(5) مذكّرات اسطوريه.

11 1 0
                                    

الفصل الخامس : مِن سِمات الحب.
(5) مذكّرات أسطوريه.
للكاتبة : مريم عبدالرحمن.
$$$$

روما_750 ق.م
قبل غروب الشمس.

نظر من النافذه بعد ان انهى ذلك الكتاب وابتسم بنظره زاهيه ولامعه، جميعنا نخوض تلك النظره اللامعه بعد انتهاء قراءة كتاب قد أُرهقنا روحنا به متخيلين السماء والانجم مِلكٌ لنا، ولكن تختلف النوايا فلم يكن قارئ للكتاب ابداً نوايا سيئه، إلا وان كانت كتب غير عاديه، استقر الامان بداخله وهو يزفر بهدوء قائلاً:
-         ليوني، تعلم من ماذا انتهيت اليوم؟
-         من ماذا سيدي رنچير!
نظر له بهمساته كفحيح الافعى:
-         من مذكرات اسطوريه نادره تعود الى ما يقارب الى تسعمائة عام، تتحدث عن اسطورة الخلود من اجل الحصول على الحكم.
ضحك (ليوني) ساخراً وهو يناوله كوب من القهوة بلا مبالاه:
-         سيدي، انت مهووس بالاساطير، ولكنها مجرد كتابات لاشخاص ليس لهم عقل، ومن متى والكاتب في عصورنا تمتاز بالعقلانيه؟
-         انت ايها الآبله الجاهل، يجب ان تفرّق بين الاساطير وبين الحقائق المخفيه من خلف الاساطير.
قالها بغضب وهو يرمي بكوب القهوة على الارض امامه غروراً وغضباً جعله يُحرج متأسفاً وهو يلملم بقايا الكوب المتفتفت الى قطع صغيرة، بينما سيده يهندم من ملابسه الفضفاضه الزاهيه ويظهر عليها الثراء مكملاً حديثه ورأسه في السماء حالماً:
-         لقد قرأت ما يكفي من الاساطير، ولكن تلك الاسطوره بعينها اتأكد بحقيقتها اكثر من المال الذي تحتوي صُرّة مالي .
ثم اكمل مبتسماً:
-         تلك الاسطوره عن حاكمة خالده منذ عهد سحر بابل، أُلقت تلك التعويذه سيده صغيره وافنت عمرها لبقاء ابنتها في تعمير جزيرة وسط المحيط للحفاظ على نسلهم وللحفاظ وتأمين كتب السحر من الانتشال، وفعلت من التعويذه اثنان من كثرة خبراتها وبمقدورها ان تفعله، وتلك التعويذه الثانيه مخبأه بوسط اكبر كتب سحر على الاطلاق بتلك المملكه، الذي يقال انها غرقت، وبالحقيقه تلك المملكه الذي تتحدث عنها الاسطوره هي تعود لحاكمة مملكة رابيتينوس الان.
وبعد ان لملم (ليوني) الموسخات من الارضيه قال بتردد:
-         سيدي واين لك بمعرفة ان تلك الاسطوره تقصد خصيصاً رابيتينوس.
ضحك مقهقهاً بعد ان افلت من يده قطع الزجاج مره اخرى وتسببت لمساعده(ليوني) جرحاً في كفه، اقترب منه وهو يتألم واخذ من يده نقطة من دمائه ووضعها بين شفتيه يتذوقها بتلذذ وكأن قطرة نبيذ بفمه وليست قطرة دماء، متحدثاً كفحيح الافعى:
-         ليوني! تشكك في قدراتي لمارسة السحر الاسود.
-         سيدي انك تمارس السحر الاسود بشكل سطحي من داعي الفضول، ليس قوي بما يكفي.

قالها وهو يتألمم ويضع على يده قماشه من ملابسه المهرتله بعد ان علم جيداً بأن سيده يغوص في ما لا يعنيه، يقصد المعالي بها ولكن بين الامر اختلاف، هو يقصد المعالي المستحيله، فمن منّا يستطيع الصعود الى السماء بأدراج من صانعي الحرير!
مقتطفات من ذاكرته جعلته يمهد الى اقتلاع روحه ووضعها في قضبان الرحمه، هناك يمكث ارواح الابرياء، وارواح من باعوها هباءاً للحياه وهم على قيدها.
-         سيدي رنچير الى اين انت ذاهب؟
تقدم بخطوات ثابته وهو يمسك بالكتاب مره اخرى بنبراته الطامحه للطمع:
- غداً سأحتل العالم بأكمله، وسأكون اقوى ساحر ومالك، سأكون ايضاً الإله الذي يتغنون بإسمه.

