اقتباس متقدم 🌺❤️

832 20 0
                                    

اقترب المساء، وكانت تولين قد انتهت أخيرًا من ترتيب الجناح كما كانت تتخيله. فهي أرادت التخطيط للاحتفال مع زوجها حبيبها بيوم عيد الحب بطريقة مميزة لهما معًا، وذلك بمفاجأته وإعطائه اهتمامًا أكبر في ذلك اليوم، وإظهار مشاعرها الجياشة تجاهه، وعشقها له الذي يتغلغل بداخل ثنايا قلبها وكيانها فور عودته من الخارج. حتى تكون الليلة مليئة بأجواء رومانسية هادئة يعمها عشقهم الخالص وتظل ذكرى رائعة لهما معًا. فقد قامت بنفسها بإعداد وجبة عشاء فاخرة ووضعتها على الطاولة داخل جناحهما، وقامت أيضًا بتزيين الغرفة بأكملها لإضفاء جو رومانسي وحميمي على المكان، وابتاعت هدية مناسبة ورائعة لتعبر بها عن عشقها وحبها له وسعادتها بوجوده في حياتها ومعها.

كانت تولين قد أضافت بعض التغييرات على إطلالتها بتغيير بعض خصلات من شعرها للون أفتح وتغيير تسريحته، فجعل ذلك منها أنثى رائعة الجمال. وارتدت أحد القمصان المثيرة بشدة والتي ابتاعته مخصوصًا لتلك الليلة، ووضعت عطرها المميز الذي يعشقه جاسر، وقامت بنثر الزهور على كافة أرجاء السرير بطريقة عشوائية وجزء منها على شكل قلب بداخله كلمة "أحبك"، وقامت بتشغيل الموسيقى الكلاسيكية الهادئة فهي تساعد على خلق أجواء رومانسية مميزة. قد تكون ترتيباتها مبالغ بها بالنسبة للبعض، ولكن هذه طريقتها لاستقبال حبيبها وعشق عمرها وزوجها جاسر. نعم، بسيطة وعفوية إلا أنها ستؤثر فيه دون شك، كان ذلك ما يدور في تفكيرها؛ فهي أرادت أن تظهر له كمية الحب والمشاعر العميقة والجميلة التي تكنها له بداخلها؛ وأنها كانت في انتظاره ومتلهفة كي تكون بين يديه وفي أحضانه. وبعد الانتهاء من كل تلك الترتيبات ذهبت حتى تتأكد من مظهرها قبل قدومه وهي على أحر من الجمر لانتظاره.

