2- الحلقة الثانية

Start from the beginning
                                    

قالتها بشيءٍ من الخجل جعله يقربها منه يسألها بنبرةٍ هامسة:
"قولتي إيه ؟!"

ردت عليه بثباتٍ يتنافى مع خجلها الذي لم يَدُم طويلًا:
"بقولك لو دا هيفرحك هعمله، هو أنا بتكلم تركي ؟؟"

سألها هو بثباتٍ:
"بتحبي التركي أنتِ يا خوخة ؟!"

حركت رأسها موافقةً ثم شردت بهيامٍ و هي تبتسم بحالمية في أحلامها الوردية فيما رفع هو حاجبه بخبثٍ ثم اقترب من أذنها يهمس فيها بقوله بِـ لُغتها المفضلة:

"Seni seviyorum,
Kholoud"
"بحبك يا خلود"

شهقت هي بفرحةٍ و فرغ فاهها و هي تطالعه بصدمةٍ ألجمتها، فيما قال هو من جديد بنفس اللُغة:
"Benden ayrılığın benim hastalığımdı ve yalnız senin yakınlığın benim ilacım
كَانَ فُراقكِ عَني دَائيِّ و قُربكِ وَحدهُ هُو دَوائيِّ"

قالها باللغة التركية ثم فسرها باللغة العربية الفصحى و هو يحتضنها بنظراته و هي كذلك بفرحةٍ لمعت في عينيها، فقال هو بصوته الرخيم:

"لما عرفت إنك بتحبي التركي خليت ولد في ألسن بياخد مننا العلاج في الصيدلية لجده يعلمني أقولك كدا"

سألته بتعجبٍ نتج عن غرابة الموقف حتى خرج صوتها مُتحشرجًا:
"علشاني ؟؟ خليته يعلمك علشاني ؟"

حرك رأسه موافقًا ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"علشانك و علشان تكوني مبسوطة، صحيح أنا مش تركي و مش ملون، بس محسوبك مصري و أبو الرجولة كلها، و من رجولتي بقى إنك تكوني معايا مبسوطة و في أمان"

تعلقت برقبته بعفويةٍ و دموعها تنهمر على وجنتيها لم تصدق حلاوة ما تشعر به معه، بينما هو ابتسم بسعادةٍ نتيجة حركتها تلك التي تفعل دومًا، و للحق تأكد هو أنها أبلغ منه في التعبير عما تريد، فبتلك الطريقة أو بأخرى تُثبت له أن أمانها دومًا بجواره هو، أما "عمار" فتأكد أن نتيجة صبره و حبه الحلال، يحضتنها بين يديه كما تعانق السماء القمر و يحاوطهما النجوم في ليلةٍ صافية.
_________________________

كانت "سلمى" غافيةً في غرفتها و هي تشعر بالوخم و الوهن بسبب حملها، بينما "أحمد" أخذ "ليلى" و جلس معها في الشُرفة على المقعد و هي على قدمه تلعب بلعبتها الصغيرة و تداعبه بين الحين و الأخر حتى غفيت على ذراعيه و كذلك احتواها هو بذراعيه مُضللًا عليها.

خرجت "سلمى" من الغرفة بعدما شعرت بالفراغ من حولها و الصمت يعم المكان، فاقتربت من الشرفة ظننًا منها أنهما مستيقظان لكنها تفاجأت بهما في ثُباتٍ عميق، تنهدت براحةٍ ثم جلست على المقعد المقابل لهما تبتسم بهدوء و هي تقارن بين "أحمد" الطائش القديم و بين ذلك الرجل الناضج الذي يجلس حاملًا ابنته بين ذراعيه.

ابتسمت "سلمى" و تذكرت صبره و قتاله لأجلها و كيف تحمل مصاريف دراستها دون أن يلجأ لأي معاونات خارجية، حتى من والده، كان أكثر الشباب عملًا و محاربةً و جِدًا، لمعت العبرات في عينيها و هي تتذكر ما مر عليهما أثناء تخرجها.

يوم الجمعة (تعافيت بك)Where stories live. Discover now