تدخل نجد و علائم البكاء تغشاها تقول بصوت يرتجف : عزيز لقاني معه !
تنظر لها شذى برعب : احلفييييي ! ثم تنادي : ياسمينا
تأتيها ياسمينا و هي تحمل سند : هاو وراك فضحتينا ؟
تقول شذى بقلق : عزيز شافها
تهمس ياسمينا : قوليله عطيته القهوة ؟
تنطق نجد و هي تمسح دمعاتٍ تسقط : ياخي وش بيفهمه الحين ؟ قاله بهاج بس ما كأنه يسمع
تسألها ياسمينا : وش سوا طيب ؟
تكتف يداها : ما قال شيء يقول نتفاهم بعدين

بعد انتهاء كل شيء رسميّ
و بعد أن فرغ المجلس من الرجال و لم يتبقى سوى ابناء خالد و عبدالعزيز و ابناءه يقف الجد و هو ينظر لعزيز : يلا يابوي مشينا !
يبتسم له عزيز : يلا يابوي
يخرج الجد و هو يستند على عزيز ليهمس له : وش فيك يا بوي وجهك ماهو عاجبني!
يهمس له عزيز : ما شر جعلني فداك
بعد ان فتح باب السيارة له و استقر بها اتصل بشذى كي تخرج له برفقة نجد
طوال الطريق و عزيز يلتزم الصمت هو و نجد بينما يتبادل الحديث الجد و شذى
ينطق الجد : ها يا نجد علامك ساكته ؟
تهمس بصوتٍ منخفض : هلا ابوي ، مافي شيء
ما ان وصل الى باحة المنزل و نزل الجميع شد نجد من يدها و هو يهمس : خشي المكتب انا جاي
يوصل جده لبيته ما إن هم بالخروج حت يمسك الجد بذراعه : تعال علمني وراك معصب ؟
يبتسم عزيز ابتسامةٌ كاذبة : مافي شيء مهم لا تشغل بالك
يحلف الجد عليه ان يجلس و يخبره يهمس عزيز : بعد ما رجعت من المسلخ انا و عبدالله المغرب لقيت بهاج متصل بنجد عشان تجيب له القهوة  ثم ينطق بقهر : انت عارف انه الحركات هذي ما تعجبني و لا ادانيها و لو انه زواجهم قريب ما يخالف لكن انت عارف انه بعلم الغيب
ينطق الجد بهدوء : ارفق بولد عمك و اختك ، انا لو علي كان زوجتهم و لا انتظرت لكن انا مأجل كل شيء عشانك ، و ابوك لو يدري بيقول نفس كلامي
يقول عزيز بعصبية : انت عارف انه بيني و بينه كلمة انه ما يختلي فيها لوحدهم ليه ما يلتزم فيها ؟ و انا والله لولا احترامك و انت و عمي والا كان غسلت شراعه
ينطق جده بقليلة من التوبيخ : اقطع اقطع وش اللي تغسل شراعه اصغر عيالك هو ؟ تراه ولد عمك ماهو غريب يوم انك تمنعه عنها
عزيز بعصبية : ما منعني عنه الا الرجال مالين المجلس ما ودي الحكي يلحقكم
يهدده جده : والله يا عزيز ان تقوله كلمة ياويلك مني هذا حلفت عليك
يهمس عزيز : طيب طيب .. يقف : يلا انا استأذن

يدخل البيت كإعصار عاتٍ يُطبق الباب خلفه و يدخل المكتب
تفز نجد من مقعدها و تقف
يقف عزيز أمامها يمسك ذراعها بقوة : والله العظيم  واللي رفعها سبع و نزلها سبع لو مره ثانيه يتصل بهاج و الا يرسل و ما تعلميني ياويلك
تهمس بخوف : طيب
يقول بقوّة : تفهمينن والا لا ؟؟؟
تتساقط الدمعات من عينيها و هي تقول : طيب عزيز
يدفعها : اذلفي عني

تخرج و هي تبكي ، كيف لا تبكي و هي تعرف أن عزيز غاضبٌ عليها
عزيز الذي تراه لها ابًا قبل ان يكون اخ
ترى من خلاله كل الاشياء الجيّدة ، فهو الذي كرّس حياته لأجلها و لأجل اختها في عمرٍ صغير
بينما كان الكل يبحث عن ذاته كان عزيز يبني و يُمهد الطريق لاختيه
بعد دخول والدها الذي لم تلتقيه ابدًا للسجن و وفاة والدتها التي لم ترها كذلك و بعد العزاء
سافر يوسف بحثًا عن مستقبله و يأتيهم كل فترةٍ و اخرى
كذلك سعود الذي كان اصغر من يوسف و عزيز لاهٍ في حياته و مراهقته آن ذاك
بينما عزيز هو الذي تولى امر الفتاتين ، احداهنّ في عمر الثالثة ، و الاخرى للتو ولدت
رغم ان والدة ياسمينا كانت تأخذهنّ في كثير من الأحيان ، و طلبت ان يتركهن حتى يكبرن قليلًا لكن عزيز لم يقبل
كان يذهب بهن اليها عندما يذهب لدوامه و عندما يكون منشغلًا اكثر من اللازم

العاشقان اللذان وقفت الحياة في طريقهم
و جعلت لهم عثرةٌ لا تُنسى مدى الدهر ، فكل شيء يُنسى إلا انتهاك الأرواح
تقف أمام النافذة الكبيرة في الغرفة ، تُراقب المارة و الليل
يحمل ابنه الصغير يُداعبه تارة و اخرى يتحايل عليه كيّ ينام
تسمع ضحكات سند و شبح الضحكات على صوت مهاب ، يُخيّل لها لو أنها كانت بغير حالها الآن !
لو أنها لم تعترك معه بالحديث !
لو انهما مازالا عاشقين ؟ رغم أنها ترى محبتها تتفجّر من عيني مُهاب ، و محاولاته المستميتة في مساعدتها
لكنها لا تقبل منه اي شيء
تشعر كما لو أنها كائنٌ ضئيل و متسخ ، تشعر بالحياة تختنق في حلقها
يُراقب مهاب وقوفها الهزيل
كتفاها النحيلة ، شعرها البُني المنسدل على ظهرها
يحمل سندًا و يقف خلفها مباشرة ، يعبث سند بشعرها و يضحك ، تتقدم قليلًا دون أن تلتفت
يحتضنها مهاب بيده الاخرى و سندًا في وسطهم يقول له رغم أننا نعلم أنه يقصدها هي : تحبني زي ما احبك يا بابا ؟
تهمس اليمامة : يا ليت ما ينغر فيك
يضع سند بجواره و يلف اليمامة إليه
يتأمل وجهها ، و عيناها التي تنظران إليه
يمسك وجهها بكفيه : والله اني ما تركت وانا متعمد و لا انا اللي راضي يلحقك لوم و عتب
تسقط دمعة ساخنة على يده ، ليرفع ابهاميه و هو يمسح بها على عيناها قائلًا : دموعك تصب في روحي و تحرقني و لا احب اشوفها
تدور برأسها يمينًا لتفتك من قبضته
يُنزل يديه على كتفها و هو يقربها منه تختنق في شهقاتها على صدره يأتي إليهم سند يُمسك في ثوب مهاب : ليه إكي ؟" ليه تبكي"
يُدني منه مهاب و يحمله بيده الاخرى : قول لماما بابا اسف
يقبلها سند : لا إكي بابا اثف و انا اثف
لكن اليمامة انهارت بالبكاء أكثر ، تكتم الشهقات رغمًا عنها لكنها تخرج
يشد مهاب يده عليها و هو يُقبل رأسها القريب من صدره : خلاص عشان سند
تمسح بيدها وجهها و تبتعد
يراقبها مهاب إلى أن اختفت عن ناظريه في دورة المياه
يُقبل سند : يلا يا شيخ سند لازم تنام
ينطق سند بصوتٍ طفولي : No, I don't want to sleep
يضحك مهاب بقوّة : العب يا ولد تهرج معي انقليزي ؟
يضحك سند لضحكة والده و هو يُمسك وجهه بيديه الصغيرة : يع
يمُسك يده الصغيرة ب أسنانه : مين اللي يع يا ورع ؟
سند يضع يده الصغيرة على أنف والده و هو يضحك : انت
يقول مهاب بطريقةٍ طفولية : ليه يع ؟ انا ابكي ؟
يُجيبه سند : لا انت نوم نوم يع
يُغطيه مهاب : انت اللي بتنام و انا بقوم اشوف ماما

اعتاد سند عليهم بسرعة كبيرة خلال الايام القليلة هذه رغم أنه تجتاحه نوباتُ بكاءٍ في سويعات قليلة
لكن مهاب ، لم يترك له مجالًا ، كلما بكى اخذه الى الالعاب ، او الى متجر الالعاب و الحلويات
لم يشق الأمر عليه ، فقد كان سندًا سهل الطبع ، لكنه يُنادي جميع الرجال " بابا " و هذا مالا يُعجب مهاب

كسرت جناحيّ اليمامة فكان الجرح سندًا مُهاب Where stories live. Discover now