كانت يدي تتحسس ظهره المجلود منذ فترة قصيرة والدماء التي لم تجف بعد، كان بإمكاني حتى تحسس عظامه لشدة هزاله، سمعت صوت شهقاته القريبة مني جدا وأحسست برطوبة دموعه، مررت يدي على شعره الناعم، كان يبدو جميلا رغم اتساخه، وددت لو تدوم تلك اللحظة للأبد لولا أن أياد حاولت إبعادي عنه، ضممته لي بقوة أكبر ليشد هو الآخر على ملابسي لكن الآخرين كانوا أقوى، صرخ كلانا لدى فصلنا عن بعض، كان ينظر لي بأكثر نظرة حزينة رأيتها في حياتي، أحسست بقلبي يتمزق لدى رؤيته بهذا الشكل، أعادوا الغطاء على وجهه ليحملوه ويعودوا به من حيث أتى فيما تم وضعي فوق أحد الكراسي الأمامية وأخذ مجموعة من الناس يعالجون الحرق في ظهري.. لم أحس به حتى الآن، كان الأمر كبيرا جدا، أكبر من مجرد حرق يدك بعد لمس القدر الساخنة أو بسبب قطرات الشمع السائل، كان جزء من جلدي قد ذاب لكنني لم اكد أحس بالأمر إلا في تلك اللحظة حين اختفت نظراته الحزينة من أمامي.

رحت أنظر للجميع بعتاب
"كيف استطعتم فعل هذا بشخص ضعيف؟ أنتم وحوش!!"

صرخت فيهم أخيرا مقاوما عبراتي ليتحاشوا جميعا نظراتي ويطأطئوا رؤوسهم.
"الأمر ليس كما يبدو بني.."

قال الأب واضعا يده على كتفي بحنان لأبعدها بقوة

"لا تحاولوا التملص.. أنتم مجرمون.. إنه مجرد فتى صغير.."

"سونغمين، أعلم أن الأمر قد يكون صعبا ومؤلما، لكن لا بد منه لضمان سلامة البلدة"

"هراء!!"
.
.
صرخت فيهم، لم أدر من قال الجملة الأخيرة لكن لا شيء على الأرض يمكنه إقناعي. نظرت إلى وجوههم جيدا، والداي اللذان ربيانني وعشت معهما طوال حياتي في نفس البيت، هل كانا يشهدان على هذا كل أسبوع؟ أستاذي في المدرسة، ذلك الرجل الطويل الموهوب الذي يتصرف معنا بلطف والذي كان قدوتي، العم كانغ الطيب صاحب المكتبة الذي لطالما نصحني بقراءة كتب عن العدالة والأخلاق الجيدة، زملائي في المدرسة اللذين تبادلت الزيارات معهم، السيدة ليم التي اعتادت صنع الكعك وإعطائي إياه وابنها الصيدلي الذي لطالما عالجني لدى مرضي، كل شخص سبق أن عرفته، يبدو أنني لم أعرفهم حقا، كل شيء يبدو زائفا، كل ما كنت أراه من مثالية وسعادة، هل هذا ما يختبئ تحتها؟

"فلتعد للمنزل. كيم، خذ ابنك ليرتاح، سيتبعكم ليم بالأدوية اللازمة"

قال ذلك الكاهن بنبرته اللطيفة. من يصدق أن هذا الرجل الذي يبتسم في وجوهنا دائما ويعطينا الحلوى ويدرسنا كل أحد هو نفسه ذلك السادي الذي انهال على جسد ضعيف بالضرب. كان هذا الوجه الآخر للكاهن الدمث.

"لكن أبتي، لم نكمل الطقوس اليوم".
قالت إحدى النسوة

"لا بأس بنيتي، لقد كان الأمر كافيا لليوم"

عدت للبيت مع والداي منهك القوى، لم أتحدث مع أي منهما وبمجرد وصولي دخلت غرفتي وأغلقت الباب بالمفتاح، زحزحت الخزانة وسديتها بها.

لقد فهمت كل شيء، لمَا كان عدد كبير من زملائي في المدرسة يختفون أياما بعد طقس "تعميدهم"، وكيف كانت حالتهم المزاجية تتغير، ولمَا تتلاشى الابتسامة من وجوه الأطفال في بلدتنا بعد بلوغ سن السادس عشرة. لم يكن أحد هنا سعيدا فعلا، الجميع مثقلون بالذنب، نوعا ما، يشعرون بالأسى نحو الفتى الصغير، يخجلون من أنفسهم، رأيت ذلك في عينيهم، ورغم ذلك يشاهدون الطفل الصغير يتعرض للتعذيب كأنهم امام عرض سيرك العجائب.
تجاهلت الطرقات على باب الغرفة التي كادت تُكسر، أصوات مختلفة تناديني، والداي، الكاهن، الأستاذ، زملاء دراسة، لم أرد على أحد.

عادت لي ذكرة هزيلة من الماضي البعيد، حين كنت في صغري ألعب مع الأولاد في أطراف البلدة لعبة الغميضة غامرت ودخلت مزرعة أحد السكان قصد الإختباء في حضيرته، هنالك في وسط الظلمة رأيت ابنته، كانت فتاة لطيفة معنا ولطالما دعتنا لنركب معها الأحصنة ونلاعب الخرفان، إلا أنها منذ شهر لم تعد تتحدث مع أحد، تمضي وقتها أعلى ربوة صغيرة تطل عل الطرف الجنوبي للبلدة، شهر منذ انضمامها للطقوس غيرها كليا. في ذلك اليوم كانت تقف بشكل غريب، رأسعا مائل للأمام وجسدها مستقيم، كانت تطفو عدة أمتار فوق الأرض بجانب مرقد الحصان وبجانبها في الأرض كرسي ملقى.

كان ذلك اول لقاء لي مع الموت، وأول مرة أسمع بالإنتحار في حياتي."
سونغمين 🤍🌼✨

Isn't he the purest?。:゚(;'∩';)゚:。

Hoppsan! Denna bild följer inte våra riktliner för innehåll. Försök att ta bort den eller ladda upp en annan bild för att fortsätta.

Isn't he the purest?。:゚(;'∩';)゚:。

صبي أوميلاس | سونغ إن ⁦⁦~♪⁩Där berättelser lever. Upptäck nu