45(1)

4.7K 51 0
                                    


السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهيسعد صباحكم بكل الجمال وكل السعادة وكل البركة وكل الخير وكل ما يسعد قلوبكم الطاهرة الغالية.كل مرة لازم أبدأ بالاعتذار في تقصيري معكم في التواصل.. سامحوني يا نبضات القلب أرجوكم..لأنه عدا انشغالي.. كل وقت الفراغ أقضيه في الكتابة..وختاما آمنت إيمانا قاطعا إني لو كتبت 20 صفحة أو 60 أو 70 كله قصير..البارتات الأخيرة كلها.. البارت كامل بجزئيه طوله بين 60 إلى 80 صفحة وورد مقاس 16..ومع كذا البعض يقول قصير بعد..يا ويح قلبي.. وش عاد أسوي حسبي على إبليس...اليوم عندنا جزئية لطيفة.. تصبيرة رقيقة.. إن شاء الله تعجبكم..ما كنت أظن إني بنزل.. بس لين قبل كم ساعة بس.. شفت الجزئية صارت مناسبة محتوى وتركيبا وبناء..وراجعتها.. فقلت على بركة الله..يستاهلون نبضات قلبي...قراءة ممتعة.لا حول ولا قوة إلا بالله..فضاءات اليأس والأمل/ الجزئية الأولى من الجزء الخامس والأربعين"عسى إبيش ماعنده سكر ضغط كوليسترول أي شيء؟؟"مي التي كانت ترتدي فستانا بديعا بلون المشمش همست بجزع: بسم الله على إبي.. مافيه أي شيء..ابتسمت البندري بمرح: إيه زين أخاف عليه ينجلط لا شاف بنت عمي..تنفست مي الصعداء وهي ترد بمرح وتقرص البندري في ذراعها:حسبي على إبليسش.. تفاولين على إبي؟!!نظرت البندري بإعجاب للجليلة التي جلست على كوشتها الأنيقة التي اتسقت مع ترتيب المكان الراقي الناعم الذي ذُهل به الجميع..مع أن مصدر اعجابهم الأعمق هو العروس الفاتنة في فستانها الأبيض شديد النعومة والرقي من الدانتيل الناعم انساب على قامتها الطويلة بتفاصيلها المرسومة.. كانت إطلالتها إطلالة ملكية بالفعل..إطلالة ملكة!!كان عدد المدعوات محدودا جدا.. وحين عادت بثينة لبيت أهلها كي تشرف على زفة العروس لمكان الحفل.. ووجدت غالية وأم جابر تستعدان للمغادرة.. فأصرت عليهما أن تذهبا معهم لتحضرا الحفل والعشاء.. لأنها علمت دون أن تتكلما أن سبب رغبتهما في العودة مبكرا هو سعود الصغير..أصرت أن تشاركا معهم في فرحتهم بالجليلة لأنها تعلم تقديرهما الكبير للجليلة.. أخبرتهما أن وجود سعود الصغير هو مصدر سعادة إضافية..همست في إذن أم جابر بمودة راقية عميقة: خالتي أم جابر.. لا تحزنين الجليلة يوم تشوفكم سريتوا ماحضرتوا زفتها ولا عشاء عرسها..عشان الجليلة، طالبتكم تسرون معنا.. وتزفونها معنا..وبالفعل هاهما في الحفل.. الأمر الذي لم تندما عليه أبدا.. كان الحفل جميلا راقيا ودودا، رأت فيه أم جابر جماعتها المقربين وسعدت بالحديث مع صديقاتها من الصبا أم سعود وأم متعب.."يمه.. تكفين يمه..تبكين ليه؟؟"مسحت أم متعب دموعها البادية من فتحات برقعها بطريقة حاولت أن تكون خفية.. وهي تهمس بحنو وتنظر للجليلة وشقيقتيها تحيطان بها.. وأعينهما متعلقة بها بشكل لا يوصف:كاسرين ظهري بنات طالب..اللي كان لهم أم نادرة.. الله يرحم مريم.. لا تهنت بشبابها.. ولا فرحت بعيالها..مالت صيتة لتقبل رأس كتف والدتها وهي تهمس بتأثر:الله يرحمها خالتي مريم.. عمرها مافرقت بيني وبين بناتها.. كنت أحس إني عندي أم ثانية لا رحت بيتهم..ادعي لها بالرحمة.. وادعي للجليلة وخواتها بالتوفيق.. هذا اللي هي تبيه منش..تماسكت أم متعب وهي تدعو لمريم وبناتها بينما صيتة تهمس لها بابتسامة ودودة:يعني يمه يوم ربي كتب، وهوّن عليش وحطيتي ذا الكحيلة داخل عينش، خربتيها..زين خلي إبي لين يجي في الزفة يشوف الكحلة بس.. وعقب خربيها..نظرت لها أم متعب شزرا: أنتم يا ذا البنات ماعاد تعرفون السحا... وش عليش مني أنا وإبيش..تكحلي أنتي لسند ولا عليش مني..مازالت صيتة مبتسمة وهي تهز كتفيها: هذا أنا تكحلت لسند وأبيش تكحلين لعبدالمحسن..ليه محروم عبدالمحسن المسكين؟؟أم متعب ضربت فخذ صيتة بخفة وهي تهمس بغضب رقيق:قومي لبنت عمش.. وخلني أقوم عند صافية وفهدة اللي حكاهم أحسن من حكاش..بالفعل قامت صيتة وهي تمر بين المعازيم متوجهة للكوشة... لتتعلق الأعين برشاقتها التي تلفت الانتباه.. كانت تفاصيل جسدها برشاقتها البالغة كعارضة أزياء أوربية تماما..بعد أن تحسنت صحتها قليلا الفترة الماضية..كانت تفاصيلها غريبة على المجتمع الذي اعتاد في الأغلب الأجسام الملفوفة أو الممتلئة أو حتى الرشيقة بصورة طبيعية..و اكتملت صورة عارضة الأزياء بفستانها الحريري الزمردي الذي انساب على جسدها بنعومة راقية... كانت قد اشترته من واشنطن كي تحضر به زواج بثينة الذي لم تحضره..والذي كانت تعلم أنها لن تحضره.. ومع ذلك اشترته.. وعلقته أمامها يوم عرس بثينة وهي تبكي بحرقة..فزواج بثينة جاء بعد عودة فهدة بشهرين.. ففرغت صيتة في ذلك اليوم كثير من الوجع والحرقة والاشتياق والفقد.. والإحساس المرير بالغربة والوحدة والوحشة..وهي تقضي تلك الليلة في بيت سند وحيدة.. بينما سند كان عند عبود في المستشفى..كان ليل الدوحة ونهار واشنطن.. ويوم الحزن عليها بطرفيه ليلا ونهارا..فهدة حين رأت والدتها تصعد الكوشة صعدت معها وهي تمسك بكفها.. لتجلس بينها وبين الجليلة حتى يأخذوا لها صورة خلدت ابتسامتها الطفولية المتسعة وهي تلبس فستانها الليموني الطفولي الجميل..أميرة التي كانت تجلس بجوار الجليلة من الناحية الأخرى هتفت لصيتة بمرح: مالقيتي تلبسين بنتش إلا ليموني نفسي..تقولين مطقمين أنا وإياها..همست فهدة بإبتسامتها الواسعة وهي ترقص حاجبيها: بس أنا طبعا الأحلى..أميرة كادت تضحك لولا أنها كتمت ضحكتها: حووو بنتش ذي ما تلهم الحكي.. الرد جاهز عندها..قطبت صيتة باسمة: أميرة يا حيوانة اذكري الله على بنتي..ابتسمت أميرة وهي تمد يدها عبر الجليلة وتربت على رأس فهدة: ماشاء الله ماشاء الله.. اللهم بارك لعجوزنا الملكعة وعليها..فهدة مازالت ترقص حاجبيها: تبين تخربين تسريحتي يا الغيورة!!أميرة تكتم ضحكتها فعلا: صيتة تكفين عطيني إذن أكوفنها شوي أم لسانين ذي..المهم يا أم لسانين.. ترا أي وحدة بتجي تخطب وقالت أبي أم الليموني ترا أنا المقصودة مهوب أنتي..كانت مشاعر أميرة مليئة بالتناقض.. حزينة وسعيدة.. ولكنها نحت الحزن.. حتى تُسعد الجليلة..كانت الجليلة هي محط اهتمام الجميع الليلة..وسعادتها هي غايتهم..*********"عقبالش يا الجويزي.. عاجلا غير آجل..أشوفش في الكوشة مثل الجليلة الحين"ابتسمت الجازي التي كانت متألقة في فستان من الدانتيل الكموني وشعرها الأسود الطويل تركته مسترسلا حتى خصرها: مهوي دخيلش.. أنتي بالذات طاري عرسي لا تجيبينه..ابتسمت مها: يا أختي أنتي بتذليني على سالفة عليان حسبي على إبليسه؟!!..عليان خبش.. ومخه معووج وش أسوي به..وإلا حد يفكر ذا التفكير!!!مازالت الجازي مبتسمة وهي تحاول فعلا أن تتجاوز ذلك الموضوع الذي كان جارحا جدا في وقته.. ولكن عمق التجربة التي مرت بها مؤخرا جعلتها تعيد التفكير في كثير من الأشياء.. ومنها خطبة علي التي رأت ختاما أنها تسيء لعلي وليس لها..همست بهذه الابتسامة: حاليا ما أفكر أتزوج..عادني صغيرة.. ودي أسوي أشياء كثيرة..ضحكت مي وهي تخفي فمها خلف كفها: طيب ولو قلت لش متعب جايب لش معرس..اتسعت عينا الجازي دهشة مختلطة بالغضب: أنا ما قلت لش من تيك المرة .. فكيني منش أنتي ورجالش.. مازالت مها مبتسمة: متعب يقول الرجال مصمم.. ويقول له روح معي لسعود..بس متعب اعتذر منه.. وقال له حماتي توها تبرعت بالكلية من حوالي شهرين.. وفي فترة نقاهة..الرجال قال ماني مستعجل على العرس.. بس خلني أخطب قبل حد يسبقني..لم تستطع الجازي إلا أن تضحك لأن شر البلية ما يُضحك:هذا تلاقينه من فريق عليان.. دخيلش مها لا.. لا..مها ليست مقتنعة أيضا ومع ذلك همست بابتسامة: متعب يمدحه.. خل نعطيه مجال..الجازي قطبت بتفكير: يومش أنتي ورجالش مغلوثين على العرس كذا.. خلنا نزوج متعب... تراه كان على وشك.. (مغلوثين= مسعورين) (المغلوث هو المسعور)قطبت مها تقطيبا مشابها: أقول أمسي علينا.. خلش عانس أبرك..وش دخلني أنا وجوزي حبيبي.. ابعد عن الشر وغني له..هذا الحين جزانا أنا وتعوبي إنه نبي نشارك في حل مشكلة العنوسة في الشرق الأوسط؟!!**********" خــــالـــــد..ممكن أدخل؟؟"ابتسم خالد الذي كان يرتب حقيبته الموضوعة على السرير وهتف بمودة وهو يشير بيده لمزنة أن تدخل: تعالي يا مزنة.. قربت أخلص أصلا..مزنة دخلت وأغلقت الباب خلفها وهي تهتف بمودة : تبي أساعدك في شيء؟؟..ابتسم خالد وهو يجلس على السرير ويشير للمكان جواره حتى تجلس مزنة:أكيد مادخلتي وقفلتي الباب وراش عشان تبين تساعديني..وراش كلام..ابتسمت مزنة: ممكن أسوي الشيئين سوا.. أساعدك وأكلمك..خالد بمودة: تعالي أقعدي وقولي لي وش اللي في خاطرش..همست مزنة بعمق وهي تجلس جواره وتربت على كفه بحنو:مافيه شيء في خاطري.. جاية أدور اللي في خاطرك..خالد.. أنا أدري دانة ثقلت عليك بالإلحاح.. ماعليك منها.. هرمونات الحمل مخليها فيوزها ضاربة شوي..خالد يا أختك.. لا تقدم على خطوة الزواج.. والجازي مسيطرة على فكرك.. موب من كبرك.. توك بتصير 29.. وش فيها لو انتظرت سنة سنتين..