الفصل الرابع عشر ♥️

ابدأ من البداية
                                    

كانت الدموع تحتشد في عينيه يرفض تحريرها لانه بالاساس يرفض تصديق الأمر ...لا يمكن ...لا يمكن أن يتركه والده ...لا يمكن ..لا يمكن أن يُحرم من آخر شخص احبه ...كان يضم والده بقوة ويقول بنبرة خالطها البكاء :
-بابا ...بابا ابوس ايديك اصحي ...اصحي يالا هنخرج سوا ... بابا انت بتعمل كده عشان تخوفني صح ...رد عليا...
كان يصرخ وهو. يضمه بقوة ...يرفض ان يتركه ويرفض.ان ينظر إليه حتي ...يرفض تقبل الحقيقة القاسية ..تقبل حقيقة انه اصبح وحيد ...لا أحد له ....
وقف حمدي متجمدا امام الباب وهو يري ذلك المنظر الماثل امامه ...انخلع قلبه وهو يدرك ان وائل ما-ت...الرجل الذي يدين له بالكثير ...لقد اتي ليراه ويطمئن عليه وهو مات ...لم يستطع حتي ان يودعه ...اعتصر قلبه من الألم وهو لا يعرف ماذا يفعل ...كان متجمدا تماما وهو يري مروان يضم والده ويصرخ به ان يتحرك ...تألم قلب حمدي وهو يري ذلك المسكين الذي تدمرت حياته وخسر كل شئ...
جمع حمدي شتات نفسه واقترب من مروان بخطوات مرتعشة ثم امسك كتفه وهو يقول بنبرة مختنقة من شدة البكاء :
-مروان ..مروان كفاية يا ابني حرام عليك ..كفاية ...
ولكن مروان لم ينظر إليه حتي ولم يصمت بل استمر في التوسل لوالده كي يستيقظ بينما قلبه ينزف داخل صدره ...
شده حمدي بعن.ف من علي والده حتي جعله مقابله وقال :
-مروان يا ابني..كفاية ...كفاية حرام عليك خلاص ابوك راح للي خلقه!!...
-لا لا ...سيبني ...سيبني ..
كان مروان يصرخ بإهتياج وحمدي لا يستطيع السيطرة عليه ...كان منها.ر بالكامل الدموع التي حبسها طويلا انفجرت من عينيه فبدت كالامطار في ليلة ممطرة عاصفة.  .كان الألم يعصف به بقوة يشعر ان قلبه يتفتت ...والده لا يمكن أن يمو.ت ...لا يمكن أن يتركه ...فليمو.ت هو أيضا لان الحياة لا تحبه...لقد ايقن هذا !!!
-مروان ...مروان كفاية ..
كان حمدي يصرخ وهو يمسك الفتي المنها.ر بينما اتي الخادم بالمنزل وامسك مروان معه وعينيه مشبعة بالدموع علي تلك الحالة السيئة التي وصل لها مروان
كان مروان يصرخ من قلبه...يصرخ وقد انهار ...انك.سر كليا !!!
-يا مروان ..كفاية كفاية ...
صرخ بها حمدي الا ان مروان لم يصمت ما زال يبكي ويصرخ ....ما زال متحط.م ...
-لا لا محدش يغطي وشه...محدش يغطي وشه هو عايش...عايش ...
قالها بعد ان غطي احد الخدام وجه وائل ...بينما طلب حمدي من الخادم الاخر ان  يمسك مروان معهما ليخرجه من غرفة والده وبالفعل بالقوة اخرجوه ثم بالقوة أيضا ادخلوه غرفته واغلقوه عليه الباب ...
...
اخذ مروان يضر.ب الباب وهو يصرخ:
-افتحوا الباب ...افتحوه ...افتحوه لا...بابا عايش .. محدش هياخده مني ..محدش هياخده مني ...
ثم انها.ر واقعا علي الأرض وهو يبكي ويضم ساقيه الي جسده ويقول:
-هو مستحيل يسيبني ...هو مش هيسيني ...اعيش ازاي أنا دلوقتي اعيش ازاي .....امي وابويا سابوني اعيش ليه...اعيش ليه!!
ثم نهض واتجه الي المرآة ونظر الي انعكاسه ...كان وجهه احمر ومحتقن ...عينيه حمراء كالدماء ..الدموع تشوه وجهه الجميل ...
-ده مش حقيقي أكيد ده كابوس ...هو مامتش ...هو مامتش ...لاااا
صرخ مرة أخرى وهو يضر.ب المرآه بذراعيه حتي تهشمت بالكامل بينما ارتفع صراخه اكثر وهو يقول ؛
-ليه هو يمو.ت وانا  لا ...ليه ارجع وحيد تاني ...
انفتح الباب ودخل حمدي ثم تجمد وهو يري ذراعي مروان الملطخة بالد.ماء والمرآة المهمشة....
-مروان !!
قالها الرجل مصدوما لينظر إليه مروان بإنهاك ثم يفقد الوعي !!!
............
-اسبوع ؟!عايزنا نتجوز بعد اسبوع يا احمد هنلحق نجهز نفسنا ازاي ؟!
قالتها حياة وهي تجلس بجوار والدة أحمد التي تضحك بسعادة وهي تري السعادة المرسومة علي وجه ابنها وحياة ...حياة التي باتت تعتبرها ابنتها أيضا....كانت تدعو من قلبها ان يتم الموضوع علي خير ...فهي تعرف كم تأ.لم ابنها عندما ابتعد عن حياة ...
جلس احمد أيضا بجوارهما وامسك كف حياة وقال:
-يا حبيبتي ...البيت اللي هنتجوز فيه جاهز وانا دلوقتي معايا صور لفساتين الفرح ...اختاري الفستان اللي عايزاه وانا هتصرف واجيبه بس خلينا نتجوز بعد اسبوع ...أنا خللت جمبك يا حياة !
قال جملتها الأخيرة بغضب لتنف.جر كلا من حياة ووالدته بالضحك..
تنهدت حياة وقالت:
-طيب يا حبيبي خليها علي الأقل اسبوعين نكون جهزنا نفسنا كويس انت مستعجل كده ليه...هو أنا هطير...
شد  هو  علي كفها بقوة وقال :
-ايوة خايف تطيري ...انتِ طلعتي عيني عقبال ما وافقتي أخيرا واتكرمتي تتجوزيني فمستحيل اسيبك ...
ضحكت حياة مرة اخري وهي تعترف ..هي فعلا اتعبته حتي وافقت ...حتي حينما اعطته فرصة كانت مترددة جدا علي قبول عرضه بالزواج ورغم ذلك هو لم يكل ولم يمل من طلب الزواج بها ...حقيقة انه دوما يحمل الخاتم معها ولا يفوت أي فرصة حتي يعرض عليها ان تتزوجه ..وكم هذا جعلها تشعر انها تذوب كليا ...ورويدا بدأت تعطيه ثقتها بالكامل !
تنهدت حياة وهي تنظر إليه واعطته ابتسامة واسعة ...ابتسامة جميلة كجمالها بينما عينيها البنية ترمقه بحب كبير وثقة بالغة:
-ماشي يا احمد اللي تحبه...
-ياااه أخيرا يا عنيدة انتِ ..
قالها براحة ثم جذبها اليه وعانقها بقوة ..
-واد ..واد انت ابعد عنها !!!
صرخت والدته بغضب وهي تضر.به علي ذراعه ليبتعد عنها ...ابتعد احمد علي مضض لترمقه والدته بغضب وتقول:
-ايه يا احمد بيه أنا مش قولتلك متلمسهاش الا لما تتجوزوا ...قولت ولا مقولتش ...
ضحكت حياة وحاوطت كتف حماتها المستقبلية ونظر لأحمد كي تغيظه وقالت:
-ايوة بجد يا احمد ...ماما عندها حق ..مينفعش كده ...وانا موفقاها جدا ...
نظر إليه بغضب لتخرج لسانها وتضم والدة احمد.اليها...نظر إليها احمد وقال مصطنعا الغضب:
-حاضر ..حاضر أنا هوريكي ...استني بس اخلص اللي ورايا ..
ضحكت حياة ليقول احمد بجدية الآن:
-بما ان خلاص اتفقنا يا حياتي ..ايه رايك نختار الفستان يا روحي
ابتسمت حياة. وقالت :
-طيب نتكلم علي الشقة الأول ونقول القرار لماما ..
هز احمد راسه لتنظر والدته إليه بحيرة وتقول :
-فيه ايه يا واد ؟!انطق فيه ايه ؟!
ابتسم احمد وقال:
-الموضوع يا ست الكل اني قررت أنا وحياة أننا هنسكن في الشقة الكبيرة اللي اشترتها وحابين يعني ناخدك معانا بدل بهدلة الايجارات وكده ...قولتي ايه ؟!
-انت عبيط يا ولا ...انت ومراتك هتسكنوا في شقة أنا اجي أعمل ايه اكون محرم مثلا ...خلي عندك دم انتوا كمتجوزين لازم يكون ليكم خصوصية وابقوا تعالوا زوروني ...
ابتسمت حياة وامسكت كفها ثم قبلته وقالت:
-بس يا ست الكل أنا عايزاكي تسكني معانا ...مش بتعتبريني بنتك ؟!
هزت هي راسها لتبتسم حياة وتقول:
-وانا عايزة امي تسكن معايا ...عايزة احس بحنانها...
كانت كلمات حياة نابعة حقا من قلبها وقد تأثرت والدة أحمد كثيرا وتألم قلبها علي تلك الفتاة المسكينة ...ارادت بأي طريقة ان تخفف عنها !
ابتسمت هي وقالت:
-حاضر هسكن معاكم ...
لتبتسم حياة وتعانقها فجأة رن هاتف حياة لتنفصل عن حماتها المستقبلية وتنهض وهي تخرج هاتفها ...انقبض قلبها وهي تري ان الذي يتصل هو حمدي الرجل الذي يعمل لدي والد مروان ردت عليه سريعا لتشحب وتقول بنبرة منها.رة :
-بتقول ايه ؟!!!
....................
في اليوم التالي ....
-حامل .
قالها جدها وهو يبتسم بحب ويمسك كفها ...كان متسطح علي الفراش....الآونة الأخيرة كان متعب للغاية ....ساءت حالته وقد ايقن انه سوف يموت قريبا !!
ابتسمت مهرا وقد احمرت وجنتيها جراء الخجل وقالت:
-ايوة يا جدي ..عرفت ده امبارح عشان كده مقدرتش اجي...ادم من وقت ما عرف وهو شايلني في عينيه حرفيا ..مش بيخليني اتحرك ابدا ...بفضل اضحك عليه وعلي تصرفاته ...
ضحكت مروة وقالت:
-اكيد يا بنتي الراجل هيكون اب يا عيني الفرحة مش سايعاه ...الطفل اللي هيجي هيخلي علاقتكم اقوي بإذن الله ...
ابتسمت مهرا واطرقت برأسها ليتنهد جابر بحزن...يتمني من كل قلبه ان يعيش حتي يري حفيدته ...لقد ايقن ان ادم ومرام وليلي لن يسامحوه فعلي الأقل يري حفيدته ...لا يريد ان يمو.ت قبل ان يراها ...نظر جابر الي مهرا وقال بتردد :
-هو ادم مجاش معاكي يا مهرا ؟!
نظرت مهرا الي جدها بشفقة واحست بتأنيب الضمير...لان ادم اتي فعلا ولكنه بقا خارجا وهي لم تجبره علي الدخول خوفا من ان تحدث بينهما مشكلة كالعادة ...فالايام السابقة كانت اجمل ايام حياتها ...فقوة حبهما تغلبت علي كل شئ ولكن ما زال موضوع جدها مسبب توتر خفي بينهما !!!
-ادم برا يا جدي قال هيستناني لحد ما اسلم عليكم وهنمشي سوا ...
ابتلع جابر ريقه وقال بتردد:
-معلش يا مهرا ...ممكن تطلبي منه يدخل ويقابلني ...أنا عايزة اشوفه ضروري ...
دون نقاش هزت مهرا راسها ثم ذهبت لتتصل بآدم.
........
