فأذهب إليه عندما أحتاجُ إلى بعضٍ من الراحة.

تمشّيتُ على الرصيفِ بجانبِ السور الذي يفصل بين البحر واليابس بخطى مستكينة، وكيف لا أشعر بالسكينة وأنا أمامي ذلك المنظر المبهج، كانت عيناي معلقتان على المياه وأستمتعُ لصوتِ الأمواج المريح للأعصاب والمفضل لي؛ فأنا من عشاق الأماكن الهادئة وخاصةً البحار.

تذكرتُ ما جعل ملامحي المستريحة تعبس، تذكرتُ عندما كنتُ أتمشّى هنا وبرفقتي أنيستي، أنيستي وصديقة عمري -السابقة- التي لم تصبح موجودةً الآن في حياتي، بعدما أخذت مكانةّ عالية داخل قلبي!

في الحقيقة، لم يكن لي صديقةً غيرها منذ الطفولةِ، كانت صديقتي، شقيقتي التي لم تلدها أمي، مأمني وبئر أسراري، ولكن.. ذهبت كل تلك الأشياء مع الرياح بسبب موقفٍ صغير.

لقد تخلّت عني متناسيةً كلّ ذكرياتنا؛ لذا عليّ أنا أيضًا محوها من حياتي.

تنفستُ بعمقٍ أحاول نسيان أمرِها، أخرجت يدي اليمنىٰ من سترتي الشتوية وأمسح دموعي بسبابتي، ثم نظرت للمعة دموعي على إصبعي، تلك اللمعة التي كانت تشبه لمعة عيناي منذ فترة طويلة.

لا بأس، أنا بخير.

حاولتُ أن أقنع نفسي بتلك الجملة، توقفتُ عن التمشية، أدرتُ جسدي قليلًا لأصبح ناظرةً للنيل مباشرةً، وأسندت ذراعاي على السور، أتأملُ المياه والرياح تداعب وجهي وشعري البُنيّ.

سمعتُ صوت مواء آتٍ من أسفلي، فالتفتُ بهدوء أنظر بجانبي؛ فوجدت قطةً تنظر لي بأعينها البريئة.

"وما البراءةُ سوى قناعٌ للتخفيَ خلفهُ."

رباه، كم هي لطيفة!

انخفضتُ من مستواي أجلس على الأرض بجانبها، وأداعبُ وجهها الرقيق، استشعرتُ رهبتها؛ وكأنها كانت عدوى فشعرت بالرهبة أنا أيضًا من دون سببٍ يُذكر، تجاهلتُ رهبتي وحاولت طمأنتها بأنني لن أؤذيها.

ظلت تموء لبعض الوقت، ظننت أنها متعبة أو مريضة؛ فرفعت يدي من عليها لأبحثُ في حقيبتي عن أي شيء أعطيه لها لتأكله، حتى وجدتُ كعكةً بالشيكولاتة، نظرتُ إليها نظرة خاطفة وقد اتسع بؤبؤيها دليلًا على أنها تريدها، ففتحتُ الكيس التي هي معلبة به، ووضعتها أمامها؛ فبدأت في التهامها.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 31 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ريڤايل | Revileحيث تعيش القصص. اكتشف الآن