الفصل التاسِع(الشّياطين السُّود).

Start from the beginning
                                    

ولن ترحمها.

^^^
: لم يعُد أمامنا وقتًا طويلًا، الحرب أصحبت من طرفين، الحرب قادِمه، قادِمه وبقسوه.
تحدّث كاسوف مُعقبًا على حديث الملكه مارسيليا قائلًا
: لن نستطِع ردع الشياطين السُّود جلالتِك.
نظر له بيري بغضب واقترب منه وقال
: مَن قال لكَ هذا؟؟؟ آلاف الجنود على استعداد للنزول لساحة القتال، فقط بإشاره من الملكه، الجميع على استعداد لفعل اي شيئ لجل مدينتنا، لجل إبقائها حُره.
صكّ على أسنانه مع نهاية كلامه ومن ثم ابتعد عن كاسوف للخلف فأنزل كاسوف رأسه أرضًا، فربّتت إيما على ظهره بحنان فرفع رأسه وألقى عليها نظره حاده فابتعدت عنه تُحمحم بخفه.

بعد حديث بيري الصارِم في حضور الملكه، استدارت الملكه لهم جميعًا وعلى وجهها علامات الحُزن وكأنها حُفِرت للتو.
صمتت لثوانٍ تنظر لوجوههم جميعًا بقلق وخوف، الجميع في انتظار حديثها، الجميع في انتظار أن تردُف بكلمه واحده.
لم يروْا الملكه بهذا الضعف من قبل، لم يروْها حزينة الملامح بهذا الشكل الكبير.
تنفّست الصعداء وقالت وهي تتحاشى النظر في عيني أي منهم
: علينا المواجهه وإن كلّفنا ذلك حياتنا..علينا ردعهم بأي طريقه ممكنه، علينا الفوز مهما استحق الأمر ومهما تطلّب من جُهد.
تنفّس بيري بصوت غاضِب ثم خرج مُسرعًا من الشرفه للأسفل.
نظرت الملكه في إثره بحُزن جم وجلست على أقرب مقعد بضعف.. لم تكُن تتخيل أنّها ستكون بكُل هذا الضعف من قبل، لم تتخيل أنّها ستحيا لتُواجه وحشة تلك الأيام الثقيله كالصخر على قلبها.. لقد تحققت مخاوفها وأصبحت أمامها حقيقه لا مفر منها.. ابتلع الواقع خيالها الواسِع قبل تحليقه في الأفق حالمًا بحياه ورديه هنيئه..
وضعت وجهها بين يديها وقد ترقرقت الدموع في عينيها ولكن قبل أن تبكي أو تنهار تحدث بصوتٍ صارم قائله
: فليذهب كل منكم إلى الساحه الآن.
انصتوا إلى كلامها وذهب كل منهم بهمّه الذي يثقُل صدره.
فور ذهابهم انهارت حصونها ودخلت في دوامه بُكاء طويله وشهقات مُتتاليه عاليه، تخشي ما كانت تستبعد حدوثه منذ أسست تلك المملكه بيديها، تخشي انهيارها بين يوم وليله.
تخشي ما كانت تستبعد حدوثه.
لقد كان عقلها يُملي عليها كُل يوم مخاوفها بالترتيب و بإستمرار، ولكنّها عند نُقطة فوز العدو عليهم كانت تسخر بشده.. ابتلعت الحقيقه سُخريتها وجاء القدر ليختبر صبرها وشجاعتها.
: عليّ طلب المعونه، عليّ طلب المعونه!!!