بعد ساعات قليلة من انتهاء تلك الحفلة التي كان مدعوًا لها جاسر هو وشقيقه حمزة، والتي كانت مخصصة فقط لكبار رجال الأعمال في البلد لتوقيع عقد شراكة جديد بين اثنتين من أكبر الشركات، توجه هو وحمزة إلى القصر. فتفاجأ الاثنان بالهدوء التام الذي يعم الأرجاء وانطفاء الأضواء على غير العادة، فعلى ما يبدو قد غطى الجميع في النوم مبكرًا اليوم. لم تتجاوز الساعة الثانية عشرة منتصف الليل بعد. ألقى تحية المساء على شقيقه وتوجه يصعد الدرج إلى الأعلى ويدخل داخل جناحهما الخاص بإرهاق شديد وعدم تركيز. وضع يده على مقبض الباب، قام بفتحه والدخول إلى الجناح، فتسمر جسده في مكانه أمام الباب من الداخل مندهشًا مما يرى، مرددًا بداخل نفسه: هل هذا جناحه حقًا أم تم نقله والاتيان بآخر؟! أم دخل إلى المكان الخاطئ؟! أخذ جاسر ينظر إلى خارج الجناح وإلى الداخل مرة أخرى ليتأكد من جناحه الذي يسيطر عليه أجواء إحدى الليالي الشاعرية. فأضواء المكان بالكامل كانت مغلقة إلا من إضاءة بسيطة تأتي من الشموع بأنوارها الهادئة الموضوعة في أغلب الجناح، وصوت موسيقى رومانسية هادئة جدًا بصوت يكاد يسمعه من في الداخل فقط، ورائحة عطر نفاذة من الروائح الرائعة المفضلة لدى حبيبته والتي عرفها سريعًا، والمائدة الصغيرة الموضوعة في المنتصف والتي عليها طعامه المفضل وتنتشر أعلاها بتلات من زهور الورد الجوري. أغلق جاسر الباب خلفه وما زالت علامات الاندهاش ترتسم على وجهه، فيزيد ذهوله أكثر فور خروجها من غرفة الملابس بخجل شديد يعتلي ملامح وجهها الرقيق، تفرك كفي يديها معًا بتوتر وارتباك ملحوظ. أخذ يتأملها بشرود من أخمص قدميها إلى أعلى رأسها فقد كانت ترتدي ثوب نوم رقيق للغاية ولكنه مغري وجذاب بشدة باللون القرمزي الذي يليق بلون بشرتها العاجية الناعمة. فكان عبارة عن عدة خيوط متشابكة من الظهر بالكامل ويصل بطوله إلى الفخذين حيث انتهاء شعرها الذهبي الحريري الذي أطلقته له العنان والذي يسترسل على ظهرها وبعض خصلاته تنتشر على وجهها.

تحرك جاسر باتجاهها، يجلي حنجرته وهو يكاد لا يصدق بأنها أمامه بتلك الهيئة الملائكية الرائعة الجمال كأنها إحدى الآله الإغريقية التي خرجت له للتو من إحدى الروايات الخيالية. فاقترب قليلًا منها بهدوء وهي ثابتة في مكانها، يكسو وجهها الخجل؛ لا تستطيع التحرك، وردد قائلًا بحذر وداخله ينوي لها الليلة على الكثير:
_"أين الصغير؟ أتمنى أن يكون نائمًا الآن بعمق؛ فأنا غير مستعد أن يقاطعنا كالعادة في هذا الوقت بالتحديد".
فأجابته هي بابتسامتها الرقيقة المعهودة وما زالت تنظر أسفل قدميها تداري عينيها الخجلة بشدة عن عينيه:
_"لقد أخذته ماما للنوم معها في غرفتها اليوم بناءً على طلبي".
تنهد بعدها بارتياح مبتسم من خجلها فقال مرددًا بنبرة عاشقة وهو يضع يده أسفل ذقنها يرفعها أمام ناظريه:
_"حبيبتي لماذا تخفين عيونكِ التي سحرتني من أول مرة رأيتها بعيدًا عني".
عضت تولين على شفتها السفلى من خجلها فكادت أن تدمي من شدة الضغط عليها. فأخذ يقترب منها أكثر ببطء شديد يحرقها وهو يفك رابطة عنقه بهدوء يقتلها وهي تنظر له بتوتر وخجل. برغم زواجهما الذي مر عليه ثلاثة أعوام، لكنها ما زالت تخجل منه وخصوصًا في أوقاتهم الحميمية والتي دائمًا ما تكون معركة عشق قوية يفرض فيها حبهم وعشقهم سيطرته الشديدة. اقترب جاسر منها أكثر، حاوط خصرها بيديه القويتين وجذبها إلى صدره يحتضنها بشدة وبرغبة جامحة، غلغل أصابع يده في خصلات شعرها المنسدلة بنعومة وإغراء، وباليد الأخرى ما زال يحاوط خصرها بتملك شديد. كان وجهها يضخ منه اللون الأحمر دلالة على خجلها، فرفع جاسر رأسها بيده برقة يقبلها بسرعة وشغف يرتوي بالحب قلبه من شهد شفتاها كالظمأ الذي كان تائهًا في صحراء قاحلة ووجد ينبوعًا من الماء العذب الصافي. ابتعد عنها بعد مدة من الوقت بسبب دفعها له فقد كادت أن تلفظ أنفاسها داخل قبلته وأخذت تتنفس بسرعة تصارع لأخذ أنفاسها. لم يمهلها جاسر فرصة، فقد قرب شفتيه من وجهها يقبل كل إنش منه بتمهل ورقة. فكانت لمسات شفتيه على وجهها كقطرات الندى الرقيقة على أوراق الشجر في الصباح؛ كل ذلك وتولين مستسلمة له تمامًا مستمتعة بلمسات زوجها وحبيبها جاسر. انقض مرة أخرى يلتهم شفتيها التوتية يشبع من رحيقهما، بعد ذلك أنزل يده وأحاط بها أسفل ظهرها ليرفعها إليه بحميمية أكثر. أما هي فقد كانت غير قادرة على استيعاب كم تلك المشاعر الرائعة التي بينهما. لحظات ووجدت نفسها بدون وعي منها متسطحة على فراشهم، وهو يسند بأحد يديه بجانبها والأخرى ما زالت تحتضن خصرها بتملك شديد ويهمس بجانب أذنها باسمها بحب يقول:
_"أحبك تولين، أعشقك يا ضوء القمر وهالة نوره؛ أنتِ أول وآخر حب في عمري بأكمله".
احتضنت تولين رأسه بين يديها تقربه إليها أكثر والدموع تنساب من عينيها الفاتنة والمتسلطة داخل عينيه تنظر له بهيام وعشق:
_"رددها على مسامعي مرة أخرى حبيبي أريد سماعها منك كثيرًا بدون توقف".
قالها مجددًا ومشددًا على كل حرف يخرج منه وأكمل:
_"أقسم لكِ تولين بأن الحب خلق لكِ ولعيناكِ، ووعدًا مني بأن أكون معكِ حتى آخر أنفاسي".
أما هي فلم تجبه سوى بكلمات قليلة خرجت من أعماق قلبها بكل عشق الدنيا الذي يمتلكها له:
_"لقد أدمنت عشقك، أحبك بجنون. لقد سيطر غرامك على أنفاسي وحبست عشقي لك في ضريح هواك. إنني أعشق الحب فيك، أحبك كلمة تنطق بها شفتاي، لكن يهمس بها قلبي لكن يهمس بها قلبي وروحي".