لقد دخل ..اتي إليه ووقف امامه وعلي رغم وجهه المتجمد الا ان قلبه يعتصر بسبب حالته تلك ولكنه ابدا لن يظهر هذا ...لن يجعل جابر عزام يظن ان ادم سوف يسامحه ...الغفران بعيد المنال !!.
-عايز اتكلم مع ادم لوحدي ...ممكن لو سمحتوا تسيبونا لوحدنا؟!
قالها جابر بصوت منهك لتهز مهرا رأسها وهي ومروة ويخرجان بكل هدوء ...والان اصبح مواجه لادم الذي ينظر إليه بوجه خالي من المشاعر ...
-قرب يا ادم عايزك جمبي ..
قالها جابر وهو يمد كفه الا ان ادم قال بجمود:
-شكرا انا مرتاح هنا ...
اسقط جابر كفه بيأس وقد احتشدت الدموع بعينيه وقال:
-عارف أنا مستاهلش أنك.تسامحني يا بني أنا اذ.يتكم كتير اووي ..
-كويس أنك عارف ..
قالها ادم بجمود وهو يحاول أن يقسي قلبه ...كان لا يجب ان يشعر بالشفقة علي جابر عزام ...ولكن للأسف شعر بالشفقة والحزن عليه ...ليت قلبه كان حجر ولم يشعر بكل تلك المشاعر التي تخنقه ...
انسابت دموع جابر وقال :
-انا همو.ت يا بني
احرقت الدموع عيني ادم وقال بنفس الجمود وكان قناع جموده علي وشك التحطم:
-كلنا هنمو.ت يا جابر بيه ...
انسابت دمعة خائنة من عينيه وقال:
-زي بالضبط ما ابويا ما.ت ...بسبب حضرتك...
بكي جابر ...بكي كالطفل الصغير ليهز ادم راسه ودموعه تنفجر من عينيه بغزارة ويقول:
-عايزني اسامحك ...بتب.تزني عاطفيا عشان اسامحك ...اسامح الراجل اللي د.مر حياتنا ...قت.ل ابويا...
-كفاية يا ادم ...كفاية يا بني ..
قالها جابر بعذا.ب ليرد ادم ويقول:
-عندك حق ...كفاية ...كفاية كده متطلبش السماح مني لأنك مش هتناله يا جابر عزام ...أنا مش زرار هتدوس عليا. هسامحك ...انا انسان ...انسان حضرتك.سر.قت منه ابوه ...سعادته واحلامه...انسان كل يوم هيفتكر أنك حرمته من اجمل ايام حياته ..هفتكر دايما ان احلامي ضاعت بسبب غرورك.فأرجوك متطلبش السماح عشان بس حاسس نفسك  هتمو.ت لان لولا احساسك بالمو.ت مكنتش عرفت اصلا أنك غلطت في حقنا يا جابر بيه !
قالها ثم غادر ...غادر تاركا اياه يبكي !!
...........
بعد اسبوعين ...
وقف امام قب.ر والده ...ذقنه ناميه قليلا وعينيه حمراء ...ملامحه منهكه ويبدو كمن فقد روحه...بعد اسبوعين من الانهيار العصبي الذي عاشه بالمشفي ...العديد من التوسلات ليخرج الا ان الأطباء رفضوا بأمر من حمدي  ...حالته كانت سيئة جدا جدا...لم يكن في وعيه...خاف الجميع أن يؤذي نفسه لذلك حجزوه بالإجبار...وحياة واحمد لم يتركوه وقفوا بجواره ...ولكن هذا كلفه الكثير ...فهو لم يحضر جنازة والده بسبب انهياره بالمشفي ...
كان احمد وحياة  خلفه يقفان وينظران إليه بأ.لم...لقد تبدل مروان اصبح وكأنه اتعس رجل في العالم كله !!!كان حقا حزين...بائس ومنهار وهو ينظر لقبر والده الذي بجوار قبر والدته...لقد د.فنوه بجوارها طبقا لوصيته كما دوما اخبره.....
جلس مروان بجوار القبر وهو يتلمسه وقلبه يعتص.ر من الأ.لم بينما يقول :
-اسف ...آسف .. آسف...