^^^
ابتلع الظلام السماء وعمّ السكون أرجاء المدينه، صوت الطيور تُحلق في الأُفق.. صوتٌ مُرعب، يقشعر الأبدان.
المشاعل في مُقدمة كُل كهف تنير المدينه بأكملها تُعطيها منظر خاص بها،منظر جذّاب إلى حدٍّ ما.
بداخل أحد الكهوف، كانت تجلس أرضا تنظر إلى القمر من بعيد، القمر الأحمر لونه.. أحمر قانٍ.
دموعها تهبط على وجنتيها بحسره، قلبها يؤلمها يعتصِر حُزنًا على حالها.
شعرت بهواء بارد يهبّ ناحيتها وبشخصٍ ما يجلس بجانبها.. والصمت عمّ الأرجاء مره ثانيه.
كان ينظر إلى ملامحها الحزينه بشرود وشفقه عليها.
لم يضَع نفسه مكانها بتاتًا ولكن هناك شيئ بداخله حزين.. يشعر بما تشعر.. لا يعرِف لمَ ولكنّه ليس سعيدًا البتّه.
: أتعرفين لما هو أحمر هكذا؟؟
لم تتحرك إنشًا واحدًا أو تُردف بحرف فظلّ ينظر إليها والحُزن عليها يزداد ويزداد.
تحدّث بهدوء قائلًا
: كفاكِ بُكاء رجاءًا، هذا لن يُفيد.
نظرت له ببطئ ثم استقرت عينيها على عينيه وقالت بِبعض السخريه
: وما الذي يُفيد؟؟ لا شيئ يُفيد.
: الصبر سُندُس.. الصبر يُفيد.. جرِّبيه.
ضحكت بخفه ولم تعقّب.
فأردف بضيق بعض الشيئ
: أقُلت شيئ مُضحك أنا؟؟؟؟
هزّت رأسها وهي مازالت على وضعها، تضحك بخفه وقالت
: نُكته.
عقد حاجبيه باستغراب وتحدّث
: ماذا تعني!
ضيقت عينيها وهي تنظر له ثم اقتربت منه قليلًا وقالت
: كُن منصفًا قابيل.
: أوَ كُنت انا ظالمًا؟! متى؟؟؟ وكيف؟؟؟
تنهّدت بحُزن وقالت بشرود
: ما لمْ تعرِف القصه كامله لا تتحدث تحت مُسمّي التجربه.
: لا أفهم.
: لا تقُل لي اصبري، لا تعِرف أنت كمْ من المرات صبِرت، ربما بعدد حباتِ الرملِ.. أو ربمّا بعدد النجوم في السماء!
ابتلع ريقه وقال بتردد
: وهل من سوءٍ عليك إذْ صبرتي مرة أخرى؟!
نفَت ذلك برأسها تُحركها مرات عدّه وقالت بيأس
: لا، الفكره أنّني سئِمت.. سئِمت كُل شيئ، حتى الصبر.. لم يعُد يتحمّلني.. لقد صبَر الصّبر عليّ كثيرًا.
ثم سكتت قليلًا وقالت بتساؤل
: أمررت بموقف استدعى منك أنْ تصبر كثيرًا؟؟؟
شرَد في سؤالها بحيره وحُزن وفي تلك الأثناء تذكّر صديقه "الشريف" واقتحمت قلبه غصه مُره، فأنزل رأسه أرضًا وتحدّث
: لا.
ضيقت عينيها وشرَدت قليلًا في نبرة الحُزن التي تحدّث بها، ولكنّها تنهدّت وقالت بهدوء
: لا لا.. لا يبدو "لا" بالمره.
نظر لها وفي عينيه لمعة حُزن غريبه، وجّه أنظاره الى القمر
فانعكس لونه في عينيه الحادّه، تحدّث بنبره بين طيّاتها دُفن الحُزن
: أيُمكنني الوثوق بكِ؟
: لا.
عقد حاجبيه استغراب شديد وكاد يسألها عن ردّها الغريب الا أنها سبقته وقالت
: لا تعرفُني ولا أعرِفك، أنّا لكَ أنْ تثِق بي؟؟؟
هزّ رأسه بالإيجاب موافقها حديثها
: لا أستطِع تخبئة كُل ذلك الحُزن بداخلي، إنه يفتك بي فتكًا عظيمًا، أُقسم أنّني أشعر أنّه يأكُل بعضي! وإِن لم يكُن كُلي دون دِرايه.
تستمع له بإنصات وهدوء بدون ردة فعل، تنظر له مُنتظره أنْ يُكمِل حديثه.
: عليّ العوده الى كهفي الآن.
ووقف مُسرعًا وخرج من الكهف دون كلمه.
فاستندت برأسها على الجدار من خلفها وأكملت تنظر إلى القمر بشرود.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Mar 30 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

مُشوّهه في عالَمٍ آخر"قيد الكتابه" Where stories live. Discover now