2- شيء من الواقع

Start from the beginning
                                    

كنت وحدي بالبيت جالسة على طاولة الغداء، آكل كالوحش الهائج وكأنني لم اتعرض للتهديد بالفصل منذ ساعة، وفي لحظة من اللحظات شعرت بذلك النعاس المفاجئ من جديد، لاحظت هذه المرة أنني اصبت بالشلل، كنت اريد صفع وجهي على أمل أن افيق فإذا بأطرافي لا تتحرك ثم تهاوت رأسي بثقل وغفوت كالعادة.....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ممددة على مجموعة من الاخشاب الكبيرة المُجمعة تطفو بي في وسط نهر جارِ، أبي(أحمد السقا) عن يميني وخالي(أحمد عز) عن يساري ويقودنا تيار النهر إلي المجهول...
تائهين في الليل ولا نستطيع الخروج عن المسار أو الخروج من النهر نفسه بسبب بُعد ضفاف الوادي عنا وعدم وجود مجاديف ، كانت ملابسنا جميعها بالية ممزقة وكنا نحاول إشعال النار في الخشب الذي يحمينا من بطش النهر لانه... معروفة نحتاج للدفئ في ذلك الليل المعتدي والبرد القارص فلنحرق خشب القارب المسطح لا بأس.

خالي (أحمد عز) هو من كان يحمل علبة الكبريت وعندما حاولنا أخذها منه بكي وصرخ: حرام عليكم أنا قلت مرة الكبريت دا عشان لما أجوع أكله وهبقى انتحر بيه بعدين، ارحموني بقي

في نزاعنا على علبة الكبريت قفزت علبة الكبريت من يده وسمعت صوتًا صغيرًا يصدر منها يقول: لقد خلقنا الله احرارًا ويييي

قفز خالي بدون تفكير في النهر وراء العلبة التي تناثرت عيدانها و لم يخرج بعدها.... كان خالي (أحمد عز) متهورًا بالفطرة وكان جزاؤه هو الغرق

نسينا ما حدث وكأنه لم يكن، كنا في حيرة أكبر ... كيف سنشعل النار؟؟!
دفعني أبي في الماء وقال بلهجة آمرة حازمة: هحاول أكح في الخشب وأقيد النار ، هاتِلنا سمكة ناكلها

غضبت لانه دفعني في النهر العنيف الذي غرق فيه أحد ما منذ قليل وصعدت بصعوبة وأنا مبتلة وقلت بنزق: نعم!! يعني عايزني اتعامل لوحدي مع سمكة التونة العنيدة، لا مش انا اللي يتضحك عليا انا اصلا عايزة آكل فراخ

لحسن الحظ والصدفة الحُلوة؛ الدجاج كان يجري على ضفاف النهر بتناغم لطيف، فقفزت للضفة بسهولة وسرعة خطفت واحدة وعدت للقارب المسطح، شويتها على النار بريشها وكانت تحفة ابداعية في المذاق صوّرها لي عقلي رائعة بحق لدرجة جعلتني أتمني تجربتها الآن

تناولت قضمة أخري من الطعام وصحت بأسي وحزن: أمتي بقى نخلص من النهر دا، يا ريت لو كنا نعرف حتى نمشي على الضفة بدل ما أحنا خايفين نقع من شلال في أي لحظة كدا

لا حاجة لان تخبرني عن صدمتك فأنا اتعرض لجلطة دماغية كل صباح عندما أراجع أحلامي ....

أثناء عويلي خرجت سمكة مضيئة برأسها واخبرتني بحرق حُلم اليوم حيث : متخافيش على خالك (باسم نور) هتلاقيه بعدين، سلام انا بقى هروح أشوف الأكل على النار

أحلام العصرWhere stories live. Discover now