كان يكرر اعتذاره دون ان تفهم حياة علي ماذا يعتذر ولكن مروان كان يكرر اعتذاره وهو يبكي ...فجأة شهق بقوة وانفجرت دموعه بغزارة وقال:
-اسف اني عاملتك ببرود...آسف اني بعدت عنك...آسف مقدرتش احضر جنازتك ...أنا مكنتش ابن صالح ليك يا بابا...أنا خذلتك زي ما خذلت امي ...
-مروان !
قالتها حياة بصوت مختنق من البكاء ولكن مروان نظر إليه بعينين حمراء كالدماء بفعل البكاء وقال:
-معلش ممكن تمشوا. ..حابب اقعد لوحدي شوية .
كان طلبه سوف يُرفض من قبل حياة التي كادت ان تهز رأسها بالنفي الا ان مروان قال بتوسل:
-لو سمحتي يا حياة عايز ابقي لوحدي ...لو سمحتي ..لو سمحتي ...
كانت حالته سيئة ...كان يبكي بطريقة اوجعت قلبها لذلك لم تجادل ابدا بل همست لأحمد قائلة:
-يالا نمشي .
وبالفعل ذهبا الاثنين من المقبرة تاركين اياه بمفرده...وتلك كانت فرصته ليبكي كما يريد ...فرصته لينهار بالطريقة التي يريدها .....
صرخة قوية افلتت من بين شفتيه ثم شهقات متكررة ودموعه بدأت بالانفجار من جديد وهو يردد :
-ليه...ليه يا بابا ..كان نفسي تبقي معايا اكتر ...استغفر الله العظيم ..استغفر الله العظيم ...يارب هعمل ايه دلوقتي ...يارب المو.ت راحة ليا
....
لقد انت اليوم الي المقبر.ة بمفردها...انها المرة الأولي التي تأتي بمفردها دون ادم ...ولكنها ارادت ان تزور والدها ...انتهت من قراءة بعض القرآن له...ثم عدلت خمارها جيدا ونهضت وهي تقول:
-هاجي ازورك دايما يا بابا ...أنا بحبك ..
ثم كادت أن تذهب لتتجمد وهي تري هرة  صغيرة تصدر صوتا وتبدو انها جائعة :
-يا حبيبتي يا بنتي ..
قالتها ليلي وهي تشعر بالشفقة علي حال تلك المسكينة ثم حمدت ربها انها دوما تحمل في حقيبتها عبوة زبادي بالفروادلة   لانها تحبه....اخرجتها من حقيبتها واقتربت من الهرة الا ان الهرة خافت وجرت ...
-استني يا ستي هأكلك...مش هاكلك يعني ...يا دي النيلة هي بتجري بسرعة ليه هو أنا عفريتة!!
ولكن فجأة تجمدت وهي تسمع صوت بكاء علي يسارها ...نظرت لتجد آخر شخص توقعت ان تجده...مروان يجلس علي الأرض وهو يبكي ويتلمس قبر ما ...كان يتكلم وهو يبكي :
-اعمل ايه ... أعمل ايه ؟!واعيش ليه...محدش عايزني ...انت الوحيد اللي كنت بتحبني وموت...أنا قلبي وا.جعني يا بابا ...كان نفسي تبقي معايا ..كان نفسي ...
احتشدت الدموع في عينيها وهي تدرك السبب الذي جعله يختفي ...تأ.لم قلبها بسببه ...وكم كانت مصدومة من قلبها ...ما بال قلبها يعارضها وتتكون به مشاعر محرمة ...مشاعر لا يمكن أن تخرج للنور...لماذا تشفق عليه ...لماذا تبكي لأجله لماذا ...
فجأة انتبهت وهي تري مروان ينظر إليها بصدمة لتتراجع هي للخلف وتمسح دموعها ثم تركض من امامه هاربه منه ...
..............
جالسة علي مقعدها وهي تشرب سيجارتها ....منذ خروجها من السجن وهي تحبس نفسها هنا تخرج لكي تتناول.طعامها فقط  ...تشعر بالخز.ي  والعا.ر ...تشعر بالهزيمة وكم هي تكره ان تخسر ...كانت دائما افضل الربح واعتقدت بغباؤها انها سوف تهزم انس...ولكن هي من خسرت وانس من ربح...انس هو من فاز ودمرها تماما ...كيف ظنت انها سوف تقه.ره ...لقد كانت غبية حقا ...
فكرت وهي تحرق سيجارتها وتتيقن ان اللعبة قد انتهت تماما وأنس اعلن فوزه ويبدو انها سوف تعود لفعلتها القديمة. ..محاولة اصطياد رجل ثري ينفق عليها حتي لو  سوف تكون عشيقة لا زوجة 
...........
ولجت ليل الي غرفة والدتها وعينيها مبتلة بالدموع ...منذ خروج والدتها وهي بتلك الحالة ...منغلقة علي نفسها وتبكي...لقد مرت اسابيع وهي بنفس تلك الحالة  !!أنس د.مرها تماما ...كانت ليل تعرف ان والدتها لن تستطيع هزيمة انس...هي تعرف انه ذكي ولكن حقا لم تتوقع ابدا ان يكون لديه تلك الكمية من الدهاء...لقد د.مر والدتها وخلص نفسه من العقد واخذ حضانة ملك للأبد ومنعهما من رؤيتها حتي ...حسنا لا هي ولا امها تهتمان بملك حتي ...هي تريد انس ووالدتها تريد ثروته ...ولن تستلم ليل حتي تحصل علي حبها...انس كل حياتها وان لم تحصل عليه سوف تموت!
اقتربت من والدتها وجلست بجوارها وقالت:
-ماما ...هنعمل ايه ؟!ملك ضاعت وثروة انس.ضاعت ...وانس...
اختنق صوتها ثم اكملت ودموعها تنساب علي وجهها :
-أنس ضاع مني يا ماما. ..أنا بحبه مقدرش اعيش من غيره صدقيني هموت ...هموت يا ماما .. ساعديني ارجعه يا ماما ابوس ايديكي ...
نظرت إليها نيرمين ببلادة ...كانت عينيها ميتة وهي تشرب سيجارتها بالامبالاة ثم قالت :
-أنس هو اللي كسب يا ليل ..خلاص انتهت الحرب وانا وانتِ خسرنا ...خلاص اتقبلي الموضوع ...انسي انس...
هزت ليل رأسها وامسكت كف والدتها وقالت بتوسل:
-ماما أنا بحبه...بحبها صدقيني هموت لو راح لغيري ...ابوس ايديكي اتصرفي يا ماما ...اتصرفي واعملي أي حاجة ...
نفخت نيرمين بضيق وقالت؛
-هنعمل ايه ؟!خلاص يا ليل خلاص الموضوع انتهي ...خسرنا ورقتنا الوحيدة ومرام كسبت انس وملك وثروته ..البنت الشحاتة دي بقت اذكي مننا ...ازاي قدرت تسحره بالطريقة دي ...ده بقا مجنون بيها ...
-انا هقت.لها ...هقت.لها يا ماما ...
قالتها ليل بحق.د لتنظر إليها نيرمين بصدمة فتكمل ليل وهي تبتسم ابتسامة غريبة :
-لو قت.لتها أنس هيتجوزني صح ؟!ايه رأيك...اعملي خطة عشان نتخلص منها وانا معاكي في أي حاجة !!!
.................
كانت ميار تجلس علي الفراش وهي تمسك صورته ودموعها تنساب بغزارة ...رغم ما حدث ورغم ما فعله يظل والدها ...ما زالت آثار ما فعله قابعة في روحها لا جسدها فقط الا انها ادركت انها لا تكر.هه ...هي تحب والدها ..لم تكر.هه يوما...رغم انها حاولت الا انه والدها...كيف تكر.هه ..هي احيانا لا تتذكر القس.وة التي ذاقتها علي يديه...بل تتذكر قبل أن تدخل علياء حياتهما كيف كانت مثالية ...كيف كان اب حنون ...ينفذ جميع  طلباتها ...بقي لمدة دون زواج فقط من اجلها وعندما أستمع أخيرا لإلحاح الاقارب وتزوج ...ادخل افعي الي المنزل ...افعي سا.مة د.مرت حياتها وعاملتها أسوأ معاملة وجعلت والدها ينقلب  عليها ويه.ينها ...لقد تو.جع قلبها وهي تري والدها يعاملها بتلك الطريقة السيئة ...لقد استطاعت علياء السيطرة عليه بالكامل ...استطاعت ان تجردها من حب والدها وتأخذه في صفها...
بكت ميار ولكن تلك المرة بقوة وهي تمسك الصورة
......
ولج علي الي الغرفة وهو مبتسم بعد ان احضر لها  اقراص المشبك التي تحبها  ...تلاشت ابتسامته وتجمد وهو يراها تبكي بتلك الطريقة ...هُلع وهو ينظر إليها تبكي وتمسك صورة ...اقترب منها بهدوء وجلس بجوارها دون ان تشعر وامسك الصورة منها ...شحب قليلا وهو يجد صورة لوالدها وهو شاب بينما يحملها وهي صغيرة ...نظر إليها ليجدها مطرقة وهي ما زالت تبكي ... وضع الصورة جانبا وجذبها اليه ليضمها الي صدره ...لم يتكلم ...لم يفعل شئ سوي مواساتها ...كان يربت علي كتفها برقة جعلتها تبكي اكثر ...وقلبه كان متأ.لم لأجلها. .هو يحبها لدرجة أنه لا يمكنه أن يراها تبكي ...لا يتحمل الأمر ...
...
بعد عدة دقائق كانت قد انتهت من البكاء ...او انهكها البكاء لدرجة انها لم تعد قادرة علي ذرف المزيد من الدموع ...تنهد علي وهو يبعدها قليلا ثم ينظر إليها وبكفيه اصبح يمسح الدموع التي لطخت وجنتيها ثم عانق وجهها وحاصر عينيها السوداء وقال:
-باباكي وحشك مش كده ؟!
هزت رأسها وهي لا تقوي حتي علي الحديث ..بعد فترة قالت بصوت قت.له الانهاك.:
-انا مش قادرة اكر.هه يا علي مش قادرة ...مش قادرة حتي ابقي زعلانة منه وحا.قدة عليه بالعكس أنا تعبانة اووي وقلبي واجعني عشان هو في السجن ...حاولت احارب شعوري دع بس شعوري انتصر عليا يا علي ومبقتش قادرة ...أنا بحب بابا
..ومش قادرة اسيبه في السجن اكتر من كده ...أنا بتعذب...بتعذب ..
-يا حبيبتي ...
قالها برقة ثم قبلها علي وجنتها ثم وضع رأسه علي راسها فقالت هي بتعب :
-انا غلطانة يا علي ...غلطانة لاني مش قادرة اكر.هه ...
لم يبتعد عنها بل ما زال يلصق جبينها بجبينه ويربت علي وجنتها ثم تنهد وهو يقول:
-لا مش غلطانة يا عمري ...انتِ انسانة طبيعية ...انسانة كويسة جدا كمان لانها لسه بتحب والدها ...لسه مهتمة بيه رغم كل اللي عمله ...دي حاجة تخليني افتخر بيكي يا عمري ..حاجة تخليني احبك اكتر ...
-طيب أعمل ايه ...أعمل ايه يا علي ...
قالتها بصوت مختنق ودموعها تنساب من عينيها مجددا ...ظنت ان دموعها نضبت ولكنها كانت مخطئة كثيرا ... ابتعد هو  قليلا عنها ثم بدأ يمسح.دموعها وقال بهدوء:
-الحل تتكلمي معاه .....زرويه واتكلمي معاه...
- بس انا خايفة
قالتها بتردد ليبتسم ويرد :
-وانا معاكي ...وهفضل دايما معاكي فمتخافيش يا حبيبتي ...أنا هكلم المحامي يخلينا نزوره في أقرب وقت ...اتفقنا ..
ابتسمت ميار وقالت :
-اتفقنا ...
ثم عانقها بقوة وكم ان عناقه اعطاها الآمان...وللمرة المليون تدرك ان وجود علي في حياتها هو نعمة.

عروس رغما عنها حيث تعيش القصص. اكتشف الآن