و توك مالك كم شهر من طلقت الجازي.. وتوها الجازي تبرعت لإبيك..الله يكتب أجرها..انتظر شوي لين يصفا تفكيرك.. لا تظلم أميرة أو غيرها إنك تكون زوجها وقلبك لغيرها..زفر خالد بعمق شديد وهو يهز رأسه بيأس: مزنة... قلبي للجازي لين أخر يوم في عمري.. هذا شيء مهوب في يدي..شيء حكم به ربي علي.. ما أدري عقاب .. ما أدري تعذيب..وأنا راضي باللي ربي كتبه لي..واللي بأتزوجها لها عندي الاحترام والتقدير والمودة وحسن العشرة.. ما أقدر أقدم أكثر من كذا.. ومهوب لازم إنه كل حياة زوجية فيها حب وغرام.. المهم فيها الاحترام والمودة..مزنة أنا تعبت.. تعبت.. صار لي ست سنين في دوامة.. عمري أنا والجازي ضاع.. وأنا أرتجي رضا الجازي عليّ.. اعتذرت ألف مرة.. مابقى شيء ما اعتذرت به وعن طريقه..ما أقدر أصلح غلطي في حقها..ليتني أقدر! ليتني أقدر لو أبيع مابقى من عمري.. بس ما أقدر.. ما أقدر.. تمنيت إنها تسامحني وتغفر لي.. قد ما اعتذرت وأبديت الندم..عمتي أم سعود أكبر شاهد.. كانت أكثر حد اعتذرت منه.. يمكن مامر يومين ثلاثة ما اتصلت فيها خلال ذا السنين كلها..وطلبت منها كل مرة تنقل اعتذاري للجازي..والله حاولت يا مزنة وحاولت وحاولت..لكن خلاص كل شيء بيننا انقطع من يوم وقعت على ورقة طلاق الجازي.. والحين لازم أخطي خطوة حاسمة.. ما رح أنتظر سنة أو سنتين وأنا في نفس الدوامة..وحابس الجازي معي..لازم أكمل طريقي وهي تكمل طريقها..وعشان هي تكمل طريقها، لازم ما أكون أنا في طريقها..زفرت مزنة بتأثر مغلف بالثقة: أعرف إن اللي تقوله نظريا هو عين العقل..لكن أنا أخشى من سوء التطبيق.. وتأثيره عليك وعلى الجازي وعلى اللي بتتزوجها..*********"حمد كلمني يبارك.. وزعلان، يقول إنك حلفت عليه مايجي.. وهو كان يبي يجي"زفر فرات بحزم وهو يرد على شهاب: حمد توه كان هنا قبل أسبوعين وبيرجع عقب شهر نهائيا.. وأمريكا بعيدة..وأنت عارف إنه خاله مسوي له مشكلة هناك لا بارك الله فيه من خال..ما أبيه يتشتت وخصوصا إنه في مرحلة تقديم المشاريع الحين..خله يخلص ويرجع مرة وحدة..شهاب بحزم: تبيني أتدخل قانونيا في موضوع خال العيال؟؟هتف فرات بحزم أشد: حاليا جورج أنا محجمه ومسيطر عليه.. لو وصل الموضوع القضاء..حطيت محامي أميركي يعرف له ولألاعيبهم..مافيه داعي أشغلك بموضوعه التافه..كان الاثنان في حوارهما يجلسان متجاورين بينما فرات كان يجلس في الوسط وبجواره من الناحية الأخرى والده.. حين تقدم للسلام والتهنئة شابان بالغا الوسامة، أحدهما بدا في عارضيه شعرات بيضاء زادته وقارا ووسامة.. والآخر كان صغيرا في السن في بداية عشرينياته..لا يعلم فرات لمَ تصاعد في داخله ضيق غير مفهوم حين رأى أكبرهما.. ولكن هذا الضيق لم يظهر أبدا على وجهه وهو يبتسم ابتسامة ترحيب واسعة.. ويرحب بحرارة بفيصل آل الطيار وشقيقه الأصغر فلاح صديق مساعد المقرب الذي سافر معه في سفرته الطويلة..باركا لفرات وإبيه.. ثم اتخذا لهما زاوية وجلسا.. حيث جاءهما فورا المقهوي ليصب لهما القهوة..حاول فرات ألا ينظر ناحيتهما بتحكمه البالغ بنفسه.. ولكنه لم يستطع أن يمنع نفسه من سؤال ثقيل تسرب إلى نفسه..تلك المرة حين رفضت الجليلة فيصل.. تساءل ماهو السبب الذي جعلها ترفضه وهو كما يبدو ظاهرا لا عيب فيه أبدا..الآن يستحيل أن يسأل هذا السؤال، بل يأنف حتى أن يسأل هذا السؤال، لأنه يرى أن رفضها له هو الرد المنطقي الوحيد ويستحيل أن يكون هناك رد آخر غيره..لكنه الآن بات يتساءل ما الذي جعل فيصل يصر على الجليلة كل هذا الإصرار؟!!..إلى درجة أن يخطبها ثلاث مرات في خلال الخمس سنوات الماضية!!(الله يلعنك يا أبليس..يعني ذا الأفكار ما تجيني إلا ليلة عرسي..وذا بعد وش جابه عرسي؟؟..صحيح أنا اللي عزمته.. بس أنا عزمت الجماعة كلهمفيه ناس ماحضروا.. كان ماحضرت أنت بعدطيب أنا ليه متضايق أصلا إنه حضر؟!!وليه متضايق من شوفته بكبره؟! ليه؟!!ماني بفاهم ليه؟؟)**********"بصراحة بثينة أبدعتي.. أبدعتي.. أبدعتيفي كل شيء..تخيلي إنه دكتورة جواهر تسألني إذا عندش محل..تقول كانت تظن عندش محل تبيش ترتبين عرس بنتها نوف بيكون عيد الفطر الصيفية ذي"*(* في عام 2015 جاء عيد الفطر في في الأسبوع الثالث من شهر يوليو في إجازة الصيف) ابتسمت بثينة وهي ترد على مها بخجل لطيف: تراكم كبرتوا رأسي.. عقب بأصدق..مها بإعجاب وهي تنظر حولها: حاضرة مية عرس قبل كذا..ولا عرس منهم بهذا الترتيب والرقي والإتقان والاهتمام بالتفاصيل.. كل شيء ينطق بالفخامة والجمال ماشاء الله..والعشاء كان أكثر من خيال..كل شيء لذيذ.. لدرجة إني ندمت إني قصيت.. ماقدرت أكل..وسويتي ذا كله في أسبوعين.. لو كان عندش وقت.. وش كان سويتي؟!!..ابتسمت بثينة: المصممة تجنن والأدوات كلها عندها جاهزة.. أنا ساهمت في أفكار التنسيق بس..مها ابتسمت: ياحظ محيميد بس فيش.. أمي دعت له في ليلة القدر..همست بثينة بهيام حقيقي تخفيه خلف رقة نبرتها: أنا اللي أمي دعت لي إنه رزقني محمد..محمد جنة ربي في الأرض..وهما تتحاوران جاءت مي لتهمس في إذن بثينة بكلمة.. فأشارت بثينة بيدها لأحد الخادمات أن تحضر عباءتها ونقابها..وأخبرت المتواجدات أن العريس سيدخل الآن..كان عدد المتواجدات قليلا جدا أصلا بعد انتهاء العشاء ومغادرة معظم الضيوف.. فلم يتبق إلا أهلها.. ومع ذلك البنات اللاتي كن متواجدات.. غادرن إلى غرفة الطعام التي كانت مرتبطة بالمجلس بباب سحاب..لم يتبق مع الجليلة إلا بثينة وأم متعب فقط... دقائق وتعالى صوت طلقات رصاص في الخارج.. كانت صادرة من مسدس أبي فرات الذي أصر على إطلاق عدة أعيرة نارية بمسدسه في الهواء ..تعبيرا عن فرحته هذه الليلة..ثم دخل خمسة رجال عبر الباب الضخم.. فرات أولا يحيط به أبو فرات وأبو متعب ..وخلفهم شهاب ومساعد..بثينة أوقفت الجليلة ورتبت طرحتها وشكلها...ثم غادرت، رغم أنه آلمها أن الجليلة شدت على يدها بقوة دون أن تشعر.. وكأنها ترفض أن تغادرها..غادرت وجلست على مقعد بجوار أم متعب التي كانت تتمم بالدعاء للجليلة.. فشاركتها بثينة في الدعاء..كانت الجليلة تشعر بخجل كبير جدا أكثر من شعورها بالتوتر..فهي ليست متوترة ولا خائفة.. ولكنها تشعر بخجل شفاف عميق..فرات كان يتقدم بثقته المعتادة..لا يشعر بالخجل طبعا .. ولكنه يشعر بانقباض غير مفهوم..حين دخل لم ينتبه لأي ترتيب..فهناك بؤرة تشتيت بيضاء تقف أمامه، استجلبت انتباهه كله..مازالت رؤيتها البارحة تهزه هزا كلما تذكرها..ولا يعلم لماذا يرتعش كلما تذكرها..الغريب أنه متيقن تماما أنه كيفما كان شكلها، كان سيرتعش له..مثلما كان صوتها قبل أن يراها يجعله يرتعش...لا يعرف تفسير هذه الرعشة الغريبة التي تصيبه جراء كل ما يرتبط بالجليلة..كانت تقف أمامه هذه المرة مفتوحة العينين ولكن دون أن تنظر له..وهي تنظر للأرض بخجل..ارتعش في داخله وهو يظهر تحكمه البالغ بنفسه وهو يرى هذا البهاء الباذخ..كانت تقف بشموخ وأناقة ورقي ..بهذه القامة الاستثنائية التي تحكي حكاية خرافية..كانت ملكة حقيقية.. لا تعرف شيئا عن ما تثيره رؤيتها في قلوب الرعية من ابتهالات الانبهار ورعشات الإعجاب..زفر وهو يتقدم أكثر بخطوات واثقة ويصعد نحو المنصة..كل مافيها يثير اضطرابه.. ويثير التناقضات عارمة في نفسه..هذا الجمال الآسر الذي يحبس نظره في تفاصيلها، بات يتحول رغما عنه حاجزا إضافيا بينهما.. لأن الجميلات مثلها يجب الحذر منهن أضعافا مضاعفة..جمالها مثّل له مصدرا للحذر والاحتراس والتوجس والقلق أكثر فأكثر..تقدم وهو يصعد درجات الكوشة مع والده وعمها..حين وصل وقف جوارها.. دون يلمسها بأي شكل.. بل هتف بمودة مدروسة:مبروك يا عروس.. ألف مبروك..تعلقت عيناه فورا بالطقم الماسي الذي ارتاح على نحرها، كان الفستان مغلقا تماما فقط فتحة صدر غير واسعة.. على القدر المناسب تماما للطقم الراقي الأنيق الذي عرفه فرات جيدا..لم يعلم أنه جميل هكذا حتى رآه يزين نحرها.. أو ربما تزين الطقم بنحرها وشموخ عنقها..وصلها أبوفرات أولا، فقبلت هي رأسه ثم قبلت رأس عمها...ليحتضنها عمها بقوة وهو يهتف في إذنها بتأثر عميق:مبروك يا أيبش مبروك.. جعله بيت الصيب والنصيب..يا إبيش ما يحتاج أوصيش على رجالش.. وفي نفس الوقت أقول لش.. ترا إبيش إبيش... لا يلحقش شيء وماتعلمينه..حين أفلتها بحنو التفت لفرات وهتف له بحزم: فرات يا إبيك. تراك خذت شيخة آل حزام... الله الله فيها..كان الرد رد أبي فرات وهو يهتف بحزم واثق: الجليلة هي راعية البيت وكلنا هنا ضيوف عندها...ازهلها... لو يغلط فرات عليها... حسابه معي أنا...حينها ابتسم فرات وهو يميل ليقبل رأس والده: يبه الله يهداك.. وش جاب الزعل؟؟..بنت طالب على رأسي.. وإن شاء الله ما أزعلها يوم..كانت الجليلة غير منتبهة لكلامهم لأن عينيها متعلقة بشقيقيها اللذين ينتظران انتهاء الشيخين من السلام حتى يسلما..حين أزاح الشيخان جانبا، تقدم شهاب ومساعد نحوها...حاولت الجليلة ألا تبكي، ولكن رغما عنها اختنقت وهي ترتمي في حضن شهاب ويحتضنها بحنو، وهو ينظر لفرات باسما ويشير له بعلامة الخنق بطريقة خفية..ثم أفلتها حتى يسلم عليها مساعد الذي أطال في احتضانها وهو يهمس في إذنها بمودة عميقة: مبروك ياقلب مساعد.. وتراني أطالب بولد اسمه مساعد.. تسمونه عليّ ..أفلتها كي ينظر في عينيها ثم قبل جبينها وتأخر..ثم باركوا للعريسين مرة أخرى والأربعة يوصون فرات على الجليلة ..هتف فرات باسما: الحين أنتم كلكم أربعة تهددوني..اتقوا الله استقويتوا علي..ازهلوا الجليلة على رأسي.. ما أحتاج حد يوصيني عليها..ثم استأذن الرجال الأربعة وغادروا..مع مغادرتهم كانت مي التي أخبرتها بثينة أن تحضر حتى تسلم على والدها، تفتح الباب الجانبي.. وتتوجه نحوه باسمة وابتسامة فرات تتسع وهو يراها سعيدة متألقة متأنقة..تطاولت حتى تقبل رأس والدها ثم يده وهي تهمس له بالتبريك.. ثم ساعدت الجليلة حتى تجلس.. وجلس والدها وهي تهمس له بمودة وابتسامة: كانت صدمة عمرك وإلا مو صدمة عمرك؟؟ابتسم فرات وهو ينظر نحو الجليلة ويهتف بنبرة مقصودة: أجمل صدمة..كان يهتف في داخله (حتى بنتي تآمرت عليّ عشان تصدمني!!) ولكن ماقاله أنه هتف بحزم وهو يوجه الخطاب للجليلة:حمد لزّم علي أول ما أقعد على الكوشة أدق عليه عشان يكلمش..اتصل بحمد وأعطاها الهاتف جاءها صوته ودودا كعادته: مبروك ياعمتي ألف مبروك... همست الجليلة برقة :الله يبارك فيك يا حبيبي..هتف حمد باسما: كان ودي أجي، غير رجالش ماخلاني..وأنا لأني أعرفه توقعت ذا الشيء ..عشان كذا خليت هديتش في غرفتي..بتلاقينها في دولابي من يسار..وسامحيني على القصور..ردت الجليلة بعفوية راقية: ياقلبي ياحمد ما يجي منك قصور.. ليه تكلف على نفسك أصلا؟؟؟.رد عليها بمودة: مافيه كلافة، ومبروك مرة ثانية..ولا تنسين تاخذين الهدية..وأرجوش عمتي لا تقولين لمي تجيبها عشان ما تحوس في غرفتي..أعرفها..انتهت المكالمة فأشار فرات لمي بعينيه... فأشارت مي لخديجة أن تتقدم بكيس في يدها.. كانت الجليلة تعلم ماذا في الكيس فهي بنفسها أعطته مي..بناء على إصرار فرات... كان فيه الدبلة التي اشتراها له..مي استخرجت العلبة وفتحتها، فتناول فرات الدبلة ومن ثم تناول يد الجليلة.. لأول مرة يلمسها هذه الليلة.. فشعر بيدها ترتعش في يده.. ناعمة رشيقة تذوب بين أنامله..ألبسها الدبلة بحنو وهو يتحسس أناملها بطريقة بدت عفوية ولكنها كانت أبعد ما تكون عن العفوية.. ثم رفع يدها إلى شفتيه مقبلا وهو يهتف بثقة: مبروك يا الجليلة ألف مبروك.. حبيت إني ألبسش الدبلة بنفسي.. وسامحيني على القصور..هزت الجليلة رأسه وهي تختنق.. هذا الرجل المتقلب يثير حيرتها وحذرها.. بناء على تجاربها السابقة معه لا يمكن أن تنفتح معه.. حتى وإن أبدى هو انفتاحا..لأن انفتاحه غير مقصود.. وسيعود لينقلب عليها..لذا لابد أن تحافظ على مسافة بينهما .. مسافة من الاحترام والتقدير..حتى تمضي حياتهما هادئة..اقتربت بثينة بنقابها كي تبارك لفرات وهي تقف من ناحية الجليلة.. وتهتف بصوت منخفض خجول ولكن واضح النبرات: مبروك يا أبو حمد ألف ألف مبروك..تراك خذت جوهرة النسوان كلهم.. الله الله فيها..هتف فرات بحزم: الله يبارك فيش.. كان يشير لابنته من هذه .. فمالت مي على أذنه وأخبرته..لذا أردف بحزم ودود وتقدير كبير: الله يبارك فيش يا بنت طالب..وازهلي الجليلة.. الجليلة مثل ماقال إبي بالضبط هي راعية البيت وحن ضيوفها..وبصراحة أبي أشكرش على ذا الترتيب، أبدعتي..وجليلة قالت لي على مواهبش المتعددة.. عشان كذا تأكدي دايما إني إخيش الكبير وبيسعدني أقدم لش أي دعم تحتاجينه..أنزلت بثينة رأسها بخجل: الله يكبر قدرك يا أبو حمد.. مافيه شك إنك إخي الكبير ومانستغني منك..بثينة أنهت عبارتها وأشارت لمي أن يبدأ زفة العروسين.. مي مالت على أذن والدها.. فأمسك فرات بيد الجليلة .. كي ينهضها.. ثم أدخل ذراعها في داخل ذراعها بأريحية واقتدار.. وهو يقودها للأعلى بكل وقار وثقة كما لو كان يوقع على الأرض بخطواته.. تتبعه مي وبثينة..كانا في انسجامهما وطلتهما في الزفة شيئا من الخيال في ظاهره وفي أعين البنات اللاتي كن يتلصصن بمرح من فتحة الباب السحاب..الباب الذي فتحوه قليلا وهن يتبادلن التعليقات المرحة عن جمال وفخامة طفل العرسان المنتظر الذي سيأخذ من جمال أمه وطلتها ووسامة أبيه وهيبته..ولكن لا حد كان يستطيع أن يتخيل كم كان داخلهما كثيفا.. مثقلا بالتعقيد وانعدام الانسجام.. وكم من البون الشاسع بين هذين العريسين اللذين يتهاديان مقترنين بهذا الانسجام..يتبادلان نظرات تحمل حكاية عميقة غريبة..موغلة في العمق والغرابة.. مي كانت قد أخبرت والدها عن الغرفة المجهزة لهما.. لذا توجه فرات لها مباشرة..حين وصلا للباب..مي وبثينة باركا للعرسان مرة أخرى..وعادا أدراجهما للأسفل .. بينما فرات دخل وهو يفتح الباب للجليلة..حين دخلا...كانت الغرفة غرفة عرسان فعلا.. الرائحة.. الترتيب.. الأزهار.. المفرش الراقي..العشاء الفخم المرتب في الجلسة الصغيرة..تصاعد شعور بالتأثر في داخل الجليلة.. تعلم أن بثينة أرهقت نفسها كثيرا في كل هذا الترتيب وهي تظن أنها ترتب لعروسين طبيعين..كانا واقفين في منتصف الغرفة.. حين تناول فرات مسكة الجليلة من يدها ووضعها جانبا..ليمسك كفيها ثم يرفعها لشفتيه مقبلا ظاهرها..وهو يهتف لها بعمق وحزم: مبروك مرة ثانية..وأوعدش يا جليلة إني أحاول أكون رفيق درب وصديق وما أخذلش ابد..وإن شفتي مني شيء يضايقش تأكدي إني ماقصدته.. وصارحيني به.. أنا أعرف إنه شخصيتي صعبة.. لكن تأكدي إني مستحيل أتعمد أضايقش..عشان كذا أوعديني بالصراحة بيننا دايما..كان بود الجليلة أن تسحب يدها.. فطريقته المتعمقة في تقبيل كفيها جعلتها عاجزة عن فهم مايقوله جيدا لتصاعد دقات قلبها بعنف..ولكنها لم تسحب يدها.. حتى لا يفهم حركتها أنها عدائية..حين أنهى كلامه.. جلست الجليلة على نفس المقعد الذي وضع مسكتها عليها وهمست بثقة رقيقة:وإن شاء الله إنه ما يكون بيننا إلا الصراحة..وعشان كذا فرات أبي أقول لك إنه أول ماجيت بيتك..ترا مي اللي حطت أغراضي في غرفتك..وأنا ماحبيت أبالغ في الرفض عشان ما يكون منظري أنا وإياك مهوب حلو قدام عيالك..لأنه الطبيعي إني أكون في غرفتك..والحين خلاص رتبت هذي الغرفة على أساس إنها غرفة المعاريس..لكنها خلاص بتصير غرفتي بروحي.. بناء على اتفاقنا..والحين مافيه حد بيلاحظ كل واحد فينا وين بينام.. فمارح يكون الأمر محرج لك أو لي..قطب فرات جبينه: طيب .. المقصود من هذا الكلام؟؟الجليلة هزت كتفيها بثقة وهي تقف: تقدر تروح غرفتك الحين...أنا متفهمة تماما طبيعة العلاقة اللي أنت تبيها واللي مفترض تكون بيننا.. ومتقبلتها جدا...فرات أصيب بصدمة حقيقية لم تظهر على وجهه (هذي من جدها تبي تطردني؟؟عريس ليلة عرسه!!)(طيب مهوب أنت من الأساس اللي طلبت منها ذا الشيء؟؟!!)(إيه .. أنا اللي طلبته.. بس عاد موب لازم نكون حرفيين في التنفيذ..لكل شيء بعض الاستثناء..)هتف فرات بحزم وهو يهتف بنبرة مقصودة:طيب خلينا نصلي سوا أول..ثم أتعشى ..أنا مابعد تعشيت وماكلت شيء من البارحة..همست الجليلة بثقة لا تخلو من حرج: سامحني.. ما انتبهت.. أكيد طبعا إنك لازم تتعشى..وأكيد لازم نصلي..بس بعد إذنك أنا لازم أبدل عشان أتوضأ..هتف فرات بحزم: خلاص أنتي توضي.. وأنا بروح لغرفتي أتسبح وأجي..حينها همست الجليلة بخجل: تلفوني مع بثينة.. ممكن تدق على مي تجي تساعدني في الفستان..فرات برفض قاطع: طبعا لا.. الطبيعي إني أنا اللي أساعدش في الفستان..ليه أتصل في بنتي.. بيطلع شكلنا بايخ قدامها..أنا رايح لغرفتي.. وهي تجي تساعدش!!الجليلة شعرت بخجل طبيعي ولكنها رأت أن هذا هو التصرف المنطقي، أن يكون هو من يساعدها..لكن مع هذا الرجل باتت تخشى أن تتصرف بطبيعية.. فربما يظن أنها تحاول إغواءه مثلا..مثلما قال لها تلك المرة إنها تستجدي مشاعره..لكن مادام هو من عرض..فلا مانع.. أزالت طرحتها وتاجها.. كان شعرها مرفوعا في شنيون راقي منخفض خلف رأسها..لذا كانت رقبتها مكشوفة بالكامل وهي توليه ظهرها..بدأ بفتح الزر الأول وهو يهمس بثقة: مادريت إن الطقم جميل كذا لين شفتش لابسته..الصورة كانت ظالمته..همست الجليلة بثقة لا تخلو من خجل عذب: شكرا فعلا كان حلو.. وذوقك حلو..ابتسم وهو يفتح الزر الثالث: ذوق رسّام؟!!زفرت الجليلة وهي تهمس بثقة، لم تسمح له أن يشعرها بالحرج الذي ربما أراد أن يشعرها به: أي رسام؟؟مازال مبتسما وهو يفتح الخامس: أكيد مهوب أنا.. لأني ما أشوف نفسي رسّام.. أنا مجرد هاوي..همست الجليلة بحزم: من باب إنك تكون جنتلمان على الأقل.. ماكان فيه داعي إنك تسويها أزمة ذاك اليوم..لكن فيك هذا الطبع الخايب الغريب..فتح السابع وهو يهتف بنبرة مقصودة: أي طبع فيهم؟؟ لأنه عندي أكثر من طبع خايب..همست الجليلة بثقة: إنك تكون قمة في الرقي والذوق وتطير الواحد في السما بذوقك..ثم في اللحظة اللي بعدها مباشرة.. تتحول إلى قمة انعدام الذوق..وتنزل الواحد من سابع سما لسابع أرض..ترا هذا الشيء يسبب إصابات جسيمة..فتح التاسع وهو يسأل بذات نبرته المقصودة العامرة بالخبث: هل تسببت بإصابات لش..؟؟أجابته بعفوية صادقة: موقف الطقم لا.. لكن موقف مكالمة سند.. إيه..جمدت يده على الحادي عشر وهو يتذكر أن شعوره من مكالمة سند يشبه شعوره حين رأى فيصل اليوم.. الشعور كان واحدا ولكن القوة كانت مختلفة المقياس..فإذا كانت مكالمة سند قوة واحد على ذلك المقياس الذي لا يعلم ماهو.. فمن المؤكد أن أن رؤية فيصل كانت ألف..هتف بحزم وهو يفك الثاني عشر: جليلة ممكن أسأل سؤال وتجاوبيني بصراحة..همست الجليلة بعفوية: إذا يخصني نعم بجاوبك بصراحة.. إذا يخص غيري اسمح لي..فتح الرابع عشر وهو يهتف بحزم أشد: يخصش أنتي..مازالت الجليلة تهمس بعفوية: إذا يخصني، بجاوبك..زفر بحزمه الذي بات أقرب للغضب: ليه رفضتي فيصل آل الطيار بدل المرة ثلاث مرات..؟؟لاحظ تصلب جسدها إلى درجة أن عظمتي كتفيها بزرتا من الخلف.. فمد أنامله بحنو وهو يمسح العظمتين برفق وتهدئة.. ثم وجد نفسه يميل دون أن يشعر ليقبل ملتقى كتفها اليمين بعنقها..انتفضت الجليلة بخفة... الرعشة التي شعر بها جيدا وهو ينقل شفتيه من عنقها إلى إذنها ويهمس بخفوت ورفق: أبي أعرف بس ..من حقي.. ولا رح تغير المعرفة شيء أصلا.. مجرد سالفة أبي أعرفها..شدت الجليلة نفسا وهي تحاول السيطرة على ألم برز فجأة في معدتها: سالفة طويلة شوي.. خلاص خلنا نصلي أول.. وتتعشى وعلى العشاء بقولها لك..لم يرتح إطلاقا لكونها سالفة طويلة.. وهو ينهي فتح بقية الازرار بسرعة.. لتنسحب الجليلة بسرعة إلى غرفة الملابس..ويغادر هو لغرفته.. حين انتهى من الاستحمام وعاد.. وجدها تنتظره بجلال الصلاة ووجهها خال تماما من المساحيق..هتف لها بعفوية: اللي مثلش حرام تحط مكياج.. تظلم نفسها..ابتسمت الجليلة: الليلة ماشاء الله جنتلمان حقيقي .. الله يستر من القلبة اللي بتجي عقب شوي..ابتسم فرات: ليه متوقعة القلبة؟؟همست الجليلة بثقة باسمة: صرت خبرة فيك.. مو موقف ولا موقفين.. صارت لحد الآن عشرات المواقف..ابتسم فرات بغموض: خلينا نصلي..صلوا جماعة ركعتين.. وهي تقف خلفه.. وتسمع صوته الرخيم في قراءة القرآن لأول مرة.. فيدفع في داخلها إحساسا دافئا لا يوصف..حين انتهيا.. ودعيا بالدعاء المأثور وهو يضع يده على رأسها..هتف لها بمودة: خلينا نصلي قيامنا دامنا على وضي..تبين نصلي جماعة؟؟هزت كتفيها: اللي ودك..هتف بحزم: خلاص نصلي جماعة..(*تجوز صلاة قيام الله جماعة ... على ألا تكون عادة متواترة.. لأن الأصل فيها الصلاة منفردا)حين انتهيا من الصلاة .. خلعت الجليلة جلالها ورتبت شعرها..ولأن الشنيون كان في لفات ناعمة.. فشعرها انفك بالكامل مفرودا ناعما..على روب قميص نومها الحريري الأبيض الفخم..همست وهي تعود لتجلس مقابله في الجلسة وتهمس بذوق: أغرف لك؟؟نظر لها مأخوذا بداخله تصطخب ثورة من المشاعر المتضادة المتناقضة..مــــــــاذا بـــيــــــده؟ فهي زوجته، حلاله هو.. وبهذا الجمال الأخاذ وهو رجل محروم منذ حوالي خمسة عشر عاما من قرب امرأة.. من قبل أن تتوفى أسماء بعامين.. منذ بدأت حالتها الصحية تتأخر..ومع ذلك تجاوز هذا الإحساس بالضعف وهو يسألها سؤالا غريبا بنبرة حازمة غريبة:ليه ماقلتي لي إنش جميلة كذا؟؟اتسعت عينا الجليلة دهشة: نعم؟؟فرات بحزم وهو يعيد السؤال بنبرة مقصودة جدا: ليه ماقلتي لي إنش جميلة كذا؟؟ شهور وأنا أكلمش يوميا وأحيانا أكثر من مرة في اليوم..ليه ماقلتي لي يافرات أنا جميلة جدا..؟!!هزت الجليلة كتفيها وهي تبتسم رغما عنها: طيب يمكن ما كنت أشوف نفسي جميلة جدا...ولو كنت أشوف نفسي جميلة جدا على قولتك.. مستحيل أقول لك يافرات تراني جميلة جدا..زفر بحزم: طيب قولي لي إذن شيء ثاني.. ليه رفضتي فيصل ؟؟..زفرت الجليلة بثقة: أوعدني إنك ما تزعل على شيء أنا مالي ذنب فيه..لأنه من معرفتي لك.. أتوقع إنك بتزعل حتى لو أنا مالي ذنب..حينها ابتسم فرات: من وين جاتش الثقة إنش صرتي تعرفين ردات فعلي كذا؟!.ابتسمت الجليلة: توقع يصيب كل مرة..مازال مبتسما : إذن إن شاء الله أخلف توقعش ولا أزعل ذا المرة منش... ولا أزعل حتى..كانت تعلم أنه سيغضب.. ولكنها باتت تعرف أيضا أنه لحوح.. وما يريده لا بد أن يصل له.. لذلك مادام أصر على معرفة السبب ستخبره.. وليتحمل هو، لأنها باتت تعلم أيضا أنه يغار عليها حتى ولو أنكر..همست الجليلة بثقة: فيصل كان متزوج من وحدة جميلة جدا الله يرحمها.. توفت بعد زواجهم بكم شهر في حادث سيارة.. وأساسا كان شرطه في زواجه الأول إنه يبي وحدة جميلة..فلما توفت ، قعد خمس سنين عقبها ما تزوج.. لما أمه ألحت عليه بالزواج..قال أنا ما أتزوج إلا وحدة جمالها مثل جمال زوجتي الله يرحمها أو ما أتزوج..فأمه الله يهداها قالت له مافيه إلا بنت طالب آل حزام..وهذا الكلام أمه هي اللي قالته لي في أول خطبة..ملامح فرات جمدت.. بينما الجليلة أكملت رغم أنها لم تكن تريد أن تكمل:طبعا أنا رفضته المرتين الأولين عشان السبب هذا.. وعشان أخواني...أما المرة الأخيرة.. فرفضته لأنه مستحيل أتزوج واحد مقياسه للمرأة إنها مجرد شكل..واحد مقياس اختياره لشريكة حياته إنها مجرد مظهر خارجي دون أي اهتمام بالجوهر..وطبعا سبب الرفض ماقلته لأحد غيرك..حينها هتف فرات ببرود متحكم: يعني فيصل آل الطيار خطب مرتي بدل المرة ثلاث مرات لأنه عارف جمالها!!يعني كل الناس كانوا عارفين إنها جميلة جدا إلا أنا .. زوجها..صمتت الجليلة .. علمت أنه غضب وكانت تتوقع ذلك.. بينما فرات أكمل بحزم بالغ وهو يقف:الوقت تأخر وصار لازم أخليش تنامين وترتاحين..وأنا بروح غرفتي أنام..همست الجليلة برجاء عذب لا يخلو من ثقتها المعتادة: فرات اقعد تعشى طيب..هتف بذات الحزم: الوقت تأخر.. والعشاء ذا الحزة مهوب زين..همست الجليلة برجاء أشد عذوبة: أرجوك فرات لا تنام بدون عشاء.. على الأقل حلل تعب بثينة في ترتيب العشاء..جلس فرات وتناول لقيمات معدودة كانت تمر بصعوبة عبر بلعومه.. لشدة احتكام غضبه.. ومحاولته السيطرة عليه..حتى لا ينفجر بالجليلة، وفي هذا اليوم.. ولسبب لا ذنب لها فيه..(كله منه فيصل الزفت..من يوم شفت وجهه الليلة.. انكتمت)أنهى عشاءه بسرعة وغادر لغرفته.. دون أن يلتفت.. وهو يتمم بحزم: تصبحين على خير...********"الله يا عمي سند..كان عرس يجنن..وأنا كنت أحلى وحدة في العرس كله"ابتسم وهو ينزل مصحفه على الطاولة المجاورة حيث كان يجلس في الصالة العلوية.. وهو يمسك بيد فهدة ويهمس باسما حانيا:دوري، خليني أشوف إذا أنتي احلى وحدة وإلا لا..دارت فهدة عدة دورات.. وهي تستعرض فستانها له.. صفق وهو يقول بمودة أبوية صافية: أحلى وحدة في قطر كلها مهوب في العرس بس..قبلت فهدة بين عينيه وهي تهتف بسعادة: ميتة تعب.. بروح أبدل وأنام قبل تجي أمي.. وتقول لي لازم تسبحين.. سند استغرب أن صيتة مازالت لم تظهر حتى الآن.. فهو توقع أنها تتبع فهدة..وكان على وشك سؤال فهدة، لولا أن فهدة ركضت لغرفتها..انتظر لعدة دقائق ومازالت لم تظهر.. كان على وشك النزول للأسفل..لولا أنه سمع نقرات الكعب العالي تتهادى برقة وأنوثة وخفة على الدرج..بقيت عيناه مثبتان على الدرج.. حتى رآها تطل بطلتها الموجعة..لأول مرة يراها بهذا البهاء والجمال والأناقة بل حتى الاشراق والسعادة.. ووجهها يتزين بابتسامة واسعة..همست بمودة: عسى ما أبطينا عليك..؟!!هز رأسه بثقة: لا توني جاي من شوي.. يادوب صليت قيامي.. وكنت أقرأ وردي.. يوم جاتني فهدة وقالت لي أنها كانت أحلى وحدة في العرس ..ابتسمت صيتة: وأنا بشهد معها شهادة زور..وأكد كلامها..ثم أردفت بعفوية: بروح ألحق عليها قبل تنام.. أسبحها من السبراي اللي حطوه في شعرها..سند برجاء حازم: طالبش اعفيها، هي أصلا طاقة من السبوح..تعبانة وتبي تنام.. خليها بكرة..عادت صيتة أدراجها وهي تهمس بتقدير ودود: تم يا أبوسلطان...حينها هتف سند بيأس: هل ممكن في يوم يكون عندي سلطان..؟؟صمتت صيتة وألم عميق يتشعب في روحها... بينما سند أكمل بشفافية:صيتة لو فكرت أتزوج يوم... هل ذا الشيء بيضايقش؟؟حاولت أن ترد ولكنها لم تستطع، لذا أشارت برأسها علامة النفي بمعنى (لا لن يضايقني!!)ثم غــادرتـــه.. وهي توليه ظهرها.. لتسمح لدمعة حبستها بالنزول...********"كيف العرس الليلة؟؟"همست الهنوف بعفوية وهي تعدل الهاتف على أذنها: ماحضرت العرس..سلمت على الجليلة وقعدت معها لين راحت لبيت فرات..تركي باسما: لا تقولين عشان مستحية عشان عرسنا عقب أسبوع..الهنوف بخجل: ليه تبيني أروح أرتز قدام النسوان وأنا مابقي على عرسي شيء؟!!..ضحك تركي: هذا أنا رحت ارتزيت في عرس الرياجيل وأنا مابقى على عرسي شيء..قطبت الهنوف جبينها: تمسخر عليّ يا تركي؟!!..ماعليه يا تركي خل الحسابة تحسب..بروحه موقف يوم المناقشة يكفي عن كل شيء..ماني بقادرة أنسى فشلتي منه..ابتسم تركي بعمق ودقات قلبه تتقافز سعيدة والهة: يا زينه يوم المناقشة.. ليت كل يوم مناقشة..نط قلبي من مكانه يوم تذكرت..الله يجيبك يا يوم الخميس الجاي...ويذكرك بالخير يا يوم الخميس اللي فات..وبعدين يوم المناقشة خذتي حقه وزيادة.. أسبوع كامل وانتي تهربين ما تبين تكلميني.. ماحنيتي علي إلا الليلة..واتسعت ابتسامته وهو يتذكر يوم مناقشة الهنوف....#أنفاس_قطر#

فضاءات اليأسTahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon