الرجل السراب- جانيت ديلي

ابدأ من البداية
                                    

_ غدا ترحلين
يبدو كل هذا جنونا. تمطت سارة بكسل كقطة كسول وهى تنظر الى النوافذالمفتوحة فى هذه الليلة الصيفية فيما النيران تشتعل فى المدفأة.لكن هذا كله لاءم مزاجها.فهواء البحر المشبع برائحة الملح الاذعة وتكسر الامواج على رمال الشاطىء والسنة اللهب المتراقصة على انغام الموسيقى المنبعثة من ((الستريو))تركت فى نفسها هدوءا بعد نهار مضن فى المكتب ،كان سببه مكالمة كينكايد انهارت سارة فور
وصولها ليلة الجمعة لتنام حتى ظهر اليوم التالى .اضافة الى طبخ عشاء ايطالى ملىء بالحراريات لذلك المساء. والان...بعد ان تسللت اشعة القمر فحولت البحر الى كتلة فضية وبعد ان اضاء اللهب الاصفر زوايا المدفأة،تملكتها رغبة فى الجلوس على الاريكة التماسا للقراءة وهذا ما فعلته حقاً. بدت البيجاما الرقيقة وهى تمد ساقيها قصيرة حتما،لكنها هزت كتفيها اذ ليس حولها جيران ،وان اراد احد التلصص فيجب ان يكون عملاقا كى يتمكن من الوصول الى امستوى الطابق العلوى ونوافذه،فهنا،على الشاطىء الرملى
الممتد على كتف مضيق دوفر فوق مياه القناة ليس هناك اى كثبان او تلال رملية او حبل.سرعان ما بدا راسها يميل...وكتابها ينزلق من يدها حالما داعب النوم اجفانها.ايقظها شيء ما بعد ساعة ،ظنته للوهلة الاولى حسيس خشبة تحترق،اغلقت الكتاب ثم وضعته على الرف الابيض قرب مصباح سارعت الى اشعاله.كان التعب الذى يجتاح جسمها يدعوها الى الايواء الى السرير لكنها كانت هانئة سعيدة هنا قرب النار،فأغرقت رأسها عميقا بين الوسائد واخذ تتأمل اللهب الاصفر الذى يعلق الحطب المتفسخ تقريبا فى المدفأة.
من الاسفل،سمعت مسكة الباب تتحرك فطار من عينيها كل نعاس وصرخ فيها كل عصب حذرا...لص يقتحم المنزل!وهى وحدها اذ لا جيران حولها ليسمعوا استغاثتها. لم تصدر قدماها الحافيتان صوتا فوق السجادة اثناء اقترابها من الهاتف الواقع فى الجانب الاخر من الاريكة لكنها وجدت الخط مقطوعا عندما رفعت السماعة ...تصاعد الذعر الرهيب فى عروقها .
فات اوان الهرب لان الباب قد فتح والخطوات الهادئة راحت ترتقى السلم.دفعتها بديهيتها الى المدفأة،فتصاعد صوت المعدن فوق المعدن وهى تمسك بمحرك النار المعدنى من مكانه. توقف وقع الاقدام لحظة جمدت حينها قرب المدفأة،تتمسك بكلتا يديها بمحرك النار،ترفعه كما يرفع لاعب البايسبول مضربه امامه. تحرك الطيف باتجاه الضوء القاتم المنبعث من نار المدفأة.كان الطيف يرتدى سروالا اسود يعلوه قميص فاتح.لم يبد من وجه الرجل سوى زوايا ومسطحات تتخللها نيران تنعكس عليه من المدفأة دون ان تكشف الا ملامحا قاسية اوحت
اليها بانه ينظر اليها بفضول،ان لم نقل بدهشة تقدم خطوة الى الامام.فقفز قلبها الى حلقها مانعا الكلمات من الخروج.تلاشت الظلال...لتجد نفسها تحدق فى عينين زرقاوين راحتا تتجولان ببطء واهتمام فوق جسدها،بدءا من اطراف عنقها الطويل نزولا الى ثنايا صدرها فرقة خصرها ووركيها،ثم انحدارا على مدى ساقيها العاريتين وصولا الى اطراف اصابع قدميها،ثم صعودا من جديد بالاتجاه المعاكس. لم تكن سارة تدرك،ان نور اللهب وراءها يجعل بيجامتها الرقيقة اكثر شفافية ذلك ان حواسها كلها كانت منصبة على عينيه اللتين بدتا تخرقان جسدها،فلم تع مدى الاثارة التى يبرزها رداؤها الشفاف.
عندما عادت العينان الزرقاوان الكسولتان الى وجهها تطوفان فى تقاطيعه الرقيقة الناعمة وفى تسريحة شعرها القصيرة الجميلة،اخذت سارة ترتجف،فاشتدت قبضة يديها على القضيب الحديدى حتى ابيضت مفاصل اصابعها...فاجأها الغريب بصوت مشبع بمعانى خفية.
-قال فريدى اننى سأجدكل شيء أريده فى هذا البيت،لكنى لم أفهم أنه عنى كل شيء اطلاقا.حركت سارة محرك النار وقالت بصوت خرج منها كالهمس:
-اخرج من هنا؟ سمعت ضحكته العميقة،فأرادت الهرب لكن قدميها المرتجفتين لم تعيناها على ذلك. لم يحدث ان خافت يوما كما هى خائفة الان اذ قد يصيبها مكروه كبير تحاول بائسة ان لا تتصوره.عادت للتحذير
-الافضل ان تخرج من هنا او سأستدعى الشرطة.نظرت الى الهاتف،ثم اقتربت منه.انها تعلم ان الخط مقطوع،ولكنها كانت تحاول اخافته.سمعت الضحك فى لهجة صوته:
-اسف،ولكن الهاتف مقطوع مؤقتا.

🎉 لقد انتهيت من قراءة روايات احلام/ عبير : الرجل السراب 🎉
روايات احلام/ عبير : الرجل السرابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن