وقد كان لقائنا الاولُ بعد سنين الغيابِ مُرضياً لخافقي
نظرة...وابتسامةً كانت كثيرةً عليك

نظرةٌ ما لاحظتُ فيها لونَ عيناك..انا الذي كُنتُ احفظهُ عن ظهر قلب
نظرةٌ ما لاحظتُ فيها تغيُرات هيئتك،أزددتَ جمالاً؟ام اكتسبتَ شحوباً؟
نظرةٌ جعلتني اشكُ ان كان ذاك هو مَن شاركني سنيني ام انه شخصاً يُشبهه
نظرةٌ لا يُنظَرُ بها لعزيزٍ ابداً
كمثل النظر لغريبٍ تصادفهُ في زحمة الشارع
ولا تذكرُ شيئاً من ملمحهُ بعد دقائق شحيحة
هكذا كانت نظرتي لشخصٍ كان يعزُ على قلبي كثيراً

امشي في رواق الميتم المزخرف بأشكالٍ جميلة
هو لم يكُن كذالك في عهدنا قد كان عبارةً عن حيطان بالية لا اكثر
بين كُل زاوية واخرى كانت هناك ذكرياتٌ تجمعنا منها السعيدة ومنها التي تضمر الأسى في داخلها
الا ان قلبي لا يلتفتُ لأيٍ منها ابداً،فما عادت ذكرياتك شيئاً يُسَرُ لهُ خاطري
ولا يُكسَرُ لهُ ايضاً،انتَ بحدِ ذاتك ما عُدتَ تعني لي شيئاً يُذكَر

اجولُ بعيناي بحثاً عن ادريان فَقد أخبرني بأنهُ سوف ينتظرني هُنا
ولكنني اراك في كُل مكان تقعُ عليه عيناي،فأشعرُ بالغثيانِ في قلبي

هُناك تماماً امام صفنا القديم قبالة النافِذة الواسعة كان عناقُنا الاول في احدى الليالي الماطرة،في رواقٍ لا يضمُ سواي وانت..يالها من ذكرى شنيعة!

غضيتُ فؤادي عن ذكرى كتلك لا اطيقها واكملتُ طريقي في ارجاء الميتم المُكتظ بحثاً عن ادريان قبل ان يوقفني صوت احدى العامِلات تندهني قائِلة
"سيدي..تفضل مشروبك"

التفتُ اليها بعيناي قبل ان التفت بكامل جسدي لاقول مُعيداً كلامها بسخريةٍ من نفسي وانا أنظرُ الى الكحوليات التي تمدها لي
"هَل سيدي؟..على اي حال..شكراً لك"

هزيتُ رأسي بخفةٍ ضاحكاً على حالي،ومددتُ يدي مُلتقطاً كوباً من الكحول التي اكرهُ مذاقها لاجترعهُ دفعةً واحِدة وانا مُجعداً حاجبيّ لبرودة ذاك المذاق الذي يسيرُ في حلقي تحت انظارها المصدومة وكلماتها المتقطعة التي تحاولُ جعلي اتوقف عن الشرب لآخذ نفسٍ على الاقل

"سيدي ولكن..لا يجب عليك الاكثار.."

"لا عليكِ انا مُعتادٌ على الشرب"

أعدتُ وضع الكأسِ فارِغاً في الصينية وتناولتُ واحداً غيره ورفعتهُ قليلاً مع رفعي لحاجباي بخفةٍ اشارةً على شُكري لها قبل ان التفت عابراً اياها اجولُ في ارجاء الميتم بخطى رخوة إثر تأثير الكحول السريع على ذهني كوني لستُ مُعتاداً عليها البتة وانا أبحثُ بعيناي الدائخة عن هيئة ادريان الذي لا ادرك اين اختفى اثره

حَتى تُشرِق مِن مَغرِبهاWhere stories live. Discover now