هز (ليوني ) رأسه بيإس على حال سيده، يمكنك النظر للسماء بحدود الاماني المفرطه، ليس الطمع الذي يحجب الواقع بك أسى.
$$$$
مملكة رابيتينوس_ساحة القصر
قبل شروق الشمس.

نظر (راسيل) الى صديقه باهتمام فليتلاقى مع عيونه اللامعه والراجيه بحثاً فيها عن الامل، سيخيب اماله عنه فالان يُعرض من امامه ما هو تمنى، حلم مستحيل يصبح حقيقي حتى أنه لاحظ التردد والاعتذار على مقلتيه الجامده، لتعاود سؤالها من جديد بنبرتها الخاليه من  اية عواطف مؤثره:

-         راسيل! اعتقد انه سؤال سريع الاجابه.
فقد مخيلته وهو ينظر لها بتجاعيد مقنعه حتى ظهرت على حاجبيه المنتصبان بعد ان اردف:
-         سيدتي ... تسمحين لي بالحديث معك ؟
هزت رأسها ايجاباً بعد ان اعلنت غرورها الذي يملؤ صدريها المنتفخان مع نظراتها الثاقبتان، ومع خطواته الهادئه والثابته، منعت الجنود من التقدم ومنعه من الاقتراب، وكلما اقترب زاده نوراً عن وجهها المنفلت والمائل مع جسدها الممشوق الذي يجن له اي رجل يراه، وثبت من امامها بأمتار قليله فقط:
-         سيدتي، إن انقذتك من الموت اليوم، هل يمكنك قتلي؟
ثم اكمل مسرعاً بلهفه وهو يمنع النبره الساخره:
-         اعتذر عن التقدم بسؤال، إني في أمس الحاجه له.
اخذت شهيقاً وهي تهز كتفيها بصبر:
-         لا لن اقتلك.
-         حسناً، هذا انقذني من الموت مراتٍ عديده.
لم يستدر لها عندما نهضت مهرولة الى غرفتها، بل ظل صامتاً ينظر لكرسي الحاكم الذي كانت تقف من امامه خافيه لبراقته اللامعه وقيمته الباهظه، لتقطع شرود وهمسات الجميع وهي تؤردف قبل الخروج من ساحة القصر:
-         اضعوا القافله في طريقها واعطوهم مالهم، واذهبوا براسيل وصديقه الى اعمال الحديقه.
هرولت وبخلفها جنودها المسلحين بسيوف ضيه لمستها قاتلة، تجعل رنات تلك السيف مع دروعهم رنه، تبعد رويداً رويداً، من بعدها نظر الى صديقه بصدمه ممتنه بعض الشئ خلف نظراته  التي توحي بذلك، لم يعثر على سبب يجعله يعمل في القصر بعد ان كان مهدد بالاعدام !
في غرفه صغيره بجانب غرف عديده لبعض من عمال القصر، ينظرون الى فراشهم والساعه التي تدق من فوق رأسهم، والنيران المشتعله الصفراء وبعض الاوراق والحبر على خشبة صغيره، اردف بلوديرو متنهداً:
-         انقذتني مره اخرى يا راسيل، بل نعمت عليّ بالخير.
رفع احدى حاجبيه بسخريه مجيباً:
-         لم يراك احد وانت تسخر بمخيلاتي والعمل هنا منذ ايام.
ضحك بشده بعد ان جلس على الاريكه بمرح:
-         نعم، قوط شهر لنا في التجاره لا يكفينا المكوث هنا دقائق، ولكن هذا ما حدث.
تنهد بملل قد اكتسح في روحه غبار الالم والقلق معلناً في نبراته:
-         لا بلوديرو، انا شخص تطاولت على السيده ميسم وكنت معرّض للاعدام وقليل الخبره في اعمال القصر، سبب مكوثي شئ آخر.
ضربه في كتفيه مازحاً:
-         كفى تشاؤم.
تنهد وهو يضع جسده على الفراش متألماً ومشتاقاً لذلك الاحتواء الذي لن يذقه يوماً.

يتبع....
توقعااتكم وتعليقاتكم بتحمسني🤍✨

من سمات الحب Where stories live. Discover now