تلك الكلمات كانت كفيلة بإشعال مشاعره تجاهها أكثر، ليلتقط شفتيها مرة أخرى بعشق أبدي ويحتضنها بقوة أكبر وبتملك أكثر، ثم دفن وجهه في عنقها يتنفس عطرها الدافئ وهما داخل فراشهما الذي كان دائمًا ما ينعم بدفء أحضانهما، فتكون تلك الليلة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة من ليالي عشقهم.

كان الجو في الجناح هادئًا ورومانسيًا، بينما استمرت تولين وجاسر في تبادل المشاعر والكلمات الرقيقة. تلك الليلة كانت تعبيرًا عن الحب العميق والتفاهم الكبير بينهما، ولم يكن بإمكان أي شيء أن يعكر صفوها.

مرت اللحظات بسرعة، وكان كل منهما غارقًا في حب الآخر. ومع مرور الوقت، غطى النعاس جفونهما وهما مستلقين بين أحضان بعضهما البعض، وكل منهما يحمل في قلبه ذكريات تلك الليلة المميزة التي ستظل محفورة في ذاكرتيهما إلى الأبد.

استيقظا في الصباح التالي والشمس ترسل أشعتها الذهبية إلى داخل الغرفة. نظرت تولين إلى جاسر بابتسامة حب وامتنان، وشعرت بالسعادة العارمة تغمر قلبها. تبادلا النظرات وكلمات الحب، وعاهدا نفسيهما على أن يظل حبهما متقدًا ونابضًا بالحياة مهما مرت السنوات.

عندما يتكلم الحب Where stories live. Discover now