الفصل الثالث والثلاثون

5.3K 203 13
                                    

الفصل الثالث والثلاثون

في طريقه نحو منزله، يسير مدندنًا بسعادة وهو يردد بعض الاغاني الشعبية التي يحفظها، يحمل فوق كتفه حقيبة الأموال وكأنه يحمل حقيبة عادية كالتي يأتي بها حينما يتاجر في بضاعة جديدة ويدور بها على الزبائن في الطرقات ويبيعها، فهذه مهنته التي يمارسها منذ أن وطئت قدميه هذه البلدة الغريبة عنه، ولكنه الان سوف يغيرها ويغير كل شيء مع هذه النقلة الجديدة بحياته، وصل إلى المنطقة التي يقطنها وهي عبارة عن مجموعة من المنازل المتناثرة بعشوائية، لعدد من السكان معظمهم اغراب عن المدينة.
توقف أمام منزله وما هم أن يفتح بوضع المفتاح في مغلق الباب حتى تفاجأ بمن تناديه بإسمه:
- زكى، هو انت جبت بضاعة جديدة؟
عرف صاحبة الصوت ليزفر بداخله مصدرًا سبة وقحة قبل أن يلتف نحوها بغيظ مكتوم قائلًا:
- نعم، عايزة إيه يا سحر ؟!
تقدمت المذكورة نحوه بخطوات سريعة تقول بلهفة لتكتشف الجديد:
- عايرة اشوف البضاعة الجديدة، يا ترى بجى جبت اللى جولتلك عليه؟!.
أزاح يدها التي تحاول المسك بالحقيبة ليقول بغضب:
- شيلى ايدك ده يا سحر وبطلى ام رزالتك دى، هو انا أذنتلك من الأساس عشان تمسكي وعايزة تفتحيها؟
اجفلت سحر بفعله لتقول باستغراب:
- خبر ايه يا زكى دي مش عوايدك؟! دا انت وعدتنى انى هكون اول واحدة تشوف الجديد عشان اكمل بقية جهازى .
حاول السيطرة على انفعاله حتى يبدوا طبيعيًا معها في قوله:
- دى مش هدوم يا سحر، دى أمانة ناس مأمنينا عليها، واهدي بقى لما اجيب الجديد هقولك .
بعدم تصديق هتفت به تجادل:
- أمانة برضوا يا زكي؟ هو انت بتعرف تحفظ امانة اساسًا، ما تجيب م الاَخر وجول انك لاقيت زباين تانى احسن، خبر ايه يا زكي؟ دا انا عمرى ما أخرت عليك قسط فى شهر واحد حتى .
إلى هنا وخرجت الأمور عن السيطرة، فهذه الغبية وفضولها الغير عادي، لمعرفة ما بداخل الحقيبة، قد يتسبب في انكشاف أمره فصاح بها بتشنج:
- بقولك إيه يا بت انتي، أنا مش فاضيلك دلوقتى ولا شايف قدامى وعايز اخش انام .. اخلصى انزاحى بقى من وش الباب بلا قرف.. يالا .
قال الأخيرة وهو يدفعها بقوة حتى كادت أن تقع على الأرض ، لتتسمر واقفة بذهول تراقبه حتى فتح الباب ودلف داخل منزله ثم صفقه بقوة أجفلتها وهي لا تستوعب هذه المعاملة الجديدة منه.

❈-❈-❈

- انتى متأكدة من كلامك دا يا بدور؟
هتف بها راجح سائلًا ابنته بعدم تصديق ، وردت هي بلهفة
- أيوة يا بوى زى ما بجولك كده والله، دا انا جافلة حالاً معاها دلوك، حن عليكم اللحجوها بسرعة.
تابع والدها وهو يحاول الإسنيعاب:
- طب هى مرمية فين دلوك؟ واللى اسمه زكى ده ساكن فين بالظبط ؟؟ .
رفعت عينيها للأعلى وانزلتها مرة أخرى بقلق كبير ونفاذ صبر لتحقيق والدها :
- يا بوى بجولك اللى اسمه زكى دا ساكن بره البلد عند الترعه فى البيوت اللى اتبنت جديد من غير ترخيص وسط الزراعات، دى حتى جريبة من ارض جدى زى ما جالى عاصم، وفوقية برضو جريب منه بس فى وسط الزرع مرمية ومتصابة.
تدخلت نعمات رافعة كفيها للأعلى بالدعاء؛
- يارب نجيها يارب، يارب نجيها .
- خلاص انا هتصل ب ياسر بيه الاول وهو اللي يشوف صرفة في الأمر ده.
قالها راجح وهو يتناول الهاتف ليتوقف فجأة سائلًا باستدراك:
- انتى بتجولي ان عاصم عرف هو كمان يا بدور؟!
أومأت بهزة من رأسها تجيبه:
- ايوه يا بوي، ما هو كان معايا وسمع كل حاجة، وهو اللى نبه عليا اجرى بسرعة واجولك عشان تتصلوا بالبوليس وتلحجوها .
سألها ببساطة وقد ارتخت يداه الممسكة بالهاتف :
- وما اتصلش هو ليه؟ معهوش رصيد ولا وراه مشوار؟!
- تجصد ايه يا بوى ؟!
قالتها بعدم فهم قبل أن تستوعب المغزى من كلماته لتلطم على وجنتيها مرددة بجزع:
- يا مري، يعني هو هيكون راح ل زكي يا بوى؟
هتفت نعمات من خلفها :
- يكون! هو دا سؤال برضوا ينفع مع واحد زي عاصم يا خايبة؟ دا اكيد ياعين امك؟
سمعت بدور لتصيح مولولة:
- يا مرارى يامٌا، دا انا ما صدجت انه فك الجبيرة النهاردة ومشى على عصاية بدل العكاز، ولا دراعه دا كمان، حمل كسر جديد؟
نهرتها نعمات محذرة:
- بس يا بت ما تفوليش وادعى ربنا يسترها.
قال راجح بسأم وهو في انتظار الرد على اتصاله بالهاتف:
- طب انزلى بسرعة دلوك كلمى جدك، على ما اخلص انا اتصالى بال.......
- الو ... ياسر بيه معايا؟

ست الحسن ( مواسم الفرح)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن