الفصل السادس والثلاثون

ابدأ من البداية
                                    

مطرقة رأسها في الأرض تتكلم بلهجة منكسرة وصوت خفيض :
- انا عارفة انك مستغربة قعدتي هنا وأكيد كمان مش طايقة تبصي في وشي.. بس اعمل ايه انا بقى؟ بعد حسين ما كشفني وعرف كل البلاوي القديمة عني بسببك..
شددت على أحرف الكلمة الاَخيرة قبل ان تتابع : - أضطريت اهرب واسيب الجمل بما حمل لجوزي.
سألتها غاضبة:
- وانت ضاقت عليكي الدنيا بقى ومالقتيش غير هنا عند أمي عشان تقعدي وتقرفيني.
صكت اسنانها وهي تكتم غيظها:
- كتر خيرك ياأمينة.. بس انا ياحبيبتي مش جاية اقرفك ولا حاجة.. انا جاية هنا عشان دا المكان الوحيد اللي مايعرفوش عني أدهم.. ماانتي عارفة اللي فيها .
أشاحت أمينة بوجهها تزفر غضبًا فهمي تعلم مقصدها.. وهو سمعة والدتها وتعمدها عدم ذكر اسمها أمامه.. عادت تخاطبها بتحذير:
- بس ماانا مش مأمناكي يانيرمين عشان عارفة علاقتك بسعد.. وانا مش عايزاه يعرف عني حاجة .
رفعت رأسها ترد بمسكنة:
- خلاص ياأمينة لا عاد ليا علاقة بسعد ولا غيره.. بعد ماراح مني كل حاجة في عز جوزي.. انا بس دلوقتي بقول ياحيطة داريني.. واسألي والدتك قبل اجيلها نبهت عليها بإيه.. انها ماتشتغلش خالص هنا في البيت طول ماانا موجودة.
غمغت بابتسامة ساخرة:
- على أساس ان أمي بتسمع الكلام ولا هاتنفذ؟
التفتت اليها تخاطبها بحزم:
- اسمعي اما اقولك انا مش هاطردك عشان عارفة معزتك عند امي.. لكن والنعمة يانيرمين ماتفكري تأذيني عن طريق الكل....... سعد لكون مسودة عيشتكم وانتي عارفة انا اقصد إيه.
زامت شفتيها تكبت غضبها ولتعود بمسكنة قائلة:
- اطمني ياأمينة.. مش هأذيكي ولا اقرب ناحيتك خالص ولا ليا دعوة بيكي أساسًا.. مع إني كان نفسي نعيد مع بعض زكريات زمان.. دا احنا كنا اخوات مش ولا خالة.
رمقتها باستنكار غير مصدقة طلبها قبل ان تعود لإريكتها مستقلية مرة أخرى متجاهلة الرد عليها.
.................................

طرقت بقبضتها على الباب الذي فُتح وحده على الفور لتجد طفلة رأئعة الجمال أمامها ببشرة حليبية على وجه مستدير وعينان زرقاون ووجنتين ممتلئتين.. دنت فجر تداعبها بمرح :
- يانهار ابيض عالجمال .. انتي مين ياقمر؟
غمغت الطفلة بصوت خفيض ولغة محببة وغير مفهومة.. جعل فجر تدنو أكثر نحوها مرددة:
- بتقولي إيه مش فاهمة.
دوت ضحكة رجولية من الداخل وصوت صاحبها يهتف:
- ماتحاوليش يافجر مش هاتفهمي الأسم ناديها ناني أحسن.
قبلتها من وجنتها وهي تدلف بها للداخل مرددة بحبور:
- ايه الحلاوة دي ياعصام .. تقربلك دي ولا إيه؟
أجابها بسعادة وفخر:
- دي بنتي يافجر.. ايه رأيك فيها؟
شهقت تقبلها مرة أخرى بمودة:
- انت بتسألني عن رأيي؟ دي قمر ياعم ربنا يخليخهالك.. بس ناني دا اسمها الحقيقي ولا الدلع؟
- لا الدلع.. اسمها الحقيقي نانيس.
- نانيس !
رددته بدهشة مع ضحكة مستتردة فأردف هو بغيظ:
- ماهو دا الأسم اللي اصريت عليه والدتها ياستي.. قال ايه؟ اسم زهرة فرعونية.. على اساس انها بتحب بلدها قوي.
ازداد اتساع ابتسامتها وهي تداعب الفتاة مرددة:
- وانت زعلان ليه بس؟ دي أحلى زهرة قابلتها في حياتي.. ربنا يحرسها من كل شر.
غمغم بصوت خفيض :
- حمد لله ماطلعتش شبه امها.
  انتظرت هي لحظات في مناكفة الطفلة مترددة قبل أن تلتفت نحوه بجدية:
- انا كنت جايالك النهاردة في حاجة مهمة ياعصام .
ترك الأوراق من يده التي كان مشغول في قرائتها على سطح المكتب يعطيها اهتمامه:
- انا تحت أمرك يافجر.. قولي اللي عايزة تقوليه.
اجمعت شجاعتها وهي تأخذ شهيق طويل قبل أن تقول :
- كنت عايزة أتكلم عن الدكتور منذر الله يرحمه اللي كان شريكم هنا في المستشفى ! واحكي عن حاجة مهمة عرفتها بس قريب .
قطب حاجبيه يسألها بدهشة:
- حاجة إيه بالظبط يافجر؟
....................................

عينيكى وطنى وعنواني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن