-25- البحث عن الحكمة

ابدأ من البداية
                                    

كنت محظوظة بكون غرائز غلاكوس سلمية، لولا إياه لما عدت للنوكتوا بسرعة، ربما لم أكن لأجد عائلتي قط.

النسيم داعب الريشة بين أناملي لكنه لم يرفعها، لم اضطر لإستعمال المراسلة قبلاً لذا لست متأكدة الآن من أنها ستعمل.

"اذهبي لبولاريس."
همست بخفوت لكن لا جديد، أغلقت أهدابي بقوة ثم كررت كلمات الرجاء مراراً، لا أريد أن يعلم أفراد ريغان عن تواصلنا، سيكون من السيء والغباء الإفصاح عن خدعي....هذا إن عملت هذه الخدع في المقام الأول.

نسيم بارد هب فجأة جعلني أفتح عيني بصدمة للشعور المألوف فأرى ريشتي تحلق في الهواء وتبتعد حتى اختفت بين الغيوم.
"ريح شمالية؟"
تساءلت، ليست البرودة وحسب، الرائحة، ملمسها ضد بشرتي، أحسست لوهلة أنني في المنزل.

لحظة إدراك ضربتني فهتفت بخفوت حماسي:
"مرحى!"
قفزت في مكاني شاعرة بالنصر، هذا محرج لكن الآن...أنا أشعر بأنني مميزة فجأة.

.
.
.

جمعت بعض الكتب من الرفوف القديمة ودخلت غرفة الأرشيف لأنثرها أعلى الرخامة الطائفة. شتاب دار حولي متسبباً بنثر غبار سحري أخذ يقلب الصفحات بسرعة ليدلني على ما قد يفيد.
"لا."
نبست مراراً وتكراراً وهو قلّب الصفحات دون تذمر حتى انتهينا من كل كتاب كنت قد جلبته.

"يبدو أن الكتب العادية لن تساعدنا."
فتحت كفي فسقطت العصا بين أناملي بخفة والرخامة إنخفضت أسفل قدمي لأخطو عليها فترفعني بطرقة واحدة من شتاب للأعلى حيث تم تكديس ملفات عن الطفيليات الخاصة والنادرة في عدة أجرار.

مجدداً الأوراق إندثرت في الهواء وشتاب أخذ يحركها بترتيب واضح أمامي لأطلع عليها دون كلل.

مر بعض الوقت على وقوفي في الأعلى فأصيبت ساقاي بالخدر لكن هذا لم يمنعني من الجلوس وحسب بساقي تتدليان للأسفل حتى بدأ ظهري يقوم بالتململ بالمثل من ثقل الأجنحة.

"مينرڤا!"
صوت مألوف هتف من القاع اسمي وحين حركت بصري للأسفل وجدت أنه فرويد. حدق بي دون إضافات للحظات طالت.
"ما الأمر؟"
سألته فأخفض بصره وتنحنح أخيراً:
"عائلة المريض يودون أن يعود إليهم."
استشعرت شيئاً بنبرة صوته المرتبكة.

"بهذه السرعة؟"
تمتمت محبطة، لا أود حقاً أن يعود ذلك الفتى وهو على هذه الحال البائسة لعائلته.

أمسكت بشتاب لأقوم بتلويحة واحدة جعلت كل الأوراق تعود لملفاتها الأصلية ثم تنزلق تلك الأخيرة في درجها الخاص قبل أن أطرق بالعصا على المنصة فتنزل بي للأسفل.

هبطت على ساقي بخفة، عدة ريش تساقطت من أجنحتي لتندثر أرضاً قبل أن تتمايل وتحلق حول فرويد الذي بدا مشدوهاً.

الريش غادرت الأرشيف فسأل بفضول تلألأ في عيونه الحمراء.
"أتتحكمين بها، أين تذهب؟"
حدة نظراته أصبحت أخف، بدت وكأنها وتعود لفتى صغير فضولي.

بـومـة مينـرڤاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن