-11- السُخام الأسود

ابدأ من البداية
                                    

تنهدت وأنا أرفع عيني على مهل نحو السماء ليلتقط بصري أن أعلى كل سطح مبنى يتواجد جرم زمردي دار حوله عدة مدارات معدنية رفيعة وغريبة. تماماً كأنوية الذرات.

"أهذا بغرض إنتاج الطاقة؟"
سألت وأنا أميل برأسي يميناً لأجد أن نورمانوس الذي كان من المفترض أن يكون بقربي قد اختفى ومكانه تواجدت طفلة تقوم بتناول الحلوى بنهم. نظرت تلك الأخيرة نحوي وكأنني على وشك سرقة حلواها ثم بدأت الوثب بعيداً بعد إعطائي نظرة تهديد شقية.

قبضت أناملي وابتلعت بقلق إذ بدأت الشوارع بالإزدحام أكثر بطريقة خانقة، ويبدو أن حتى حواسي الجيدة لا تعمل كما ينبغي لها في فضاء مزدحم.

حاولت الحراك لكن قدماي التصقتا بالأرضية من أسفلهما لتجعلانني أفقد ماء وجهي خوفاً من القادم إذ أنه لا يمكن أن تكون هذه كلها علامات خير.

"الأحجار تسمى بالسكابوليت."
شهقة خافتة فرت من فاهي حين امتدت ذراع من خلفي ووضعت صرة من القماش الناعم في كفي اشتممت منها رائحة السكر.
"لأجلي؟"
رفعت رأسي نحو نورمانوس الذي أومأ مجيباً:
"أنتِ لست مضطرة لتجنب الحلوى بسببي، لاحظت أنكِ تحبين السكاكر."

"أنا... بالفعل أفعل."
ضحكت بصعوبة وتذوقت إحداها على عجل، كانت مصنوعة من قطع اللوز الحلو المغلفة بالسكر الملون القاس. حلاوتها ليست شديدة والمكسرات أضافت نكهة مميزة.

"إنها طيبة المذاق."
غمغمت بابتسامة دون أن أرفع رأسي وأنا أقضم المزيد باستمتاع وبحذر من أن أعض فاهي. أشعر بتحسن بسيط وليست الحلوى السبب.

راقبت نورمانوس يتوقف بقربي ثم يرفع أخيراً ببصره عني وينظر لحيث توجهت عيناي سابقاً ويجيب:
"إن هذه الأجرام بالفعل للطاقة، تستمد الطاقة من نور الشمس في النهار ونور القمر في الليل، تعمل على التخزين بالمثل في الأيام الغائمة."
لديهم تقنيات مشابهة لتلك التي سمعت عن وجودها في جهة سحرة النور من العالم الموازي إذاً...لحظة!
حدقتاي ارتعشتا في محاجر عيناي ورؤيتي زاغت.
"سمعتني؟"
سألت بدهشة ليحط بصره علي ويعقد حاجبيه باستغراب:
"أجل، لقد كنت خلفكِ مباشرة."
استدار بنصف جذعه وأشار لعربة قريبة تحملق حولها الأطفال لشراء السكاكر وأنا فقدت القدرة على البلع. لم ألحظه رغم قرب المسافة. كل هذه الأحداث التي دارت في دقائق معدودة في الخارج أشارت للكثير.

"أهنالك خطب ما؟"
سأل نورمانوس بقلق وهو يميل بجذعه نحوي لينظر في وجهي ذو الملامح الضائعة مباشرة.

"أنا بخير."
غمغمت على مهل وهو قطب حاجبيه وكأنه لاحظ أن الجواب لم يكن صريحاً فاقترب أكثر لأتقهقر للخلف حين استفسر بجدية:
"لماذا تتنفسين بسرعة إذاً؟"

ماذا سيظن عندما يعلم؟

صككت أسناني حين شعرت بنظرات الناس من حولي تخترقني على حين غرة فبدأ الهلع مع تضاعف أعداد المارة والعيون من حولنا، يجب أن أتحمل.

بـومـة مينـرڤاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن