حَتى تُشرِق مِن مَغرِبها

17-هروب

أنت مدينٌ لي بقلبي تايهيونغ لا بـِ ندبة
أنت مدينٌ لي بِعُمُرٍ كامِل قد إنقضى بين مرارة الحُزنِ ولوعة الاشتياق
أنت مدينٌ لي بِعودتك قبل تلاشي ما تبقى مني..

-

وافقتُ على مضضٍ أن أرسمك أردتُ أن أفعل هذا بسرعة لتتركني وشأني
هي مجردُ رسمةٍ واحدة ، وسينتهي بعدها هذا الهراء ، ويغادر كل واحدٌ مِنا في حال سبيله ، لم أظن لوهلةٍ أنها البداية وحسب ، البداية لتعلُقٍ مأساوي
البداية لحُبٍ نقيٍ لا ينقضي بالبُعد أو الهجران ، البداية لسعادتي وحُزني في آنٍ واحد

اتفقنا أن نلتقي وقت القيلولة في غُرفة المرسم
وفعلنا
وها أنت جالسٌ أمامي على أحد المقاعد برونقك البهي الذي خشيتُ مدحك عليه يومها وأنالُ على ردٍ قاسٍ منك

ضوء ذهبي ينبعثُ نحو وجهك مُنيراً جانبه الأيمن يزيدُ من جمال هيئتك ويجعل كُل ما أرغبُ بهِ هو الاستمرارُ في رسمك اليوم وغداً وبعد غد

تنظرُ إلي بعسليتيك الواسعة مُنتظراً إرشادي لِما عليك فعله
إلا أنني سهوت بِك مُتناسياً سبب وجودنا هنا حتى

وما اثار استغرابي هو طَلبك في أن أرسمك على ورقةً بحجم كف اليدِ أو أكبر بقليل ولكنّي على أي حالٍ لبيتُ طلبك دون السؤال عن السبب في ذلك

ونظرتُ في وجهك كي أبدأ في الرسم
إلا أنهُ لم يكن يحملُ أي تعابير تُرسم
وإذا رُسِمت ستكونُ لوحةً باهتة خالية من أيٍ من المشاعر

لذا طلبتُ بهدوءٍ بِلُغتي الأُم وأنا اُعدِلُ دفتري وأجمعُ أقلامي قائلاً
"لِتبتسم"
وأعدتُ رفع أنظاري إليك إلا أن وجهك على حالِهِ وكأنه لم يصِلُك ما تفوهتُ بهِ سوى أن عيناك جحظت وإحتَد فَكُك
لذا تنهدتُ بضجرٍ وسألتُ مِن جديدٍ بِلُغتي الكورية وأنا عاقِداً حاجباي وأهُزُ رأسي
"هل ما أقولُهُ يصعُبُ عليك فِهمُه؟!"
وحينها فقط أملت وجهك بغضبٍ ناظراً في عيناي بعينيك الغاضبة وهسهست سائلاً إياي
"هل تشتمني ياهذا؟؟؟"

نظرتُ إليك باستغرابٍ لكونك لم تفهم حقاً ما اقولهُ لأسألَك بدوري
"أحقاً أنك لا تفهم لُغتك؟"
ابتلعت ريقك وهدأت مِن غضبك مُبللاً شفتيك وهامساً
"إني لستُ آسيوي ، أنا من رَجُلٍ فرنسي"

نظرتُ بِشكٍ وعدم تصديق لِما تقوله ، فَملامِحَ وجهك آسياوية بحت
ومن المُستحيل أن يشُك أحدهم أن لك عِرقاً فرنسياً حتى
ولكن بدى لي هذا منطقياً بسبب لون شعرك فلا يوجدُ كوريٌ بشعرٍ ذهبي
ولكن حين اجتمعت الملامح الآسياوية مع شعرٍ فرنسيٍ بِلون الذهب
شكل هذا هيئةً من المستحيلِ تخطيها بسهولة!

ابتسمتُ بِخفةٍ مُنزِلاً عيناي إلى الواني وقد فَهِمتُ الآن لِما فرق المعاملة بيننا مِن قِبل الجميع
لقد بات السببُ واضحاً كوضوح الشمسِ في شهرِ تَموز
بات واضحاً كوضوح حُزني في هذا الشتاء